التقارير الخاصة

إرادة المهريين وصراع النفوذ الخليجي في المهرة.. هل تتبدل التحالفات؟

26-07-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| قسم التحليل


أعادت إلى الأذهان أعمالُ قمع واسعة شهدتها محافظة المهرة، شرق عدن، يوم أمس السبت بحق آلاف المتظاهرين من أهالي المحافظة الذين يؤيدون المجلس الانتقالي الجنوبي، انتهاكات مماثلة اتُهمت بتنفيذها السلطات الأمنية السابقة في جنوب اليمن، بحق أنصار الحراك السلمي الجنوبي طيلة سنوات سابقة، قبل اندلاع الحرب الأخيرة عام 2015.

الجديد في أحداث المهرة هي التطورات السياسية والعسكرية المتداخلة التي أفرزتها حرب 2015 وتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية على أثر ذلك في جنوب اليمن، ومنها هذه المحافظة الشرقية الحدودية مع سلطنة عمان، وبروز وكلاء وميليشيات مسلحة مدعومة من دول خليجية وإقليمية، في صراع مصالح ونفوذ يهدد بمزيد من الفوضى، وتمزيق البنية الاجتماعية لقبائل المحافظة الجنوبية.

ورغم أعمال القمع الواسعة وإطلاق النيران الحية، واقتحام ساحة الفعالية المركزية في مدينة الغيضة، عاصمة المحافظة، من قبل مسلحين يتبعون الشيخ علي الحريزي، المتهم بتلقي تمويل من قطر وعمان، وقوات أمنية حكومية تتبع الرئيس هادي المقيم في الرياض، بحسب مصادر تحدثت لـ "سوث24"، استطاع الآلاف من أهالي المهرة، قدموا من مديريات قشن وسيحوت وحوف وحصوين والمسيلة، باتجاه مدينة الغيضة، عاصمة المحافظة، من تنظيم ثلاث فعاليات في وقتٍ واحد، أعلنت "تأييدها المطلق للمجلس الانتقالي الجنوبي والإدارة الذاتية وتمكين أبناء الجنوب من إدارة شؤون محافظاتهم."



متظاهرون من أهالي المهرة يؤيدون المجلس الانتقالي الجنوبي والإدارة الذاتية، 25 يوليو 2020 (نشطاء)

ودعا بيان صادر عن الفعالية كل من السعودية والإمارات إلى أخذ "الإرادة الجمعية لأبناء المهرة بعين الاعتبار، وأن تلقى مكانها من الاحترام وتجد مقابلها ما يعزز وينمي من عمق ومتانة العلاقات الأخوية الصادقة المتبادلة على مدى التاريخ الطويل في الحاضر والمستقبل".

صراع النفوذ

تتواجد في المهرة قوات عسكرية سعودية تُسيطر على مطار المدينة وعدد من المرافق الحية والسيادية والموانئ والمنافذ الاستراتيجية في المحافظة، إضافة إلى القوات الأمنية التي تتبع حكومة هادي والمنطقة العسكرية الأولى والثالثة في وادي حضرموت ومأرب، يتواجد في المحافظة مسلحون من حزب التجمع اليمني للإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن)، ومسلحون يتبعون جماعة الحوثي المدعومة من إيران، قدموا من مناطق تقع في شمال اليمن إلى جانب مسلحي الشيخ القبلي ووكيل المحافظة السابق علي الحريزي.

لا يملك المجلس الانتقالي الجنوبي أي قوة مسلحة في المدينة، باستثناء مقاتلين من أبناء المحافظة منخرطين في صفوف المقاومة الجنوبية التي شكلّت حاجز الصد الرئيسي أثناء حرب 2015 وكانت صاحبة الدور الرئيس في تحرير مدن جنوب اليمن من قوات صالح وميليشيات الحوثيين.

يطالب علي الحريزي، الذي يدعمه الإعلام القطري بشكل علني، واتهمه تقرير سابق لصحيفة الاندبندنت البريطانية بتلقي دعماً من سلطنة عمان، بطرد ما يصفه "التحالف السعودي الإماراتي" من المهرة، على الرغم من عدم تواجد الإمارات على الساحة المهرية.

تتخوف سلطنة عمان من أي تهديد قد يشكلّه تواجد قوى مدعومة من أطراف سعودية أو إماراتية في حدودها الغربية، نتيجة العلاقة المتأرجحة البينية بين عمان وهاتين الدولتين، ولذلك لجأت لربط علاقات مع مشائخ بعض القبائل المهرية المحادة لأراضيها، بحسب مراقبين.


لم تُعلن السلطنة موقفاً رسمياً يمكن البناء عليه مما يجري في المهرة، وتسعى لتصوير نفسها في زاوية الحياد. لا توجد أدلة ملموسة تؤكد تورطها في دعم مسلحي الحريزي، باستثناء ما أوردته تقارير غربية من اتهامات حول ذلك. مقابل ذلك كانت السلطنة خلال السنوات الأخيرة ملجأ لمعارضي التحالف العربي الذين طردتهم الرياض، كما أنها تحظى بعلاقات واسعة ومنفتحة مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ورصدت تقارير للأمم المتحدة ووكالة رويترز تهريب سلاح إيراني عبر حدودها إلى الجماعة.


عُمان والمجلس الانتقالي

يتهم مسؤولون في المجلس الانتقالي الجنوبي الحريزي بأنه أداة للنفوذ القطري والإيراني في المحافظة الجنوبية الشرقية ذات الموقع الاستراتيجي الهام، ويتحاشى الانتقالي اتهام السلطنة بدعم هؤلاء المسلحين، ويسعى على عكس ذلك إلى إرسال إشارات إيجابية للعمانيين.

قال منسق وفد المفاوضات التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي أنيس الشرفي "ندرك تماما توجسات الأشقاء في سلطنة عمان إزاء الجنوب بالنظر إلى أحداث ستينات وسبعينات القرن الماضي".

ويضيف في تغريدة له على منصة تويتر "لهذا نؤكد أننا نطمح لتكوين علاقات تعاون وحسن جوار، تنمي المصالح المشتركة وتعمق الروابط الاجتماعية والاقتصادية وتصون الود بفكر وعقلية الحاضر والمستقبل".




تحالف الشرعية وقطر!!


مقابل ذلك، أظهرت تطورات المهرة يوم أمس تناقضات تبدو مثيرة للريبة، وتدفع باتجاه مزيد من البحث والتحليل، حول طبيعة اللعبة التي تجري في هذه المحافظة. 

لأول مرة شوهدت يوم أمس أطقم عسكرية أمنية تتبع حكومة هادي، وعربات مسلحي الشيخ علي الحريزي، وهي تحمل على هيكلها شعارات معادية للسعودية والتحالف العربي، لكنها اتحدت سويةً في مواجهة الآلاف من أهالي المحافظة المؤيدين للمجلس الانتقالي الجنوبي.


مصدر محلي أكد لسوث24 مشاهدته على شاشة قناة الحدث السعودية أمس السبت، مسلحين يتبعون علي الحريزي أجرت معهم القناة مقابلات ميدانية.

وبحسب صحيفة العرب اللندنية فقد "أبدى مراقبون استغرابهم من حالة التناغم بين الميليشيات الموالية لقطر والسلطة المحلية في المحافظة التي انحازت إلى جانب التيار القطري بعد أيام قليلة من لقاء جمع محافظ المهرة محمد علي ياسر بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مقر إقامته بالعاصمة السعودية الرياض."

ويشير المراقبون، بحسب الصحيفة، إلى أن "حالة التصالح بين بعض مكونات الحكومة اليمنية في المهرة والأجندة المدعومة من الدوحة تؤكد على حجم النفوذ القطري المتزايد في المحافظات التي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين مثل شبوة والمهرة وتعز ومأرب.

وتقول العرب عن مصادر يمنية ، أن استمرار حالة التخادم بين القيادات النافذة الموالية لقطر في الحكومة اليمنية وجماعة الإخوان التي تسيطر على بعض المحافظات.. قد يفرز واقعا جديدا خلال الفترة المقبلة."

ويخوض المجلس الانتقالي مفاوضات منذ شهرين في العاصمة السعودية الرياض، بهدف تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب في ضوء اتفاق نوفمبر الموقع بين المجلس وحكومة الرئيس هادي برعاية السعودية. 

ولتجاوز الضغوط التي تمارسها الرياض وأجنحة حكومة هادي، لجأ المجلس الانتقالي الجنوبي لتحريك الشارع في المحافظات الجنوبية، ونفذ سلسلة تظاهرات شعبية حاشدة في محافظات لحج وأبين، وحضرموت، وأخيراً المهرة.

تحذيرات أممية

يحرص وفد المجلس بحسب مصدر مطلع تحدث لـ سوث24 على تمثيل حصة الجنوب في حكومة المناصفة القادمة، لضمان حماية مصالح المواطنين في جنوب اليمن، الذين يعانون من التهميش والفساد وسوء الخدمات، وتهددهم كوارث صحية وغذائية خطيرة، بحسب بيان حديث للأمم المتحدة. 

وذكرت ثلاث منظمات للأمم المتحدة في بيان مشترك الجمعة الماضية، أنّ تحليلا للأوضاع في 133 قطاعا في جنوب اليمن أظهر "زيادة مقلقة" للأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وتوقّعت المنظمات أن "يرتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد من 2 مليون إلى 3,2 مليون في الأشهر الستة المقبلة" في جنوب اليمن، على أن تصدر نتائج تحليل آخر في مناطق الشمال في وقت لاحق من العام الحالي.



- مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا