صورة لمركز سوث24، عدن خورمكسر، 21 ديسمبر 2025
29-12-2025 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
مركز سوث24 | كارين دابروفسك
تؤدي أغنية إلفيس بريسلي It’s Now or Never (الآن أو أبدا) دور التحذير لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي: إذا لم يُعلن استقلال جنوب اليمن الآن، فقد تضيع الفرصة إلى الأبد.
عمل المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن إطار الحكومة المعترف بها دوليًا، وهي كيان أثبت فشله الكامل في أداء مهامه. فقد أُنشئت هذه الحكومة في عام 2022 كائتلاف هش من أطراف متنافسة ذات أجندات متعارضة. وتفتقر إلى التماسك، وتعتمد كليًا على المملكة العربية السعودية، كما أنها عاجزة عن إدارة المناطق التي لا يسيطر عليها الحوثيون. انهارت العملة، واستشرى التضخم، وتوقفت رواتب الموظفين، وضعفت عملية التنسيق مع المنظمات الإنسانية والتنموية، في ظل غياب شبه تام للرقابة الفاعلة على الموانئ والجمارك وعائدات النفط والغاز.
في عام 2011، بدا مستقبل اليمن واعدًا. فقد أجبرت احتجاجات الربيع العربي ضد الفساد والتدهور الاقتصادي الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي بموجب اتفاق رعته دول الخليج، ما أدى إلى تعيين عبدربه منصور هادي رئيسًا انتقاليًا. غير أن حكومة هادي سرعان ما غرقت في مستنقع الإصلاحات المتعثرة والشلل الفئوي.
هذا الفراغ أتاح للحوثيين — وهم حركة زيدية شيعية من محافظة صعدة شمال البلاد — السيطرة على صنعاء في عام 2014 بدعم من موالين لصالح. فرّ هادي أولًا إلى عدن ثم إلى السعودية، ما دفع الرياض إلى تشكيل تحالف عسكري في مارس 2015، بدعم قوي من الإمارات. سعى التحالف إلى استعادة حكومة هادي والتصدي لتنامي النفوذ الإيراني عبر الحوثيين. وعلى الرغم من استعادة عدن، استقر الصراع في حالة جمود دموي. وأسهمت قدرة الحوثيين على الصمود واغتيال صالح عام 2017 في ترسيخ سيطرتهم على الشمال، بما في ذلك صنعاء وميناء الحديدة الاستراتيجي.
منذ البداية، عانى المعسكر المناهض للحوثيين من انقسامات حادة. فقد دعمت الإمارات — التي أولت أولوية لأمن الجنوب ومكافحة الجماعات الجهادية مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب — نشطاء جنوبيين أسسوا المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، بعد أن أقال هادي محافظ عدن عيدروس الزُبيدي. وأشعل هذا القرار احتجاجات جماهيرية واسعة، دفعت القوى السياسية الجنوبية إلى الالتفاف حول المجلس الانتقالي بقيادة الزُبيدي.
وسرعان ما تبيّن أنّ المظالم الجنوبية المتراكمة منذ وحدة عام 1990 — من تهميش، ونهب للأراضي، وإقصاء من السلطة، وإهمال اقتصادي — لم تلقَ أي معالجة من قبل الحكومة المعترف بها دوليًا. وتدهورت الأوضاع أكثر. فعدن، التي كانت يومًا مركزًا تجاريًا رئيسيًا في شبه الجزيرة العربية، تواجه اليوم انهيارًا اقتصاديًا بطيئًا. اختفت الرواتب، وانهارت العملة، وارتفعت تكاليف المعيشة بلا توقف. وقد خلص معظم الجنوبيين إلى أن استعادة دولة جنوب اليمن المستقلة، التي وُجدت بين عامي 1967 و1990، تمثل المسار الوحيد القابل للحياة لمحافظات الجنوب الخارجة عن سيطرة الحوثيين.
في عام 2019، اندلعت اشتباكات في عدن بعدما طردت قوات المجلس الانتقالي أنصار هادي وعناصر حزب الإصلاح المدعومين من السعودية، ما أدى إلى توقيع اتفاق الرياض لتقاسم السلطة. وكان من المفترض أن يُسهم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي عام 2022، مع تعيين الزُبيدي نائبًا للرئيس، في توحيد التحالف، لكنه في الواقع أخفى الانقسامات الجوهرية دون معالجتها. وبدعم من الأمم المتحدة، تمسك المجلس برؤية اليمن الموحد، في حين واصل المجلس الانتقالي الدفع باتجاه تقرير المصير الجنوبي.
وحافظت هدنة هشة، بوساطة أممية ومحادثات غير معلنة بين السعودية والحوثيين، على قدر من الاستقرار عبر استبدال الضربات الجوية بتسهيلات في دخول الوقود، ما خفف حدة العنف. غير أن هذا الهدوء انهار أواخر نوفمبر عندما سيطرت عناصر قبلية موالية للسعودية على أكبر شركة نفط في اليمن، بترو مسيلة، مطالبًا بحصة أكبر من العائدات لتوفير الخدمات المحلية.
ازداد قلق المجلس الانتقالي مما وصفه بحالة الانفلات الأمني في حضرموت، واستمرار وجود جماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة وحزب الإصلاح — جناح الإخوان المسلمين في اليمن — المرتبطة بشبكات تهريب أسلحة حوثية ومخدرات. وردًا على ذلك، أطلق المجلس الانتقالي عملية «المستقبل الواعد» في 3 ديسمبر، وأمّن معظم محافظة حضرموت، بما في ذلك ميناء المكلا ومنشآت نفطية رئيسية. ثم تحرك إلى محافظة المهرة المجاورة، وسيطر على منفذ حدودي استراتيجي مع سلطنة عُمان، وعلى القصر الرئاسي في عدن، المقر الشكلي لمجلس القيادة الرئاسي.
وبات المجلس الانتقالي يسيطر اليوم على نحو 90% من أراضي جنوب اليمن، ومعظم إنتاج النفط في البلاد، وموانئ حيوية مثل ميناء عدن. وتفوق العائدات التي يحققها بكثير ميزانية مجلس القيادة، ما يمنحه القدرة على إنشاء مؤسسات حكم موازية في الجنوب.
في 17 ديسمبر، دعت اتحادات ونقابات ومنظمات مجتمع مدني جنوبية — بلغ عددها 316 منظمة — الزُبيدي إلى «الاستجابة لإرادة شعبه واتخاذ القرار التاريخي بإعلان دولة الجنوب العربي ضمن حدودها المعترف بها دوليًا قبل عام 1990». وفي 21 ديسمبر، أعلنت عدة وزارات وهيئات حكومية في عدن دعمها لتوسع المجلس الانتقالي و«تطلعات شعب الجنوب». ومع رفع علم جنوب اليمن في مختلف المناطق، خرج الآلاف إلى الشوارع مطالبين بالاستقلال.
وقال مراقب مخضرم للشأن اليمني: «لم يستشر المجلس الانتقالي أحدًا — لا السعوديين ولا الإماراتيين — بل مضى قدمًا ببساطة».
أما الأمم المتحدة، التي تفتقر إلى أدوات الضغط لإدارة هذه الأزمة متعددة المستويات، فقد ردت — كما فعلت منذ سيطرة الحوثيين على السلطة — بتجاهل الوقائع على الأرض. وفي 23 ديسمبر، جدّد مجلس الأمن «التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه»، ودعمه لمجلس القيادة والحكومة اليمنية.
وعندما شنت السعودية غارات جوية على مواقع المجلس الانتقالي في حضرموت في 26 ديسمبر، دعت الحكومة المعترف بها دوليًا — متجاهلة على ما يبدو حجم الدعم الشعبي الجنوبي للمجلس — التحالف الذي تقوده الرياض إلى مساندة قواتها هناك. ومنذ ذلك الحين، تجمع نحو 15 ألف مقاتل يمني مدعومين من السعودية على أطراف المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس قرب الحدود السعودية. ورغم الضربات الجوية والمطالب بالانسحاب من حضرموت والمهرة، أكد المجلس الانتقالي أنه سيواصل حملته لاستعادة دولة الجنوب المستقلة. لقد تشكّل واقع جديد على الأرض، وحانت لحظة إعلان الاستقلال وإنهاء جمود عطّل التنمية في المناطق غير الخاضعة للحوثيين لمدة 15 عامًا.
اليمن دولة منهارة. فقد نهب صالح الجنوب بعد الوحدة، وزرع بذور الفشل. وأثبت خليفته هادي عجزه إلى حد بعيد، وفاقم الأزمة بقرارات مثل تقسيم البنك المركزي. أما مجلس القيادة الرئاسي، الذي تهيمن عليه السعودية، فهو مشلول بالصراعات الداخلية والتردد. في المقابل، يقدم مشروع المجلس الانتقالي — القائم على جنوب موحد تحت قيادة واحدة، محصن من الحوثيين، قادر على توظيف عائدات النفط والغاز، وبناء دولة مستقرة — الخيار الواقعي الوحيد لمستقبل جنوب اليمن.
وبعد إعلان الاستقلال، ستكون هناك حاجة ماسة إلى إدارة موحدة لمنع الخلافات الداخلية الكامنة من تقويض هذه الخطوة التاريخية. ويُعد عقد مؤتمر جامع في عدن، يضم جميع القوى السياسية، أمرًا ضروريًا للاتفاق على سلطة انتقالية إلى حين إجراء الانتخابات. وبصفته كيانًا انتقاليًا، يقع على عاتق المجلس الانتقالي دور محوري في توجيه هذه العملية. وأمام جنوب اليمن خياران لا ثالث لهما: الاستقلال، أو الاستمرار في الانحدار نحو الفوضى.
إن إعلان الاستقلال الآن سينقل الجنوب من موقع ردّ الفعل إلى موقع الفعل، ويمكّنه من رسم مصيره بدلًا من المساومة على البقاء داخل منظومة منهارة. وسيؤدي ذلك إلى توضيح مراكز السلطة، وتعزيز الحوكمة، والحفاظ على الوحدة، وترسيخ مكانة الجنوب كفاعل إقليمي ودولي موثوق. وفي صراع حافل بالفرص الضائعة، فإن تفويت هذه اللحظة سيُعد خطأً جسيمًا بحق الزُبيدي. إنها الآن — أو أبدًا.
قبل 3 أشهر