حوثيون مدعومون من إيران يشاركون في مظاهرة مناهضة لأمريكا وإسرائيل، وسط تصاعد التوتر في البحر الأحمر | أسامة يحيى – dpa عبر رويترز كونكت.
آخر تحديث في: 27-06-2025 الساعة 9 صباحاً بتوقيت عدن
|
مركز سوث24 | آراء الخبراء
في ظل التطورات المتسارعة في الإقليم، ولا سيما وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل والتدخل العسكري الأمريكي، تتجه الأنظار إلى مستقبل جماعة الحوثيين في اليمن وسط تراجع الدعم الإيراني واحتمالات إعادة تشكيل ميزان القوى. وفي سلسلة تحليلات خاصة لـمركز سوث24، ناقش عدد من الخبراء الدوليين والباحثين السياسيين الانعكاسات المحتملة لهذه المتغيرات على الواقع اليمني، مؤكدين أن الحوثيين يواجهون مرحلة مفصلية تتأرجح بين تآكل الغطاء الإقليمي، واستمرار تفوقهم الميداني داخل اليمن. وبينما يُرجّح تقلص الدعم العسكري الإيراني، يحذر الخبراء من أن غياب استراتيجية حاسمة من خصوم الجماعة، وغياب الضغط الدولي الفعّال، قد يمنح الحوثيين فرصة لتعزيز حضورهم، في وقت يرى فيه بعض المحللين أن الفرصة مواتية لإعادة ضبط المسار الدبلوماسي في اليمن، وبناء ترتيبات سياسية أكثر واقعية لما بعد مرحلة الحوثيين.
مايكل روبين، مدير تحليل السياسات في منتدى الشرق الأوسط
رغم أن جماعة الحوثيين تفتقر إلى الشرعية إلى حد كبير، إلا أن بقية القوى اليمنية لم تتمكن من إزاحتهم لسبب بسيط: سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكلٍ أسبابه، توفران للحوثيين الأسلحة والموارد الأخرى.
ومع تهاوي النظام الإيراني، من المرجح أن يفقد الحوثيون أكبر داعم لهم. فقد تخلّت طهران عن الرئيس السوري بشار الأسد بعد أن دعمت نظامه ونظام والده لأكثر من 45 عامًا، كما أن الحرس الثوري الإيراني عجز عن مواصلة دعمه لحماس أو حزب الله. فهل يعتقد الحوثيون حقًا أنهم سيكونون الاستثناء، وأن الفُرس يقدّرون القضايا والأرواح العربية أكثر من مصالحهم الخاصة؟ قد تواصل عُمان تقويض المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن في غياب الحوثيين كأداة ضغط، سيتعين عليها أن تفعل ذلك عبر السبل الدبلوماسية أو من خلال تسوية سياسية.."
على المدى القصير، قد يواصل الحوثيون مضايقة حركة الملاحة. وسيصبحون فعليًا "قراصنة الصومال" لهذا الجيل، في مسعى للحصول على الأموال وجمع الفدى لتمويل أنشطتهم. لكن مع ردّ المجتمع الدولي، سينكفئون إلى الجبال.
لقد حان الوقت كي يخطط المجتمع الدولي لمستقبل اليمن ما بعد الحوثيين. ينبغي التخلي عن وهم اتفاق ستوكهولم، وقطع طرق الإمداد عن الحوثيين من الحديدة إلى المزيونة. كما آن الأوان لأن يعيد المجتمع الدولي ضبط دعمه الدبلوماسي لصالح القوى التي تحكم فعليًا، وليس فقط أولئك الجالسين في المجلس الرئاسي. وإذا كان الهدف هو توسيع شرعية الحكومة، فيجب أن يبدأ ذلك من المجموعات التي تستمد قوتها من الشعب، وليس من الدبلوماسيين الأجانب الذين صاغوا المجلس الرئاسي وعيّنوا شخصيات لطالما كانت شرعيتها لدى الخارج أكثر من الداخل اليمني. وأخيرًا، ينبغي على المجتمع الدولي أن يستثمر في أي جزء من اليمن يمتلك مقومات للنمو، بدءًا من عدن.
فرناندو كارفاخال، خبير سابق بلجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن بشأن اليمن
لا يزال من غير الواضح ما هو التأثير الكامل للحرب على الحوثيين، خاصة مع بقاء النظام الإيراني قائمًا، واستمرار انخراط إسرائيل في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا.
لم ينخرط الحوثيون في القتال حتى الآن، ربما نتيجة للضربات المنهكة التي وجهتها الولايات المتحدة خلال سبعة أسابيع في إطار عملية "الفارس الخشن" وقد يكون ذلك أيضًا جزءًا من التكتيك المعتاد لإيران بعدم الكشف عن أوراقها مبكرًا. مع الأخذ في الاعتبار أن الحوثيين يستطيعون شن هجمات من جانبي البحر الأحمر، سواء من اليمن أو الآن من السودان.
وقد أجبرت هذه الحملات الجوية الحوثيين على إعادة نشر طائراتهم المسيّرة وصواريخهم، وربما فقدوا السيطرة الكاملة عليها، بعد خسارة عناصر حيوية ضمن سلسلة القيادة والسيطرة خارج مراكزهم. كما أدت خسارة بنية تحتية مثل مصانع الأسمنت والمستودعات والقواعد تحت الأرض إلى تأثير كبير على إمدادات السلاح وسلاسل القيادة.
ورغم ذلك، لا يزال الحوثيون يحتفظون بقدرات كافية لخوض معارك برية ضد خصومهم اليمنيين، إذ تفتقر القوات التابعة لمجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي لقدرات عسكرية كبرى لتغيير ميزان القوى في جبهات متعددة. ولا يحتاج الحوثيون إلى طائرات أو صواريخ متطورة لمواجهة خصومهم على الأرض، ويبدو أنهم ما زالوا قادرين على الحفاظ على تفوقهم في المعارك البرية.
ورغم ذلك، فإن الأثر الحقيقي للعملية الأمريكية الأخيرة ضدهم والضربات الإسرائيلية لا يزال غامضًا، إلا أن عدم انخراط الحوثيين في القتال منذ ديسمبر 2024، وحتى مع التصعيد الذي حصل بين إسرائيل وإيران، قد يشير إلى أن مخزونهم من المسيّرات والصواريخ منخفض، أو أنهم ببساطة يحتفظون بترسانتهم لمرحلة لاحقة من الصراع، ليكونوا بمثابة قوة مضاعِفة لإيران على امتداد جنوب غرب شبه الجزيرة العربية وباب المندب والبحر الأحمر.
سواء خرجت إيران من صراعها مع إسرائيل أضعف أو أقوى، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت القوات المدعومة من السعودية ضمن مجلس القيادة الرئاسي ستخوض مواجهة برية مع الحوثيين، أو تستغل الفرص المتاحة لتحقيق تقدم ميداني. ومع ذلك قد تعارض السعودية أي تصعيد داخل اليمن، لتجنب ردّ محتمل من الحوثيين يشمل استهداف أراضيها من جديد.
أحمد ناجي/ باحث أول في مجموعة الأزمات الدولية
يبدو أن الحوثيين يسعون إلى إظهار قدر من الاستقلالية عن أي تفاهمات قد تُعقد بين إيران وإسرائيل. ونظرًا لأن اتفاق وقف إطلاق النار لا يتضمن بنودًا تتعلق بغزة أو بالحوثيين، فإن تصعيد خطابهم تجاه إسرائيل يُعد محاولة لتأكيد استمرار عملياتهم العسكرية، باعتبارها مرتبطة بالقضية الفلسطينية. هذه قضية استثمر فيها الحوثيون سياسيًا وإعلاميًا لسنوات، ولا يرغبون فى التراجع عنها دون تحقيق مكاسب ملموسة.
السؤال المطروح حاليًا يتعلق بكيفية رد إسرائيل على هذا التصعيد المستمر من جانب الحوثيين. في تقديري، من المرجح أن تواجه أي هجمات حوثية بردود إسرائيلية أكثر حدة، خصوصًا في ظل محدودية الدعم العسكري الإيراني حاليًا، الأمر الذي قد تراه إسرائيل فرصة مواتية لتكثيف ضرباتها ضد الحوثيين.
د. أندرو كوريبكو، محلل سياسي أمريكي مقيم في موسكو
لقد ألحقت إسرائيل دمارًا هائلًا بإيران خلال حرب استمرت 12 يومًا، وقد يؤدي ذلك إلى تقليص الدعم العسكري الإيراني للحوثيين، رغم أن الدعم السياسي لهم سيستمر. ومع ذلك، من المحتمل أن يكون الحوثيون قد خزّنوا كميات من الأسلحة والصواريخ مسبقًا، مما يعني أن انخفاض المساعدات الإيرانية قد لا يؤثر بشكل فوري على الوضع الميداني. ومع ذلك، قد يلجأ الحوثيون إلى تقليص هجماتهم البحرية وضرباتهم الصاروخية ضد إسرائيل في هذا السيناريو، لكن من السابق لأوانه الجزم بذلك.
وفي جميع الأحوال، فإن الوقت الحالي يُعد مثاليًا لحل الصراع اليمني، في ظل ضعف إيران غير المسبوق منذ حربها مع العراق. ويكمن الحل الأمثل في المسار الدبلوماسي، الذي قد يُفضي إلى الاعتراف بسيطرة الحوثيين على شمال اليمن، سواء كدولة مستقلة أو ككيان كونفدرالي ضمن يمن موحد اسميًا. لقد فشلت الضربات الأمريكية والإسرائيلية في إزاحتهم، في حين أن شن حملة برية سيكون أمرًا بالغ الصعوبة بالنظر إلى تضاريس المنطقة ومدى ترسّخ الحوثيين ميدانيًا على مدى العقد الماضي.
عادل الشبحي | سياسي وباحث
شكّل الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، عقب التدخل الأمريكي واستهداف مواقع المفاعلات النووية الإيرانية، وردّ طهران بضربة على قاعدة "العديد" في قطر، مشهدًا اعتبره العديد من المحللين محاولة إيرانية لـ"حفظ ماء الوجه". ورُجّح أن العملية نُفّذت بتنسيق مسبق مع قطر، خاصة وأنها لم تسفر عن أي خسائر تُذكر.
انعكاسات هذه التطورات، في حال نجاح المسار التفاوضي، ستمتد إلى الملف اليمني بلا شك. فوقف الضربات الأمريكية يمنح الحوثيين هامش أمان جديدًا، ويعزز بقاءهم العسكري والسياسي، ويضمن استمرار سيطرتهم على الأرض والمؤسسات. في المقابل، تمثل هذه المستجدات ضياعًا لفرصة ثمينة كانت متاحة أمام القوى المناهضة للحوثيين في اليمن، إذ كان بإمكانها توحيد صفوفها وتنظيم عملياتها لإجبار الجماعة على الانسحاب وتسليم السلاح، وهو ما لم يحدث.
وبينما أعلن الحوثيون استمرار استهدافهم لإسرائيل دعمًا لغزة، فإن بقاء النظام الإيراني يمنحهم غطاءً سياسيًا وعسكريًا يتيح لهم تعزيز حضورهم واستمرار مشروعهم في اليمن.
إيمان زهران، باحثة في الأمن الإقليمي
فيما يتعلق بالوزن النسبي لجماعة الحوثيين، فعلى الرغم من تأييدها المعلن للتحركات الإيرانية، إلا أنه من المتوقع أن تتبنى "مقاربة حذرة" على المستويين السياسي والعمليات، فمن ناحية لن تتحمل الجماعة تكلفة "خرق الاتفاق مع أمريكا" والمجازفة بالمكاسب السياسة المُحتملة للجماعة حال الانتقال لترتيبات الحل السياسي للمسألة اليمنية.
ومع ذلك فالجماعة شأنها شأن كافة الأذرع الإيرانية لا تمتلك أي مساحة من المناورة خارج إطار التوجيهات الإيرانية التي اعتمدت بشكل واضح على التصعيد القائم على تكتيكات "التدرج في التصعيد" مع تجنب الانزلاق نحو حرب شاملة بالمنطقة فى ظل غياب قواعد واضحة للاشتباك.
ويمكن القول أنّ التهديدات الحوثية لازالت قائمة، ولكنها متغيرة بتغير طبيعة مشهد الصراع، من خلال، أولا - على المستوى الإقليمي: عبر تقييم أجندة التحرك للقوى الدولية خاصة الولايات المتحدة الامريكية ورهانات الانخراط بتفاعلات المنطقة. ثانيا – على المستوى الداخلي: وذلك بالنظر إلى حالة التغير بأجندة أولويات صانعي القرار والتكوينات التنظيمية والنخبوية للجماعة.
- الآراء الواردة تعكس وجهة نظر المؤلفين ولا تمثّل بالضرورة موقف مركز سوث24
- تم تحديث هذه المقالة مجددا لأسباب لغوية.
قبل 3 أشهر
قبل 3 أشهر