25-04-2020 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| نهلة عبدالمنعم
اهتم تنظيم داعش منذ ظهوره على الساحة الدولية، بوسائل التواصل والإعلام؛ متخذًا منها أداة ترويجية، تضاعف مشاعر الفزع من أفعال عناصره، وتحشد الجدد إلى صفوفه، فضلًا عن خلق صورة ذهنية، موحية بالعنف والقوة والتمدد، والسيطرة التي يمتلكها التنظيم، بغض النظر عن حقيقة الأوضاع على الأرض.
ولمزيد من الضوء على الملف الرقمي والإعلامي لتنظيم داعش، والذي لا يزال يستخدمه بتركيز، بعد مقتل مؤسسه «أبو بكر البغدادي» بضربة أمريكية في أكتوبر 2019، نبحث في الكتاب الصادر باللغة الإنجليزية للكاتب الفلسطيني عبدالباري عطوان «الدولة الإسلامية.. الخلافة الرقمية» أو «Islamic state.. the digital caliphate».
سيطرة البدايات
أورد الكاتب، أن التنظيم اعتمد منذ اللحظة الأولى على هذا المجال؛ لتسويقه بقوة، فمع الخطبة الأولى لـ«أبوبكر البغدادي» في 1 يوليو 2014؛ لإعلان تأسيس الخلافة المزعومة، نشرت الخطبة على مجال واسع بكل المنصات الإعلامية، التابعة لداعش بكل وسائل التواصل الاجتماعي.
كما نقلت هذه الوسائل عن البغدادي، دعوته لعموم المسلمين، بالانضمام إلى التنظيم وصفوفه، الذي يرحب بهم، بغض النظر عن لونهم أو جنسياتهم، وبذلك استطاع البغدادي تنظيم هجرات متعددة من بقاع مختلفة إلى سوريا والعراق، مركز داعش في البداية.
وبناءً عليه، يعتقد الكاتب، بأنه لولا وجود التكنولوجيا الرقمية والتطور الاتصالي الحالي، ما كان لتنظيم داعش أن يحصل على الهالة الإعلامية التي استطاع خلقها لنفسه، ومن ثم توظيفها؛ لتحقيق أغراضه بمنطقة الشرق الأوسط، ولذلك يبقى دراسة الجانب الاتصالي والرقمي لشبكات الإرهاب أمر مهم، في محاولة القضاء عليها.
الهجمات الإلكترونية
لم تتوقف القدرات التكنولوجيا لعناصر داعش عند الحشد والترويج لقوة التنظيم المتداعي، ولكن تخطتها لحروب إلكترونية وهجمات شبكية ضد الدول؛ لتعطيل مصالحها المعتمدة على الخوارزميات المتقدمة، إلى جانب إيصال رسالة بالقدرة على التسلل داخل الأنظمة المعلوماتية للدول، وتوظيفها بما يشكل خطورة على بيانات الدول الاقتصادية والسياسية.
ففي يناير 2015، أعلن تنظيم داعش دخوله في حرب إلكترونية مع الولايات المتحدة الأمريكية، بمهاجمة الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع البنتاجون؛ إذ استطاع هاكر التنظيم الاستيلاء على حساب موقعي «تويتر ويوتيوب»، التابعين للوزارة، ومن خلال ذلك، تمكن عناصر التنظيم من حفظ بيانات مهمة عن المجندين وأسمائهم، وكل ما أتيح لهم من معلومات حساسة، وفق ما أعلن البنتاجون حينها.
وهنا تجدر الإشارةـ، إلى أن التنظيم استغل الهجمات الإلكترونية في بعض الأحيان، كبديل عن الهجمات المسلحة، ففي رمضان 2018، أعلنت منصات التنظيم استغلال الشهر الكريم في مهاجمة المواقع المهمة والخطيرة للدول، عبر فرق مجهزة نظمت لهذا الغرض.
الإرهاب والتقدم التكنولوجي
يعتقد الباحث، بأن تنظيم القاعدة هو أول جماعة إرهابية دولية تهتم بالمجال الرقمي كأحد أهم الأضلاع التشغيلية في التنظيم، وأن أسامة بن لادن المؤسس، كان لديه شبكة اتصالات في غاية التطور، استطاع من خلالها التواصل مع الإعلام ومع الكاتب شخصيًّا، واستدعائه لمقابلة شخصية، مثلما حدث مع بعض الإعلاميين.
ومع التقدم الأكبر في كافة الأصعدة، وبالأخص تكنولوجيا الاتصالات، فمن الطبيعي أن المجموعات الإرهابية ستتأثر بها، وتأخذ عنها ما يسهم في تنفيذ أغراضها على نطاقات أوسع، وبالتالي، تطور داعش في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والهجمات الإلكترونية، واختراق مواقع البيانات المهمة.
تطور السلاسل الإرهابية
فمع التدريب الذي تلقاه البغدادي في البدايات مع رجل القاعدة في العراق «أبو مصعب الزرقاوي»، أثناء احتجازهما في سجن بوكا، فإن مؤسس داعش قد انتبه لأهمية ذلك الملف الذي اعتمدته القاعدة، وعمل على تطويره، كمنبثق آخر عن التيارات الإرهابية الدولية.
ولذلك، فإن التكنولوجيا بتطورها المذهل، ستبقى أداة للنفع والضرر في آن واحد، ومع انبثاق الجماعات الإرهابية من بعضها البعض، فإن التدريب في هذا المجال سيزداد خطره على العالم، ومعه تزداد أهمية المجابهة للأفكار المتطرفة والرديكالية، كأساس للتعامل مع هذا الخطر المحدق بالبيانات الدولية، وخصوصًا في ظل توظيف الجماعات الإرهابية؛ لخدمة الدول ضد بعضها.
- المصدر الأصلي: مركز دراسات المرجع
قبل 3 أشهر