التقارير الخاصة

على خُطى إيران.. المولود التركي يتشكّل في رحم الشرعية

25-06-2020 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| بدر قاسم


إن تطرّف الدولة التركية الإسلامي لا يُناهز تطرف شقيقتها وجارتها جمهورية إيران الإسلامية، بقدر ما يناهزها اليوم في الإيغال والتدخل في المنطقة العربية. ذات المسلك تسلكانه إيران وتركيا بتصدير تجربتهما الإسلامية. انتهت إيران بإعلانٍ فرائحي على لسان أحد قادتها يهنئ بسقوط رابع عاصمة عربية في اليمن "صنعاء" بيد مشروع ثورة إيران الإسلامية.

يستيقظ التحالف العربي متأخراً وهو يحاول أن يفركَ عينيه ليتخذَ قرارَ تدخّله العسكري العاجل في اليمن متأخرا. من حيث انتهت إيران بدأت تركيا تدخلّها العسكري في سوريا أولاً، وليبيا ثانياً والعراق ثالثاً واليمن رابعاً. رباعية تركية تشبه رباعية إيران.

تحديات التحالف

تبدو مساعي تركيا للتدخل في اليمن تحاول النفاذ من نفس نافذة تدخل التحالف العربي "الحكومة اليمنية التي يسيطر عليها جماعة الإخوان اليمنية - حزب الإصلاح -"،كي يكون نفاذاً قانونياً يُزاحم التحالف العربي على ذات تأشيرة الدخول الموقّعة من جماعة الإخوان في غفلة وسبات عميق من الرئيس هادي والتحالف العربي واستيقاظهما المتأخر كما هي العادة.

حيال هذا تتوافر اليوم نفس الدواعي التي حملت الرئيس هادي والتحالف العربي على الوقوف في الجمعية العامة للأمم المتحدة والقول بصريح العبارة للعالم: "نرفض استنساخ التجربة الإيرانية في اليمن".

لكنها دواعي مُربكة وهي تتوافر في جسم الحكومة اليمنية ذاتها بما يعزز فرَضية إقدام الحكومة اليمنية على الانتحار، العملي والنظري معاً، وإقدام التحالف العربي والسعودية خصوصا على حرق ورقة الدخول إلى اليمن.

«تحاول  جماعة الإخوان أن تنفث سمَّ التدخّل التركي في الجسد اليمني خصوصا والعربي عموماً، ما يهيئ المستقبل لمولود "تركي" يتشكّل في رحم الشرعية اليمنية»

استشعار مصر بخطر التدخل التركي في ليبيا على أمنها القومي والتقاء قلقها بالقلق السوري والعراقي وربما السعودي في اليمن والعربي عموما، هو ما دفع الجامعة العربية للانعقاد مؤخراً والخروج بمجموعة توصيات تسعى لحماية الأمن القومي العربي ككل.

كل هذا الحراك السياسي العربي يُصعّد خطر التدخل التركي إلى مستوى الخطر الإيراني المتدخل في المنطقة ويوسّع دائرة التحالف العربي أكثر لمواجهة اجندات الدولتين الإسلاميتين. التحالف العربي الذي تشكّل مطلع العام 2015، بداعي القلق السعودي خصوصاً والعربي عموماً، تجاه انقلاب جماعة الحوثيين (ذراع إيران في اليمن) على الحكومة الشرعية وسيطرتها على العاصمة صنعاء.

الترويض السعودي

بعد 5 سنوات حرب وتدخل عسكري لدعم الحكومة اليمنية التي يسيطر عليها جماعة الإخوان (حزب الإصلاح اليمني)، استيقظ التحالف العربي على قلقٍ آخر يتمثّل في جماعة الإخوان بملمسها الحكومي الناعم، وهي تحاول أن تنفث سمَّ التدخّل التركي في الجسد اليمني خصوصا والعربي عموماً، ما يهيئ المستقبل لمولود "تركي" يتشكّل في رحم الشرعية اليمنية. حيال ذلك حتى اللحظة، لا يبدي السعودي استنفارا كسابقه تجاه الحوثيين ولا كنظيره العربي المتشكل الآن، لعلّ الأمر عائدا لوقوفه الملتبس إلى جانب الحكومة اليمنية، فهو يحاول جاهداً عقلنة الموقف الحكومي المختطف من قبل جماعة الإخوان وتفكيكه إلى تيار متشدد وآخر عقلاني.

تتمدد الحكومة اليمنية على منطقة جغرافية مترامية الأطراف يَصعُب السيطرة عليها إذا ما فُتحت للفوضى والعبث، منزوعة من عواصم الحكم "صنعاء وعدن" لصالح الحوثيين والانتقالي الجنوبي. هذا يبدو سبباَ كافياَ للاندفاع ناحية الجنون الذي تعمل السعودية على ترويضه بطريقتها الخاصة. لا يبدو خيار اجتياح عدن واسقاطها عسكرياً أحد اهدافها.

ما هو الحل إذاً ؟!

ترى السعودية أنّ الحل يكمن في تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة والانتقالي الجنوبي ويعززه الموقف الدولي الداعم. لكن حتى هذا يبدو صعب المنال حالياً. لذلك خرجت تسريبات وكالة رويترز للعلن التي تتحدث عن حل سياسي آخر ينبثق من اتفاق الرياض ويبدو أن السعودية تحاول الدفع به.

على الصعيد العسكري ما زال موقف الحكومة اليمنية يتداعى كلياَ شمالاَ لصالح الحوثيين، الأمر الذي يفتح باب الحديث عن تداعي الموقف السياسي والقانوني لحكومة منزوعة عواصم الحكم والإدارة.

هذا وضع منفتح كليا على كل الاحتمالات تماما كانفتاح الحكومة اليمنية على كل الاحتمالات التي من بينها، المزيد من فوضى التدخلات الخارجية والإرهاب وتهديد الأمن والسلم الدوليين.


- بدر قاسم محمد: زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحث في الشؤون اليمنية والجماعات الإسلامية


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا