صاروخ طوفان الباليستي الذي تمتلكه جماعة الحوثي (رويترز)
01-06-2025 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
|
المنظور الدولي
يُقدّم مركز سوث24 في هذا التقرير ترجمة منتقاة لملخصات تقارير وتحليلات دولية نُشرت مؤخرًا في عدد من أبرز الصحف والمنصات العالمية، ركّزت على التطورات المتسارعة في اليمن، والمنطقة، والعالم.
سلّطت هذه التحليلات الضوء على تداعيات اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين، معتبرةً أن الهدنة تعكس مؤشرات على الإرهاق الأمريكي أكثر من كونها خطوة حقيقية نحو السلام، ووصفتها بأنها هشة ومؤقتة ما لم تُستكمل بتسوية سياسية شاملة. كما أشارت إلى أن استمرار هجمات الحوثيين ضد إسرائيل تكشف ثغرة أساسية في هذه الهدنة.
التفاصيل..
هجمات الحوثيين ضد إسرائيل تكشف ثغرة أساسية في هدنتهم مع ترامب
قال تقرير نشرته مجلة بوليتيكو الأميركية إن الهجمات المتواصلة التي يشنّها الحوثيون ضد إسرائيل تكشف عن ثغرة أساسية في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمه الرئيس دونالد ترامب مع الجماعة المدعومة من إيران، حيث جرى استبعاد إسرائيل تمامًا من هذا التفاهم، رغم كونها الحليف الأبرز لواشنطن في الشرق الأوسط.
ويرى التقرير أن الهدنة – وإن نجحت مرحليًا في تقليص استهداف الحوثيين للوجود الأميركي – لم تفرض أي قيود على استهداف إسرائيل، ما وضع إدارة ترامب في موقف دفاعي أمام الجهات المؤيدة لإسرائيل في الداخل الأميركي. ويضيف أن هذا التجاهل يُعد تحولًا غير مألوف في نهج إدارة جمهورية، تُعرف تاريخيًا بتبنيها مواقف متشددة داعمة لتل أبيب.
ويشير التحليل إلى أن الحوثيين، الذين يروّجون لهجماتهم على إسرائيل بوصفها امتدادًا لـ "محور المقاومة"، يستفيدون من هذه الفجوة لإعادة تصدير أنفسهم كقوة إقليمية صاعدة تتحدى النفوذ الأميركي والإسرائيلي معًا. ففي الأسبوع الذي تلا الإعلان عن الهدنة، أطلق الحوثيون ستة صواريخ باتجاه إسرائيل، وهو ما لم تمنعه تفاهمات واشنطن – صنعاء، ما يكرس هشاشة الاتفاق.
ويؤكد التقرير أن إدارة ترامب، بدلاً من فرض خطوط حمراء واضحة، اختارت ما وصفه مسؤول سابق بـ "الخيار الأقل سوءًا"، عبر تعليق التصعيد المباشر مقابل تقليص الخسائر الأميركية، في وقت تزداد فيه تعقيدات المشهد في غزة وإيران. لكن هذه المقاربة، بحسب التحليل، تعني أن واشنطن لا تمانع ضمنيًا استمرار الاستهداف الحوثي لإسرائيل، طالما لم يُعرّض المصالح الأميركية المباشرة للخطر.
ويحذر التقرير من أن ترك إسرائيل خارج إطار التفاهمات قد يُعزز انطباعات قائمة لدى بعض العواصم العربية بشأن تراجع موثوقية واشنطن كشريك أمني، فيما يمنح الحوثيين دفعة رمزية وميدانية، تعزز من مكانتهم كقوة "صامدة" في وجه أقوى حليفين غربيين في المنطقة.
ويخلص التحليل إلى أن إسرائيل تجد نفسها اليوم في موقع غير معتاد: خارج غرفة القرار الأميركي، وتحت التهديد المباشر من جماعة لم تُلزَم بوقف هجماتها، ما ينذر بتوسيع دائرة الصراع، لا احتوائه.
هدنة ترامب مع الحوثيين تكتيك هش قابل للانهيار مع أول تصعيد
قال تحليل نشرته مجلة ذا هيل إن الهدنة التي أبرمتها الإدارة الأميركية مع جماعة الحوثي لا تمثل تحولاً نحو السلام، بل تعكس حالة من الإرهاق الاستراتيجي التي تعيشها واشنطن، في ظل غياب جدوى الاستثمار العسكري في اليمن.
ويرى التحليل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رغم تبنّيه لنهج "أميركا أولاً"، أدرك أن الانخراط العسكري في الصراع اليمني لم يعد مجدياً، لا سياسياً ولا استراتيجياً. وأضاف أن هذه الحملة لم تفشل فقط في تحجيم الحوثيين، بل أسهمت – على العكس – في تعزيز مكانتهم الرمزية والإقليمية، إذ يروّج الحوثيون للهدنة على أنها انتصار معنوي، لكونها انتُزعت من أقوى جيش في العالم دون تقديم أي تنازل لإسرائيل.
ويؤكد التحليل أن هذه الهدنة لا ترقى إلى اتفاق وقف إطلاق نار بالمعنى الكامل، بل هي مجرد "ترتيب تكتيكي مؤقت" قابل للانهيار عند أول استفزاز. فالحوثيون أعلنوا احتفاظهم بحق استئناف الهجمات متى شاءوا، وواصلوا بالفعل عملياتهم ضد إسرائيل، في رسالة تؤكد أن تفاهمهم مع واشنطن محدود ومرهون بظروف متغيرة
.
ويحذر الكاتب من أن هذا الترتيب قد لا يؤدي إلى استقرار طويل الأمد، بل يعكس فقط سعياً أميركياً لتقليص التعرض في البحر الأحمر دون التورط في التزامات إضافية. لكن هذه المقاربة، وفق التحليل، لا تعالج جذور الأزمة، ولا تُمهّد لتسوية سياسية حقيقية، بل قد تُعمّق الشكوك في التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها.
ويشير التحليل إلى أن دولاً عربية عدة بدأت منذ فترة إعادة النظر في تموضعها بين واشنطن وبكين، ووجدت في هذه الهدنة دليلاً جديداً على تراجع موثوقية واشنطن كراعٍ أمني. أما إسرائيل، فباتت تواجه عزلة متزايدة مع تآكل صورة ردعها. وفي المقابل، خرج الحوثيون برواية "مقاومة" تتجاوز الجغرافيا اليمنية وتلقى صدى في الإقليم.
ويخلص التحليل إلى أن ترامب يسوّق هذا التفاهم كـ "نصر للقوة"، لكن الواقع يكشف عن تراجع مغلف بالعناد. فالمسألة لا تتعلق بتحقيق سلام دائم، بل بوقف مؤقت في صراع مفتوح، وسط مشهد جيوسياسي متقلب لا يزال يُعاد تشكيله في الشرق الأوسط.
التفاهم المؤقت مع واشنطن قد يمنح جماعة الحوثي فرصة لإعادة تنظيم قدراتها العسكرية
قال تحليل نشرته صحيفة ديلي صباح التركية للكاتب جوكهان إيريلي إن التطورات الأخيرة بين الولايات المتحدة والحوثيين، في ظل التوترات المتصاعدة مع إسرائيل، تعكس ديناميكيات أعمق تتجاوز الهدنة، وتطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الاستقرار في اليمن والشرق الأوسط.
ويرى التحليل أن التفاهم المؤقت مع واشنطن قد يمنح جماعة الحوثي فرصة لإعادة تنظيم قدراتها العسكرية، وتعويض خسائرها من خلال مزيج من الإمدادات الإيرانية والإنتاج المحلي، خاصة في ما يتعلق بالصواريخ والطائرات المُسيّرة. ويضيف أن الرواية الأيديولوجية للجماعة، التي تُقدّم الهجمات على أنها تعبير عن التضامن مع غزة، تبدو فاعلة في تعزيز التجنيد والتماسك الداخلي
.
ويُشير التحليل إلى أن طبيعة الحشد الشعبي المتزايد في مناطق سيطرة الحوثيين تُظهر أن أي تفاهمات مؤقتة – كما وصفها ترامب – تظل بطبيعتها هشّة ومشروطة، ومن غير المرجّح أن تصمد طويلاً دون إطار أوسع يعالج جذور النزاع.
ويضيف التحليل أن غياب تسوية سياسية شاملة يفتح الباب أمام الحوثيين للاستمرار كقوة غير متكافئة، تمتلك قدرة دورية على استهداف المصالح البحرية الغربية والإسرائيلية، بينما تواصل تثبيت سيطرتها الإدارية والعسكرية في شمال غرب اليمن.
ويشير التحليل إلى أن واشنطن غيّرت من مقاربتها تجاه الجماعة، وتبدو مستعدة لاستكشاف إدماج ممثلي الحوثيين ضمن ترتيبات انتقالية أوسع، تجمع بين الضمانات الأمنية والحوافز السياسية. أما إسرائيل، فقد لمّحت إلى نوايا تصعيدية عبر شن ضربات عسكرية مباشرة داخل الأراضي اليمنية.
ويرى التحليل أن سنوات الحرب في اليمن أثبتت أن الحسم العسكري ضد الحوثيين غير واقعي ومكلف، وأن الضربات الجوية والبحرية لم تنجح في تقويض البنية السياسية للجماعة أو شلّ قدرتها على التجنيد والحكم. بل إن هذه العمليات قد تحقق مكاسب تكتيكية قصيرة الأمد، دون أن تُحدث تحولاً استراتيجياً في مسار الصراع.
ويخلص التحليل إلى أن تحقيق الاستقرار المستدام في اليمن يتطلب توازناً بين الوسائل العسكرية المُدروسة والحوافز السياسية الجادّة، لمعالجة المظالم البنيوية وتفكيك هياكل السلطة التي تُكرّس نفوذ الحوثيين داخل المجتمع اليمني.
هدنة ترامب والحوثيين انعكاس لأنانية سياسة (أمريكا أولا)
قال تحليل نشره المركز العربي في واشنطن إن "اتفاق وقف إطلاق النار بين الحوثيين وأمريكا له آثار تتجاوز وقف هذا العنف، حيث يبدو أن ترامب قد رأى أن حملة القصف المكثفة ضد الحوثيين باهظة التكلفة للغاية، بالإضافة إلى احتمال تورط الولايات المتحدة في صراع آخر في الشرق الأوسط."
وأضاف التحليل أن "هذا الاتفاق يشير إلى أنه ليس لدى ترامب رغبة في المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية الطويلة في اليمن، كما يشير إلى أنه بدأ يفقد صبره مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب الحرب في غزة، وسوف يسعى في بعض الأحيان إلى تحقيق ما يراه مصالح أميركية دون التشاور مع إسرائيل."
لافتًا إلى أنه "عندما تواصل المسؤولون العُمانيون مع مبعوث الرئيس ستيف ويتكوف في أوائل مايو بمقترح لإنهاء الصراع الأمريكي مع الحوثيين، وافق ترامب على الاتفاق فورًا، مشيرًا إلى أن سياسة ترامب للأمن القومي تبدو مزيجًا من الانعزالية، والضربات العسكرية المفاجئة، والسياسة الخارجية القائمة على الصفقات التجارية."
وأوضح التحليل أن "الاتفاق فاجأ نتنياهو ولم يشمل وقف الهجمات على إسرائيل، مما يشير إلى التوتر في علاقته مع ترامب، كما أن سعي ترامب لعقد اتفاق نووي مع إيران، الذي يعارضه نتنياهو بشدة، يعد مؤشراً إضافياً على توتر العلاقة. وطالما أن نتنياهو لا يتبع قيادة ترامب لإنهاء حرب غزة، فقد لا يكون هناك حافز كبير لإعادة النظر في اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين لإجبارهم على عدم مهاجمة إسرائيل."
مشيرًا إلى أن "المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن حذّر من أن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، خاصة مع التدهور الاقتصادي الحاد واستمرار انعدام الثقة بين الأطراف، وعلى إدارة ترامب أن تستجيب لهذا النداء وتستثمر علاقاتها الوثيقة مع سلطنة عُمان التي تحافظ على صلاتها بكل من الحكومة والحوثيين، للعمل مع الأمم المتحدة من أجل السلام."
وخلص التحليل إلى أن "التصريحات الأخيرة لترامب وفانس تشير إلى أن إنهاء الحرب الأهلية في اليمن ليس أولوية أمريكية، ما يعكس مرة أخرى الطبيعة الانعزالية والأنانية لسياسة (أمريكا أولاً)."
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات