هل يعود «أحمد عفاش» إلى الواجهة في اليمن؟

علي عفاش ونجله أحمد (إرشيفية)

هل يعود «أحمد عفاش» إلى الواجهة في اليمن؟

التقارير الخاصة

الأربعاء, 07-08-2024 الساعة 07:49 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | عبد الله الشادلي 

في  31 يوليو الماضي، رفعت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي اسمي الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح (يعرف أيضًا باسم عفاش)، ونجله أحمد علي من قائمة العقوبات المفروضة عليهما منذ نحو عشر سنوات، إلى جانب قادة حوثيين.

وقال بيان نشره موقع الأمم المتحدة إن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن المنشأة بموجب القرار 2140 أزالت الإدخالات الخاصة بالأفراد والكيانات لكل من علي عبد الله صالح ونجله أحمد من قائمة العقوبات.

وفي تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقاً)، عبّر عضو المجلس الرئاسي اليمني طارق صالح (طارق عفاش)، [ابن شقيق الرئيس السابق] عن امتنانه للجهود التي بذلها المجلس الرئاسي بدعم من السعودية والإمارات لتحقيق رفع العقوبات عن عمه وابن عمه.

ولفتت قناة الجمهورية، التابعة لطارق، إلى أن قرار مجلس الأمن برفع العقوبات جاء بعد انتهاء المهلة المحددة للاعتراض على الطلب الذي قدمه مندوب اليمن في مجلس الأمن عبد الله السعدي.

وفي أبريل 2015، أدرج مجلس الأمن الدولي علي عبد الله صالح ونجله أحمد على لائحة العقوبات إلى جانب قادة حوثيين بارزين آخرين، وذلك لتورطهم في تأجيج الصراع وتقديم الدعم للانقلاب. وشملت هذه العقوبات تجميد الأصول المالية ومنع السفر.

وفي أبريل 2013، أقال الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي أحمد علي من منصبه كقائد للحرس الجمهوري وعينه سفيرا لليمن في الإمارات. 

ثم في مارس 2015، أقاله هادي من منصبه كسفير لدى الإمارات في أعقاب العملية العسكرية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن التي عرفت باسم (عاصفة الحزم)، والتي استهدفت قوات الحوثيين وعلي عبد الله صالح.

ورغم أن أحمد علي ظل في الإمارات منذ ذلك الوقت ولم يغادرها، إلا أن قوات الحرس الجمهوري التي كان يقودها شاركت بفعالية إلى جانب الحوثيين في غزو جنوب اليمن في 2015.

ولعب علي عبد الله صالح وأفراد من أسرته دوراً محورياً في تعزيز سيطرة الحوثيين على شمال اليمن، حيث كانوا على رأس الأجهزة الأمنية والعسكرية الرئيسية في البلاد، آنذاك. ومع ذلك، فقد تم التخلص من صالح بطريقة قاسية في ديسمبر 2017، عندما قُتله مسلحون حوثيون في صنعاء بعد خلاف بين الطرفين. 

هذا الحدث دفع عائلة صالح إلى الفرار إلى عدن، ومن بينهم طارق صالح الذي اختار مواجهة الحوثيين في الساحل الغربي، متخذاً من مدينة المخا مقراً لتجميع أفراد الحرس الجمهوري وعناصر الجيش الموالية له. 

واليوم بعد رفع العقوبات الأممية، تطرح الأسئلة حول طبيعة الدور القادم لأحمد صالح، وهل سينخرط في العمل السياسي مجددًا مستفيدًا من أرصدة مالية كبيرة كانت مجمدة، يزعم خصوم صالح من الحوثيين وحزب الإصلاح أنها تناهز 60 مليار دولار. 

خطوة رفع العقوبات 

يُرجح المحلل السياسي الجنوبي، نصر العيسائي أن يكون سبب إلغاء العقوبات المفروضة على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ونجله أحمد هو انتفاء التهديد المباشر الذي كانا يشكلانه. وقال لمركز سوث24: "وفاة صالح وغياب أحمد عن الساحة السياسية كلها عوامل ساهمت في هذا القرار".

وأضاف: "كما لعبت الضغوط الداخلية دوراً هاماً، حيث دفعت بعض الأطراف داخل مجلس القيادة الرئاسي، وخاصة قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام السابق، باتجاه رفع هذه العقوبات".

ويشيد الكاتب اليمني المقرب من أحمد عفاش، محمد الفقيه، بخطوة رفع العقوبات "وإن كانت متأخرة"، حدَ تعبيره. مضيفًا: "العقوبات من أساسها ومنذ البداية لم تكن قانونية، وكانت عبارة عن مكايدة سياسية لا أقل ولا أكثر". 

مواقف سابقة 

حتى الآن، لازال حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء بقيادة صادق أبو رأس، الذي يحتفظ ظاهريًا بالتحالف مع الحوثيين رغم مقتل الرئيس صالح، يعترف بأحمد نائبًا لرئيس الحزب. وهذه ليست المفارقة الوحيدة بالنسبة لأحمد، فهو أيضًا لم يحدد موقفًا واضحًا من الحوثيين. 

وحتى في خطابه الأخير يوم السبت بعد رفع العقوبات، تجنب أحمد الإشارة للحوثيين أو تحديد موقف منهم بشكل كلي. واكتفى برسائل عائمة فضفاضة لا تحدد طبيعة نشاطه القادم، وتعكس حالة من السكون والمسالمة التي تشي بأنه قد يختار البقاء في الزاوية التي ركن إليها لسنوات.

والاعتقاد بضعف شخصية أو طموح أحمد عفاش ليس أمرًا جديدًا، فقد أشارت إليه وثيقة لـ (ويكيليكس) تعود للعام 2007، تحدثت عن المرشحين لخلافة علي عبد الله في حكم اليمن. 

لكن محمد الفقيه له رأي آخر، فالخطاب بالنسبة له "كان خطاب شكر، ولم يكن خطاباً للشحن العسكري والسياسي". مضيفًا: "كما أنَّه حمل رسائل سلام نظراً إلى أنَّ البلاد تتجه نحو السلام".

لكن قد لا يكون مفهوم السلام واحدًا بالنسبة لأحمد عفاش، فقد تبنى في خطابه في 21 مايو 2023 في الذكرى الـ 33 للوحدة اليمنية رسائل شديدة اللهجة لصالح الوحدة اليمنية القسرية التي يرفضها الجنوبيون. وقال آنذاك: "الشعب اليمني لن يكون إلا مع الحفاظ على هذا المنجز التاريخي والدفاع عنه، والتصدي لكل محاولات التقسيم والتمزيق والاستلاب، وزرع الفتنة والانقسام".

ومع ذلك، دافع محمد الفقيه عن هذا الخطاب. وقال: "أحمد هو نجل محقق الوحدة، ومن الطبيعي أن يكون هذا موقفه الدائم. هل يتوقع دعاة الانفصال أن يدعم خطاب السفير مساعيهم؟ هذا أمر مستحيل". لكن الفقيه يقر أن قضية الجنوب "واقع يجب حله بما يخدم الجميع".

ويضع نصر العيسائي الخطابات المتشددة للسياسيين الشماليين بشأن الوحدة، ومن بينها خطاب أحمد عفاش" في إطار "الرد اليائس على حالة الفشل والإخفاق التي يعيشونها، وكمحاولة للهروب من المسؤوليات تجاه الشعب في الشمال". 

ويرى العيسائي أنَّ الوقت قد حان للتفكير بجدية في مستقبل اليمن، والعمل على بناء شراكة حقيقية بين الشمال والجنوب تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة، وقال: "يجب أن تكون الأولوية القصوى الآن هي معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية التي يعاني منها الشعب اليمني".

كما يرى أنَّ الحل السلمي والعادل هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن، وأضاف: "يجب على القادة السياسيين في الشمال والجنوب أن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية وأن يعملوا معاً من أجل بناء مستقبل أفضل لليمن وشعبه."

الدور المتوقع 

في الواقع، لا توجد موانع كبيرة أمام عودة أحمد عفاش إلى العمل السياسي، حتى ضمن الشرعية اليمنية كما فعل ابن عمه طارق صالح عضو المجلس الرئاسي. كما أنه قد يكون الرجل المناسب لمنافسة الحوثيين في صنعاء وتهديد سلطتهم. وقد أظهرت وقفات جماهيرية في صنعاء في ذكرى ثورة 26 سبتمبر في عام 2023 جانبًا من شعبية لا بأس بها للرجل هناك.

ومع ذلك، لا يرجح أن ينجح فيما فشل فيه والده الذي كان يوصف بـ "الراقص على رؤوس الثعابين في اليمن". 

كما أن فرص أحمد في شمال اليمن أصبحت أقل بعد ما تبدو أنها عدة إجراءات احترازية وقائية قام بها الحوثيون في سبتمبر الماضي تمثلت بإعلان "مرحلة التغيير الجذري" والإطاحة بحكومة عبد العزيز بن حبتور، أحد قادة حزب المؤتمر، وتكليفها بتصريف الأعمال حتى اختيار حكومة جديدة.


عمليًا، قضى هذه على ما تبقى من شراكة صورية بين الحوثيين والمؤتمر، وزاد من قبضة المليشيا المحكمة في صنعاء وشمال اليمن. ولكن الفرص الصغيرة لأحمد عفاش في شمال اليمن قد تكون دافعًا لمحاولة تعويضها في الجنوب حيث يحتفظ السكان بإرث ثقيل من الكراهية تجاه الرئيس اليمني السابق ونجله. 

وفي 22 يوليو الماضي، تداولت مواقع إعلامية محلية صورة في مدينة سيئون بوادي حضرموت تظهر لافتة تحتوي على صورة أحمد عفاش بجانب طارق عفاش، أكد مصدر محلي صحتها لمركز سوث24، وأثارت جدلًا بين النشطاء الجنوبيين.

وخلال السنوات الماضية، أثار طارق عفاش امتعاض المجلس الانتقالي الجنوبي مرات عدة بسبب أنشطة نفذها "المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في محافظة شبوة"، الأمر الذي تم اعتباره كمحاولة لاستعادة النفوذ في الجنوب، واختلالُا في البوصلة التي يفترض أن تكون موجهة نحو صنعاء.  

وبشأن أي دور سياسي قادم محتمل لأحمد، قال نصر العيسائي: "لا شك أنَّ له قاعدة شعبية محدودة في الشمال، ورثها عن والده الرئيس السابق علي عبد الله صالح. ومع ذلك، فإن الوضع في الجنوب يختلف تماماً عن الذي في الشمال".

وأضاف: "يشهد الجنوب رغبة عميقة في استعادة الدولة، وهوية وطنية مستقلة. هذا لا يعني بالضرورة رفضاً مطلقاً لأي تفاعل مع الشمال، ولكن هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. فالشعب الجنوبي يرفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، ويرى أن الأحزاب السياسية الشمالية جزء من المشكلة وليس الحل".

وأردف: "الأسباب وراء هذا الرفض عميقة وجذورها تاريخية. فالشعب الجنوبي يرى أن الوحدة اليمنية فشلت في تحقيق تطلعاته، وأدت إلى تهميشه. لذلك، فإن أي محاولة لإعادة إنتاج نفس النموذج السياسي ستواجه مقاومة شديدة".

وتابع: "من المهم أن ندرك أن القضية الجنوبية ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي صراع على الهوية والحقوق. أي حل سياسي مستدام في اليمن يجب أن يأخذ في الاعتبار هذه الحقيقة، وأن يوفر للشعب الجنوبي الحق في تقرير مصيره".

وفي هذا الصدد، قال محمد الفقيه: "من المبكر الحديث عن أي دور سياسي قادم لأحمد علي، ولكن كيمني وسياسي وعسكري سابق، فمن حقة أن يمارس دوره كاملاً".  ولفت إلى أنَّ "الصورة ستتضح قريباً".

وفي 5 أغسطس، قالت وكالة 2 ديسمبر الإخبارية إن أحمد عفاش التقى السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن. ووفقًا للوكالة، بارك فاجن رفع العقوبات عن أحمد ووالده، "وناقش معه مستقبل اليمن في ظل التطورات الإقليمية والدولية الجارية، بالإضافة إلى مناقشة الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية".


صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات




اليمنعلي عبدالله صالحأحمد عليعفاشحزب المؤتمرشمال اليمنمجلس الأمنالأزمة اليمنية