التقارير الخاصة

عودة إخوان اليمن إلى المعسكر الشرقي قريباً.. سياسة التخفي وإعادة التموضع

24-07-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| بدر محمد


شهد العقدُ الفارط حراكاً سياسياً لما يسمى بـ «ثورات الربيع العربي» مثّلَ فترة حرث أرضية الأفكار السياسية والعقائدية لكل التيارات السياسية والجماعات والتنظيمات العقائدية، وفترة نبش وتعريض جذورها وتربتها لأشعة شمس الحرية والديمقراطية والظهور العلني لتمثيل وبلورة المشاريع والكيانات على أرض الواقع.


يقوم الديمقراطيون الأمريكيون بلعب دور الحراثة والنبش بتعاطفهم وانحيازهم إلى جانب جماعات الفكر العقائدي الخبيء لتشجيعها وحملها على تمثيل معتقدها الفكري تمثيلاً عملياً. وقد رأينا في تظاهرات هذه الجماعات إبان ثورات الربيع العربي أشخاصاً يرفعون في العلن أعلام التنظيمات الإرهابية المتطرفة، إلى جانب إصدار زعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري" بيان مباركة وتأييد هذه الثورات.


مسرحة هذه الجماعات لفكرها العقائدي على الواقع السياسي، تسمح بحدوث الممارسة والتطبيق، بما ينقل شعوب المنطقة من موقع الاستماع النظري لأحاديث وخطب هذه الجماعات ملهبة الحماسة وتوق النفوس لتحقق فرضياتها النظرية في عالم جميل وردي، إلى موقع شاهد عيان معاصر للواقع التطبيقي حتى تتسنى له معرفة ما هو الفرق بين النظرية والتطبيق، بما يمكنّه من إصدار حكمه النهائي بصلاحية هذا الفكر أو ذاك. وقد حدث هذا حقاً وأصدرَ الشعب المصري حكمه على فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر في صورة ثورة شعبية انطلقت في الـ 30 من يونيو 2012 أسقطت حكم الإخوان.


جزيرة قطر.. والمعسكر الشرقي


مسرحة جماعة الإخوان لفكرها العقائدي على الصعيد السياسي في كلٍّ من مصر وتونس، تحاكي مسرحة تنظيم الدولة الإسلامية لفكره العقائدي على الصعيد العملي في كلٍ من سوريا والعراق، بأعمال السبي والاستعباد وفرض الجزية وقطع الأعناق والخ.. الواقع الذي عاصرته شعوب هذه الدول ورفضته رفضاً قاطعاً وقاومته وانقلبت عليه.


لفظت شعوبُ المنطقة العربية حكمَ الجماعات العقائدية والتنظيمات المتطرفة بالتزامن مع صعود الحزب الجمهوري المحافظ في أمريكا وإسدال الستار على مسرح عرض هذه الجماعات والتنظيمات، التي تم فرز ما تبقى منها للتموضع تموضعاً يقترب من النمط الإسلامي التركي والإيراني، ليتكوّرَ هناك خارج المنطقة العربية بما يسمح بانخراطه في تيار ما يعرف بالممانعة والمقاومة وانتقاله النوعي إلى استخدام المعسكر الشرقي. هنا يظهر تبادل أدوار المعسكرين العالميين، الشرقي حليف الجماعات الأصولية بعد أن كان عدوها والغربي عدو الجماعات الأصولية بعد أن كان حليفها.


لفظت شعوبُ المنطقة العربية حكمَ الجماعات العقائدية والتنظيمات المتطرفة بالتزامن مع صعود الحزب الجمهوري المحافظ في أمريكا وإسدال الستار على مسرح عرض هذه الجماعات

يُعتبر ما بات يُعرف في منطقة الشرق الأوسط بتيار المقاومة والممانعة، آخر متنفّس لجماعات الإسلام السياسي السُّني إلى جانب نظيرتها الشيعية وسائر أحزاب اليسار السياسي، في محمية المعسكر الشرقي تمارس هواياتها الثورية كما تشاء. وما تواجدها على أرض جزيرة قطر لممارسة بعض من هذه الهوايات إلا عملية إعداد وتهيئة لنقلها وتموضعها هناك. فجزيرة قطر بنافذتها الإعلامية "قناة الجزيرة" ماهي إلا ترانزيت يتخلله موجز إعلامي للتحدث والفضفضة عن الديمقراطية والحقوق والحريات، الفترة التدريبية التي يمثّل اجتيازها بنجاح، نهاية العبور والانضمام الرسمي للتيار الممانع والمقاوم، محمية المعسكر الشرقي.


الحالة اليمنية.. إعادة التموضّع


تأرجح الحالة اليمنية بين التماثل الخفي لفكر جماعة الإخوان (حزب الإصلاح) على الصعيد السياسي، وبين التماثل الخفي لفكر التنظيمات المتطرفة على الصعيد العملي، وضع جماعة إخوان اليمن والتنظيمات المتطرفة في سلة واحدة. لتمثّلَ الحالة اليمنية الاستثناء الوحيد الذي مازال عاكف على لبس طاقية الإخفاء، فماهي العوامل المسببة لهذا النوع من السلوك؟


عدة عوامل وربما أهمها اعتبار جماعة إخوان اليمن نفسها، بسيطرتها على الجانب التشريعي للدولة اليمنية وتغلغل فكرها العقائدي في الجانب التعليمي والتربوي، ممثلةً عقائدياً وسياسياً، وهي في نعيم هذا التمثيل السياسي تعتبر نفسها في غنىٍ عن جديد الاندفاع الثوري لتمثيل فكرها العقائدي سياسياً بوضوح تام.


ظلّت بعد سقوط النظام اليمني السابق متشبثةً بالحكومة اليمنية الحالية، ومحافظةً على تمثيلها السياسي السابق في الجانب التشريعي والتعليمي والتربوي ومضاف إليه التوجيه المعنوي والإعلامي لسياسة الدولة وتوجهاتها.


ومن نفس موقعها السياسي السابق اتخذت قرارها بفك ارتباطها بتنظيم جماعة الإخوان، لتلائمَ وضعها السياسي في الحكومة اليمنية المنفية مع توجّهات السعودية وموقفها من جماعة الإخوان، لكي تستمر في الحفاظ على موقعها في الحكومة وتموضعها حيث يتموضع الحاكم الشرعي للبلاد.


السؤال: إلى أي مدىً تمتلك جماعة إخوان اليمن مرونة سياسية وعقائدية تؤهلها للاتصال بجماعة الحوثيين والقبول بعقيدة الحوثيين كقاعدة تشريعية؟!


بالنظر لخلفية قيادات جماعة الإخوان العقائدية المتخرّجة من المدرسة الزيدية، فاتصال جماعة اخوان اليمن بالحوثيين وقبولها بقاعدتهم التشريعية وارد جداً، وبنفس الكيفية التي فكّت ارتباطها بتنظيم جماعة الإخوان لتقترب من السعودية، ستفكّ ارتباطها بالسعودية لترتبط بالحوثيين.


وهذا بدوره سيضع جماعة الإخوان في سلة الحوثيين وبالتالي تكون قد وصلت أخيراً للتموضع حيث ينبغي لها أن تكون، في تيار الممانعة المحسوب على المعسكر الشرقي.



- بدر قاسم محمد: زميل مقيم في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحث في الشؤون اليمنية


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا