كلية الإعلام بجامعة عدن، 29 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
07-10-2024 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | ريم الفضلي
تواجه كلية الإعلام بجامعة عدن تحديات جمة تعيق تقدمها ومساهمتها في تطوير القطاع الإعلامي في جنوب اليمن. ففي ظل نقص الإمكانيات والبنية التحتية المتدهورة، يعاني الطلاب والأكاديميين من بيئة تعليمية غير ملائمة تعيق تحقيق أهدافهم.
ورغم استقلاليتها، لا تزال الكلية تعمل في مبنى صغير ضمن كلية الآداب، في مديرية خور مكسر، مما يعكس التحديات المستمرة التي تواجهها في تحقيق بيئة تعليمية مستقلة ومناسبة. هذه التحديات تؤثر بشكل كبير على قدرتها على تقديم تعليم عالي الجودة وإعداد كوادر إعلامية مؤهلة.
انطلقت كلية الإعلام بجامعة عدن رحلتها الأكاديمية كقسم متفرع من كلية الآداب عام 1998، لتستقل في عام 2019 بقرار من رئيس الجامعة. ورغم شح الإمكانيات، نجحت الكلية في تخريج 1720 خريجًا وخريجة على مدار 23 دفعة، للعمل في مختلف مجالات الإعلام. إلا أن هذه الإنجازات لم تتحقق بسهولة، حيث تواجه الكلية تحديات كبيرة في توفير البيئة التعليمية المناسبة والكوادر الأكاديمية.
محاضرة دراسية لطلاب في كلية الإعلام بجامعة عدن، 29 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
افتقار للبنية التحتية
خلال زيارة ميدانية نفذها وفد من مركز سوث24 للأخبار والدراسات إلى كلية الإعلام، تم ملاحظة افتقار المبنى للعديد من الضروريات وتدهور حالة بعض الغرف المخصصة للكلية. كما تعاني الكلية من نقص حاد في البنية التحتية، مما يعيق تقدمها وتطورها.
أشار عميد كلية الإعلام، الدكتور وهيب مهدي، في تصريح خاص لمركز سوث24 إلى أن الكلية تواجه تحديات تمويلية كبيرة نتيجة انخفاض الدعم المالي من وزارة المالية لجامعة عدن ككل، حيث تتلقى الجامعة بين 25% و35% فقط من موازنتها المعتمدة. وأوضح أن هذا التراجع المالي يعكس الوضع الصعب الذي تمر به الكلية.
كما أضاف أن الكلية لا تعاني فقط من نقص التمويل، بل تفتقر أيضًا إلى العديد من العناصر الأساسية للتعليم الأكاديمي. فهناك نقص في القاعات الدراسية والمكاتب الإدارية المخصصة لطاقمها الأكاديمي، فضلًا عن تدهور حالة بعض الغرف المخصصة للكلية، ما أدى إلى تعثر العملية التعليمية ومنع إدارة الكلية من تنفيذ التحسينات الضرورية لتوفير بيئة تعليمية ملائمة.
وأكد عميد الكلية أيضًا أن طلاب الكلية يواجهون نقصًا في الموارد التعليمية الأساسية، مثل المعدات والأدوات اللازمة للتعليم العملي، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لدعم الكلية وتوفير بيئة تعليمية تتناسب مع احتياجات الطلاب.
قاعة دراسية في كلية الإعلام بجامعة عدن، 29 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
من جانبها، أكدت مديرة الدراسات العليا والبحث العلمي في كلية الإعلام، رنا الحطيبي، على التحديات الكبيرة التي تعيق تقدم الكلية وتطويرها. وأعربت عن استيائها من الوضع الراهن، مشيرةً إلى الحاجة الملحة لإصلاحات شاملة، خصوصاً في مجالات البنية التحتية.
وأوضحت الحطيبي في حديثها لمركز سوث24 أن "المبنى الحالي للكلية لا يواكب التطورات الحديثة، حيث تعاني الكلية من نقص في القاعات الدراسية الكبيرة التي تستوعب أعداد الطلاب المتزايدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم توفر قاعات مجهزة بالكهرباء يتسبب في مشاكل متكررة مثل ارتفاع درجات الحرارة داخل القاعات، مما يؤثر سلبًا على تركيز الطلاب."
وأشارت إلى أنه، ورغم الزيارات المتكررة لمسؤولي الجامعة، لا توجد حتى الآن خطط واضحة لتحسين أوضاع الكلية. وأعربت عن قلقها إزاء الظروف الصعبة التي يعاني منها كل من الطلاب والمدرسين، مؤكدةً أن هذه الظروف تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم، حيث يتم إلغاء الأنشطة الأكاديمية بسبب نقص الإمكانيات. كما شددت على أن الطلاب يفتقرون إلى فرص التدريب العملي الملائمة، وهو ما يعيق تأهيلهم لسوق العمل.
أصوات من الداخل
يؤدي نقص الموارد التعليمية في كلية الإعلام إلى تأثير مباشر على طلابها، حيث تساهم هذه التحديات في خلق بيئة تعليمية غير ملائمة تؤثر سلبًا على مستوى التحصيل الأكاديمي. إن الافتقار إلى المعدات الأساسية يعمّق صعوبة تنفيذ الأنشطة التعليمية، ويحول دون تحسين الكفاءة العملية للطلاب. إضافةً إلى ذلك، يؤدي هذا العجز إلى تدني جودة التدريب العملي، الذي يُعدّ ضروريًا لإعداد الطلاب لسوق العمل، مما يقلل من فرصهم في الحصول على وظائف تنافسية مستقبلاً.
مشروع أستوديو إذاعي جامعي في كلية الإعلام بجامعة عدن، 29 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
رئيسة قسم الصحافة والنشر الإلكتروني، الدكتورة نوال مكيش، أشارت إلى أن الكلية تسعى جاهدة لإجراء تعديلات على بعض مساقاتها الدراسية، ولا سيما في قسم الصحافة، بهدف تحسين جودة التعليم وتلبية متطلبات السوق. ومع ذلك، أوضحت أن الكلية تعاني من تحديات كبيرة، أهمها غياب مكتبة متخصصة سواء بالمبنى أو إلكترونية، وهو ما يؤثر على جودة العملية التعليمية والبحثية داخل الكلية.
وتطرقت في حديثها لمركز سوث24 إلى أن قسم الصحافة، بشكل خاص، يواجه مشكلة تتعلق بانخفاض أعداد الطلاب الراغبين في الالتحاق به، مما يزيد من تحديات تطويره. ودعت المؤسسات الإعلامية البارزة في البلاد إلى لعب دور أكبر في دعم طلاب الصحافة، من خلال تقديم فرص تدريب وتأهيل مهنية تسهم في تمكينهم من دخول سوق العمل بكفاءة.
وسلطت طالبة ماجستير في العلاقات العامة بكلية الإعلام، إيمان رامي أحمد، الضوء على التحديات التي تواجهها في التعليم العالي، ومن بينها نقص المختبرات والأدوات التقنية.
وأوضحت لمركز سوث24 أن نقص المختبرات المجهزة والمعدات الرقمية الحديثة يعوق تطبيق الطلاب لما يتعلمونه نظريًا، ويؤثر سلبًا على تحصيلهم ومهاراتهم العملية لمواجهة سوق العمل. كما أشارت إلى غياب المعايير التقنية في الكلية، مثل نقص المرافق الأساسية والمكتبات، يضعف البيئة التعليمية. وأكدت أن تحسين هذه الجوانب سيسهم في رفع مستوى الكلية وكفاءة خريجيها، ويعود بالفائدة على المجتمع.
أما ناصر الزيدي، طالب في قسم الصحافة بكلية الإعلام، أشار إلى أن القسم يشهد تحسنًا ملحوظًا على الرغم من قلة الإمكانيات والتحديات الكبيرة التي تواجهها الجامعة بشكل عام والكلية بشكل خاص. وقال لمركز سوث24 إن هناك ضرورة بالعمل على تطوير قسم الصحافة من خلال تذليل الصعوبات التي تعيق تقدمه، خاصة فيما يتعلق بتحديث المناهج القديمة واستبدالها بأخرى حديثة تسهم في تنمية المهارات والقدرات المطلوبة بشكل أمثل.
قاعة دراسية في كلية الإعلام بجامعة عدن، 29 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
ومن جهتها، أشارت الطالبة رمى مختار إلى أن انقطاع التيار الكهربائي يُعتبر أحد أبرز التحديات التي تواجهها في دراستها بكلية الإعلام، وقالت لمركز سوث24: "نواجه دروسًا تمتد لست ساعات متواصلة، وغالبًا ما تكون جميعها بدون كهرباء". وأوضحت أن هذه المشكلة تؤثر بشكل كبير على سير العملية التعليمية، حيث يجد الطلاب أنفسهم غير قادرين على التركيز أو استيعاب المحتوى الدراسي في ظل غياب الكهرباء.
ولفتت رمى إلى أن نقص القاعات الدراسية يشكل عقبة كبيرة أيضًا، حيث يؤدي هذا النقص إلى إلغاء العديد من المحاضرات، مما يؤثر سلبًا على الجدول الدراسي للطلاب. وأكدت أن توفير بنية تحتية ملائمة، بما في ذلك الكهرباء والقاعات الدراسية الكافية، يعد ضروريًا لضمان تجربة تعليمية فعالة ومستدامة.
تطوير العملية التعليمية
من المقرر أن يتم افتتاح إذاعة الجامعة داخل حرم كلية الإعلام خلال الشهر الجاري بجهد ذاتي، حيث سيتلقى الطلاب تدريبات عملية تحت إشراف مجموعة من المذيعين البارزين. ووفقًا لعميد الكلية، تشمل الخطط المستقبلية إنشاء أستوديو إذاعي وتلفزيوني، بالإضافة إلى مختبر متخصص للعلاقات العامة. وأشار إلى أن السلطة المحلية بعدن قدمت بعض الأدوات كدعم ضمن المشروع، وعبر عن أمله بمزيد من الدعم.
وأضاف العميد: "البرنامج الدراسي الحالي يركز على تعزيز المعرفة النظرية خلال السنوات الأولى من الدراسة، مع البدء في تقديم مواد تطبيقية بدءًا من السنة الثالثة. يهدف هذا التوجه إلى توفير فرص تدريبية عملية للطلاب، سواء في سوق العمل أو داخل الكلية باستخدام أحدث الوسائل والأدوات التي سيتم توفيرها".
دورة مياه في كلية الإعلام بجامعة عدن، 29 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
من جهتها، أشارت رنا الحطيبي إلى تطلع الطلاب والموظفين لتحسين أوضاع الكلية، بما يتناسب مع التحول الرقمي. كما أكدت الحاجة إلى تحسينات عاجلة ودعت إلى إطلاق حملات إعلامية لتسليط الضوء على مشاكل الكلية وتحفيز الإدارة لاتخاذ خطوات ملموسة، مؤكدة أن الحل يكمن في تطوير البنية التحتية وتوفير المعدات اللازمة لضمان بيئة تعليمية ملائمة.
وشدد الطالب صلاح صالح من قسم الإذاعة والتلفزيون على أهمية تحسين الوضع الحالي، مشيرًا إلى ضرورة إما ترميم المبنى الحالي أو بناء كلية إعلام مستقلة. وأكد أن إنشاء كلية مستقلة سيسهم بشكل كبير في تحسين جودة التعليم المقدم للطلاب، وفي حال عدم القدرة على بناء مبنى جديد، اقترح صالح ترميم المبنى الحالي وتوسيع القاعات والمختبرات لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
وتجدر الإشارة إلى أنه جرى الحديث خلال الأسابيع الماضية عن مشروع قرار في جامعة عدن لتحويل مبنى سكن الطالبات في مدينة الشعب بعدن إلى مبنى لكلية الإعلام، لكن المشروع أثار جدلًا واسعًا بشأن مدى قانونيته، وتأثيراته وتداعياته على الطالبات.
ومما لا شك فيه، يعتبر تطوير كلية الإعلام بجامعة عدن ليس مجرد مهمة، بل هو استثمار في مستقبل الوطن. فالإعلام هو قوة مؤثرة في تشكيل الرأي العام وبناء المجتمع. وهي حجر الزاوية للنهوض وتطوير القطاع الإعلامي في جنوب اليمن. ولتعزيز دورها، يجب الاستثمار في تطوير الكلية وتوفير الدعم اللازم لتخريج كوادر إعلامية مؤهلة.