أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة [كينت نيشيمورا / رويترز]
10-05-2025 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
|
المنظور الدولي
يُقدم مركز سوث24 في هذا التقرير ترجمة منتقاة لملخصات تقارير وتحليلات دولية نُشرت مؤخرًا في عدد من أبرز الصحف والمنصات العالمية، ركزت على التطورات المتسارعة في اليمن والمنطقة والعالم. تناولت التحليلات خلفيات الهدنة التي طرحتها إدارة ترامب مع الحوثيين، بوصفها محاولة لاحتواء التوترات بشكل مؤقت خدمةً لأجندات سياسية واقتصادية.
كما سلطت الضوء على تداعيات التهديدات الحوثية الأخيرة، التي دفعت دول الخليج إلى إعادة النظر في استراتيجيات الردع الإقليمي، وسط حديث متصاعد عن احتمالية تنفيذ هجوم بري وشيك على مواقع الحوثيين. وناقشت التحليلات الدور الصيني في البحر الأحمر، مشيرة إلى كيفية استغلال بكين للأزمة وتحويلها إلى فخ استراتيجي يضعف النفوذ الأمريكي في المنطقة ويعزز من حضورها الجيوسياسي.
التفاصيل..
تصاعد التهديدات الحوثية يدفع السعودية والإمارات لإعادة تقييم استراتيجيات الردع الإقليمي
قال تحليل نشرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، للكاتب سيث جيه فرانتزمان، إن "دول الخليج تراقب التطورات في المنطقة عن كثب، ويطرح البعض تساؤلات حول كيفية مواجهة الولايات المتحدة لإيران في حال نشوب صراع جوي، إذا كانت عاجزة عن تحييد الحوثيين".
وأضاف التحليل أن "استمرار الحوثيين، المدعومين من إيران، في إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية، دفع المملكة العربية السعودية إلى السعي للحصول على مزيد من الأسلحة لمواجهة التهديدات الإقليمية".
وأشار إلى أن "التقارير الأخيرة تفيد بأن الولايات المتحدة تعتزم بيع صواريخ جو-جو للمملكة العربية السعودية، وقد تكون هذه الصفقة مجرد بداية لسلسلة من صفقات الأسلحة الجديدة، في ظل متابعة المملكة الدقيقة لتحركات الحوثيين، وسعيها لاستخلاص الدروس من الصراع".
واعتبر أن "الصراع الذي يضم إسرائيل والحوثيين والولايات المتحدة يؤثر على نطاق أوسع في الشرق الأوسط، وله تبعات على السياسات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة".
وأوضح التحليل أن "هذه التطورات تحمل دلالات مهمة بالنسبة للولايات المتحدة، إذ استخدمت السعودية طائرات وأنظمة تسليحية أمريكية الصنع خلال حملتها العسكرية. ورغم المصالحة السعودية-الإيرانية التي بدأت عام 2023، فإن الرياض لا تزال تسعى لتحديث قواتها المسلحة تحسبًا لأي تهديدات إيرانية أو إقليمية محتملة".
ولفت إلى أن "الإمارات أبرزت التصعيد الحوثي ضد إسرائيل، حيث سلطت وسائل إعلام إماراتية الضوء على هجمات الحوثيين، واعتبرتها مؤشرًا على تصعيد الهجمات التي تنفذها الميليشيا اليمنية ضد أهداف إسرائيلية منذ اندلاع الحرب في غزة".
وأردف التحليل أن "الوقائع تشير إلى أن الضربات الجوية وحدها قد لا تكون كافية لهزيمة الحوثيين أو ردعهم. إذ كانت إسرائيل قد شنت ضربات جوية ضد الحوثيين في عام 2024، لكنها لم تحقق نتائج تُذكر".
هل أصبح الهجوم البري ضد الحوثيين وشيكًا؟
قال تحليل نشرته مجلة فوربس، للكاتب بول إيدون، إن "احتمالية استئناف العمليات البرية في اليمن تُصنَّف بين المتوسطة والعالية، خاصة في الساحل الغربي، لكن من المرجح أن تكون هذه العمليات بمثابة رد دفاعي على تعبئة حوثية، وليس نتيجة مبادرة هجومية مدعومة من الإمارات أو الولايات المتحدة".
وأضاف التحليل أن "هناك أدلة محدودة حتى الآن تشير إلى تجاوز هذه التحركات مرحلة النقاش أو التخطيط الأولي. غير أن هناك مؤشرات على وجود زخم متزايد داخل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا نحو تجديد الهجوم، إلى جانب تعزيز التنسيق بين القوى العسكرية الرئيسية المنضوية في إطار مجلس القيادة الرئاسي".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تشارك هذه الأطراف هدفها في تقويض قدرات الحوثيين، إلا أن تقديم دعم أمريكي مباشر وواسع لهجوم بري يبدو غير مرجّح. وقد يقتصر الدور الأمريكي على توفير المعلومات الاستخباراتية، والمراقبة، والاستطلاع، وربما بعض الضربات الجوية الدقيقة لمساندة أي تقدم ميداني محتمل".
ولفت إلى أن "إدارة ترامب لا تزال تتسم بالحذر إزاء الانخراط العسكري العميق، خاصة في صراعات طويلة الأمد مثل اليمن. ومع ذلك، فإن تأمين ساحل البحر الأحمر يتماشى مع أولويات الأمن القومي الأمريكي، لا سيما حماية حرية الملاحة التجارية والبحرية".
واعتبر التحليل أن "استعادة أجزاء من الساحل الغربي قد تعيق سلاسل الإمداد الحوثية، ومسارات التهريب، ومنصات إطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ، كما تُضعف نفوذ الجماعة في أي مفاوضات سلام مستقبلية".
وأوضح أن "التطورات الجيوسياسية الأوسع في الشرق الأوسط قد تنعكس على الوضع الميداني في اليمن، وهو ما سيتوقف على نتائج المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وعلى مسار الحرب في غزة خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة".
وأردف أن "التوصل إلى اتفاق أمريكي-إيراني، أو تجديد الهدنة في غزة، قد يدفع إدارة ترامب إلى صرف النظر عن أي تصعيد بري ضد الحوثيين. أما إذا تعثرت المفاوضات أو انهارت، فقد تلجأ الإدارة إلى تصعيد دعمها العسكري لقوات الحكومة اليمنية، في إطار ممارسة ضغط مباشر على إيران والحوثيين".
وخلص التحليل إلى أن "في غياب عمليات برية، ومع استمرار محدود في استهداف القيادة الحوثية ومنظوماتها التسليحية، ستظل الجماعة قادرة على إعادة التنظيم، والتسلح، وتنفيذ هجمات مستقبلية".
كيف حوّلت الصين البحر الأحمر إلى فخ استراتيجي للولايات المتحدة
قال تحليل نشره المجلس الأطلسي للكاتبة فاطمة أبو الأسرار إن "الصين تمكنت من استغلال الأزمة في البحر الأحمر، لا سيما هجمات الحوثيين على السفن الغربية، لتحويل هذا الممر الحيوي إلى فخ استراتيجي يضعف النفوذ الأمريكي ويعزز مكاسبها الاقتصادية والجيوسياسية."
وأضاف التحليل أن "في الوقت الذي تتعرض فيه السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وأوروبا لهجمات متزايدة، تمر السفن الصينية بسلام شبه تام. ولم يكن ذلك مصادفة، بل نتيجة تنسيق دبلوماسي وأمني مباشر بين بكين والحوثيين."
وأشار إلى أن "التحقيقات الأمريكية كشفت عن تنسيق صيني-حوثي لتأمين مرور السفن الصينية، مدعومًا بتقنيات قدمتها شركات صينية زودت الحوثيين بمكونات للطائرات المسيّرة والصواريخ، فضلًا عن صور أقمار صناعية لتحديد أهداف دقيقة ضد المصالح الأمريكية. وبفضل هذا الدعم، تمكنت الصين من حماية مصالحها التجارية وتعزيز موقعها كمنافس استراتيجي دون الانخراط المباشر في النزاع."
واعتبر التحليل أن "الصين تتبع نهجًا استراتيجيًا مدروسًا؛ فهي لا تسعى إلى انتصار حوثي كامل، ولا إلى انهيار الجماعة، بل إلى إبقائهم نشطين بما يكفي لإشغال البحرية الأمريكية، في حين تواصل السفن الصينية الإبحار بأمان نسبي. وقد مكنها هذا النهج من تأمين ممر بحري حيوي لصادراتها، بينما تتكبد أوروبا والولايات المتحدة خسائر اقتصادية جراء اضطرابات الشحن."
وأوضح التحليل أنه "إذا كانت واشنطن جادة في منافسة الصين اقتصاديًا، فعليها أن تركز على تعزيز حضورها في المناطق الاستراتيجية مثل البحر الأحمر، وهو ما يتطلب توثيق التحالفات مع الأوروبيين، الذين تسعى بكين إلى استمالتهم على حساب الولايات المتحدة."
ولفت إلى أن "من الضروري أن تنخرط واشنطن مع الشعب اليمني ذاته، الذي سئم من التلاعب الدولي ويشعر بأنه مغيب عن نقاشات تخص مستقبل بلاده. فأي حل مستدام يجب أن يعالج المظالم الحقيقية لليمنيين، لا أن يُبقي اليمن مجرد ساحة لصراع القوى العظمى."
وخلص التحليل إلى أن "على واشنطن أن تدرك أن اليمن لم يعد صراعًا هامشيًا، بل مثال حي على الكيفية التي يمكن للصين من خلالها تحويل النفوذ التجاري إلى نفوذ استراتيجي."
هدنة ترامب مع الحوثيين تهدئة مؤقتة لتحقيق مصالح اقتصادية
قال تحليل نشرته مجلة الحكم المسؤول الأمريكية، للباحثة أنيل شيلين، إن "إعلان ترامب وقف القصف الجوي على اليمن يُعد محاولة لتهدئة التوترات قبل لقائه بقادة الخليج في الرياض وأبو ظبي والدوحة، ويشبه اتفاق وقف إطلاق النار القصير الذي فرضه على نتنياهو قبيل حفل تنصيبه".
وأضاف التحليل أن "من غير الواضح ما إذا كانت الهدنة مع الحوثيين ستصمد. وقد لا يكون اهتمام ترامب بوقف التصعيد طويل الأمد، بل مؤقتاً حتى يتمكن من إبرام صفقات اقتصادية مربحة مع شركائه الخليجيين".
وأشار إلى أنه "من المقرر أن يبدأ الرئيس ترامب أولى رحلاته الخارجية في ولايته الثانية في 13 مايو، حيث سيزور السعودية والإمارات وقطر، وهي دول حريصة على تجنب اندلاع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. وكانت طهران قد أعلنت أنه إذا سمح الشركاء العرب لواشنطن بشن هجمات من أراضيهم، فسيُعتبرون أهدافاً مشروعة للرد الإيراني".
واعتبر التحليل أن "هذا الهدوء مع الحوثيين قد يصمد خلال فترة التفاوض بين إدارة ترامب وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد إقالته لمستشار الأمن القومي مايك والتز، الذي كان يسعى لإفشال المحادثات بالتنسيق مع نتنياهو. وقد يعكس هذا التهدئة إدراك ترامب لتوجهات قاعدته الشعبية المناهضة للحروب".
وأوضح التحليل أن "توجهات قاعدة ترامب تتقاطع أيضاً مع مواقف بعض حلفائه الخليجيين. ففي السنوات الأخيرة، اتخذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مساراً أقل تصعيداً، سواء تجاه طهران أو صنعاء. وكانت السعودية والإمارات قد أبرمتا هدنة مع الحوثيين في أبريل 2022 بعد أن أثبتت الجماعة قدرتها على ضرب عاصمتي البلدين".
وخلُص التحليل إلى أن "رغم أن اهتمام ترامب بوقف الهجمات الحوثية قد يكون مدفوعاً برغبته في طمأنة حلفاء واشنطن الأثرياء في الخليج، إلا أن المصلحة الأمريكية الحقيقية تكمن في تجنب مزيد من التصعيد في البحر الأحمر".
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات