مؤيدون للحكومة يرفعون ملصقًا للمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي في طهران يوم السبت 14 يونيو 2025 - حقوق الصورة: أرش خاموشي – نيويورك تايمز
آخر تحديث في: 21-06-2025 الساعة 12 مساءً بتوقيت عدن
|
المنظور الدولي
مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، وانزلاق المنطقة نحو احتمالات مواجهة مفتوحة قد تعيد رسم التوازنات الإقليمية والدولية، تزداد الحاجة إلى قراءة معمقة لمآلات هذا النزاع، والجهات الفاعلة فيه، والمصالح المتشابكة من حوله. لا تنفصل الحرب الحالية عن سلسلة طويلة من الاشتباكات غير المباشرة، لكنها تتّسم هذه المرة بحدة غير مسبوقة، وسياقات متغيرة تطال الأمن الإقليمي، والملف النووي الإيراني، والتموضعات الكبرى في النظام العالمي.
في هذا الإطار، يقدّم مركز سوث24 في هذا التقرير ترجمة احترافية ومنتقاة لأبرز ما ورد في تقارير وتحليلات دولية حديثة، نُشرت في كبريات الصحف والمنصات البحثية. وتتناول هذه المواد جوانب متشابكة من الأزمة، بدءًا من تهاوي السردية الإيرانية بشأن سلمية برنامجها النووي، مرورًا بالتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها طهران، وانتهاءً بكيفية تفاعل القوى الكبرى – وخصوصًا الولايات المتحدة وروسيا – مع هذا التصعيد الذي يهدد بإعادة تعريف قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط.
تُظهر التحليلات كيف يمكن لواشنطن أن توازن بين ردع التصعيد ومنع الانزلاق نحو حرب شاملة، في وقت تسعى فيه موسكو للاستفادة من الاضطراب الحالي رغم خسارتها لحلفاء رئيسيين في المنطقة. كما تضيء هذه المقاربات على طبيعة الخطاب السياسي والإعلامي في كل من طهران وتل أبيب، وعلى المتغيرات الإقليمية التي قد تُعيد تشكيل خريطة التحالفات التقليدية.
التفاصيل..
ادعاءات إيران بشأن خططها النووية وصلت إلى نهايتها
قال تحليل نشرته صحيفة نيويورك بوست إن "استراتيجية إيران في مجال الأسلحة النووية أصبحت في حالة يُرثى لها في أعقاب الضربات الإسرائيلية المكثفة والمستمرة خلال الأسبوع."
وأضاف أن "الملالي الحاكمين روجوا منذ ربع قرن أن طموحاتهم النووية 'سلمية بحتة'. وقادوا الولايات المتحدة وأوروبا والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مسار من التمويه والأكاذيب الصريحة. لكن هذا انتهى بعد أن بدأت إسرائيل حملة قد تستمر أيامًا أو حتى أسابيع، تهدف إلى إعادة البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء."
مشيرًا إلى أن "إسرائيل، من خلال استهدافاتها الدقيقة حتى الآن، تسعى إلى فرض تفكيك كامل ولا رجعة فيه للبرنامج النووي الإيراني، وصولًا إلى إسقاط النظام الإسلامي المتشدد الذي يقف وراءه. وعلى صعيد القيادة العسكرية والعلمية في البرنامج النووي، فقد كانت الخسائر الإيرانية كارثية."
لافتًا إلى أن "قياس نجاح عملية 'الأسد الصاعد' سيكون مهمة معقدة، لكن باستهداف البنية التحتية والعناصر البشرية معًا، تكون إسرائيل قد أزالت أصولًا بشرية رئيسية لا يمكن تعويضها، مما سيؤخر البرنامج النووي الإيراني لسنوات وليس مجرد شهور. ومن خلال قدراتها المتقدمة في جمع المعلومات الصورية والإلكترونية والبشرية، ستكون إسرائيل في موقع يسمح لها بإجراء تقييم دقيق للعملية في الأيام والأسابيع القادمة."
وزعم التحليل أنه "رغم الكراهية الشعبية الواسعة للنظام الإيراني، لا توجد مؤشرات على قرب انهياره. بل، وعلى العكس، ما تزال طهران ضمن 'محور المعتدين'، ويمكنها الاعتماد على حلفائها في روسيا والصين وكوريا الشمالية للحصول على الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي."
مضيفًا أن "إيران تهدد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، ولا يجوز السماح لها بتعزيز تهديداتها بأسلحة نووية. وعلى الولايات المتحدة أن تُسرّع في تزويد إسرائيل بكل ما يلزم لإنهاء المهمة."
وخلُص التحليل إلى أنه "إذا أقدمت إيران على مهاجمة الولايات المتحدة ردًا على هذه الضربات، فيجب على أمريكا أن ترد بالطائرات الشبحية والقنابل الخارقة للتحصينات، وتنهي ما تبقى من منشآت التخصيب والتخزين النووية الإيرانية. وعندها يمكن دفن مساعي إيران الخبيثة لتسليح برنامجها النووي."
قال تحليل نشرته منصة "ذا بيزنس ستاندرد" إن "طهران تواجه أزمة وجودية. فالضربات الإسرائيلية كشفت عن نقاط ضعف الجيش الإيراني وأثارت تساؤلات حول بقاء نظامه. كما أن فقدان العلماء النوويين يُعيق قدرتها على إعادة بناء برنامجها النووي."
وأشار التحليل إلى أن "الخبراء توقّعوا ردًا أقوى، كون إيران لا ترغب في الظهور بمظهر الضعف. لكن الأقوال غلبت الفعل، ربما خوفًا من اندلاع حرب شاملة. وهذا الوضع يضرّ بسمعة إيران كقوة إقليمية يُعتمد عليها، وهو أمر لا يمكن لطهران تحمّله."
لافتًا إلى أن "نفوذ إيران الإقليمي تآكل بشدة بسبب خسارة حلفائها، ما منح إسرائيل هامش تحرك أكبر لاستهداف البرنامج النووي الإيراني."
معتبراً أن "الأزمة الحالية تُمثّل لحظةً مصيريةً للقيادة الإيرانية، إذ إن عدم الردّ بحزم قد يُشير إلى ضعفها، مما قد يؤدي إلى انهيار النظام. في المقابل، يُهدّد الردّ القوي بمزيد من الانتقام الإسرائيلي، أو حتى الأمريكي، مما يضع طهران في مأزق استراتيجي."
ورأى التحليل أن "انهيار النظام قد يؤدي إلى سيناريوهين: إما استيلاء المتشدّدين على السلطة، أو فوضى شبيهة بما حدث في العراق وليبيا بعد سقوط الأنظمة. وكلا السيناريوهين ستكون لهما تداعيات خطيرة على المنطقة، بالنظر إلى عدد سكان إيران وموقعها الاستراتيجي. فنظام تقوده شخصيات أكثر تشددًا قد يسلك طريقًا أكثر تصادمية، ويُسرّع وتيرة البرنامج النووي لردع أي هجوم. أما الفوضى فستؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، وتدفّق اللاجئين، وتصاعد الحروب بالوكالة."
وأوضح التحليل أنه "إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، فقد يُجبر ذلك الولايات المتحدة وحلفاءها على اتخاذ قرار صعب: إما التفاوض تحت ضغط إيراني، أو الدخول في صراع بحري واسع لإعادة فتح المضيق. وفي البحر الأحمر، قد يُصعّد الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية. وإذا حدث ذلك، فلن يبقى الصراع محصورًا؛ بل سيُصبح أزمة عالمية."
وخلُص التحليل إلى أن "الضربات الإسرائيلية أعادت رسم خريطة الأمن في الشرق الأوسط، وأضعفت إيران، لكنها فتحت بابًا لصراع طويل وغير محسوب العواقب. ومصير النظام في طهران، سواء صمد أو سقط أو تشدّد أكثر، سيُحدد مستقبل المنطقة."
كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتفادى اندلاع حرب شاملة
قال تحليل نشره المجلس الأطلسي للكاتبة كارولين زير إن "في ظل تعاطي إدارة ترامب مع هذا الفصل الجديد من الحرب بين إسرائيل وإيران، ستكون الأولوية هي احتواء التصعيد وتفكيك أسبابه، بينما تحاول الأطراف الإقليمية التأقلم مع الواقع المتغير."
وأضاف التحليل أن "خفض التصعيد في الأمد القريب ليس مضمونًا، بل يتطلب جهودًا كبيرة من القوات الأمريكية، التي لا تزال عنصرًا لا غنى عنه في أوقات الأزمات. فالولايات المتحدة غالبًا ما تمتلك نفوذًا أكبر على حلفائها مقارنة بخصومها، بفضل الروابط العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية التي تتيح لها التأثير."
وأشار إلى أن "في هذا الصراع على المصالح الوطنية، غالبًا ما تجرّ الولايات المتحدة الأطراف نحو النتائج التي تفضلها. لكن في الحالة الفريدة لإسرائيل، قد تتجاوز تصرفات الشريك الأصغر محاولات واشنطن للتهدئة، إذا لم تُتخذ خطوات مدروسة إضافية."
وأوضح التحليل أنه "رغم ضعف طهران، لا تزال واشنطن تملك بعض النفوذ عليها. فإيران لا تريد حربًا شاملة مع الولايات المتحدة، وتعتمد تاريخيًا على شبكة وكلائها لتنفيذ هجمات غير مباشرة ومحدودة النطاق على المصالح الأمريكية. وتسعى إسرائيل اليوم لتنسيق المواقف مع الولايات المتحدة بهدف إيصال رسالة لطهران مفادها أن أي هجوم على إسرائيل يُعد هجومًا على واشنطن."
معتبرًا أن "الوضع يتطلب من الجيش الأمريكي أن يكون جاهزًا للدفاع والرد على أي عدوان"، وذلك من خلال خمس خطوات أولية ضرورية، هي:
•تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية الأمريكية في المنطقة، بنشر مزيد من القوات والأسلحة الدفاعية.
•التحوّل من المغادرة الطوعية إلى المغادرة المأمورة للدبلوماسيين وعائلاتهم من المناطق الحساسة.
•تحديث خطط الإجلاء غير القتالي من إسرائيل والأردن.
•الاستعداد لهجوم مضاد ضد إيران في حال استهدفت القوات أو القواعد الأمريكية.
•تنظيم التعامل مع الأزمات حسب الأولوية، بحيث يركّز الجيش الأمريكي جهوده على منع نشوب حرب شاملة.
وخلص التحليل إلى أنه "بقيادة هادئة ورشيدة في هذا الظرف الساخن، يمكن للولايات المتحدة أن تقلل من احتمالات انفجار حرب إقليمية واسعة لا يمكن السيطرة عليها."
كيف تستفيد روسيا من الفوضى في الشرق الأوسط بينما تفقد حليفًا لها؟
قال تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية للكاتب ماثيو تشانس إن "روسيا تميل إلى الاستفادة عندما تسوء الأمور في الشرق الأوسط، حيث يراقب الكرملين حليفه الإيراني وهو يضعف بشكل كبير بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، في حين يجني الفوائد."
معتبرًا أن "روسيا لديها الكثير لتخسره؛ فإيران كانت شريكًا استراتيجيًا بالغ الأهمية للكرملين، ليس فقط بسبب رفضها المشترك للقيم الغربية ونفوذها، بل أيضًا لأنها زوّدت الجيش الروسي بأعداد ضخمة من الطائرات المسيّرة التي مكّنت روسيا من شن هجمات متواصلة على أوكرانيا. وقد تفتقد موسكو في النهاية إلى هذا المورد الإيراني الذي كان يُعتبر موثوقًا."
وأشار التحليل إلى أن "هناك شعورًا خافتًا بالإذلال لكنه مؤلم، كون الكرملين يقف موقف المتفرج بينما يُقصف حليف رئيسي آخر له في الشرق الأوسط بضراوة، من دون أن يتمكن أو يرغب في التدخل. ومن المؤكد أن انهيار النظام الإيراني سيضيف إيران إلى قائمة الحلفاء الشرق أوسطيين الذين فقدهم الكرملين، مثل العراق، وليبيا، وسوريا."
وبالرغم من ذلك، يرى التحليل أن "الأمور ليست سيئة جدًا بالنسبة لموسكو كما قد تبدو. بل إن هذا الصراع الجديد في الشرق الأوسط يصبّ، في الواقع، في مصلحة الكرملين. فإلى جانب المكاسب المالية من ارتفاع أسعار النفط الخام، يفتح الصراع الإيراني-الإسرائيلي الباب أمام فرص دبلوماسية جديدة لروسيا، التي عانت سنوات من العزلة الدولية بسبب حربها في أوكرانيا."
لافتًا إلى أن "روسيا لم تتوقف يومًا عن رؤية نفسها لاعبًا رئيسيًا في الدبلوماسية الدولية، وتعتبر أن لها مكانًا مستحقًا إلى جانب الولايات المتحدة والصين على طاولة الكبار. والآن، لدى الكرملين ملف يمكنه من خلاله التعاون بشكل مشترك وبنّاء مع الولايات المتحدة، وربما يبرز كشريك لا غنى عنه عندما يحين الوقت لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة."
وخلُص التحليل إلى أن "الأنظار تتجه إلى الدور المحتمل للكرملين كوسيط سلام في الشرق الأوسط، حيث بدأ الرئيس الروسي باستثمار موقعه المحوري بحذر، في خطوة تُظهر روسيا كقوة نافذة في المنطقة."
هل تسعى إسرائيل إلى تغيير النظام الإيراني؟
قال تقرير نشرته شبكة CNN الأمريكية إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران أعادت فتح النقاش داخل الدوائر الغربية بشأن ما إذا كانت تل أبيب تسعى، ضمن أهدافها غير المُعلنة، إلى الدفع نحو تغيير النظام في طهران، مستندة إلى تقييمات استخباراتية أمريكية حديثة.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت للشبكة، فإن "تغيير النظام الإيراني لطالما كان هدفًا استراتيجيًا ضمنيًّا في أوساط الحكم الإسرائيلي"، حتى وإن لم يكن الهدف المعلن من الضربة الأخيرة. ورجّح أحد المسؤولين الأمريكيين أن تكون إسرائيل قد رأت في العملية "فرصة سانحة لتقويض النظام الإيراني أو إسقاطه"، رغم عدم توفر معلومات استخباراتية حاسمة تُثبت ذلك حتى الآن.
وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بأن الهجمات تستهدف "إزالة خطر الدمار" ومنع إيران من بلوغ عتبة التسليح النووي، مضيفًا: "لقد تعاملنا مع وكلاء إيران طيلة عام ونصف، والآن نتعامل مع رأس الأفعى نفسه".
من جهتها، أوضحت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، تولسي غابارد، خلال شهادة أمام الكونغرس في مارس الماضي، أن "إيران لا تُصنّع سلاحًا نوويًا حاليًا"، وأن المرشد الأعلى الإيراني لم يُفعّل رسميًا برنامجًا تسليحيًا منذ تجميده في عام 2003، بحسب التقييمات الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن كانت على علم نسبي بخطط إسرائيل قبل تنفيذها بأيام، رغم تقليل الأخيرة من مشاركة التفاصيل. وكانت بعض وحدات الاستخبارات الأمريكية تتلقى تحديثات يومية واستعدت لعدة سيناريوهات تتعلق بردّ إيران المحتمل، دون وضوح مدى الأضرار أو عدد القيادات الإيرانية المستهدفة.
وخلُص التقرير إلى أن "تحديد ما إذا كانت إسرائيل تهدف حقًا إلى تغيير النظام في طهران سيعتمد على مسار الأحداث المقبلة"، في ظل ضبابية حول حجم التنسيق الأمريكي، وتردد إدارة ترامب في تبني استراتيجية علنية تستهدف إسقاط النظام الإيراني.
هل يسعى نتنياهو لتسجيل اسمه في التاريخ من بوابة طهران؟
قال تحليل نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تخلى عن سياسة الحذر التي اتبعها لعقود في صراعه مع إيران، ليأمر بتنفيذ هجوم واسع وغير مسبوق يستهدف قلب النظام الإيراني، في خطوة قد تعيد تشكيل المشهد الإقليمي وتحدد إرثه السياسي.
ووفقًا للتحليل، فإن نتنياهو "اختار أن يضرب هذه المرة ليس فقط منشآت إيران النووية، بل أيضًا دفاعاتها الجوية، قواعدها العسكرية، وحتى قياداتها العليا"، في تحوّل دراماتيكي من سياسة "الظل" إلى المواجهة المباشرة.
ويُرجّح أن دوافع نتنياهو لا تقتصر على عرقلة التقدم النووي الإيراني أو تعطيل أي تقارب محتمل بين طهران وواشنطن، بل تمتد إلى ما هو أبعد: "إنه يبحث عن إنجاز تاريخي يُثبت فيه أنه الرجل الذي أنهى التهديد الإيراني للأبد"، حسب تعبير مستشاره السابق ناداف شتراوخلر.
ويشير التحليل إلى أن الظروف الإقليمية والدولية شجعت نتنياهو على هذه المغامرة؛ فإيران فقدت خلال العام الماضي الكثير من حلفائها، مع تراجع قوة حزب الله في لبنان، وسقوط النظام السوري في ديسمبر، وتعرض مليشياتها في العراق واليمن لضربات متواصلة. كما أن انتخاب دونالد ترامب أعطى نتنياهو "نافذة دبلوماسية" لتنفيذ خططه، رغم أن الرئيس الأمريكي طلب منه تأجيل الضربة.
داخليًا، لفت التحليل إلى سعي نتنياهو لاستعادة مكانته كرجل أمن بعد كارثة 7 أكتوبر 2023، حينما فاجأته حماس بأكبر هجوم داخل الأراضي الإسرائيلية في تاريخ البلاد، وهو الحدث الذي تسبّب له بضرر سياسي بالغ. ويأمل أن يُترجم نجاح العملية في طهران إلى دفعة انتخابية حاسمة في العام المقبل.
مضيفًا أن نتنياهو "يريد الدخول إلى الانتخابات بصورة المنتصر الذي أسقط البرنامج النووي الإيراني، وليس كمن يتحمل وزر الإخفاق في غزة"، لكن نجاح هذا الرهان يبقى مرهونًا بتطورات الأيام والأسابيع القادمة.
أما على صعيد الصراع في غزة، فيعتقد بعض المحللين أن إضعاف الراعي الأكبر لحماس – إيران – قد يُتيح لنتنياهو هامشًا للمناورة لإنهاء الحرب هناك دون إغضاب قاعدته اليمينية، خاصة إذا أظهر أن "المعادلة الإقليمية قد تغيرت".
وختم التحليل بالقول إن نتنياهو لا يخوض معركة عسكرية فقط، بل معركة على صورته السياسية ومكانته التاريخية. فبالنسبة له، هذه ليست مجرد ضربة لإيران، بل لحظة الحسم التي انتظرها منذ 25 عامًا.
كيف تقيم اليابان الضربات الإسرائيلية على إيران؟
قال تقرير نشرته وكالة Kyodo News اليابانية إن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أدان، يوم الجمعة، الهجوم الإسرائيلي على الأهداف النووية والعسكرية في إيران، مؤكدًا أن "تحرك إسرائيل غير مقبول على الإطلاق ومؤسف للغاية"، وداعيًا إلى الامتناع عن "أي تصرفات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التصعيد"، في إشارة إلى الهجوم الإيراني المضاد.
وأوضح إيشيبا أنه سيعرض موقف اليابان من هذا التطور خلال قمة مجموعة السبع (G7) المقبلة في كندا، والتي تبدأ الاثنين وتستمر يومين. وذكرت الوكالة أن اليابان، بوصفها دولة تفتقر للموارد، لطالما حافظت على علاقات ودية مع إيران لاعتمادها على النفط الخام الإيراني.
وأشارت وزارة الخارجية اليابانية، بحسب التقرير، إلى أنها رفعت مستوى التحذير الأمني لإيران إلى المستوى الثالث، والذي ينصح المواطنين بـ"تجنب جميع أشكال السفر". أما في المناطق الحدودية مع باكستان والعراق، فقد أبقت على التحذير عند المستوى الرابع – وهو الأعلى – والذي يدعو إلى "الإجلاء وتجنب جميع أشكال السفر".
ووفقًا للوزارة، فإن نحو 400 مواطن ياباني يقيمون في إيران في السنوات الأخيرة، وتمت دعوتهم إلى النظر في مغادرة البلاد. كما رفعت الوزارة مستوى التحذير في إسرائيل إلى الدرجة الثالثة أو أعلى في أنحاء البلاد كافة، مشيرة إلى احتمال رد إيراني.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، قالت إسرائيل إنها نفذت ضربات على "عشرات الأهداف العسكرية" داخل إيران، بما في ذلك منشآت نووية. وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان مصور، أن العملية العسكرية "ستستمر لأيام حسب الضرورة لإزالة التهديد".
ورغم تحالفها الأمني الوثيق مع الولايات المتحدة، التي يُعتقد أنها تدعم إسرائيل في هذه العملية، قالت Kyodo News إن طوكيو اتبعت تقليديًا نهجًا دبلوماسيًا متوازنًا تجاه إسرائيل ودول الشرق الأوسط الأخرى.
وفي مؤتمر صحفي منفصل، أكد وزير الخارجية الياباني تاكيشي إوايا أن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط "مسألة بالغة الأهمية" لليابان، داعيًا جميع الأطراف إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس". كما أكد أن الحكومة ستتخذ "جميع الإجراءات الممكنة لضمان سلامة المواطنين اليابانيين في المنطقة".
الضربات الإسرائيلية على إيران تحرك استراتيجي مدروس
رأت وكالة سبوتنيك الروسية أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة داخل إيران لم تكن مجرد رد عسكري، بل تمثل تحركًا استراتيجيًا مدروسًا يهدف إلى تقويض قدرة إيران على فرض توازن ردع إقليمي، عبر استهداف مراكز القرار والبنية الحيوية للدولة الإيرانية.
وقال الباحث في الشؤون الدولية، خشايار بوربوري، إن ما جرى في طهران يشكل "نقطة تحول نوعية في مسار المواجهة بين إيران وإسرائيل"، خاصة مع مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين. وأضاف أن اختيار أهداف حساسة في قلب العاصمة يعكس نية واضحة لإحداث خلل في البنية الردعية والأمنية للجمهورية الإسلامية.
وأكد بوربوري أن "الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها عبر هذه الضربة تتجاوز البُعد التكتيكي، وهي رسالة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وضرب العمق الاستراتيجي لإيران"، مشيرًا إلى أن العدو لا يكتفي باستنزاف البنية العسكرية، بل يسعى أيضًا إلى التأثير في معادلة النفوذ الإقليمي.
ورأى التحليل أن الرد الإيراني يجب أن يُبنى على حسابات دقيقة تراعي مستوى التهديد والمصلحة الوطنية، محذرًا من الانجرار إلى ردود فعل قد تستدعي تدخل أطراف دولية كبرى وتفتح المجال أمام تصعيد خارج السيطرة.
كما دعا بوربوري إلى استثمار هذه المرحلة لتعزيز "الردع الذكي"، من خلال الجمع بين الاستجابة العسكرية المحسوبة والتحرك الدبلوماسي الفاعل، داخليًا وخارجيًا، بما يضمن الحفاظ على المبادرة السياسية ويحمي البنية الاستراتيجية لإيران من مزيد من الاستنزاف.
وختم التحليل بالتشديد على أن المرحلة الراهنة تتطلب إعادة النظر في المنظومات الأمنية والعلمية، وتفعيل أدوات "المقاومة النشطة" دون التفريط بالتماسك الداخلي أو فتح جبهات إضافية، مؤكدًا أن نجاح إيران في إدارة هذا التحدي مرهون بقدرتها على الجمع بين الصلابة والمرونة في آنٍ معًا.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر