دولي

سقطرى: جزيرة معزولة عند مفترق طرق استراتيجي

07-06-2021 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24 | قسم الترجمات


فقط قطعان الماعز الباحثة عن الظل تستخدم الآن الخطوط المهجورة لدبابات T-34 التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، لكن هذه البقايا الصدئة تشير إلى القيمة الاستراتيجية التي تحتفظ بها جزر سقطرى اليمنية بالنسبة للقوى الأجنبية.


ساعد الموقع البعيد للأرخبيل على تشكيل طبيعته المذهلة منذ آلاف السنين (ثُلث نباتات الجزيرة الرئيسية فريدة من نوعها، من الزهور البصلية ونباتات الخيار إلى نبات الصبّار الغريب).


لكن الجزيرة التي يبلغ طولها 130 كيلومتراً (80 ميلاً) - وهي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط- تشرف أيضاً على ممرات الشحن العالمية المُزدحمة عند مفترق الطرق بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية.


مع تدمير البر الرئيسي لليمن بسبب الحرب الأهلية، تخضع سقطرى لحكم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، وهو جزء من "حكومة وحدة" مُعترف بها من قبل الأمم المتحدة، لكنَّه يريد جنوب يمنٍ مستقل.


لكنَّ الإمارات العربية المتحدة هي التي تسيطر بحكم الواقع، وهي التي تموَّل الرواتب ومشاريع البنية التحتية الكبرى، من المدارس والمستشفيات إلى أنظمة الاتصالات والموانئ، هناك. [..]


تطل على طرق الشحن 


ليست ناقلات النفط وحدها هي التي يجب أن تعبر سقطرى من الخليج إلى البحر الأحمر وقناة السويس.


تقع الجزيرة أيضًا على ممرات بحرية من ميناء جوادر الباكستاني - وهو حجر عبور لمشروع التريليون دولار الصيني للبنية التحتية "الحزام والطريق"، والمتيح لبكين الوصول إلى بحر العرب - إلى جيبوتي وشرق إفريقيا.


تُعدّ الطرق البحرية أساسية لمركز الشحن في دبي، إحدى إمارات دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تشكّل صناعة الخدمات اللوجستية أكثر من 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا للإحصاءات الرسمية.


[..]


وبالإضافة إلى قيمتها الاستراتيجية، فإنَّ سقطرى محاطة أيضاً بمياه صيد غنية، حيث تعمل الآن سفن الصيد- التي ردعها القراصنة القاتلون من الصومال المجاورة لفترة طويلة.


وعلى الرغم من أنَّ ما يقرب من ثلاثة أرباع الجزيرة تتمتع بحماية بيئية، إلا أن هناك شواطئ بيضاء شاسعة قد يموت مطورو السياحة المجردون من المبادئ من أجلها.


لقرون، عرف التجار سقطرى كمصدر لـ للبان- يقترح بعض سكان الجزيرة أنّ اسمها مشتق من اللغة العربية لـ "سوق الإرتنج/ الصمغ "- لكن كان يتناقص تواجده في الجزيرة خلال أشهر الرياح الموسمية بفعل الأمواج الهائجة.


كانت العزلة التي أدت إلى ظهور الأساطير. في القرن الثالث عشر، وصف الرحالة الإيطالي ماركو بولو سقطرى بأنها قاعدة قرصنة مرعبة، وسكانها "أفضل السحرة في العالم".


في القرن الماضي كانت سقطرى في البداية قاعدة استعمارية بريطانية، ثم قاعدة سوفيتية. لكن على مدى عقود، زارها عدد قليل من الآخرين.


عندما زار المؤرخ البريطاني تيم ماكينتوش سميث في التسعينيات، أبحر من البر الرئيسي في رحلة تستغرق يومين، "لم يتغير الكثير حقًا منذ دهور"، على حد قوله. سجل ماكينتوش اللغة السقطرية، بجذورها في جنوب الجزيرة العربية القديمة.


بينما تقع سقطرى على بعد 350 كيلومترًا (215 ميلاً) جنوب الساحل اليمني، إلا أنها تقع أيضاً بالقرب من إفريقيا، وتبعد فقط 230 كيلومترا عن الصومال.


تطورت ثقافة سقطرى القديمة، التي مزجت شبه الجزيرة العربية بإفريقيا والهند، مع البيئة الفريدة.


وقالت ماكينتوش سميث لوكالة فرانس برس "كانت تابوتاً لوجود بشري قديم جداً من جنوب الجزيرة العربية قبل ألفي عام".


عندما أخرج ولاعة تستخدم لمرة واحدة لتدخين غليون، أثار ذلك "دهشة" بين سكان الجزيرة. وقال إنَّ الجزيرة "تكافل لتنوع بيولوجي استثنائي مع تنوع ثقافي ولغوي".


وقال "أبحرنا تحت منحدرات هائلة تغرق في البحر.. نقيم في منازل حجرية ذات أسقف مصنوعة من أغصان الأشجار وعوارض من حطام السفن القديمة، في نظرنا بدا الأمر نقياً تمامًا".


من النقاء للانسداد


يقول سكان سقطرى إنَّ الأمور تغيرت بسرعة عندما افتتح المطار منذ عام 2003. اليوم، تسد عبوات المياه البلاستيكية والأكياس الجداول بالقرب من القرى، وتصل موجات ثابتة من السياح في رحلة أسبوعية مدتها ساعتان من أبوظبي.


ينشر الزوار صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي لجمال الجزيرة المذهل - ولكن الهش بشكل لا يصدق.


الموازنة بين حماية البيئة واحتياجات الناس من الطرق والرعاية الصحية والوظائف والفرص مهمة صعبة.


قال سعيد سالم عبد الرحمن، الذي يكمل شهادة في ترجمة الروايات الشفوية من اللغة السقطرية إلى العربية والإنجليزية: "السقطريون فخورون بتراثهم، وهم حريصون على حمايته". لكن التغيرات السريعة أثارت مخاوف من تضرر التوازن القديم للجزيرة.


المصدر: فرانس برس


معالجة وتنقيح للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات


الصورة: دبابة من الحقبة السوفيتية تصدأ على الساحل الشمالي لجزيرة "غبة" اليمنية (بيتر مارتيل، فرانس برس)


الكلمات المفتاحية:

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا