مركز سوث24 بواسطة الذكاء الاصطناعي
آخر تحديث في: 10-09-2025 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
|
"الاتجاهات النفسية لدى كثير من ذوي الإعاقة تتأثر بالنظرة المجتمعية السائدة، إذ يرى المجتمع في كثير من الأحيان أن الشخص المعاق يشكل عبئاً.."
مركز سوث24 | فهيم القدسي
لم يكن سهلاً أبداً أن يتقبل كثير من الأسر في اليمن فكرة زواج أحد أبنائهم أو بناتهم من شخص ذي إعاقة. هذا الرفض غالباً ما انطلق من شعور بالخوف أو من نظرة دونية تختزل حياة المعاق في حدود العجز وعدم القدرة، متجاهلة أن الإعاقة لا تلغي إنسانية الفرد ولا حاجته الطبيعية للحب والاستقرار وتكوين أسرة.
القوانين اليمنية والاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)، تكفل هذا الحق بوضوح، إذ تنص على مساواة ذوي الإعاقة مع غيرهم في الأهلية القانونية والقدرة على اتخاذ القرارات المصيرية، بما في ذلك الزواج. غير أن الواقع الاجتماعي ظل مغايراً، حيث تعترض مسيرة كثير من الأشخاص ذوي الإعاقة عقبات قاسية تبدأ من رفض المجتمع وتصل إلى المغالاة في المهور وممارسات التمييز والإقصاء، خصوصاً في المناطق الريفية.
ورغم هذه الحواجز، برزت تجارب إنسانية مؤثرة كسرت القيود وأثبتت أن الحب والإرادة قد يكونان أقوى من جميع الموانع. هذا التقرير يفتح نافذة على تلك الحكايات المكبوتة والآمال المشروعة، بين نصوص قانونية ضامنة وواقع اجتماعي ما زال مليئاً بالعقبات.
الإطار القانوني والحق المشروع
ينص دستور الدولة على أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون، بما في ذلك ذوو الإعاقة، الذين يتمتعون بالحق الكامل في الزواج وتكوين أسرة. كما أن الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها اليمن عام 2008، أكدت هذا الحق بوضوح في أكثر من مادة.
تشير المادة (12) من الاتفاقية إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يتمتعون بالأهلية القانونية على قدم المساواة مع الآخرين في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك اتخاذ القرارات الخاصة بالزواج وتأسيس أسرة. وتؤكد المادة (10) على حق الحياة، فيما تضمن المادة (16) الحماية من الاستغلال والإيذاء، وصولاً إلى المادة (23) التي دعت إلى احترام البيت والأسرة ومنح الأشخاص ذوي الإعاقة الحرية الكاملة في اختيار الشريك وتكوين الأسرة، مع ضمان الدعم والتمكين ومنع أي تمييز أو حرمان.
الناشط في حقوق المعاقين، د. عبد الله أحمد بنيان، أوضح لمركز سوث24 أن هذه النصوص القانونية والدولية لا تترك مجالاً للشك في مشروعية زواج ذوي الإعاقة. وقال: "القوانين والاتفاقيات الدولية تؤكد على ضرورة تغيير النظرة المجتمعية الخاطئة تجاه الزواج من وإلى ذوي الإعاقة، واعتبارهم شركاء كاملين في بناء الأسرة والمجتمع. وأي رفض أو تردد ينبع غالباً من جهل أو نظرة دونية، وليس من عائق قانوني أو طبيعي."
ويشدد شاكر بارحمة، مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين في محافظة شبوة، على أن الزواج حق مشروع وضرورة حياتية للأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما للنساء اللواتي يكنّ في أمسّ الحاجة إلى من يعينهن مع تقدم العمر. مضيفًا لمركز سوث24: "زواج ذوي الإعاقة يجب أن يحظى بدعم ومساندة من المجتمع بكافة فئاته".
الموانع الاجتماعية والنفسية
رغم وضوح النصوص القانونية، تظل العقبات الاجتماعية أكبر ما يواجه الأشخاص ذوي الإعاقة عند التفكير في الزواج. يصف شاكر بارحمة، هذه العقبات بأنها متجذرة في رفض المجتمع لتقبل الفكرة، خصوصاً في المناطق الريفية.
وقال لمركز سوث24: " أكثر العقبات تتمثل في عدم تقبل المجتمع لزواج الأشخاص ذوي الإعاقة، بينما في المدن شهدت السنوات الأخيرة إقبالاً أفضل سواء بين ذوي الإعاقة أنفسهم أو مع غير ذوي الإعاقة. لكن يظل الوضع في الأرياف أكثر صعوبة، وخاصة بالنسبة للنساء بسبب قلة الوعي وغياب التعليم الكافي."
وتضاف إلى ذلك عوائق اقتصادية واجتماعية متشابكة، من بينها المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج، وهو ما يضع الأشخاص ذوي الإعاقة أمام ضغوط مضاعفة، إذ يجدون أنفسهم محاصرين بين ضعف التمكين المادي من جهة، ونظرة المجتمع القاصرة من جهة أخرى.
أما من الناحية النفسية، فيشير د. لطف حريش، أستاذ علم النفس ونائب عميد التعليم المستمر بجامعة ذمار، إلى أن بعض ذوي الإعاقة يميلون إلى الارتباط بأشخاص من ذوي الإعاقة ذاتها، باعتبار أن ذلك يخلق تناغماً وتفاهماً أكبر.
وأضاف لمركز سوث24: "زواج المعاق بالمعاقة وخاصة من نفس نوع الإعاقة يعكس نوعاً من التكيف والانسجام، لأن الطرفين يتشاركان المعاناة والاهتمامات نفسها، فيما قد ينظر البعض إلى الزواج من معاق يعاني من إعاقة مختلفة على أنه عبء إضافي."
ويضيف حريش أن الاتجاهات النفسية لدى كثير من ذوي الإعاقة تتأثر بالنظرة المجتمعية السائدة، إذ يرى المجتمع في كثير من الأحيان أن الشخص المعاق يشكل عبئاً أو لعنة، وهو ما يرسخ لدى ذوي الإعاقة شعوراً بالعزلة والاكتفاء بالزواج فيما بينهم لتجنب الرفض والإذلال.
وتبقى الإحصائيات واحدة من أبرز أوجه القصور، إذ لا توجد حتى الآن بيانات دقيقة حول نسب زواج الأشخاص ذوي الإعاقة أو الطلاق بينهم في اليمن. ونتيجة لغياب التدوين والتسجيل، يظل هذا الملف بعيداً عن المتابعة الرسمية، ما يزيد من صعوبة صياغة سياسات فعّالة تستجيب لاحتياجاتهم.
تجارب من الواقع
من الطلاق إلى القوة والمناصرة
نورهان سالم، شابة من محافظة عدن، عاشت حياة طبيعية أنهت خلالها دراستها الجامعية في كلية القانون – قسم عام. بعد زواجها وإنجاب طفلها الأول، أصيبت بمضاعفات خطيرة أثناء الحمل تمثلت في فيروس مناعي أثر على أوردة ساقها، وانتهى الأمر ببتر ساقها اليمنى تحت الركبة.
لكن ما كان أشد من العملية نفسها هو ما أعقبها، إذ لم يمض سوى عشرين يوماً حتى وجدت نفسها مطلقة. تقول نورهان: "السبب أنني أصبحت معاقة." لم يكن وقع الطلاق سهلاً، خصوصاً أنها فقدت والديها من قبل، وأصبحت أمّاً لطفل رضيع لم يتجاوز عمره ثمانية أشهر، تعيش في منزل مهدد بالانهيار.
تصف تلك المرحلة لمركز سوث24: "كانت نفسيتي مدمرة تماماً، لكن وجود طفلي كان الدافع الأقوى الذي جعلني أتشبث بالحياة. كنت أراه يبكي ويريد أن أحمله، وأنا أقوم متكئة على عكازي، فأصررت أن أكون أفضل لأجل رعايته."
بعد تركيب طرف صناعي، استعادت نورهان جزءاً من نشاطها، واعتبرت ذلك أول خطوة في حياتها الجديدة. لم تكتف بالنهوض بنفسها، بل قررت أن تكون مصدر دعم لغيرها، فالتحقت للعمل متطوعة في مركز الأطراف الصناعية حيث لاقت ترحيباً كبيراً، لتبدأ مرحلة جديدة من العطاء.
اليوم أصبحت نورهان نموذجاً إيجابياً للنساء والرجال ممن مروا بتجارب فقدان الأطراف والحياة الزوجية في آن واحد. فهي تعمل على دعمهم نفسياً وتؤكد لهم أن الحياة لا تتوقف بالبتر.
انسجام الإعاقة وتكامل الأدوار
محمد صالح الزبيري (من صنعاء)، أحد أبرز النماذج التي كسرت الصورة النمطية حول الزواج لدى ذوي الإعاقة في اليمن. فهو كفيف، قائد فرقة "النسيم" الموسيقية. بنى محمد حياة زوجية غنية ومتنوعة؛ فقد تزوج أولاً من امرأة ذات إعاقة حركية وأنجب منها أربعة أبناء، ثم ارتبط بزوجته الثانية هدى علي العباسي، الكفيفة والفاعلة في مجال تأهيل المعاقين.
هدى العباسي تحدثت لمركز سوث24 عن تجربتها قائلة: " نظرة الأسرة والمجتمع لزواج ذوي الإعاقة ما زالت غير واعية، إذ تعتبرهم غير قادرين على تحمل المسؤولية، خصوصاً المرأة المعاقة التي يُنظر إليها على أنها عاجزة عن أداء واجباتها الأسرية. لكن تجربتنا بددت هذه المخاوف وأثبتت العكس."
وعن حياتهما المشتركة، تضيف هدى: "محمد بالنسبة لي هو الأمان والملاذ. وجدت فيه الطيبة والحنان الذي كنت أحلم به. هناك تفاهم كبير بيننا، وقد نسميه انسجام الإعاقة، التي وإن اعتبرها البعض عائقاً، فهي في الحقيقة قربتنا أكثر. أحاول أن ألبي طلباته الحياتية والمنزلية، وأوازن بين واجباتي ودراستي، والحمد لله أنا الأولى في تحصيلي العلمي وأتمنى أن أكون الأولى أيضاً في حياتي الزوجية."
من جانبه، يؤكد محمد أن الأساس في أي زواج ناجح هو الحب: "نظرة المجتمع والأسرة تُبنى على عادات وتقاليد خاطئة. لكن الحقيقة أن الحب هو الرابط الحقيقي الذي يحتاجه الإنسان قبل أي شيء، ولا معنى للحياة الزوجية بدونه."
زواج استثنائي يتحدى الأعراف
من محافظة إب تبرز تجربة عادل عبادي، الرجل من ذوي الإعاقة الحركية الذي رفع راية الأمل والإصرار في وجه مجتمع لم يتقبل بسهولة قراره بالزواج. عادل قرر أن يختار شريكة حياته من بين ذوي الإعاقة الحركية، مؤمناً أن التفاهم الحقيقي ينبع من الشعور المشترك بالمعاناة والقدرة على التكيف.
قال لمركز سوث24: "رفضت الزواج من امرأة من غير ذوات الإعاقة خشية أن تنظر إليّ بعين العطف أو الرحمة. كنت أبحث عن علاقة متكافئة نفسياً وعاطفياً."
لكن الطريق لم يكن سهلاً. حين تقدم لخطبة فتاة ذات إعاقة شديدة، واجه رفضاً من والدتها التي اعتبرت أن ابنتها غير قادرة على أداء المهام المنزلية. يروي عادل: "قلت لهم بثقة: أنا سوف أقوم بالطبخ وعمل الواجبات المنزلية." بعد محاولات عديدة ووساطات من الأقارب، رضخت الأسرة أخيراً ووافقت. أما عائلة عادل فكانت داعمة منذ البداية، إذ قال له والده: "هذه حياتك وأنت المسؤول عنها."
بدأ الزوجان حياتهما في بيت بسيط. كانت الزوجة غير قادرة على الحركة بسبب التربية المفرطة في الدلال التي اعتادت عليها. غير أن عادل بمساعدة إخوته بدأ بتدريبها تدريجياً، حتى تمكنت من الوقوف، ثم المشي بعكاز، وصولاً إلى السير دون مساعدة.
ورغم الإعاقة، أثبتت الزوجة قدرتها على إدارة المنزل وتربية الأطفال، بل وأصبحت مثالاً على التكيف والإصرار. أنجبت عدة أبناء، وحرصت على تعليمهم بنفسها. تعلمت اللغة الإنجليزية لمساعدتهم في دراستهم، وأتقنت الطبخ والخياطة، وأصبحت مرجعاً لعائلتها في تنظيم المناسبات. واليوم لديهم ابن أنهى الثانوية، وابنة تدرس الصيدلة، وأخرى في المرحلة الابتدائية.
يختتم عادل رسالته إلى المجتمع قائلاً: "الإعاقة لم تكن سبباً لأي مشكلة في حياتنا. نحن نفتح بيوت، نربي أولاد، نعمل في كل المجالات. المعاق ليس عبئاً، بل هو طاقة جبارة ومصدر إلهام. يجب على المجتمع أن يغير نظرته تجاه المعاقين، وأن يزور مراكزهم ليرى قدراتهم. المعاق هو الطبيب، المهندس، المعلم... هو الإنسان الذي لا يعرف المستحيل."
زواج كفيفين وتجاوز نظرة المجتمع
من مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، تروي هدى عمر المقدي، الكفيفة وحاصلة على بكالوريوس في الصحافة والإعلام ودبلوم مهني في الإعلام، تجربتها في الزواج من زوج كفيف مثلها.
تصف أبرز الصعوبات التي واجهتها بعد الزواج بأنها مرتبطة بمسألة الاستقلالية والخصوصية. وقالت لمركز سوث24: "لا أستطيع أنا وزوجي الذهاب بمفردنا إلى الأماكن الترفيهية أو المرافق الصحية، بل نضطر دوماً لوجود مرافق إلى جانبنا."
أما عن تقبّل المجتمع لزواج ذوي الإعاقة، فتقول هدى: "الوضع أفضل من السابق، هناك قبول أكبر، لكن ما زالت توجد معوقات تتمثل في مخاوف الأسر والنظرة القاصرة تجاه قدرة المعاقين على تحمّل المسؤولية الأسرية."
تستذكر بداياتها فتقول: "عشنا مخاوف كبيرة من قبل الأهل والمجتمع، بل حتى بعض المقربين كانوا يسخرون من فكرة زواجنا ويضعون أمامنا عراقيل ومخاوف. لكن بفضل الله تجاوزناها واعتمدنا على أنفسنا، واليوم حياتنا مستقرة ولدينا طفلان."
وترسل هدى رسالة واضحة للأسر: "إذا كان لديكم ابن أو ابنة من ذوي الإعاقة ولديه القدرة على الاعتماد على نفسه وتكوين أسرة، كونوا لهم سنداً وعوناً، وشجعوهم على خوض تجربة الزواج."
اليوم تعمل هدى كمعدة ومقدمة برامج إذاعية، وحازت على العديد من الدورات في المجال الإعلامي. وهي ترى أن حياتها الزوجية مثال على أن النجاح لا يتعارض مع الإعاقة. وتقول بثقة: "أنا وزوجي متفاهمان جداً، قد تختلف وجهات النظر أحياناً، لكن كما يقال: الاختلاف لا يفسد للود قضية."
زواج يواجه الرفض وينتصر بالحب
من محافظة ذمار، ويقيم حالياً في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، يروي محمد صالح المصقري لمركز سوث24 تجربته الزوجية مع زوجته الكفيفة منال الشوكاني. تسع سنوات مضت على زواجهما، أثمرت عن طفلتهما تالين البالغة من العمر عامين ونصف، لتصبح قصتهما نموذجاً ناجحاً في تحدي الرفض الاجتماعي.
يتحدث محمد عن دوافعه قائلاً: "كان اختياري لمنال نابعاً من إعجابي بذكائها وطموحها الكبير ومستواها العلمي المتميز. وجدت أن فكرها يتناسب مع فكري، وأنه لا يوجد أي فرق بينها وبين المبصرات، بل إنها في بعض الجوانب تفوقهن كثيراً."
بعد الزواج، حرص محمد على منحها الثقة بالنفس وتشجيعها على خوض مهام الحياة اليومية. ويضيف: "تمكنت من إدارة شؤون المنزل بكفاءة عالية، وأتقنت الطهي واستخدام الأدوات الكهربائية والغاز. ورغم أنها بارعة في ذلك، إلا أنني أحرص دائماً على مساعدتها في أوقات فراغي."
لكن مشوارهما لم يكن سهلاً، إذ واجه محمد معارضة شديدة من أسرته، وخاصة والدته التي رفضت الفكرة بدايةً ومنعته من الزواج. ولم توافق إلا بعد إصرار طويل ومحاولات متكررة. وعلى الجانب الآخر، واجهت منال رفضاً من بعض إخوتها وأعمامها. غير أن إصرار الطرفين وحبهما المتبادل تغلب على هذه العراقيل، ليُكلل ارتباطهما بالنجاح.
صوت المنظمات والمجتمع المدني
على الرغم من أن القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية تكفل لذوي الإعاقة الحق في الزواج وتكوين أسرة، إلا أن الواقع الاجتماعي لا يزال يعكس فجوة عميقة بين النصوص والتطبيق. هذا ما تؤكد عليه مجموعة ذوات الإعاقة للتنمية والسلام، وهي مجموعة مستقلة تأسست في 5 فبراير 2023 بهدف تمكين النساء من ذوات الإعاقة في مختلف جوانب الحياة وصنع القرار، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
قالت المجموعة لمركز سوث24: "زواج الأشخاص ذوي الإعاقة حق إنساني أصيل تكفله القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية. لكن التحدي الحقيقي يكمن في ردم الهوة بين النص القانوني والواقع العملي، من خلال نشر الوعي وتمكين ذوي الإعاقة وتغيير الصورة النمطية السائدة في المجتمع".
أما عن أبرز التحديات أو الممارسات السلبية التي تواجه ذوي الإعاقة، وخاصة النساء، فقد حددتها المجموعة في ثلاثة محاور رئيسية:
1. الجانب الاجتماعي: النظرة السلبية والوصمة المجتمعية التي تحد من فرص الزواج، وغالباً ما يُنظر إلى النساء ذوات الإعاقة على أنهن غير قادرات على الإنجاب أو تربية الأطفال.
2. الجانب الاقتصادي: ضعف التمكين الاقتصادي الذي يحول دون قدرة الكثيرين منهم على توفير متطلبات الزواج أو الاستقلال الأسري.
3. الممارسات السلبية: مثل حالات الاستغلال أو الزواج القسري تحت ضغط اجتماعي أو أسري، مما يهدد استقرار الأسرة مستقبلاً.
يظهر من خلال هذه التجارب أن الزواج بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن ليس مجرد حق قانوني أو نص دستوري، بل هو وسيلة حقيقية للاستقرار النفسي والاجتماعي، وفرصة لإثبات القدرة على تحمّل المسؤولية والقيام بواجبات الأسرة، تماماً كما يفعل أي فرد آخر في المجتمع.
لقد كسرت القصص في سياق هذا التقرير كثيرًا من الحواجز الذهنية والاجتماعية. فقد أثبتت أن الإرادة الصادقة والحب المشترك قادران على تحويل التحديات إلى طاقة إيجابية، وأن الإعاقة ليست نهاية للحياة، بل بداية لمسار مختلف لا يقل نجاحاً أو عطاءً.
ومع ذلك، تبقى الطريق محفوفة بالعقبات. فالنظرة القاصرة من بعض الأسر، والمخاوف الاجتماعية، والمغالاة في تكاليف الزواج، إلى جانب غياب الدعم المؤسسي والإحصائيات الدقيقة، كلها تمثل عوائق حقيقية أمام ممارسة هذا الحق بصورة طبيعية.
فهيم سلطان القدسي
صحفي وإعلامي متخصص بقضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن
يأتي هذا التقرير ضمن مشروع ممول من "صندوق العمل العاجل" (Urgent Action Fund)، بهدف تسليط الضوء على القضايا المناخية والبيئية وقضايا المرأة وذوي الإعاقة.