التحليلات

حضرموت: صراع الجغرافيا والثروة وسط تعقيدات المشهد السياسي

تصميم: مركز سوث24

20-01-2025 at 2 PM Aden Time

language-symbol

"يشكّل الواقع الحضرمي مشهداً معقداً ومتسارعاً، فبينما ينصبّ التركيز على النفط والإيرادات الاقتصادية الضخمة للمحافظة، تُهمل مطالب واحتياجات الحضارم الأساسية.."


فريدة أحمد


ظلّت حضرموت كمحافظة لها موقع استراتيجي هام وثروات طبيعية غنية، تنأى بنفسها عن الصراعات المشتعلة منذ بدء الحرب في اليمن، غير أنّ الصراعات ألقت بظلالها على المشهد الحضرمي، وباتت القوى الحضرمية تتمتع بتحالفات جيواستراتيجية ملفتة مع عدة أطراف محلية وإقليمية خلال السنوات الأخيرة. ومن بين أهم المكونات الحضرمية التي تعبّر عن حركة مطلبية نشطة على الساحة السياسية، مؤتمر حضرموت الجامع وحلف قبائل حضرموت، اللذان يرأسهما الوجيه القبلي، عمرو بن حبريش. فضلاً عن المكونات الجنوبية الأخرى المؤثرة على المستويين السياسي والعسكري من بينها المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المنطقة العسكرية الثانية بما في ذلك النخبة الحضرمية، وكل هذه القوى تتمتع بثقل لا يُستهان به في المحافظة.


في بادئ الأمر، تميّز الحراك الذي يؤطّره المؤتمر الجامع وحلف القبائل الحضرمية في المحافظة، بمطالب لها علاقة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية والعسكرية لأبناء حضرموت، وخروج المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، والمعروف انتمائها لحزب الإصلاح الإسلامي، وكذلك التحذير من عدم استغلال ثروات ونفط حضرموت من قبل أي جهة تحت أي ظرف أو مبرر، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، وفي ظل اعتماد الحكومة المعترف بها على 70% من إيرادات حضرموت. لكن الأمر تطوّر مع الوقت إلى مطالب بالحكم الذاتي، وهو ما جاء بيان الحلف الأخير رداً على الخطة الرئاسية لمحاولة احتواء الأزمة وتطبيع الأوضاع في حضرموت.


شملت خطة المجلس الرئاسي التي كشف عنها في 7 يناير الجاري بشأن حضرموت، تخصيص عائدات بيع النفط الخام المخزّن في منشآت الضبة والمسيلة لبناء محطتي كهرباء في ساحل ووادي حضرموت، وإشراك أبناء حضرموت في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تعزيز إدارة الموارد المحلية والوطنية بما يخدم خطط التنمية والإعمار عبر شراكة مع الحكومة ومجتمع المانحين الإقليمي والدولي. ووفقاً للمصفوفة المعلن عنها، فهي تبدو خطوة متأخرة ولم تعد تلبّي الطموحات الحضرمية، على رغم ترحيب المكونات المحلية بها، إلا أنّها اعتُبرت أقل من المتوقع وكان من الممكن تحقيقها منذ سنتين على أقل تقدير في ظل تصاعد المطالب.


على الرغم من أنّ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أراد تحقيق إنجاز علني عبر الاستجابة لمطالب الشارع الحضرمي، والذي مثّل انتصاراً للجامع والحلف القبلي في حقيقته، كونه بُني على الضغوط المتواصلة، إلاّ أنّ العليمي وفقاً لمصادر مطلعة لسوث24، عرقل الاتفاق على آلية تنفيذ مصفوفة المعالجات بناءً على خطة الرئاسي، ولم يُكلف حتى الآن فريقاً لتنفيذ المصفوفات المعتمدة، وهو ما اعتبره حلف القبائل "بالتهرّب الواضح ومحاولة للالتفاف على الموقف الحضرمي وسيدفع الأوضاع نحو التصعيد".


يشكّل الواقع الحضرمي مشهداً معقداً ومتسارعاً، فبينما ينصبّ التركيز على النفط والإيرادات الاقتصادية الضخمة للمحافظة، تُهمل مطالب واحتياجات الحضارم الأساسية، حتى بات تحقيق الحد الأدنى منها أكثر صعوبة، وبالذات في ظل ازدياد حدة التنافس بين القوى السياسية والعسكرية على الأرض، وما تشهده ساحة الصراع المحلي من استقطاب إقليمي. إذ من الممكن أن يستأنف التصعيد مرة أخرى لتحقيق مطالب أخرى مرتبطة بالشق السياسي، خاصة وأنّ بن حبريش بات يطالب بأن يكون الحضارم شركاء في المجلس الرئاسي، ويبدو من هذه اللغة، أنّه لا يعتبر أن عضو الرئاسي فرج البحسني ممثلاً عن محافظة حضرموت، ويحاول إثبات نفسه كمرجعية وحيدة لاختيار ممثلي المحافظة.


تحوّلات سياسية وعسكرية


في إبريل 2017، تمّ الإعلان عن إنشاء مؤتمر حضرموت الجامع، بعد مشاورات مطولة بين الوجاهات الاجتماعية والقبلية في المحافظة عن كيفية إدارة حضرموت، وهي الفترة التي تلت تحرير ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة على يد قوات النخبة الحضرمية في إبريل 2016. إذ حظيت فكرة إنشاء المؤتمر الجامع بدعم وقبول من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية. وعلى مدار 8 سنوات، بذلت قيادة جامع حضرموت جهوداً حثيثة للحفاظ على التماسك الاجتماعي والتوازنات السياسية إلى حد كبير، رغم حجم الضغوط التي كانت تتعرض لها نتيجة مطالباتها المستمرة بحقوق أبنائها الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وكان خطاب الجامع أكثر قرباً من المجلس الانتقالي الجنوبي والنخبة الحضرمية إلى وقت قريب، لما يعتبر أنّ الأخيرة قامت بعمليات أمنية ناجحة ضد الإرهاب أدّت إلى ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في مديريات الساحل الحضرمي.


خلال السنتين الأخيرة، اتّبع عمرو بن حبريش، نهجاً أكثر حدة لتحقيق مطالب الجامع والحلف، بما في ذلك نشر نقاط المسلحين القبليين بالقرب من مناطق الإنتاج النفطي، وبات بن حبريش يتحرك تارة باسم حلف القبائل لما يمثله من قوة ضغط قبلية، وتارة باسم "مؤتمر حضرموت الجامع" لما يمثله من حركة سياسية. ولإضفاء مزيد من القوة والسيطرة إلى جانب النهج السياسي الذي يتبعه، بدأ بن حبريش بتجنيد القبائل في هضبة حضرموت، تحت اسم قوات (حماية حضرموت)، وهي قوات جديدة تشكّلت من مجموعة من القبائل، تحت قيادة اللواء مبارك العوبثاني. قوبلت خطوة التجنيد بشكوك ومخاوف من قبل بعض القوى السياسية والعسكرية الحضرمية، بما في ذلك قوات المنطقة العسكرية الثانية والمجلس الانتقالي الجنوبي وكذا السلطة المحلية. وبناءً على خطوة بن حبريش الأخيرة، عبّرت اللجنة الأمنية بقيادة رئيسها محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، عن رفضها القاطع لأي عمليات تجنيد خارج إطار مؤسسات الدولة الرسمية.


من خلال بن حبريش، شهدت مواقف الجامع والحلف تحولاً ملحوظاً، فبعد أن كانت تطالب بإقليم مستقل ضمن اتحاد فيدرالي في إطار الدولة، باتت تسعى الآن إلى فرض حكم ذاتي. هذا التغيير في الموقف يثير تساؤلات حول أسبابه ودوافعه، خاصة وأنّه لا يقتصر على القوى اليمنية فحسب، بل يمتد ليشمل الجنوبيين المطالبين باستقلال دولتهم عن الشمال. كما إنّ هذا التغيير يتقاطع مع الخطاب الذي استخدمه الإخوان المسلمون في اليمن من قبل، إذ سعوا إلى تفرقة المكونات الجنوبية من خلال الترويج لاستعادة السلطنات في حضرموت، وهو ما يثير مخاوف من إضعاف الجبهة الجنوبية وتقسيمها.


من المهم القول، إنّ تحوّل النفوذ السياسي والعسكري في حضرموت يشهد تطوّرات مقلقة قد تؤدي إلى تقسيم المحافظة، وتشكيل الحدود الداخلية لها بناءً على النطاق العملياتي. فحضرموت تنقسم إدارياً إلى قسمين، الأول شمالاً، ويضم (16) مديرية من الوادي والصحراء، ولديها امتداد حدودي مع السعودية بنحو 700 كيلو متر، وتسيطر عليها قوات المنطقة العسكرية الأولى المعروف انتماء كثير من أفرادها لشمال اليمن. والقسم الثاني، جنوباً ويضم (12) مديرية من الساحل والهضبة، وتسيطر عليها قوات المنطقة العسكرية الثانية. يؤدي التنافس على النفوذ بين مختلف القوى إلى مخاوف متزايدة من تقسيم المديريات الجنوبية إلى ساحل وهضبة، خاصة بعد تشكيل بن حبريش لقوى عسكرية جديدة في الهضبة خارج نطاق الدولة، مما يمكن أن يؤجج لصراع قبلي من شأنه التأثير سلباً على الأمن والاستقرار وعلى النسيج المجتمعي الذي ظلّ متماسكاً لوقت طويل في مديريات جنوب حضرموت.


علاوة على ذلك، باتت حضرموت تشكّل قنبلة موقوتة نتيجة احتضانها لقوى عسكرية متعددة أكثر من أي محافظة أخرى، فهناك (4) قوى عسكرية حتى الآن تتوزع ضمن نطاقها الجغرافي، وهي كالآتي:


م

اسم القوة وقائدها

النطاق الجغرافي

الوصف

1

قوات المنطقة العسكرية الثانية

يقودها/ اللواء الركن: طالب سعيد بارجاش

ساحل وهضبة حضرموت

تتألف المنطقة العسكرية الثانية من 9 قوات قتالية ومسرح عملياتها جنوب محافظة حضرموت، ومحافظتي المهرة وسقطرى. وكثير من أفرادها ينتمون للمؤسسة العسكرية التقليدية منذ ما قبل الانقلاب الحوثي. كما تدخل قوات "النخبة الحضرمية" ضمن إطارها العسكري. والأخيرة تشكلت في 2016، بدعم من دولة الإمارات العربية، لتحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة.

2

قوات المنطقة العسكرية الأولى

يقودها/ اللواء: صالح محمد الجعيملاني

صحراء ووادي حضرموت

تتكون المنطقة العسكرية الأولى من 7 قوات قتالية، ويقع مركز قيادتها في مدينة سيئون. وتتكون من قوات برية وحرس حدود.

3

قوات درع الوطن

يقودها رمزياً / رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي.

ويقودها عسكرياً/ العميد: بشير المضربي الصبيحي.

أجزاء من وادي حضرموت

تشكلت قوات "درع الوطن" مطلع عام 2022، بدعم سعودي. ومعظم أفرادها سلفيون، كانوا ينتمون لقوات "العمالقة الجنوبية".

4

تشكيل حماية حضرموت

يقودها/ اللواء: مبارك أحمد العوبثاني

هضبة حضرموت

أعلن بن حبريش عن تشكيلها في ديسمبر 2024. وهي في الأساس عبارة عن مليشيا قبلية مسلحة ومحدودة انتشرت في وقت سابق لحماية آبار النفط بحضرموت.

 


مما سبق، يبدو المشهد العسكري أكثر تعقيداً في حضرموت في ظل تعدد القوى العسكرية، فضلاً عن رغبة كل قوة بالتوسع على حساب الأخرى، على سبيل المثال: استطاعت قوات "درع الوطن" من تعزيز نفوذها في بعض أجزاء مديريات وادي حضرموت، بعد مقتل الضباط السعوديين داخل معسكر لقوات التحالف العربي في نوفمبر 2024 بمدينة سيئون، بحثاً عن الجندي الذي نفذ الجريمة والمنتسب لذات المنطقة العسكرية. وقد كانت الأخيرة تشهد استنفاراً عسكرياً متواصلاً خلال العامين الماضية وسط مخاوف من نشر قوات درع الوطن كبديل عنها. دفع اغتيال الضباط بعجلة التغييرات العسكرية التي شملت تعيين اللواء صالح الجعيملاني، كقائد جديد للمنطقة العسكرية الأولى خلفاً للواء محمد طيمس، وتعيين العميد علي الأدبعي قائداً للواء 135، خلفاً للعميد يحيى أبو عوجا، المقرّب من حزب الإصلاح الإسلامي. هذه التعيينات الأساسية، ستسمح لقوات درع الوطن مع الوقت بالتمدد والانتشار التدريجي داخل مديريات الوادي والصحراء الحضرمية، لتحل محل قوات المنطقة الأولى، وهي خطوة يبدو أن لها علاقة بدوافع الأمن القومي للسعودية بدرجة رئيسية.


من جهة أخرى، مازال خطاب القوى الجنوبية في الساحل أكثر تشدداً تجاه المنطقة العسكرية الأولى، يظهر هذا التوتر جلياً في خطاب المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يصر على خروج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت. وعلى الرغم من محاولات سابقة للتقدم نحو الوادي من قبل الجنوبيين، إلا أنّ السعودية منعت مثل هذا التقدم حسب مصادر خاصة، وبدا أنّ التغيير المؤقت لقادة المنطقة الأولى كافياً حينها وسط الضغوط المستمرة. فضلاً عن ذلك، فإنّ تشكيل مليشيات جديدة بقيادة بن حبريش، وليست امتداداً للقوى الحضرمية السابقة، هو مؤشر غير مطمئن بالذات إذا كان خلف ذلك دفع من مؤثر إقليمي آخر.


هل يتم استنساخ نموذج الحريزي في حضرموت؟


أثارت زيارة اللواء أحمد محمد قحطان، مدير الأمن والشرطة السابق لمحافظة المهرة، لعمرو بن حبريش في حضرموت، كثير من التساؤلات حول سبب الزيارة، خاصة وأنّ اللواء قحطان يعدّ مندوب الشيخ القبلي المعروف علي سالم الحريزي في محافظة المهرة. والأخير معروف عنه ارتباطه الوثيق بسلطنة عمان وقطر. وقد سخّر كثير من إمكانياته بعد إقالته من منصبه كوكيل لمحافظة المهرة منتصف عام 2018، للعمل بطرق غير مشروعة في تهريب الأسلحة للحوثيين عبر الحدود العمانية، خاصة بعد أن تبيّن أن كميات كبيرة من شحنات الأسلحة والصواريخ يتم ضبطها بشكل متواصل من قبل مصلحة الجمارك التابعة للحكومة المعترف بها. فضلاً عن الإشادة المتكررة من الحريزي، لمواقف زعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي في البحر الأحمر.


من خلال نهجه الغامض، يبدو أن بن حبريش يرغب بإيصال رسائل للداخل ولدول التحالف بقيادة السعودية، أنّ خطوط التقارب بالنسبة له مفتوحة مع أكثر من جهة إقليمية، بما في ذلك عُمان، كلاعبين آخرين في المشهد اليمني. إذ من المهم القول، إنّ إنشاء قوة عسكرية جديدة من الصفر، يتطلب تمويلاً مالياً ضخماً، وهو ما لا يملكه بن حبريش راهناً دون دعم من جهة إقليمية. يسعى بن حبريش ليكون رقماً صعباً في حضرموت، من خلال محاولة فرض نفسه وتصدّره للمشهد السياسي والعسكري على الساحة الحضرمية كلاعب جديد وبصورة غير متوقعة، خاصة في ظل تفرّده بالقرار في كثير من البيانات دون الرجوع إلى الجامع وحلف القبائل. على سبيل المثال: هاجم عمرو بن حبريش، باسم رئاسة الحلف في بيان سابق، السلطة المحلية في حضرموت وقوات النخبة الحضرمية ودولة الإمارات العربية المتحدة، متهماً إياهم بـ"دعم أجندات سياسية خاصة وفرضها على المجتمع الحضرمي بالمال وقوة السلاح". ذلك يعكس تحوّل في الخطاب السياسي الذي كان يؤيد مواقف القوى الجنوبية الأخرى إلى سنوات قريبة وخاصة قوات النخبة الحضرمية التي أشاد بها وبدورها في تأمين حضرموت لأعضاء المؤتمر التأسيسي لمؤتمر حضرموت الجامع 2017.


إنّ عدم قدرة عمرو بن حبريش على موائمة مواقفه المتغيّرة مع مواقف "الجامع والحلف"، تنذر بتحدي كبير لإحداث انقسامات داخل هذه الكيانات، خاصة في ظل أنباء متواترة بخلافات بينه وبين الأمين العام للحلف، أكرم العامري، الذي يشغل منصباً في رئاسة هيئة التشاور والمصالحة. فضلاً عن موائمة مواقفه السابقة مع الجديدة بشأن الوجود الشمالي في المنطقة العسكرية الأولى، أو بشأن احتمال الانتقال إلى سيناريو أخطر إذا ما تكفّل لاعب إقليمي في تمويل نفقات إنشاء مليشيات "حماية حضرموت"، ما قد يفرض املاءات بالمقابل لها علاقة بتحويل حضرموت منفذاً جديداً لتهريب الأسلحة للحوثيين على غرار المهرة، خاصة وأنّ حضرموت أقرب جغرافياً من المهرة لمناطق سيطرة الحوثيين.


يتجلى الصراع في حضرموت عبر ثلاثة محاور رئيسية. على الصعيد الاقتصادي، تتركز السيطرة على الموارد النفطية، وعلى رأسها شركة بترومسيلة، التي كشفت تقارير صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن وجود قضايا فساد فيها. وتكمن أهمية الشركة في تأثيرها الواسع الذي يتجاوز الجانب الاقتصادي ليشمل الخدمات العامة، بل ويمتد بشكل غير مباشر إلى الساحة السياسية، إذ تسهم بشكل كبير في إيرادات السلطة المحلية من خلال حصة المحافظة من النفط، بالإضافة إلى تزويد محطات الكهرباء بالوقود، مما يجعلها عاملاً رئيسياً في ديناميكيات الشارع الحضرمي. أما عسكرياً، فيتمحور الصراع حول النفوذ على المنطقة العسكرية الأولى، التي تُتهم بحماية المتنفذين في القطاع النفطي واحتضان العناصر "الإرهابية". وعلى المستوى الإداري، يُشكّل منصب المحافظ تحدياً كبيراً، حيث يُفترض أن يظل على مسافة واحدة من مختلف القوى السياسية والعسكرية، إلا أن المحافظ الحالي مبخوت بن ماضي لم يتمكن من التعامل مع هذا التعقيد بمهارة.


في المحصّلة، يتمثّل التحدي الأبرز الذي تواجهه حضرموت في قدرتها على تجاوز الخلافات على المدى القصير، ففي حال عدم احتواء ما يجري راهناً من عسكرة شديدة بين مختلف القوى، ستجد حضرموت نفسها أمام طريق مسدود. وسيؤثر الصراع المحتمل بين هذه القوى بالتبعيّة على المجتمع المحلي الذي كان متماسكاً لوقت طويل. من المهم القول، إنّه ليس من مصلحة القوى السياسية والعسكرية الحضرمية الأخرى الصدام مع عمرو بن حبريش، بل فتح قنوات حوار للتقارب معه وإيجاد حلول توافقية، لمنع أي تهديد قد يزيد من تعقيد الأوضاع في حضرموت، ومحاولة تقليص العوامل التي قد تدفع بن حبريش للّجوء لطرف إقليمي سيكون لحضوره ارتدادات سلبية.


المديرة التنفيذية لمركز سوث24 للأخبار والدراسات

Shared Post
Subscribe

Read also