التقارير الخاصة

ثورة الطاقة الشمسية في اليمن: سوق مزدهرة رغم عقبات الحرب والاقتصاد

منزل في محافظة عدن يعتمد على الطاقة الشمسية (لمركز سوث24 بواسطة شركة الأخوين للطاقة النظيفة)

Last updated on: 07-05-2025 at 8 PM Aden Time

مركز سوث24 | خديجة الجسري


في بلد تمزقه الحرب منذ أكثر من عشر سنوات، لم يعد الحديث عن "التحول الأخضر" ترفًا فكريًا أو خيارًا بيئيًا محضًا، بل أصبح مسألة بقاء اقتصادي واجتماعي. ومن بين الركام والظلام، برز قطاع الطاقة الشمسية في اليمن كأحد أكثر المجالات ديناميكية في المشهد الاقتصادي المحلي، متجاوزًا وظيفته التقنية إلى فضاء الحلول.


منذ العام 2015، ومع اشتداد الصراع المسلح وانهيار شبكة الكهرباء الحكومية، عانت المدن والقرى اليمنية من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي وصلت أحيانًا إلى أيام متواصلة دون إنارة. وبفعل تضرر المحطات الكهربائية وتراجع قدرة الدولة على توفير الوقود لتشغيلها، لم يكن أمام السكان سوى البحث عن بدائل عملية ومستدامة. في هذا السياق، بدأت الطاقة الشمسية تفرض نفسها تدريجيًا كملاذ حيوي، ليس فقط على مستوى الأفراد، بل على مستوى مؤسسات كاملة تشمل المصانع والمستشفيات والمدارس والمزارع.


وبينما اتجهت شرائح واسعة من السكان في البداية نحو حلول بدائية، كالاعتماد على بطاريات "الأسيد تبلر" Tubular Lead-Acid Batteries، وهي بطاريات حمضية تقليدية ذات خلايا أنبوبية مصممة لتحمل الشحن والتفريغ العميق، وألواح شمسية منخفضة الكفاءة، فقد تطور السوق بشكل لافت في أقل من عقد، مع دخول تقنيات متقدمة مثل بطاريات "الجل" Gel Batteries، وهي بطاريات حمضية محكمة الإغلاق تحتوي على مادة هلامية تقلل من التبخر الداخلي وتزيد الأمان، ثم لاحقًا بطاريات الليثيوم (Lithium Batteries) ذات الكثافة العالية في تخزين الطاقة والعمر الأطول.


ويُجمع الخبراء على أن الأزمة فتحت نافذة استثنائية للنمو؛ فبسبب ارتفاع أسعار الوقود التقليدي وصعوبة الحصول عليه، إلى جانب الأعطال المستمرة للمولدات الكهربائية وتكاليف صيانتها، باتت الطاقة الشمسية ليست مجرد خيار، بل الحل الوحيد المتاح والاقتصادي للكثير من السكان والمنشآت الحيوية. ويُعد هذا التحول المفاجئ وغير المخطط له في الأصل، نتيجة مباشرة للطلب الشعبي والضغط المجتمعي، أكثر من كونه نتاج استراتيجية حكومية أو سياسة طاقة وطنية.


ويبدو أن السوق المحلي استجاب بسرعة لهذا التحول، إذ انتشرت ورش تركيب الألواح الشمسية، ومراكز بيع البطاريات، ومؤسسات متخصصة في تصميم الأنظمة الشمسية المنزلية والتجارية، بل وتزايد الإقبال على التدريب المهني في هذا المجال، ما خلق فرص عمل جديدة في سوق يعاني من بطالة مزمنة.


هذا المشهد المتسارع يطرح أسئلة مركزية حول مستقبل الطاقة النظيفة في اليمن: هل ستتحول الطاقة الشمسية إلى العمود الفقري لمنظومة الكهرباء البديلة؟ هل سيتمكن اليمن من بناء سوق منظم ومستقر للطاقة المتجددة في ظل هشاشة الدولة؟ وما حجم المخاطر المرتبطة بانعدام الرقابة ودخول منتجات مقلدة أو رديئة الجودة إلى هذا السوق المزدهر؟



مصنع للمياه المعدنية في محافظة أبين يعتمد على الطاقة الشمسية (لمركز سوث24 بواسطة شركة الأخوين للطاقة النظيفة)


في هذا التقرير، يرصد مركز سوث24 ديناميات سوق الطاقة النظيفة في اليمن من خلال شهادات الخبراء المحليين، وبعض الشركات والمؤسسات المتخصصة في هذا النوع من الطاقة. بالإضافة لمسؤولين من الحكومة اليمنية.


من الأزمة إلى الإمكانات التجارية


في ظل الحرب المستمرة وانعدام شبه كلي للاستقرار السياسي والاقتصادي، تحول مشهد الطاقة في اليمن من نموذج مركزي قائم على الدولة إلى حالة من اللامركزية التلقائية فرضها الواقع. وجدت الطاقة الشمسية نفسها في صدارة هذا التحول، ليس فقط كبديل للوقود الأحفوري، بل كقاعدة لنمو تجاري واستثماري غير مسبوق في البلد المنهك.


تجلّى هذا التحول بوضوح في يوليو 2024، حين شهدت مدينة عدن تدشين أول وأكبر محطة للطاقة الشمسية في اليمن بقدرة توليدية بلغت 120 ميجاوات. المشروع الذي تم إنشاؤه بالتعاون مع شركة "مصدر" الإماراتية يُعد نقطة فارقة، ليس فقط من حيث حجمه، بل من حيث رمزيته كمشروع استراتيجي يعكس تحولًا في البنية التحتية للطاقة في البلاد. كما تم الإعلان يوم 5 مايو 2025 عن تدشين المرحلة الثانية من المشروع لإضافة 120 ميجاوات للمحطة، بتمويل إماراتي.


المهندس ماجد عبدالله النملة، مدير شركة "الأخوين" للطاقة الشمسية، يصف المشهد الحالي للسوق بأنه "ديناميكي ومتسارع". في حديثه لمركز سوث24، أوضح عبدالله أن الطلب المتزايد على الأنظمة الشمسية، خاصة في القطاعين الصناعي والتجاري، حفز الشركات المحلية والدولية على تقديم حلول متقدمة تتجاوز الاستخدام المنزلي البسيط.




وأشار إلى أن شركة  MMD الصينية الرائدة طرحت مؤخرًا نظامًا جديدًا يجمع بين كابينة بطارية (Battery Cabinet) بسعة تخزينية تبلغ 256 كيلوواط/ساعة، وانفرتر Inverter، وهو جهاز يحوّل التيار المستمر الصادر من الألواح الشمسية إلى تيار متناوب يمكن استخدامه في المنازل والمنشآت، بقدرة 125 كيلوواط. وتم تصميم هذا النظام بطريقة مرنة تتيح دمج وحدات متعددة لتصل إلى قدرة إجمالية تبلغ 1000 كيلوواط، وهو ما يلبي احتياجات المشاريع الكبيرة كالمستشفيات، والفنادق، والمصانع متوسطة الحجم.


النملة أضاف أن "عدن شهدت خلال العامين الأخيرين تحولًا حقيقيًا في وعي التجار وأصحاب المنشآت الكبرى، حيث باتت الطاقة الشمسية تُنظر إليها ليس كخيار مؤقت، بل كضمان استراتيجي لاستمرارية النشاط الاقتصادي." وأوضح أن الشركة التي يديرها تلقت مؤخرًا عشرات الطلبات لإجراء دراسات جدوى من مؤسسات صحية وتجارية لا تزال تعتمد على مولدات تعمل بالديزل، وتعاني من خسائر مالية بسبب تقلبات أسعار الوقود.


"تكلفة تشغيل المولدات أصبحت عبئًا حقيقيًا"، يقول النملة، مشيرًا إلى أن بعض المستشفيات باتت تنفق ما يعادل 30% من ميزانيتها الشهرية على وقود التشغيل، في حين أن التحول للطاقة الشمسية يمكن أن يخفض هذه النسبة بأكثر من النصف خلال عامين فقط.


من جانبه، يؤكد توفيق عاطف، مدير مركز "بن عاطف" للطاقة المتجددة، أن سوق الطاقة الشمسية في عدن شهد نموًا متسارعًا منذ بداية الحرب، مدفوعًا بما يسميه "حالة الطوارئ الدائمة للكهرباء". وبيّن لمركز سوث24 أن المرحلة الأولى من هذا التحول اتسمت بالاستخدام المحدود لتقنيات بسيطة مثل الأجهزة الهندية منخفضة الكفاءة، وبطاريات "الأسيد تبلر" التي لا تحتمل دورات شحن طويلة وتفريغ عميق، وغالبًا ما تتعطل خلال أشهر معدودة.



مسجد في محافظة عدن يعتمد على الطاقة الشمسية (لمركز سوث24 بواسطة شركة الأخوين للطاقة النظيفة)


إلا أن السوق بدأ يتغير مع دخول بطاريات "الجل"، التي تتميز بكفاءة أعلى وأمان فني أكبر كونها محكمة الغلق ولا تنتج أبخرة سامة. لاحقًا، ومع انخفاض أسعار الألواح الشمسية عالميًا في مطلع عقد العشرينيات، دخلت عشرات الشركات إلى السوق اليمنية، بعضها يحمل تراخيص وكلاء رسميين لشركات دولية، وبعضها يعمل بشكل غير نظامي.


أكبر قفزة سجلها القطاع كانت في عام 2024 مع دخول بطاريات الليثيوم إلى السوق المحلي. بطاريات الليثيوم (Lithium Iron Phosphate - LiFePO4) تُعد الجيل الأحدث من البطاريات المستخدمة في أنظمة الطاقة الشمسية، وتتميز بكثافة تخزين عالية، وعمر افتراضي أطول، وكفاءة شحن تفوق بطاريات الرصاص بنسبة تتراوح بين 30% و40%.


أوضح عاطف أن "الطلب على هذه البطاريات قفز بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، خاصة من قِبل المؤسسات التعليمية والمحال التجارية، التي تبحث عن أنظمة موثوقة تقلل من توقف الأعمال اليومية نتيجة الانقطاعات الكهربائية". كما أكد أن الكثير من العملاء باتوا يطلبون بطاريات بسعات تخزينية تبدأ من 200 أمبير/ساعة فأعلى، ما يعكس ارتفاع التوقعات بخصوص الأداء والاستدامة.


حل بديل واقعي


يروي المواطن عبدالرحمن الشرجي، من سكان مدينة عدن، تجربته الشخصية مع الطاقة الشمسية قائلاً: "كنت أعتمد على الكهرباء الحكومية، التي كانت تنقطع بشكل مستمر، وعلى مولد صغير في حال الضرورة، لكن تكلفة الوقود والصيانة جعلت الأمر غير مستدام. لذلك قررت التحول إلى الطاقة الشمسية."


ويؤكد الشرجي أن القرار لم يكن سهلًا من الناحية المالية، لكنه وجد فيه مخرجًا ذكيًا على المدى الطويل. "وفرت بشكل ملحوظ في فواتير الكهرباء والوقود، وأصبحت حياتي أكثر استقرارًا. الكهرباء متوفرة طوال النهار، والأجهزة المنزلية تعمل بسلاسة دون قلق من الانقطاع أو التلف المفاجئ"، يقول الشرجي بفخر، مضيفًا: "أنا الآن أشعر أنني جزء من الحل، وليس فقط متلقٍ للأزمة".



مهندس طاقة شمسية (لمركز سوث24 بواسطة شركة الأخوين للطاقة النظيفة)


أما على مستوى المؤسسات الخدمية، فيلفت المهندس أحمد زكي، مدير إدارة الطاقة الشمسية في وزارة الكهرباء اليمنية، إلى أن محافظات مثل لحج وحضرموت شهدت تحولًا ملحوظًا بفضل إدماج الطاقة الشمسية في منظومات الخدمات الأساسية. ويوضح: "في لحج وحدها، استفاد أكثر من 6,000 شخص من أنظمة الري التي تعمل بالطاقة الشمسية، بينما استفادت 700 أسرة في حضرموت من مشاريع مماثلة وفرتها منظمات دولية بالتعاون مع السلطات المحلية."


ويؤكد زكي أن هذه الأنظمة لم تقتصر فقط على تقليل التكاليف، بل أسهمت في تمكين النساء من المشاركة في الأعمال الزراعية، حيث تم تدريب العشرات منهن على صيانة الأنظمة الشمسية ومراقبة أدائها، وهو ما وفّر لهن دخلًا مستقلًا ومهارات تقنية مطلوبة في السوق.


الخبير في الطاقة النظيفة، المهندس بسام السنمي، أشار بدوره إلى أن القطاع شهد خلال السنوات الأربع الماضية "قفزة كمية ونوعية" في تركيب الأنظمة الشمسية. ويوضح: "أصبح التجار يتنافسون على توفير أفضل أنواع الألواح الشمسية (Photovoltaic Panels)، وهي الخلايا التي تحول ضوء الشمس إلى كهرباء. ومع شدة التنافس، بات البعض يستورد الألواح من شركات مرموقة عالميًا، الأمر الذي حسّن جودة العتاد في السوق."


لكن في المقابل، أشار السنمي إلى أن أغلب الانفرترات (Inverters)، وهي الأجهزة التي تحول التيار المستمر الناتج من الألواح إلى تيار متناوب مناسب للاستخدام، لا تزال ذات جودة منخفضة، باستثناء ما توفره بعض المنظمات الدولية أو المؤسسات الكبيرة التي تعتمد معايير فنية دقيقة. كما أشار إلى غياب الكوادر المؤهلة لصيانة هذه الأجهزة المتقدمة، مما يؤدي إلى أعطال متكررة.


وفي ما يتعلق بآفاق الاستثمار، يرى السنمي أن الفرصة كبيرة جدًا، خصوصًا في الريف اليمني. ويشرح ذلك بقوله: "بدأ بعض التجار بتقديم أنظمة الطاقة الشمسية للمزارعين بنظام التمليك المؤجل، حيث يدفع المزارع تكلفة النظام من الأموال التي كان يصرفها سابقًا على وقود الديزل. وهذا النموذج يُحدث ثورة في المفهوم التقليدي للاستثمار، لأنه يجمع بين الربحية والتأثير الاجتماعي".


وأضاف أن هذا النوع من المشاريع، إذا ما تم تنظيمه عبر عقود قانونية واضحة، يمكن أن يجذب اهتمام مستثمرين خارجيين يسعون للربح وتحقيق أثر تنموي في آنٍ واحد.


التحديات المتعددة


يعتبر الوضع الاقتصادي وضعف القدرة الشرائية للمواطنين وتراجع قيمة العملية المحلية من أبرز التحديات أمام ازدهار سوق الطاقة النظيفة في اليمن.


المهندس ماجد عبدالله النملة، مدير شركة "الأخوين" للطاقة الشمسية، لفت إلى تحديات أخرى مثل الغش التجاري. وقال: "نحن نواجه انتشارًا مخيفًا لبطاريات الليثيوم الرديئة في السوق اليمنية. الكثير من البائعين يروجون لخلايا من الدرجة الثالثة أو الخامسة على أنها من النوع الممتاز، وهذا ينعكس على الأداء ويقصر العمر الافتراضي للبطارية بشكل خطير".



نوع من أنواع بطاريات الليثيوم في السوق اليمني (لمركز سوث24 بواسطة شركة الأخوين للطاقة النظيفة)


بطاريات الليثيوم التي دخلت السوق اليمنية حديثًا منذ عام 2024، ورغم ما تحمله من مزايا تقنية كبيرة مقارنة ببطاريات الرصاص التقليدية، إلا أنها تتطلب شروط تخزين وتركيب وصيانة دقيقة للغاية. في غياب كوادر فنية متخصصة، يقول النملة إن بعض البطاريات تُركب بشكل عشوائي دون اختبار فني حقيقي، مما أدى إلى أعطال كارثية بل وسجلت حالات اشتعال محدودة.


وأشار إلى أن العديد من المحلات تدعي أن البطاريات التي تبيعها تحتوي خلايا من نوع "EVE" — وهي شركة معروفة عالميًا بتصنيع خلايا ليثيوم عالية الجودة — بينما تكون في الواقع منتجات مقلدة لا تمت للعلامة التجارية الأصلية بأي صلة. الفرق بين الأصل والمزيف لا يظهر في الشكل الخارجي فقط، بل يتجلى بشكل أكبر في الأداء.


وأوضح النملة أن سعر الكيلو من الخلايا الأصلية عالية الجودة يصل إلى 150 دولارًا، بينما تُباع البطاريات المقلدة بأسعار تتراوح بين 100 إلى 120 دولارًا، وهو ما يجعلها جذابة ظاهريًا للمستهلكين ذوي الدخل المحدود، لكن على حساب السلامة والأداء.


هذه المخاوف تجد صداها في مداخلة رسمية من المهندس فضل صويلح، مدير إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة في عدن. في تصريح خاص لمركز سوث24، أكد صويلح أن التجارة الداخلية تقع ضمن اختصاص وزارته استنادًا إلى قانون التجارة الداخلية رقم (5) لسنة 2007، وأن الوزارة تتابع باهتمام سوق الطاقة النظيفة.


وأضاف: "نواجه حاليًا تحديًا حقيقيًا يتعلق بانتشار السلع المقلدة في السوق، وهو نتيجة لاتساع البلاد وسواحلها الطويلة، ما يسهل عمليات التهريب، بالإضافة إلى وجود ما نسميه بـ'التهريب المنهجي' عبر شحنات تحتوي على بضائع متنوعة، تُخفى في داخلها المنتجات المخالفة".


وتابع: "لقد ضبطنا عددًا من الحاويات التي تحتوي على بطاريات وقطع غيار مقلدة، وتمت إحالة القائمين على هذه العمليات إلى النيابة العامة، وهناك لجنة حكومية دائمة تم تشكيلها لإتلاف السلع المخالفة تضم وزارات التخطيط، والمقاييس، والزراعة، والسلطات المحلية."


رغم هذه الجهود، يقر صويلح بأن الدور الحكومي ما يزال محدودًا مقارنةً بحجم السوق وسرعة نموه. لذلك دعا الدولة إلى دعم قطاع الطاقة النظيفة بوسائل واضحة وفعالة، من بينها خفض الجمارك وتبسيط إجراءات الاستيراد، وتشجيع التجار على الاستثمار في الطاقة الشمسية من خلال ضمانات فنية ومالية، خاصة أن هذا القطاع أصبح خيارًا ملائمًا للمواطنين في ظل الغلاء المتصاعد وغياب البدائل.


خديجة الجسري
صحفية مستقلة وناشطة في مجال حقوق المرأة


Shared Post
Subscribe

Read also