دولي

«الدرونز» التركية تُعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي وساحات الحروب

04-06-2021 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| قسم الترجمات


تلجأ بعض الجيوش الصغرى في أرجاء العالم إلى الاستعانة بطائرات مسيرة "درونز" رخيصة التكلفة في تكتيك جديد بساحات المعارك أثبت جدواه العام الماضي بصراعات إقليمية وأحدث تحولا في التوازن الإستراتيجي حول تركيا وروسيا.


وأدت الطائرات المسيرة المصنوعة في تركيا والمجهزة بتكنولوجيا رقمية معقولة التكلفة إلى تدمير دبابات ومدرعات وأنظمة دفاع جوي في معارك بسوريا وليبيا وأذربيجان.


واستخدمت فصائل موالية لإيران في العراق واليمن طائرات مسيرة لمهاجمة السعودية.


وفي سياق مشابه، استخدمت 10 بلدان على الاقل بينها نيجيريا والإمارات طائرات مسيرة صينية الصنع لقتل الخصوم وفقا لخبراء عسكريين.


من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني بين والاس في خطاب ألقاه العام الماضي إن التداعيات المرتبطة بتلك التكنولوجيا تستطيع "تغيير قواعد اللعبة" مستشهدا بالخسائر الباهظة التي أحدثتها الدرونز التركية في سوريا.


وبالمقارنة مع الطائرة المسيرة أمريكية الصنع "إم كيو-9"، تتسم "تي بي 2" بالخفة كما أنها مزودة بأربعة صواريخ موجهة بالليزر بالإضافة إلى أن جهاز التحكم عن بعد المرتبط بها يحد مداها الرئيسي إلى حوالي 200 ميل مما يمثل خمس المدى الذي تستطيع "إم كيو-9" تغطيته.


بيد أنّ "تي بي 2" مفيدة ويمكن الاعتماد عليها وتذكرنا بالتأثير الذي أحدثته البندقية سوفيتية الصنع "كلاشينكوف إيه كي-47" على الصعيد العسكري في القرن العشرين.


وتبلغ تكلفة 6 طائرات درونز "تي بي 2" ووحداتها الأرضية وغيرها من التجهيزات الضرورية المرتبطة بها عشرات الملايين من الدولارات مقابل مئات الملايين من الدولارات في حالة "إم كيو-9".


زبائن تركيا


وتتضمن قائمة زبائن شركة "بايكار" التركية صانعة "تي بي 2" كلا من قطر وأوكرانيا كما أعلنت بولندا، عضو الناتو، الشهر الماضي اعتزامها شراء 24 طائرة مسيرة طراز "تي بي 2" بالإضافة إلى اهتمام العديد من أعضاء الحلف الآخرين بها وكذلك دول في أفريقيا وآسيا وفقا لما ذكرته الحكومة التركية ومسؤولو الشركة.


وحوّلت "تي بي 2" أنظار العالم إلى سماء سوريا أوائل 2020 إذ أنه بنهاية شهر فبراير من العام المذكور كان النظام السوري بدعم من روسيا قد حقق تقدما في مدينة إدلب التي كانت خاضعة لسيطرة متمردين تدعمهم تركيا.


ولكن في أعقاب غارة جوية قتلت اكثر من 30 جنديا تركيا، أطلقت أنقرة عملية "درع الربيع" والتي شهدت دمجا بين الدرونز وأنظمة حربية إلكترونية وقوات أرضية ومدفعية وطائرات حربية.


وتتجه تلك الدرونز نحو أهدافها في صمت، وتصعب على أجهزة الرادار التقاطها وتستطيع الطيران لساعات طويلة باحثة عن ثغرات في أنظمة الدفاع الجوي التي تسقط كـ" قطع الدومينو" حال اختراقها وفقا لخلوق بيراقدار الرئيس التنفيذي لشركة "بايكار".


كما تعمل الطائرات في مجموعات مؤلفة من دستة أو نحو ذلك لمهاجمة أهدافها بشكل متزامن وفقا لمسؤولين بالشركة والحكومة التركية.


"تتضمن قائمة زبائن شركة بايكار التركية صانعة (تي بي 2) كلا من قطر وأوكرانيا"


بدوره، قال إسماعيل ديمير، رئيس الهيئة التركية المشرفة على الصناعات العسكرية إنّ التكلفة المنخفضة لتلك الطائرات المسيّرة تسمح للقوات بالمزيد من المخاطرة.


الربيع الماضي، ساعدت "تي بي 2" على تغيير دفة الحرب الأهلية الليبية لصالح حكومة طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة.


وأرسلت تركيا أسلحة إلى ليبيا عام 2019 لدحض هجوم على العاصمة طرابلس شنه القائد خليفة حفتر المدعوم من روسيا وآخرين.


وساعد النجاح الذي حققته الدرونز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مد نطاق نفوذه الإقليمي بدون المخاطرة بخسارة عدد كبير من القوات أو التجهيزات المكلفة.



طائرة بدون طيار تابعة للقوات الجوية الأمريكية من طراز MQ-9 (رويترز)

وقال دان جيتينجر، الباحث بـ "معهد ميتشيل لدراسات الفضاء": "الولايات المتحدة والكثير من شركائها الأوروبيين تشعر بالقلق بشأن صادرات الدرونز التركية والطريقة العدوانية في استخدام أنقرة لتلك الطائرات المسيرة في الصراعات".


وفي ذات السباق، قال الجنرال الأمريكي المتقاعد مايك ناجاتا: "تمثل الدرونز جزءا من تحد أكبر يتعلق بمستقبل العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة والناتو".


ووقعت أوكرانيا اتفاقا في يناير 2019 لشراء درونز "تي بي 2" من تركيا وتسلمت ستة منها حتى الآن على أمل أن يؤدي ذلك إلى تثبيط الكرملين عن معاودة غزواته التي شنتها روسيا ضد الدولة الأوروبية عام 2014.


غضب روسي


من جهته، قال يوري مايساجين، نائب رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الأوكراني: "إنها تسمح لنا بردع الاعتداء الروسي أو الانتقام منهم في حالة الغزو. لقد رأينا كيفية أدائها العام الماضي".


وأغضبت مبيعات الدورنز التركية موسكو حيث قررت روسيا في أبريل تعليق معظم الرحلات الجوية بين الدولتين بداعي تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا.


وفي لقاء جمع بينهما في أبريل الماضي في تركيا، أخبر أردوغان الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي إنّ نظيره الروسي فلاديمير بوتين هدد بتمديد حظر الرحلات الجوية ما لم تتراجع تركيا عن مبيعات الدرونز لأوكرانيا وفقا لمصدر مطلع.


"قررت روسيا في أبريل تعليق معظم الرحلات الجوية بين الدولتين، بسبب بيع طائرات تركية لأوكرانيا"


وابتاعت أذربيجان، المقربة جغرافيا وثقافيا من تركيا عددا من الطائرات المسيرة "تي بي 2" العام الماضي.


وكانت القوات القوات الأرمينية قد انتزعت السيطرة من أذربيجان على مرتفعات قره باغ في حرب انتهت بوقف إطلاق النار عام 1994 لكن زيادة الثروات البترولية عززت من قوة جيش أذربيجان في السنوات اللاحقة.


ومن خلال درونز "تي بي 2"، وكذلك طائرات مسيرة إسرائيلية الصنع، استطاعت أذربيجان التفوق على قوات أرمينيا.


وذكرت مدونة "أوريكس" أن الدرونز تسببت في تدمير 106 دبابة و146 قطع مدفعية و62 نظام إطلاق صواريخ متعددة و18 نظام صواريخ أرض جو و7 وحدات رادار و161 مركبة أخرى تابعة لأرمينيا لافتة أن الخسائر الإجمالية ربما تتجاوز ذلك. وبالمقابل، تم تدمير 30 دبابة ومعدات أخرى تابعة لأذربيجان وفقا لذات المدونة.


وبعد 6 أسابيع من القتال، توسّط الكرملين الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع الدولتين لكنه يتحالف عسكريا مع أرمينيا ولديه قوات بالمنطقة لإبرام اتفاق إطلاق نار في نوفمبر الماضي بعد أن استعادت أذربيجان معظم أراضيها التي خسرتها منذ أمد طويل.


وجذب انتصار أذربيجان الانتباه نحو الإمدادات التركية، وقررت بعض الشركات والدول مثل كندا وقف تصدير مكونات يتم استخدامها في صناعة الطائرة المسيرة "تي بي 2".


- جزء من تقرير مطوّل نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية

- عالجه ونقّحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات


-الصورة: طائرة بدون طيار من طراز Bayraktar TB2 خلال عرض عسكري في ديسمبر في باكو، أذربيجان. (فاليري شاريفولين / تاس / زوما برس)


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا