عربي

هل تأثرت قناة السويس بهجمات الحوثيين؟

الصورة: إعلام مصري

03-01-2024 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24 | نانسي زيدان


يظل البحر الأحمر هو الرابط التجاري الأكثر أهمية بين آسيا وأوروبا، وقناة السويس تشكّل منفذه الرئيس إلى العالم. حيث يمر منها نحو (30%) من حركة السفن والحاويات العالمية، بما تحويه من تدفقات حيوية للطاقة. (7.1 مليون) برميل من النفط و(4.5 مليار) قدم مكعب من الغاز الطبيعي تعبر باب المندب (المدخل الجنوبي للبحر الأحمر) يوميًا، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.[1]


مع تفاقم الحرب الإسرائيلية على غزة، أعلن الحوثيون – وهم جماعة يمنية تدعمها إيران - عن أنفسهم كمُساندين للفلسطينيين، من خلال شن عدة هجمات جوية باتجاه إسرائيل[2]، لكنّ هذه الهجمات تطورت لتطال السفن التجارية في البحر الأحمر. يزعم الحوثيون أنها سفن إسرائيلية أو تتجه إلى إسرائيل. وقد استغلت الجماعة الرصيد الشعبي الضخم المساند لفلسطين لإبراز قدراتها وكسب التعاطف والتأييد المحلي والعربي. 


الولايات المُتحدة والحوثيون: اتهامات مُتبادلة


كانت إدارة بايدن قد رفعت جماعة الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية في فبراير (2021). ذلك التصنيف كان قراراً لإدارة ترامب كجزء من حملة ضغط أوسع ضد إيران[3]. عادت إدارة بايدن نفسها بعد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر [4] تبحث عن سُبل لكبح جماح المليشيا. حاولت إدارة بايدن التواصل مع السعودية والإمارات بشأن التشاور من أجل عمل عسكري ضد الحوثيين، إلا أن الدولتين وفقا لترجيحات محللين، "غير مهتمتين بإعادة فتح حرب اليمن"، خاصة في ظل تنامي التفاهمات السعودية الإيرانية، والتفاهمات السعودية مع الحوثيين.[5] في الأثناء، قررت إدارة بايدن تشكيل تحالف عسكري دولي يتمركز في باب المندب وجنوب البحر الأحمر، ومن بين 39 دولة أعضاء في فرقة العمل المشتركة التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تعمل على ضمان حرية التنقل في الخليج العربي والمحيط الهندي وخليج عدن، وافق عددٌ محدود من الدول للدخول  في تحالف "حارس الازدهار" الأمريكي، مثل البحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا.[6] أعلن مسؤولون في البنتاغون والقوات البحرية المشتركة أنّ عدد الدول المنخرطة في التحالف الجديد بلغ 20 دولة، لكن لم يتم ذكر أسماءها.


ومع أنّ جماعة الحوثيين قالت أن "عملياتها" ستكون موجهة لكل سفينة مُرتبطة أو ذاهبة لإسرائيل دون غيرها من السفن، وأن عسكرة الولايات المُتحدة للبحر الأحمر هي ما يعيق حركة الملاحة التُجارية، وأن التحالف الذي أنشأته أمريكا يحمي إسرائيل وليس التجارة الدولية.[7] إلا أنّ سفنا لدول أخرى، بعضُها غير ذات صلة بإسرائيل، تعرّضت أيضا لهجمات الحوثيين. ومؤخرا، دخلت الجماعة في تصعيد مباشر مع القوات الأمريكية بعد مقتل عشرة من مسلحي الحوثيين في قصف للمروحيات الحربية الأمريكية لثلاثة زوارق حوثية صغيرة، في جنوب البحر الأحمر. زعمت القيادة المركزية الأمريكية أنّ مسلحي الحوثيين حاولوا الاستيلاء على سفينة تجارية تتبع شركة ميرسك، وأن الزوارق أطلقت النار باتجاه المروحيات الأمريكية والسفينة التجارية، الأمر الذي استدعاها للرد.


وسبق لزعيم الجماعة الحوثية أنّ حذر في وقت سابق أنّ  أي استهداف لهم، سيجعل من البوارج والمصالح والملاحة الأمريكية هدفاً لصواريخهم وطائراتهم المسيّرة وعملياتهم العسكرية. ".[8] لم ترد الجماعة حتى الآن على القصف الأمريكي. في هذا التوقيت أشارت عدة تقارير لصحف غربية بينها التايمز وتلغراف ونيويورك تايمز أنّ إدارة بايدن والمملكة المتحدة تدرس خططا لشنّ هجمات ضد الحوثيين في البحر وفي اليمن نفسه.


وفي محاولة لمُحاصرة قدرات الحوثيين، فرضت الولايات المتحدة مُؤخراً عقوبات على عدد من شركات الصرافة من اليمن وتركيا وعدة أفراد بزعم أنها تساعد في توفير التمويل للحوثيين.[9] 





مصر والسعودية وقناة السويس


اختارت السعودية ومصر والإمارات عدم الانضمام إلى التحالف البحري متعدد الجنسيات، علماً أن  مصر والسعودية شريكة مع (اليمن، الصومال، إريتيريا، جيبوتي، الأردن، السودان) في مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، الذي أعلن عنه في يناير 2020.[10] تهتم المملكة العربية السعودية بالسمعة العالمية لاستقرار البحر الأحمر، لأن ذلك الأمر في صميم انتعاش مُدنها السياحية وخططها الاقتصادية لاستراتيجية( 2030). وتتفق مصر معها في ذلك الأمر. قال وزير الخارجية المصري، أن مصر تواصل التعاون مع العديد من شركائها لتوفير الظروف المناسبة لحرية الملاحة في البحر الأحمر.[11] بالمقابل أكدت الجهات المصرية أنّه قناة السويس لم تتأثر بالأحداث المتطورة في البحر الأحمر. وقال بيان لهيئة قناة السويس أنّ حركة الملاحة بالقناة المصرية منتظمة، وإنّه  على رغم إعلان بعض الخطوط الملاحية عن تحويل رحلاتها بشكل مؤقت إلى طريق رأس الرجاء الصالح، إلا أن تحول (55 سفينة) للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح خلال الفترة من 19 نوفمبر، حتى 17 ديسمبر، تعتبر نسبة ضئيلة مقارنة بعبور (2128 سفينة) عبر قناة السويس خلال ذات الفترة[12] .


وبعد أن تم تغيير مسار أكثر من 100 سفينة حاويات حول رأس الرجاء الصالح في جنوب قارة إفريقيا لتجنب قناة السويس، في مقدمتهم شركتا الحاويات العملاقة ميرسك وهاباج لويد، اللتان  أعلنتا منذ 19 ديسمبر بتحويل مسار سفنهم، ارتفعت الرسوم على عملاء هذه الشركات.  كما انخفض سعر سهم ميرسك (5%)، وتراجعت أيضا أسهم شركات الشحن الأخرى، بما في ذلك سهم هاباج لويد، الذي انخفض (6%) ومجموعة ناقلات النفط فرونت لاين التي تراجعت( 5.3 %) وخدمة شحن السيارات هوج أوتولاينرز التي تراجعت (3%).[13]


وتوقعت شركة Kuehne and Nagel  للخدمات اللوجستية البحرية، أن يؤدي تحويل خطوط الملاحة إلى تأخيرات محتملة في توافر موارد الشحن، وتأثيرات سلبية على الموثوقية العامة لسلاسل التوريد[14].علماً بأن إيرادات قناة السويس في أكتوبر 2023 ارتفعت عن نفس الشهر من العام 2022، حيث بلغت نحو  )14.3 مليار (جنيه، بزيادة قدرها) 12.9 مليار( جنيه.[15] 


اقرأ أيضا: السعودية والإمارات ما بين «حارس الازدهار» والخروج الآمن من حرب اليمن

على المستوى الإقليمي، وعلى الرغم من تبرير إيران لهجمات الحوثيين على أنها مواكبة للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة إلا أنّها تستغل الحوثيين لإظهار نفوذها الإقليمي. ولا تزال طهران مصدر تسليح وتدريب للميليشيا الحوثية  منذ أن بدأوا الحرب الأهلية في البلاد قبل عقد من الزمان تقريبًا.


وعلى عكس حزب الله، قد يرى بعض المحللين أنّ الحوثيين لديهم أولوياتهم وأجندتهم المستقلة، ولذلك من المرجّح أنّ يصبحوا  نقطة استنزاف جديدة للقوات الأمريكية بعد أوكرانيا وغزة – كما تسعى إيران -، إذ أنّهم – أي الحوثيين – وجدوا في مهاجمة إسرائيل ضالتهم لكسب التعاطف الشعبي وتبييض انتهاكاتهم بحق الشعب اليمني، كما يتهمهم خصومهم.




نانسي طلال زيدان

زميلة غير مقيمة في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحثة في العلوم السياسية والتحليل الإعلامي

مراجع: 

[1] Dr. Bruce Jones, Red Sea Crisis: What Can the West Do to Combat Houthi Attacks on Commercial Ships? (foreignpolicy.com),20/12/2023

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا