دولي

منظور دولي: استراتيجية واشنطن تجاه الحوثيين فشلت ويجب دعم الحكومة اليمنية

طائرات F/A-18 هورنت الأمريكية على متن حاملة الطائرات (دوايت أيزنهاور) أثناء عبورها مضيق هرمز، 26 نوفمبر 2023. © كيد بايز، فرانس برس

آخر تحديث في: 02-08-2025 الساعة 8 صباحاً بتوقيت عدن

المنظور الدولي


يُقدّم مركز سوث24 في هذا التقرير ترجمة مُنتقاة لملخصات عدد من التقارير والتحليلات الدولية التي نُشرت مؤخرًا، وتناولت تطورات المشهد السياسي والأمني على المستويات العالمية، الإقليمية، واليمنية.


سلطت هذه التحليلات الضوء على الفشل الذي شهدته الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة جماعة الحوثي، مؤكدة على ضرورة تبني الولايات المتحدة مقاربة حازمة تجمع بين الدبلوماسية والضغط العسكري بشكل متكامل.


كما تطرقت إلى أهمية تعزيز دور مجلس القيادة الرئاسي ودعمه، باعتباره الركيزة الأساسية لإقامة كيان حاكم قادر على إدارة مرحلة ما بعد الصراع بكفاءة. كما تناولت التحليلات كيفية استغلال كل من روسيا والصين وإيران للثغرات التي يعاني منها الغرب في منطقة البحر الأحمر لتعزيز نفوذها وتحقيق مصالحها الاستراتيجية.


التفاصيل..


على الولايات المتحدة تبنّي حملة مستمرة من الضغط الدبلوماسي والعسكري ضد الحوثيين


قال تحليل نشرته مجلة ذا ناشيونال إنترست إن "رد واشنطن على الحوثيين اتبع النمط الذي أصبح مألوفًا وفاشلًا في آنٍ واحد. ولكن ما لم يدفع الحوثيون ثمن عدوانهم، فسيواصلون تهديد الاستقرار في البحر الأحمر."


وأضاف التحليل: "بدلًا من سياسة الاسترضاء، ينبغي على الولايات المتحدة تبنّي حملة مستمرة ضد الحوثيين تشمل العقوبات، والضغط الدبلوماسي، واستخدام القوة العسكرية عند الضرورة. فأي شيء أقل من ذلك هو دعوة لإراقة المزيد من الدماء."


وأشار إلى أن "بعد شهرين فقط من الهدنة، عاد الحوثيون لقتل المدنيين واحتجاز الرهائن. وهذه هي الكلفة الحقيقية لشعار 'خفض التصعيد بأي ثمن'. إذ يُرسل هذا النهج رسالة مفادها أن العنف يُكافأ، وأن خرق الهدنة مع أقوى جيش في العالم لا يترتب عليه أي عواقب حقيقية."


واعتبر التحليل أن "الحوثيين يعرفون جيدًا أن الولايات المتحدة ستتردد في اتخاذ خطوات حاسمة ما داموا يقدمون وعودًا مبهمة. كما حدث مع إيران، حيث استدرجت طهران لسنوات المجتمع الدولي بمفاوضات نووية لا نهاية لها، بينما كانت تُواصل تطوير برنامجها النووي. لكن، وفي تحول مفاجئ، دعم ترامب الضربات الجوية الإسرائيلية على البنية التحتية النووية الإيرانية."

ولفت إلى أنه "على الولايات المتحدة أن تكون جاهزة للتحرك عندما تفشل الدبلوماسية. ويجب أن تحدد هي الإيقاع، لا الحوثيون ولا إيران."


وأوضح التحليل أن "ما لم يقتنع الحوثيون بأن لعدوانهم ثمنًا حقيقيًا (ثمن في العقوبات، في الكلفة العسكرية، في العزلة الدبلوماسية)، فإنهم سيواصلون مسار الحرب."


وخلُص التحليل إلى أن "وقف إطلاق النار يجب أن يُكتسب، لا أن يُمنح. والصفقات مع الإرهابيين ليست صفقات أصلًا."


لماذا فشلت الاستراتيجية الأمريكية أمام الحوثيين؟


قال تحليل نشره "مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية" إن "واشنطن، رغم تنفيذها 931 ضربة جوية ضد الحوثيين بتكلفة باهظة، فشلت في ردع الجماعة أو تحييدها."


وأضاف التحليل أن "فشل الاستراتيجية الأمريكية في صد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر لا يعود إلى ظروف مؤقتة أو عوامل تكتيكية، بل ينبع من مجموعة من العوامل الهيكلية الراسخة، مما يُشير إلى احتمال استمرارها في المستقبل المنظور."


وأشار إلى أن "هذا الفشل يُعزى إلى ثلاثة أسباب رئيسية: التعقيدات الجيوسياسية المتعددة في الشرق الأوسط، وتطور الحوثيين في مجال الحرب غير المتكافئة وتكتيكاتهم التي شلّت التفوق العسكري الأمريكي، والقيود البنيوية على صانع القرار الأمريكي، وعلى رأسها الخوف من الانجرار إلى حرب برية."


وأوضح التحليل أن "ارتباط المسألة الحوثية بتشابك النزاعات في الشرق الأوسط، ولا سيما الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، منح الحوثيين فرصة لتصوير هجماتهم كدعم لغزة، ما وضع واشنطن أمام معضلة: حماية الملاحة دون التخلي عن دعمها لإسرائيل. وهذا التناقض أضعف موقفها الدبلوماسي."


ورأى أن "الحوثيين نجحوا في تحويل البحر الأحمر إلى حقل تجارب ناجح لتكتيكاتهم، مستخدمين مسيرات وصواريخ منخفضة التكلفة، وخرجوا أقوى بعد أكثر من ألف غارة جوية، مما يُبرز فشل التفوق العسكري التقليدي في مواجهة خصم لا مركزي ومرن. كما تتردد واشنطن في التورط في حرب برية طويلة، ما يحد من خياراتها العسكرية."


ويرى التحليل أنه "نظراً لهذا الفشل، يجب إعادة صياغة مقاربة متوازنة تراعي الأبعاد الأمنية والسياسية والإنسانية." ويقترح مسارين استراتيجيين:


•احتواء ذكي: دعم القوات المحلية الموالية للحكومة وتوحيد قيادتها بإشراف أمريكي، بدلًا من توسيع العمليات العسكرية.

•فصل العمل الإنساني عن الصراع: إنشاء آلية إنسانية محايدة، وتوسيع صلاحيات الأمم المتحدة، وتقديم حوافز مشروطة، وفرض عقوبات ذكية على معرقلي الإغاثة، دون الإضرار بالمدنيين.


وخلُص التحليل إلى أن "السيناريوهات المتوقعة لمستقبل المواجهة تشمل: استمرار الوضع الراهن، وهو السيناريو الأرجح، أو تصعيدًا عسكريًا شاملًا، أو حلًا دبلوماسيًا شاملًا، وهو خيار نظري غير مرجّح حاليًا بسبب التعقيدات الجيوسياسية."


كيف استغلت إيران والصين وروسيا ثغرات الغرب في البحر الأحمر


قال تحليل نشره المجلس الأطلسي إن "العجز الغربي عن صياغة رد متماسك على سيطرة الميليشيات الحوثية على خطوط الملاحة أوجد فراغًا استراتيجيًا سارعت الصين وروسيا وإيران لاستغلاله."


وأضاف التحليل أن "اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، الذي كشف محدودية العمل العسكري الأحادي في حروب غير متكافئة، أسّس عمليًا لنظام مزدوج يعزز استراتيجية الحوثيين في الإرهاب البحري الانتقائي."


وأشار إلى أن "إحجام الغرب عن المخاطرة بصراع في البحر الأحمر، رغم مفهوميته، ولّد شللًا في لحظة كانت تحتاج إلى حسم. كما أن التصعيد اللاحق لعملية (رف رايدر) كشف الانقسام الاستراتيجي داخل التحالف الغربي في كيفية التعامل مع الحوثيين، والتناقض الجوهري في الاستراتيجية الغربية."


وأوضح التحليل أن "عنف الحوثيين في البحر الأحمر لم يأتِ من فراغ، بل ملأ فراغًا صنعه الغرب بسوء تقديراته، مثل اتفاق ستوكهولم الذي منح شرعية لسيطرة الحوثيين على موانئ رئيسية في البحر الأحمر، بينما احتفت الأمم المتحدة بـ “تقدم دبلوماسي”. وهذا الخلط بين المسرح الدبلوماسي والواقع الاستراتيجي أصبح نمطًا متكررًا اختار فيه الغرب الاحتواء بدل المواجهة، وهو نمط ثبتت خطورته."


ويرى التحليل أن "أزمة البحر الأحمر كشفت كيف يمكن لقوى متنافسة تحقيق اصطفاف استراتيجي عبر متابعة مصالحها الفردية بشكل متوازٍ، لتوليد أثر تراكمي يفوق قدرة أي طرف منفرد. فالغرب لا يواجه مؤامرة، بل توافقًا عضويًا للمصالح المعادية؛ حيث دعمت الصين الحوثيين بمكونات صاروخية وخلايا وقود متطورة للمسيّرات، فيما زوّدتهم روسيا ببيانات أقمار صناعية وأسلحة، أما إيران فاستثمرت الحوثيين كذراع بحري لمدّ نفوذها نحو باب المندب."


وأضاف أن "للتغلب على الشلل في البحر الأحمر، يجب إعادة هيكلة التعاون الدولي بدمج القدرات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية ضمن استخبارات وقواعد اشتباك موحدة، وربط هجمات الحوثيين بالصراع الاستراتيجي الأوسع لخدمة أهداف إيران والصين وروسيا، واعتبار اليمن رهانًا إيرانيًا للهيمنة على الممرات البحرية."


وخلُص التحليل إلى أن "التقاطعات بين إيران وروسيا والصين كشفت أن خصوم الغرب قادرون على تقاسم المجال البحري العالمي، وفرض حرب اقتصادية انتقائية في ظل غياب إلزام فعلي للقانون الدولي."


على واشنطن اغتنام الفرصة والتواصل مع الحوثيين وتعزيز مجلس القيادة الرئاسي


قال تحليل نشرته مجلة "جيوبوليتيكال مونيتور" إن "الوضع الراهن فتح نافذةً للولايات المتحدة وشركائها للتواصل مع الحوثيين واختبار براغماتيتهم التي أظهروها مطلع هذا العام عبر قنوات سرية مع واشنطن، حيث سيشعر الحوثيون بضغط تحويل إيران تركيزها بعيدًا عن وكلائها وحلفائها، بينما تُجدد قدراتها العسكرية، مما يُقلل خيارات الإمداد، ويُضعف الغطاء السياسي."


وأضاف التحليل أنه "ينبغي على إدارة ترامب اغتنام هذه الفرصة لدفع الحوثيين نحو اتفاقٍ على خارطة طريق أوضح وأكثر قابليةً للتنفيذ، يُعطي الأولوية لوقف إطلاق نار شامل ووصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى خطواتٍ نحو تسويةٍ سياسيةٍ دائمة."


مشيرًا إلى أن "التقدم في اليمن لن يأتي من خلال مشاركة الحوثيين وحدها، بل يجب على الولايات المتحدة أيضًا تعزيز مجلس القيادة الرئاسي، لأنه أفضل طريق للمضي قدمًا نحو حكومة شرعية مستقبلية. كما يجب أن يتجاوز الدعم الدولي المساعدة العسكرية والاستخباراتية، ويعزز عمليات الإصلاح الدستوري والشفافية المالية للمجلس."


ويرى التحليل أنه "ينبغي لواشنطن اغتنام الفرصة لدفع الرياض وأبوظبي للخروج من حالة الجمود الاستراتيجي الأخيرة، وإعادة انخراطهما في نهج موحّد وفعّال لدعم المجلس. كما ينبغي تشجيع الشركاء الخليجيين على الاستثمار في استقرار مؤسسات المجلس، ودعم دمج فصائله المسلحة، وتعزيز القيادة التكنوقراطية."


لافتًا إلى أنه "حتى لو لم يستمر المجلس في شكله الحالي، فإن تعزيز وظائفه الأساسية سيكون ركيزةً حيوية لإرساء الأساس لهيئة حاكمة في مرحلة ما بعد الصراع يمكن للولايات المتحدة وحلفائها التعامل معها باعتبارها شريكًا موثوقًا به على المدى الطويل."


وخلُص التحليل إلى أنه "إذا كانت إدارة ترامب جادة في بناء منظومة أمنية جديدة في الشرق الأوسط، فلا يمكنها تجاهل اليمن. فالهزّات التي أحدثتها الضربات الأمريكية والإسرائيلية ضد إيران تشكّل ضربةً قوية يمكن لواشنطن أن تُحوّلها إلى مكسب دبلوماسي. أما التقاعس، فيمنح الحوثيين فرصةً لإعادة التموضع تحت رعايةٍ جديدة، ما قد يُعمّق عدم الاستقرار الداخلي والإقليمي، ويُهدر أوضح فرصة منذ سنوات لاستثمار الضغط العسكري في تقدم سياسي ملموس."


- مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا