عربي

قشة الأمم المتحدة لإنهاء الصراع في اليمن..هل هناك انفراجة؟

30-09-2020 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| ترجمة خاصة


أشادت الأمم المتحدة بالاتفاق، الذي تم في جليون بسويسرا يوم الأحد، على تبادل الأسرى بين الفصائل المتحاربة في اليمن ووصفته بأنه إنجاز مهم، معتبرة أنها تريد البناء على هذا التطور الإيجابي لتحقيق وقف وطني لإطلاق النار وحل سياسي لإنهاء الصراع في البلاد.


وبموجب الصفقة، اتفقت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمتمردون الحوثيون على إطلاق سراح أكثر من ألف سجين خلال اجتماع للجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى الذي تشكّل بعد مفاوضات في ستوكهولم بالسويد العام الماضي.


قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث عن الاتفاقية: "قيل لي إنه من النادر جدًا الإفراج عن سجناء بهذا الحجم أثناء النزاع، وأن ذلك يحدث غالبًا بعد النزاع ... هدفنا العام في الوقت الحالي هو تحقيق الاتفاق على ما نسميه إعلانًا مشتركًا، وهو وقف إطلاق نار وطني لإنهاء الحرب في اليمن". وأضاف غريفيث أنّ الإفراج عن السجناء سيصاحبها إجراءات أخرى لفتح الموانئ والمطارات والطرق في اليمن.


رحبّت الأطراف المعنية داخل اليمن وخارجه بالاتفاقية، واعتبرها البعض علامة على انفراجة في الصراع المستمر منذ خمس سنوات والذي خلّف آلاف القتلى وجرْح العديد ونزوح الملايين، كما يواجه غالبية السكان المجاعة وظروف صحية مزرية.


ليست هذه هي عملية تبادل الأسرى الأولى التي يتم إجراؤها خلال النزاع اليمني، على الرغم من أنها قد تكون الأكبر، ولم يكن تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات سلسًا دائمًا. حتى لو أدى الاتفاق الحالي إلى وقف إطلاق النار في الصراع، فلن يكون هذا هو الأول أيضًا. كل هذه الاتفاقات هشة وعرضة للتفسيرات الملتوية من قبل الأطراف المتحاربة إلى الحد الذي قد لا يصمد أو يستمر لفترة طويلة.



المبعوث الأممي، مارتين غريفيث، يظهر مبتهجاً في جولون بجنيف قبل أيام، عقب اتفاق الأطراف اليمنية على اتفاقية لتبادل الأسرى (وكالات)

قد تكون الأمم المتحدة أيضًا متمسّكة بقشّة في آمالها لإنهاء الصراع في اليمن، الذي جلب معه أزمة إنسانية غير مسبوقة. تدعم السعودية وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الاتفاق وكلاهما حريص على إنهاء الصراع، لكن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران ليست مستعدة للتفاوض بجدية على تسوية سياسية.



 "كل هذه الاتفاقات هشة وعرضة للتفسيرات الملتوية من قبل الأطراف المتحاربة إلى الحد الذي قد لا يصمد أو يستمر لفترة طويلة."


زاد المتمردون الحوثيون من هجماتهم على أهداف مدنية في السعودية، إلى جانب فتح جبهات جديدة في جنوب اليمن. ومن المقرر أن يستفيدوا من الخلاف بين الأطراف الجنوبية، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي، التي كانت الرياض تحاول إصلاحه.


احتفلت مليشيا الحوثي بما أسمته "2000 يوم من المقاومة ضد التحالف بقيادة السعودية" بـ "عرض غذائي" في العاصمة اليمنية صنعاء، الخميس، بعرض أكوام من النقود والمواد الغذائية وغيرها من التبرعات المقدمة لمقاتليها. في الفترة التي سبقت العرض، زاد الحوثيون من عدد هجماتهم بطائرات بدون طيار وصواريخ مسلحة على أهداف التحالف.


في اعتراف نادر بالتورط المباشر في اليمن، قال متحدث عسكري إيراني إنّ بلاده "نقلت خبرتها في مجال التكنولوجيا الدفاعية إلى اليمن، حتى يتمكن الشعب اليمني من صنع الصواريخ والطائرات المسيّرة بأنفسهم".

وعلى الرغم أنه نفى إرسال أسلحة، إلا أنها حقيقة مثبتة للتحالف. لقد أثبتت حطام الصواريخ التي اُعترضت فوق المملكة العربية السعودية، بأنّ المتمردين الحوثيين في اليمن يقاتلون بالأسلحة الإيرانية. لكنّ المتحدث الإيراني قال: "نحن لا نرسل صواريخ إلى اليمن، لكن يُمكنهم الآن صنعها بأنفسهم لإطلاقها على رؤوس أعدائهم".


وأشار بعض المحللّين إلى أنّ الجهود الدبلوماسية التي تتزامن مع تصعيد العمل العسكري هي مؤشر على انفراج آخر محتمل في اليمن قبل نهاية العام.

لكنّ التطورات الإقليمية لا تعزّز هذا التوقّع. أصبحت التسوية في اليمن أكثر تشابكًا مع مناطق الصراع الأخرى في لبنان وسوريا والعراق. ما لم تكن هناك مصالحة بين إيران والسعودية فإنّ الوضع في اليمن لن يستقر.


وعلى حد تعبير محلل خليجي، فإنّ جميع الأطراف تنتظر أيضًا نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر. تُريد إيران إبقاء تدخلها في اليمن كورقة لعب مع الولايات المتحدة، خاصةً إذا فاز ترامب بولاية ثانية في البيت الأبيض، وطُرح اتفاق جديد بين طهران وواشنطن. إذا فاز الديموقراطيون، فسيكون اليمن أيضًا ورقة مهمّة للإيرانيين للعب مع إدارة بايدن.


ومع ذلك ، فإنّ حقيقة أنّ أمريكا يُعتقد أنها "تنفصل" عن المنطقة تعوّض هذه الحجّة. يُريد الأمريكيون على جانبي الساحة السياسية تخفيف العبء اليمني بإنهاء الصراع والتوصل إلى نوع من التسوية، حتى لو كانت هشة.


"ما لم تكن هناك مصالحة بين إيران والسعودية فإنّ الوضع في اليمن لن يستقر."


قال أحد المعلّقين البريطانيين في أكسفورد حول الشرق الأوسط إن القلق الأمريكي كان "بشكل أساسي نتيجة دعمهم لحلفائهم الخليجيين في اليمن وليس بالضرورة محنة الشعب اليمني، سواء في المناطق التي يُسيطر عليها الحوثيون أو المناطق الحكومية أو المناطق الجنوبية في البلاد."


اتهمت حكومة هادي المتمردين الحوثيين بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية لملايين اليمنيين. تحتاج العديد من مناطق البلاد إلى مساعدات أساسية مع انتشار فيرس فيروس كورونا، وعودة ظهور شلل الأطفال في البلاد. وألقت لجنة الطوارئ الوطنية اليمنية باللوم على الحوثيين في عودة ظهور المرض الأخير في مناطق سيطرة المليشيات في صعدة وحجة، قائلة إنهم منعوا فرق التطعيم ضد شلل الأطفال من العمل هناك.


وكان اليمن قد أُعلن من قبل أنه خالي من شلل الأطفال في العام 2006.


في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، طلب الرئيس اليمني أيضًا من الحوثيين السماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول الفوري إلى ناقلة نفط مهجورة تُهدّد بإحداث أضرار بيئية جسيمة في البحر الأحمر.


في غضون ذلك، حذرت الأمم المتحدة من أنّ المساعدات الدولية لليمن آخذة في الجفاف، مما يُهدّد سُبل عيش أكثر من تسعة ملايين شخص. قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، إنّ المجاعة في اليمن قد تم تفاديها قبل عامين لأنّ المانحين قد لبّوا بسرعة 90 في المائة من متطلبات تمويل الأمم المتحدة. ومع ذلك، تظهر الأرقام الأخيرة أنه تم تمويل أقل من 38 في المائة من النداء الحالي البالغ 3.4 مليار دولار.


من غير المرجّح أن يساعد الوضع الإنساني المتدهور في اليمن في التوصل إلى حل سريع للصراع في البلد الذي مزقته الحرب. وفي الوقت نفسه، يشعر العديد من اليمنيين بأن الحلفاء والأعداء قد تخلوا عنهم.


- نُشرت هذه المادة في صحيفة الأهرام المصرية النسخة الإنجليزية يوم 29 ستبمبر 2020

- ترجمة ومعالجة سوث24 للأخبار والدراسات



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا