الجنرال ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، يزور الرياض، المملكة العربية السعودية. لويس مارتينيز / ايه بي سي نيوز
19-08-2024 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | فرناندو كارفخال
بعد مرور تسعة أشهر على عملية "حارس الازدهار" متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة دون أي تأثير ملموس على الحوثيين، أعلن الرئيس بايدن عن رفع الحظر الذي فُرض في عام 2021 على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية. وقد أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن هذا التحول في السياسة يعكس "الدور المركزي للسعودية في سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط."
يأتي هذا التغير قبل شهرين فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية، حيث يُتوقع أن ترد إيران بضربة على إسرائيل انتقامًا لمقتل إسماعيل هنية. وفي تقرير صدر بعد الإعلان في 13 أغسطس، ذُكر أن "[إدارة بايدن] سترسل شحنات من القنابل إلى السعودية بقيمة تزيد عن 750 مليون دولار خلال الأشهر القادمة، مما يخفف من حدة التوترات بين واشنطن والرياض... وستتضمن الشحنات 3000 قنبلة صغيرة القطر [SDBs] و7500 قنبلة ."Paveway IV يعكس نوع الأسلحة المذكورة أهداف هذا التحول في السياسة، حيث تُستخدم قنابل SDB لاستهداف المواقع الثابتة أو المتحركة، مثل المخابئ ومنشآت الاتصالات والدفاعات الجوية، مما يوفر قدرات تستهدف الأهداف التي يتعامل معها سلاحا البحرية والجو ضمن عملية "حارس الازدهار."
يمكن تفسير هذا التحول في السياسة من قبل إدارة بايدن بأنه اعتراف بفشل عملية "حارس الازدهار" في ردع الحوثيين، وبأن هناك حاجة لدعم القدرات العسكرية السعودية للحفاظ على الوضع القائم مع الحوثيين، وحماية الهدنة المستمرة منذ عامين، ومنع أي تصعيد محتمل. ومع ذلك، لا يُعتبر هذا القرار بمثابة "ضوء أخضر" للسعودية لاستئناف الضربات داخل اليمن؛ على العكس، يعكس تردد ولي العهد محمد بن سلمان في استهداف الحوثيين منذ انتهاء الهدنة في مارس 2022. يمكن أن يُنظر إلى هذا التحول في السياسة الأمريكية كخطوة تهدف إلى تهدئة المملكة خلال المفاوضات حول اتفاقية أمنية أمريكية سعودية شاملة.
في سياق الحرب، قد يشجع مثل هذا التحول في السياسة على التوصل إلى اتفاق سلام شامل يتجاوز مجرد الهدنة الحالية. ومع ذلك، لا يزال الحوثيون غير متأثرين بالقوة العسكرية، وكما أظهرت الضربة الإسرائيلية على خزانات الوقود في الحديدة، فإن الأعمال العدائية تتحول إلى انتصارات دعائية للحوثيين، مما يعزز من مكانتهم بين قواعدهم في اليمن، وفي إطار محور المقاومة الإيراني، وبين التقدميين في الغرب.
لا يعتبر ضوءًا أخضر
المراقبون الذين يقولون إنه لا يوجد حل عسكري للعدوان الحوثي يتجاهلون حقيقة غياب حل دبلوماسي غير عسكري له. منذ ديسمبر 2018، وسّع الحوثيون سيطرتهم على الأراضي اليمنية بنسبة تقارب 25%. كما سيطروا على كامل محافظة صعدة، وغرب الجوف، والبيضاء، وزادوا من وجودهم على بعد 20 كيلومتراً فقط من غرب وجنوب مدينة مأرب. بالإضافة إلى ذلك، عزز الحوثيون قدراتهم لتتجاوز ما كانت عليه في عام 2017 عندما استهدفوا مطار الرياض الدولي لأول مرة.
رغم أن إعلان رفع قيود المبيعات جذب الأنظار، إلا أن تسليم الأسلحة بقيمة 750 مليون دولار سيتم على مدار ما تبقى من عام 2024. وقد ركز تعليق بيع الأسلحة في عام 2021 على مخاوف بشأن "سياسة السعودية تجاه اليمن وجهود تحسين إجراءات تقليل الأضرار المدنية." لم يؤدِّ هذا التعليق إلى إنهاء الأعمال العدائية من قبل السعودية، بل أدى إلى مفاوضات مع الحوثيين في مارس 2022 للتوصل إلى وقف إطلاق النار وتشكيل مجلس القيادة السياسية. كانت الإدارة الأمريكية حريصة على التأكيد على التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والسعودية، مؤكدةً أن "السعودية لا تزال شريكًا استراتيجيًا وثيقًا للولايات المتحدة، ونتطلع إلى تعزيز هذه الشراكة."
وفي ظل التوترات المتزايدة حول شبه الجزيرة العربية، أوضح الدكتور ثيودور كاراسيك، الزميل في الشؤون الروسية والشرق أوسطية بمؤسسة جيمس تاون، أن "هذه الصفقة تمر بسبب متطلبات الأمن السعودي المستقبلية. لا تزال المملكة بحاجة إلى دعم الأسلحة الأمريكية للسيناريوهات المحتملة المقبلة. تأخير المساعدة سيؤدي فقط إلى تعقيد محاولات الوصول إلى حل، لأن الرياض تُعد أحد الفاعلين الأساسيين في المنطقة."
بينما يرى بعض المراقبين مثل نبيل خوري، نائب رئيس البعثة الأمريكية السابق في السفارة الأمريكية بصنعاء، أن "إدارة بايدن تناقض نفسها بقولها إنها تسعى للسلام بينما تشجع على استمرارية العنف في اليمن"، إلا أنه لا توجد نية واضحة لدى الولايات المتحدة لمنح السعودية ضوءًا أخضر لاستئناف الأعمال العدائية ضد الحوثيين، ولا تشير المملكة إلى نية لإعادة إشعال الصراع عبر الحدود، رغم التوترات مع إيران والضغط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقد أشار كاراسيك إلى أن "قضايا التطبيع ربما تُؤجل للعام المقبل نظرًا للوضع السياسي الراهن." وأعرب خوري عن قلقه من "رفع الأمم المتحدة اسم عائلة صالح من القائمة السوداء في ظروف مشبوهة."
التأثير على الحرب الأهلية
من منظور آخر، لا يأتي التحول في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بأي فائدة ملموسة للأطراف اليمنية التي تواجه الحوثيين على الأرض. رفع القيود عن السعودية لن يؤثر بشكل مباشر على الحوثيين، ولن يصل الدعم إلى منافسيهم على الأرض، حيث تظل المملكة مترددة في تقديم دعم جوي كافٍ للقوات الجنوبية أو لعناصر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
حذر مسؤولو الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في ديسمبر 2023 من أن التعامل مع الحوثيين دون دعم عسكري داخل اليمن سيؤدي إلى فشل عسكري آخر. طلبت هذه الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي دعم الولايات المتحدة ضد الحوثيين، لكن إدارة بايدن تظل مترددة في التحرك بعيدًا عن الموقف الدفاعي والانخراط كطرف آخر في الصراع، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. لذلك، من المؤكد أن النهج الحالي لن يؤدي إلى انتصار عسكري على الحوثيين، بل سيطيل معاناة 28 مليون مدني مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية في اليمن.
رغم أن زخم هجمات الحوثيين على السفن التجارية تراجع عبر باب المندب تراجع بشكل كبير منذ 20 يوليو، إلا أن هذه الهجمات كانت عشوائية وفرصية أكثر منها تكتيكات مستمرة. تتصاعد التوترات وسط مزاعم بقصف عبر الحدود من قبل القوات السعودية في صعدة. كما أسقط الحوثيون عددًا من الطائرات الأمريكية بدون طيار في الأشهر الأخيرة. تواصل السعودية ضبط النفس في اليمن، لكنها تواجه تحديات متزايدة حيث تضغط الولايات المتحدة على المملكة للانخراط في تطبيع العلاقات وسط الحرب في غزة، بينما تستخدم إيران الحوثيين وميليشيات شيعية عراقية كأداة ضغط إذا تخلت السعودية عن الفلسطينيين.
يفتقر الحوثيون إلى استراتيجية لما بعد الصراع، فهم غير مستعدين للتحرك نحو الحوكمة خارج إطار النزاع المسلح. يواصل المتمردون في صنعاء استخدام التهديدات بالتصعيد كتكتيك رئيسي في المفاوضات مع السعودية والأمم المتحدة. ويظهر احتجاز الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لأكثر من شهرين، وفشلهم في التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى، أنهم غير مهتمين بالسلام. تسعى السعودية وشركاؤها الإقليميون فقط للتحضير لاحتمال انهيار الهدنة مع الحوثيين، خاصة إذا توسعت الحرب في غزة، وهم يدركون أن الولايات المتحدة لن تنخرط في الأعمال العدائية المباشرة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وقد يؤدي فوز ترامب المحتمل إلى زيادة عدم الاستقرار حتى بالنسبة للمؤيدين المتحمسين له في المنطقة.