التقارير الخاصة

أربكت حشودُها الحسابات.. شبوة الجنوبيةُ تُعلنُ موقفها

03-09-2020 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| يعقوب السفياني


شَهدت محافظةُ شبوة، في جنوب اليمن، صباح الخميس، فعاليةً جماهيريةً مهيبةً هي الأولى من نوعها منذ أعوام، أكّد فيها المشاركون دعم شبوة الكامل وتفويضها للمجلس الانتقالي الجنوبي. الفعالية التي أُقيمت بمنطقة المصينعة -إحدى مناطق مديرية الصعيد - حملت رسائلَ هامةً للداخل والخارج، كان أهمّها إظهار شعبية المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة، ورفض الأهالي محاولات عزل محافظتهم عن محيطها الجنوبي - كما جاء في بيان الفعالية الختامي.


وعلى الرغم من أعمال قمع مفرطة مارستها سلطات الحكومة اليمنية التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، ضد مئات المشاركين، إلا أنّ الفعالية كانت ناجحة ولاقت صدىً واسع، واستطاعت شبوة - بحسب مراقبين - أن تُربكَ حسابات ومخططات كانت هذه المحافظة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية، حجر الزاوية فيها.


تفويضُ الانتقالي


لم تكن فعالية المصينعة اليوم في شبوة هي الأولى التي تؤكد على تفويض ودعم الانتقالي الجنوبي، ولكنها كانت الأكبر من حيث الحشود الجماهيرية، والرسائل الشعبية، في ظل تزايد وتيرة القمع والانتهاكات ضد الأهالي في المحافظة، بحسب عدد من التقارير المحلية.


بمشهدٍ مهيب، صعدَ الالافُ من أبناء شبوة إلى هضبة المصينعة يرددون الأهازيج والأناشيد الشعبية، التي عبروا فيها عن رفضهم الكامل لنفوذ تنظيم الإخوان المسلمين داخل المحافظة، وما تتصل به من الأجندات الإقليمية والدولية فيها. المشهد في شبوة اليوم أعاد للأذهان مشهد مليونية "التصالح والتسامح" التي نظّمها الحراك الجنوبي على جبل ردفان - جزء من محافظة لحج الجنوبية - في العام 2007.



آلاف المتظاهرين يصعدون جبلا يطُل على ساحة الفعالية بمديرية المصينعة، محافظة شبوة، الخميس 03 سبتمبر 2020 (نشطاء)

غطّت أعلام جنوب اليمن - يتوسطها الشعار الرسمي للانتقالي الجنوبي - سفحَ وسهل المصينعة، وحمل أطفال وشباب حضروا الفعالية، صورةُ رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزبيدي، على صدورهم.


محمد الغيثي، نائب رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي أرفق بعض هذه الصور، وقال: " المحتلون الجدد لا يُجيدون قراءة التاريخ، الصورة الأولى في ردفان الثورة قبل عقد من الزمن والثانية اليوم في شبوة التحدي".


ويضيف على تويتر "أنتم أمام قضية وطنية، قضية شعب، ولن تستطيعوا هزيمة الجنوب مهما تآمرتم ومارستم من الإرهاب والتطرف، شبوة على طريق النضال وغدا تتحرر من احتلالكم، ولكم في التاريخ عبرة".


 


قياداتُ المجلس الانتقالي من أبناء شبوة تفاعلت مع الحدث باهتمام ودعم كبيرين. رأى السياسي الجنوبي البارز ورئيس دائرة العلاقات الخارجية للانتقالي في أوروبا، أحمد عمر بن فريد أن شبوة بهذه الفعالية "تجدد العهد للجنوب وللمشروع الوطني الجنوبي.. مشروع الاستقلال".


وفي ذات السياق، غرّد الأكاديمي والمحلل السياسي الجنوبي، حسين لقور: "عندما يجتمع اليوم آلاف الجنوبيين من أبناء شبوة بمدينة بحجم المصينعة، موطن الشهيد محمد صالح عولقي، وزير خارجية الجنوب السابق ويستضيف أهلها ضيوف المدينة المتواضعة الحجم من أمس يعكس حقيقة واحدة، وهي أن تزييف ارادة أبناء شبوة فشلت".




رسائلٌ للإقليم


وكما تضمّنت فعالية شبوة اليوم الرسالة المؤكدة على تفويضها للانتقالي الجنوبي، تضمنت الفعالية رسائلً سياسيةً أخرى للإقليم. فقد رُفِعَتْ في الفعالية صور ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد، إلى جانب صورة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزبيدي.


على الأرجح أراد المشاركون إيصال رسالة شعبية للإقليم مفادها أنَّ شبوةَ جزءٌ من المشروع العربي الكبير الذي تتبناه السعودية والإمارات، وبالمقابل تأكيد رفض أبناء شبوة للتدخلات التركية القطرية المتزايدة في الآونة الأخيرة في المحافظة.



متظاهرون في شبوة جنوب اليمن، يحملون صورة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وصورة اللواء عيدروس الزبيدي، 03.09.2020 (نشطاء)

أتت فعالية المصينعة شبوة في ظل انتكاسة تعّرض لها اتفاق الرياض الموقّع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والأخير علّق مشاركته بسبب ما أسماه الزحوف المتكررة للقوات الحكومية التابعة للإخوان المسلمين، ومشاركة عناصر من القاعدة وداعش في الحرب على قواته في أبين، وتردّي الخدمات.


وقد تمثل فعالية شبوة دافعاً إضافياً وزخماً جديداً للمجلس الانتقالي، يمنحه المزيد من الثقة في مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض، ويؤكّد لرعاة الاتفاق، أنَّ المجلسَ لديه قاعدة شعبية واسعة حتى في العمق الجغرافي للحكومة.


إرباكُ الحساباتِ


منذ إعلان انتقالي شبوة الجنوبي عن نيته بإقامة فعالية في المصينعة قبل أيام، استرسلت سلطات الإخوان المسلمين في شبوة في اتخاذ إجراءات قمعية وتهديدات بإفشال الفعالية، بحسب معلومات تحصل عليه سوث24، لربما يعكس ذلك حالة القلق الذي تعيشه السلطات المحلية من بروز صوت الجماهير الذي يهددّ بقاءها. 


دقّت فعالية المصينعة ناقوسَ الخطر في كواليس الأجندةِ والمشاريع الدولية والإقليمية في شبوة، والتي تتم عبر جماعة الإخوان المسلمين المسيطرة على الحكومة اليمنية، بحسب تقارير عربية وأوروبية مؤخرا.


وقد واجهت شبوة منذ منتصف العام 2019 وحتى الآن، مخاطرَ تحوّلها لنقطة عبور لغزو الجنوب، وجعلها غرفة عمليات إيرانية تركية قطرية مشتركة، الأمر الذي يعززهُ استحداثُ معسكراتِ تجنيدٍ خارجَ المؤسسة العسكرية لحكومة هادي، في المحافظة.


حاولت سلطات الحكومة اليمنية في شبوة إغلاق الطريق المؤدية إلى المصينعة، في محاولة منها لإفشال الفعالية، واحتجزت هذه السلطات مواكب مناطق "السول والدويل والكورة"، ومنعتها من مواصلة الطريق قبل أنّ يتمكن شبابٌ غاضبون من أبناء شبوة من كسر الحاجز الذي أقامته القوات الخاصة، ومواصلة المسير باتجاه المصينعة، في حين لم تتمكّن وفود مديريات أخرى من الوصول.


وضمن محاولاتها لإفشال الفعالية، اعتقلت سلطات شبوة التابعة للحكومة، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بمديرية "الطلح" بمحافظة شبوة، ناصر حسن بامزعب، وعدد من مرافقيه وهم في طريقهم لحضور فعالية المصينعة. واعتقلت هذه السلطات أيضا عشرات المواطنين بينهم أطفال وصغار سن، قبل أن تفرج عنهم لاحقاً عقب انتهاء الفعالية.




البيان الختامي


تضمّن البيان الختامي لفعالية المصينعة عدة نقاط رئيسية، ينشر سوث24 أبرز ما ورد فيه:


- تأكيد الحشد الجماهيري لأبناء شبوة رفضه لعملية التزوير الممنهج من قبل سلطات الإخوان للإرادة الجمعية في شبوة والحديث باسمها.


- التأكيد أن شبوة لا يمكن عزلها عن محيطها الجنوبي ومشروعه الوطني التحرري، وإن علاقة شبوة بباقي الجنوب بإبعادها التاريخية والاجتماعية والسياسية لا يمكن لأي قوى التأثير عليها.


- التعبير عن عميق التقدير للأشقاء في التحالف العربي وعلى رأسهم السعودية والإمارات على تقديم العون لأبناء الجنوب ولجهودهم في إحلال السلام من خلال العمل على انفاذ بنود اتفاق الرياض.


- إدانة الجرائم التي تقوم بها سلطات شبوة الإخوانية والمتضمنة للقتل، استهداف المدنيين، عسكرة المحافظة وقتل مدنيتها، الخطف والاخفاء القسري والسجون السرية.


-التأكيد على أهمية شبوة الاستراتيجية وثرواتها الكبيرة التي تجعلها مطمع لكثير من الأجندات المحلية والإقليمية، وهو ما عرض شبوة لمؤامرات خطيرة تستهدف أمنها واستقرارها وتمزيق نسيجها الاجتماعي.


- يعقوب السفياني: صحفي ومحرر في مركز سوث24 للأخبار والدراسات



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا