14-04-2020 الساعة 11 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| وكالة فرات للأنباء
قال الخبير الأمني الصومالي والباحث في شأن القرن الأفريقي، عبد العزيز آل كارسي، إن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يطبق استراتيجية توسعية في القرن الأفريقي، مشيرا إلى أنه ينفذ نفس أساليب "التتريك" التي يتبعها في المناطق التي تحتلها تركيا في شمال سوريا.
وفي حوار خاص مع وكالة فرات للأنباء ANF، كشف آل كارسي عن اسباب التحركات المفاجئة التي قامت بها السلطات الصومالية مؤخرا فيما يتعلق بالعلاقات مع مصر وبعض الدول العربية، مؤكدا أن الصوماليين لا ينسون دور مصر في استقلال بلادهم وحفظ هويتها.
وأوضح الخبير الصومالي طبيعة الأطماع التركية في الصومال والقرن الأفريقي، وكيفية تطبيق أردوغان لمشروع العثمانية الجديدة في هذه المنطقة، من أجل السيطرة على سواحل الصومال وجعله مركزا لتجارة السلاح غير المشروعة وكذلك التنقيب عن الثروات في أراضيه ومياهه كما يسعى لذلك في شرق المتوسط، بالإضافة إلى تحويله إلى محطة لتوزيع المرتزقة سواء إلى اليمن أو ليبيا أو غيرها من مناطق التدخل التركي.
سوث24 يعيد نشر نص الحوار:
كيف توضح لنا بدايات التوغل التركي في منطقة القرن الأفريقي وصولا إلى حضورها العسكري وتدخلاتها التخريبية حاليا؟
التحركات التركية في القرن الافريقي والمحيط الافروآسيوي عام 1998، بدأت بعمل منهجية في العلاقات السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية حيث أعد جهاز مستشارية الخارجية التركية عام 2003 "استراتيجية تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الافريقية"، بحيث مكن تركية من الحصول على منصب مراقب للاتحاد الافريقي عام 2005 وفي 12 نيسان ابريل 2005 كلفت تركية سفارتها في اثيوبيا بأن تكون السفارة التركية المعتمدة لدى الاتحاد الافريقي والتي تم اعتمادها رسميا في الاتحاد الافريقي عام 2008 واعلان تركيا شريك استراتيجي للاتحاد الافريقي، وذلك في مؤتمر القمة العاشرة الذي عقد في اديس ابابا في شهر يناير كانون الثاني عام 2008، ومكنها ايضا من الانضمام الي منضمة ايجاد التي تشرف قواتها على الامن في الصومال في يونيو حزيران 2008، واعتمدت سفارتها في دار السلام لدى مجموعات دول شرق أفريقيا EAC
تركيا تستخدم ميناء مقديشو الذي يديره صهر اردوغان وزير المالية التركي الحالي بيرات البيرق لإرسال الأسلحة والمرتزقة إلى كل من اليمن وليبيا
وحصلت تركيا علي عضوية بنك التنمية الافريقي والممول لعدة مشاريع في الصومال، وقامت كذلك بعقد القمة التركية الافريقية عام 2008 والتي ساهمت بأن تفتح اهم سفارتين لها في افريقية في القرن الافريقي تحديدا، وكانتا في مقديشو واديس ابابا في نفس السنة ثم افتتحت بعدها اكثر من 25 سفارة وملحقية قنصلية وهذا غير مراكز تعليم اللغة التركية مجانا، وهذا يتزامن مع اهتمام تركيا المنصب في القرن الافريقي والتي بنت علية خطواتها التالية واسمتها "الخطة التنفيذية المشتركة للتعاون التركي الافريقي (2012-2014)، وهذا غير ان تركيا خصصت يوم خاص تنظمه سنويا وهو يوم افريقيا كما نجحت تركيا في التغول في عضوية مجالس صداقات برلمانية افريقية، مما اهلها بأن تستغل الازمة العالمية المالية، وتستضيف مؤتمر الصومال الذي عقدته الامم المتحدة عام 2010 في اسطنبول حيث اظهرت تركيا نفسها خلال الازمة العالمية، وانشغال العالم باقتصاده، وعملت على الظهور على انها منقذة لدول القرن الافريقي كما قامت باستقطاب دبلوماسيين افارقة تحت ستار "البرنامج التعليمي الدولي الدبلوماسي الشبابي" تحت اشراف الخارجية التركية.
كيف تعكس التوسعات التركية تطبيق لمشروع أردوغان التوسعي أو ما يسمى العثمانية الجديدة؟
وهذه التدخلات التركية في القرن الأفريقي بدأت مع مخططات نشر الفوضى في الوطن العربي بواسطة "الخريف العربي" والفوضى التي تدعمها تركيا، وتقول انها تستجيب لتطلعات شعوب القرن الافريقي، وانها تملأ الفراغ الناتج عن التغيرات الناتجة عن انتهاء الحرب الباردة، وظهور نظام دولي متعدد الاقطاب مما يعني الحصول علي فرصة للتدخل المباشر في الشأن الصومالي، وتمرير اجندتها اثناء عضويتها في منظمة الأمم المتحدة في الدول غير العضوية الدائمة عام 2009-2010 مترادفا مع خطتها الخبيثة في السيطرة القرن الافريقي كما ارسلت مساعدات في الصومال في نفس الفترة اثناء ازمة الصومال الانسانية لذر الرماد في العيون وتباكوا في صور مع اطفال الصومال امام الاعلام العالمي، كما تتذرع تركيا وتروج بوجود قبور عثمانية تاريخية في القرن الافريقي، وتواصلت مع اصحاب الطرق الصوفية، وافهمتهم انهم اصحاب الحق في القبور المحيطة بقبر النجاشي رحمة الله، وهذا منشور مع السفير الايثوبي لدى انقرا عام 2008 الذي قال ان تاريخ تركيا يخلو من اي خلفية احتلالية، وكما جندت تركيا طواقم من الطرق الصوفية التركية، وعملت لها مركز في القرن الافريقي، وخصوصا عند قبر النجاشي الموجود في اثيوبيا، ورفعت اعلامها التركية في جوار قبره، ورممت محيط قبره لتختزل تاريخ النجاشي، وتوهم الناس انه تاريخ وشخصية عثمانية وهذا خبث واستغلال لتاريخ شخصية معروفة منذ مطلع الاسلام، وهذا نفس ما يجري في الصومال فعندما تزور مسجد الاركان الاربعة في مقديشو ستري العلم التركي علي بابه، وهو المسجد الذي بني قبل 771 سنة وقد رفع في عام 2016 لتضليل الشعب الصومالي، واظهار انهم من بنوا المسجد، واظهار انهم فاتحين الاسلام في الصومال، وانه مسجد تركي وليس صومالي.
قامت تركيا عبر منظمة الاسراء التركية، وهي منظمة تابعة للمخابرات التركية التي تعمل على قدم وساق مع منظمة تيكا التركية بتوغل في دول القرن الافريقي، ووظفت موظفيها في اماكن حساسة في المنافذ الجوية والبحرية في دول القرن الافريقي، وهذا يوضح سياسة اردوغان لتتريك القرن الافريقي، ونشر الافكار المتطرفة الاخوانية التي تدعمها تركيا، واعطاء ذريعة التدخل العسكري الاجنبي، وتعقيد الازمات والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها دول القرن الافريقي.
كيف كان تاريخ العلاقات المصرية الصومالية؟
بالإشارة إلى العلاقات الصومالية المصرية، سأضرب لكم مثالا واحد. عندما نجد ان الشهيد بإذن الله السفير المصري محمد كمال الدين صلاح الذي استنجد به الصوماليين وزعامات قبلية وقيادات سياسية قبل الاستقلال من الاحتلال البريطاني والايطالي لدعم والمحافظة علي الاسلام واللغة العربية وهويته العربية حيث طالباه الرئيسان الصوماليان عبدالله ادم وعبدالرشيد شرماركه، بضرورة الحضور في الصومال ومخاطبة المحتل المندوب الممثل للاحتلال بالسماح بتعليم وتدريس اللغة العربية بعد رفض الممثل للاحتلال. ومع عدم وجود اي ميزانية وتسهيلات لتدريس اللغة العربية والاسلام مما نتج عن حضوره ان اتجه للبلاد واجبر المحتل بدعم الشعب الصومالي بموقف الشهيد الذي طلب من الرئيس جمال عبد الناصر إرسال ما يحتاج الشعب الصومالي من احتياجات لتعليم طلابه علوم الاسلام واللغة العربية وامر ببناء مدارس تعليمية علي نفقة الحكومة المصرية مع مدرسين وكافة احتياجاتهم، وهذا كان في عام 1953-1954 ان التاريخ يشهد ان الشهيد محمد كمال الدين قد سافر الي امريكا واسيا بغية دعم استقلال الصومال عن المحتل كما سافر الي عدة دول افريقية لشرح قضية استقلال الصومال عالميا، مما اغضب القوة الغربية، والاجنبية، فأرسلت من يغتاله رحمه الله. وما كان الا ان قال الرئيس المصري جمال عبد الناصر للمعزين من الوفد الصومالي نحن سبعة وعشرين مليون كمال الدين شهيد مستعدين لنفدي به من أجل حرية شعب الصومال الشقيق، لذلك يحتفل في هذا الشهر نيسان ابريل في كل عام في يوم 16 ابريل، بيوم الشهيد المصري الصومالي، وهو عرفان لمكانة الشهد محمد كمال الدين الذي منحه الرئيس الصومالي الجنسية الصومالية له وعائلته، وان مصر كانت ممثل الصومال وصوته في كل المحافل الدولية في الخمسينات والستينات وهذا يوضح عمق العلاقات الصومالية المصرية.
هل يعاني الصومال من غياب للدور العربي مقابل حضور الاجندات التوسعية الاقليمية؟
نعم الصومال يعاني غياب عربي في الاعلام العربي وداخل الصومال وخارج الصومال، الا قليلا يتحدث عن حقيقة ما يحصل داخل الصومال وسط تكتم و تظليل الرأي العام الصومالي من قبل النظام الحاكم الذي يدعي انه حيادي وعادل ويلتزم بالدستور الصومالي والقوانين الدولية و لكن الواقع ما يفعله هو مناقض للمصلحة الوطنية الصومالية، وتسيطر عليه مصالح قطر وتركيا، ويغلبها علي المصالح الوطنية الصومالية وهويته الوطنية ومصيره العربي المشترك، وظهر ذلك جليا في قرارات عدة اتخذها الرئيس "الاخوانجي" فرماجو وحكومته المخترقة والمعينة من قبل قطر وتركيا وتمثل في رفض فرماجو دعم مصر في موقفها في سد النهضة، كما رفض ادانة قطر بأي اتهام رغم وجود ادلة ظرفية ومثبتة علي تنظيم الحمدين القطري في عمليات ارهابية داخل الصومال.
مؤخرا قرأت عدة مقالات لكتاب صوماليين بوسائل اعلام تركية وقطرية توجه انتقادات لمصر، ولاحظت تزامن ذلك مع قرار حكومة فرماجو باغلاق المدرسة المصرية في مقديشو.. وتزامنا ايضا مع تسجيل الصومال تحفظه حول القرار العربي الداعم لمصر في موضوع سد النهضة.. برأيك ما سر هذا الهجوم المفاجئ؟
يا سيدي الاقلام التي تكتب ضد مصر هي اقلام مستأجرة، ولا تمثل حقيقة حب الصوماليين للمصرين ولا ينسي الصوماليون ما قدمته مصر للصومال لتحقيق استقلاله. ان ما يحصل معركة مفصلية في تاريخ الصومال فإغلاق المدارس العربية والمصرية الذي يقوم به نظام فورماجو "الإخوانجي" هو تكمله لمشروع تتريك الصومال، وعزله عربيا وإبعاده عن التيار العربي الذي هو منه كما لاحظنا عدم اهتمام الحكومة الصومالية بالمدارس العربية التي تمولها الحكومة المصرية بناء علي برتوكولات ومذكرات تفاهم عام 2008 و2015 وتم تجديدها عام 2018 بموافقة حكومة فورماجو، ولكن في ظل انبطاح الحكومة وتغلغل عناصر اخوانجية ارهابية في مفاصل الدولة الصومالية والتي تم تعينها بواسطة مذيع قناة الجزيرة مدير مكتب الرئيس فورماجو سابقا ومدير جهاز المخابرات الفيدرالي الصومالي فهد ياسين، ورغبة تركيا في الاستحواذ والسيطرة علي ثروات وخيرات الشعب الصومالي والسيطرة علي الممرات البحرية، حيث تمول تركيا عمليات إرهابية وترسل ارهابيين لدول القرن الافريقي، وبمساعدة التدخلات الاثيوبية، بحيث تستغل تركيا الاتفاقية العسكرية مع الصومال في الالتفاف علي حظر شراء السلاح علي عدة دول بالقرن الافريقي، وهو ما يهدد بخلق ازمات و نشوء حروب وزعزعة الامن لدول القرن الأفريقي، كما أن أنقرة تستغل الاتفاقية العسكرية الصومالية التركية لبناء عدد غير محدود من القواعد التركية داخل الصومال وعلى سواحلها للتدخل في المنطقة وتهديد أمن البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب وقناة السويس.
مع انتشار عمليات المنافسة التركية مع خصومها في الصومال وانطلاقا من اراضيه، كيف تركيا حولت وجودها في الصومال الى محطة استخباراتية ونقطة ترانزيت لنقل السلاح إلى القرن الأفريقي؟
بعد ان فشلت تركيا في نهب النفط وخيرات ليبيا قال اردوغان لصحفيين ولمرافقيه بعد خروجه من قمة برلين في الشأن الليبي لا يهمكم فلدينا خيارات اخري، وهذا ما ظهر بتزامن من استثمارات قطرية في كينيا، وسوء استخدام تركيا للإتفاقية العسكرية مع الصومال بحيث تستخدم ميناء مقديشو الذي يديره صهر اردوغان وزير المالية التركي الحالي بيرات البيرق ومن ثم ترسل الاسلحة الي مناطق الصراع العرقية، والقبلية والطائفية والسياسية داخل القرن الافريقي ومحيطه حيث يقدم النظام التركي أموال طائلة للمرتزقة لإرسالهم إلى كل من اليمن براتب شهري 5000دولار و 2000 دولار الى ليبيا و 1500 داخل القرن الافريقي، وتشرف منظمات تركيا علي اهم منفذ بحري في البحر الأحمر في ميناء جيبوتي وهذا يفسر وصول أسلحة تركيا تم ضبتها داخل ليبيا وفي اثيوبيا.
كيف ترى علاقات مصر والإمارات بإقليم أرض الصومال.. وهل ذلك هو سبب في الخصومة مع حكومة مقديشو؟
ان العلاقات المصرية والإماراتية مع كل الأطراف في الصومال هي علاقات متوازنة وتتمتع بقبول مجتمعي، وهي مبنية على احترام القوانين الدولية والمصلحة الوطنية للصومال. والامارات كانت أول من يرسل قوات لحفظ السلام في الصومال عند انهيار الصومال في التسعينات وقامت الإمارات بأكبر حملة انسانية لإنقاذ الصومال في أزمة جفاف الصومال عام 2011، كما ان العلاقات الصومالية الاماراتية تمتد لمئات السنين وكذالك بينا عمق العلاقات المصرية الصومالية والتي هي متوانة مع هرجيزا (عاصمة إقليم جمهورية أرض الصومال) ومقديشو بغية تحقيق السلام بينهم.
كيف يمكن ان نفهم ماهية العلاقة بين "حركة شباب المجاهدين" وحكومة الرئيس الصومالي وكل من تركيا وقطر؟
من اخطر ما يواجه الصومال هو الفساد التي تعاني منه الحكومة الصومالية، وظهر ذلك جليا في رفض الرئيس فورماجو ورئيس حكومته اخيرا ادراج حركة الشباب الصومالية الارهابية في قوائم الارهاب الدولي لدي منظمة الامم المتحدة، كما يواجه الصومال خطر افساد فورماجو وسحب قضية النزاع البحري مع كينيا من محكمة العدل الدولية، ارضاء لقطر واثبات ما يشاع بلسان الحكومة التركية عن نيتها التنقيب في المياه الصومالية وبذلك ستكون مهددا رئيسيا لأهم ممر بحري ممر خط الحرير الذي تمر به ستين بالمائة من التجارة، وسط تنازعات من عدة دول ضاغطة تسعي للتنقيب عن النفط في المنطقة، وفي جنوب الصومال المتنازعة بحريا مع كينيا، وهذه الامتيازات كانت النرويج تطمح لها في الثمانينات.
المصدر الأصلي: وكالة فرات للأنباء
قبل 3 أشهر