تخرج أكثر من 20 ألف مقاتل من الدفعة الأولى من دورات طوفان الأقصى في حجة (وكالة سبأ الحوثية)
28-12-2023 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
رغم مخاطرتهم بالدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل في البحر الأحمر نتيجة هجماتهم البحرية، استطاعت مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران تحقيق مكاسب عدة من حرب إسرائيل على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. فما هي أبرز هذه المكاسب؟
المكاسب العسكرية
تحت اسم "طوفان الأقصى"، دشن الحوثيون دورات تدريبية مفتوحة على مدى الفترة الماضية في مختلف محافظات شمال اليمن، جندوا خلالها عشرات الآلاف من المسلحين القبليين. ففي 13 نوفمبر، أعلن الحوثيون تخريج عدد من الكتائب في مناورة عسكرية في صعدة على الحدود مع السعودية لقوات "حرس الحدود".
وفي 16 نوفمبر، أعلن الحوثيون تجنيد 10 ألف مسلح قبلي في محافظة ذمار ضمن دورات "طوفان الأقصى". ونظم الحوثيون في 2 ديسمبر عرضا عسكريا في ميدان السبعين بصنعاء لتخريج دفعة أخرى، تضمن استعراض طائرتين مقاتلتين من طراز ميج29 الروسية التي استولت عليها الجماعة من مخازن الجيش اليمني بحسب مصادر صحفية. وفي 10 ديسمبر، أعلنت الجماعة تجنيد 15 ألف مقاتل في صعدة.
وفي 20 ديسمبر، أعلن الحوثيون تجنيد 23 ألف مقاتل في محافظة عمران. وفي 24 ديسمبر، أعلنوا تجنيد 20 ألف مقاتل إلى صفوفهم في محافظة حجة. كما أعلنوا تجنيد دفعات جديدة في باجل بالحديدة ومديريات أخرى من المحافظة.
وفي هذا الاتجاه، يعتقد الخبير الأمريكي فرناندو كارفاخال والعضو السابق في فريق خبراء مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن أن "تصعيد الحوثيين على طول منطقة باب المندب يعد دليلا واضحا على تمكين الحوثيين وزيادة قدراتهم العسكرية، منذ توقيع الهدنة مع المملكة العربية السعودية في أبريل 2022".
وأضاف لمركز سوث24: "نحن نعلم أنّ هذا لم يكن أبدا لوقف إطلاق النار داخل اليمن، فقد كان هذا الاتفاق يهدف في المقام الأول إلى منع أي ضربات عبر الحدود من قبل الحوثيين، مع وعد بعدم شن غارات جوية على مواقع الحوثيين داخل اليمن من قبل الرياض".
ووفقا لكارفاخال، "حتى الآن، تم التأكيد تقريبًا على أن جميع الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تم إطلاقها ضد إيلات في إسرائيل مصدرها إما العراق أو سوريا. على الرغم من أنه ليس هناك شك في أن الحوثيين أطلقوا طائرات مسيرة وصواريخ فوق الأراضي السعودية أو البحر الأحمر، والتي اعترضتها القوات البحرية الأمريكية".
ويشير الخبير العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي إلى أن الحوثيين استغلوا حرب غزة لتوسيع حضورهم العسكري في البحر الأحمر وباب المندب، وهو ما يعني في المحصلة توسيع نفوذ الحرس الثوري الإيراني.
وقال لمركز سوث24: "هذه العمليات التي تنفذها مليشيا الحوثيين في البحر الأحمر تتم بإيعاز إيراني، والعالم يدرك ذلك. لا نحتاج لأدلة تثبت هذا أكثر من تصريح وزير الدفاع الإيراني مؤخرًا بإن منطقة البحر الأحمر تمثل منطقة إيرانية وأن لهم تواجدًا فيها، وهو بالتأكيد يقصد التواجد الإيراني في مناطق سيطرة الحوثيين".
وفي 22 ديسمبر الجاري، قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن سفينة تجسس إيرانية تساعد الحوثيين في شن هجمات مباشرة على سفن البحر الأحمر.
المكاسب السياسية
على الصعيد السياسي، يعتقد الخبير الأمريكي فرناندو كارفاخال أن مليشيا الحوثيين استفادت من حرب غزة في شن هجماتها الأخيرة لتعزيز موقفها التفاوضي أمام السعودية والإمارات.
وقال لمركز سوث24: "يستفيد الحوثيون من هذه العمليات ليس فقط من أجل مصالح إيران باعتبارهم مجرد وكيل، بل يريدون فرض مطالبهم على المملكة العربية السعودية (والإمارات العربية المتحدة) بعد ما يقرب من أربعة أشهر منذ الاجتماعات في الرياض".
وتابع: "يدرك الحوثيون أهمية التجارة البحرية لدبي، وكذلك لسوق النفط، لكن هدفهم هو التأثير على عملية التطبيع مع إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. دعونا نتذكر أن عملية حماس في 7 أكتوبر جاءت مع تزايد الزخم في المحادثات المحتملة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في أواخر سبتمبر، بعد حوالي خمسة أشهر من الاتفاق الإيراني السعودي في بكين".
مضيفًا: "هناك أهداف أخرى للحوثيين من هذه العمليات العسكرية، بما فيها توليد دعم شعبي لقضيتهم بين المسلمين والشريحة المعادية لإسرائيل من الجمهور العالمي. الحوثيون ومؤيدوهم في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية مضوا السنوات التسع الماضية في إدانة الحصار السعودي المزعوم لشمال اليمن، والآن يشيدون بالحصار العالمي الذي يفرضه الحوثيون على مضيق باب المندب بالصواريخ والمسيرات".
ورأى كارفاخال أنّ التطور المقلق هو "إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار في الاتجاه العام لسفن البحرية الأمريكية، سواء بتوجيه من الجيش الإيراني أو عمليات إطلاق عشوائية". وتابع: "إذا استمر الحوثيون في مثل هذه الأعمال المتهورة، فإن ذلك سيجبر بلا شك إدارة بايدن على السماح بشن ضربات على أهداف حوثية، في وقت لا يستطيع فيه الرئيس بايدن تحمل خسارة نقاط في استطلاعات الرأي الانتخابية من خلال الظهور بمظهر ضعيف ضد الحوثيين وإيران".
المكاسب الاقتصادية
في 18 أكتوبر الماضي، أصدر البنك المركزي الخاضع لسيطرة جماعة الحوثيين في صنعاء، تعميماً إلى كافة شركات الصرافة المشغلة لشبكات الحوالات المالية المحلية في مناطق سيطرتهم، بتدشين حملة شعبية باسم "حملة دعم الشعب الفلسطيني" عبر شبكات الحوالات المالية المحلية.
وشدد التعميم على أن يتم تقييد أي حوالات مالية باسم "حملة دعم الشعب الفلسطيني" في حساب باسم الحملة، وأن يتم ترحيل إجمالي رصيد التبرعات في بداية يوم العمل التالي إلى حساب الحملة طرف البنك المركزي بصنعاء رقم (60000) مع الاحتفاظ بإشعارات توريد المبالغ المرحلة إلى الحساب.
وخلال الأسابيع الماضية، جمع الحوثيون مبالغ تجاوزت مليار ونصف مليون ريال يمني قالوا إنها لدعم الفصائل الفلسطينية. ففي 20 نوفمبر الماضي، أعلنت هيئة الزكاة في صنعاء تدشين حملة دعم لفلسطين بمبلغ 1.390 مليار ريال يمني بتوجيهات من زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.
قبلها في 29 أكتوبر، أعلنت ألوية النصر الحوثية أنها قدمت 132.5 مليون ريال يمني للفصائل الفلسطينية كتبرعات من أفرادها، بالإضافة لنحو 50 مليون ريال يمني تم تجميعها من تبرعات أفراد القوات الخاصة في صنعاء في 27 نوفمبر، و40 مليون ريال يمني في 30 نوفمبر قُدمت من الهيئة النسائية الثقافية العامة في مناطق سيطرة الحوثيين. وتحدث إعلام الجماعة عن قيام النساء ببيع الحلي والذهب لتوفير هذه النقود.
ومن وجهة نظر الصحفي والخبير الاقتصادي اليمني، سليمان المقرمي، فقد وظّف الحوثيون حرب غزة لتحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية وقال المقرمي لمركز سوث24: "في 11 أكتوبر، أي بعد 4 أيام من هجوم 7 أكتوبر الذي قامت به الفصائل الفلسطينية، أصدر الحوثيون قرارا يسمح لوزارة المالية في حكومتهم ورئيس الحكومة، ورئيس المجلس السياسي بفرض ضرائب جديدة وجمارك".
وأشار إلى أنّ هذا القانون يحتوي أيضاً على سلسلة من الضرائب على القطاع التجاري والصناعي، على مستوى المبيعات والأرباح والدخل، تصل إلى 20%.
ويبدو أن مكاسب الحوثيين الاقتصادية لا تتوقف عند هذا الحد، فقد كشفت عقوبات الخزانة الأمريكية على أفراد وكيانات على صلة بإيران وتمول الحوثيين، التي كان آخرها اليوم، عن دعم متزايد تقدمه الجمهورية الإسلامية للمليشيا اليمنية لاستمرار هجماتها البحرية.
وفي ندوة نقاشية افتراضية سابقة لمركز سوث24 في 25 سبتمبر الماضي، كان الباحث الأمريكي في شؤون الإرهاب ومنطقة الشرق الأوسط إدريان كالاميل قد حذر من استفادة وكلاء إيران في الشرق الأوسط، بما فيهم مليشيا الحوثيين، من 6 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية التي كانت مجمدة في كوريا الجنوبية والتي أفرجت عنها واشنطن مقابل الإفراج عن محتجزين أمريكيين في إيران.
اقرأ المزيد: ندوة نقاش: خبراء يدعون لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب في جنوب اليمن
المكاسب المعنوية والدعائية
نظرا للشعبية الجارفة التي تحظى بها القضية الفلسطينية عند اليمنيين بشكل خاص والعرب والمسلمين بشكل عام، استغل الحوثيون الحرب الأخيرة في غزة لتعزيز شعبيتهم التي كانت تمر بمرحلة حرجة في صنعاء ومدن الشمال الأخرى قبل الحرب الفلسطينية الإسرائيلية الأخيرة كما أشارت صحف عالمية.
وفي هذا الشأن، قال الخبير السيكولوجي أيمن اليماني لمركز سوث24 إن "الحوثيين استطاعوا بمكر شديد استغلال ما يحدث في غزّة لمصلحتهم، وتمكنوا من وضع أنفسهم في صدارة المدافعين عن فلسطين وصرف الأنظار إليهم".
مضيفًا "من خلال أعمال القرصنة وقطع شريان الملاحة في مضيق باب المندب بدعوى حصار إسرائيل، بالإضافة إلى مزاعم قصف إيلات الإسرائيلية بصواريخ وطائرات مسيرة، استطاع الحوثيون حقيقة كسب تعاطف وتأييد العامة، ليس داخليا فقط بل خارجيا أيضًا".
ويعتقد اليماني أن إشادة بعض المتحدثين من الفصائل الفلسطينية بأعمال الحوثيين ساعدت في ذلك أيضًا.
ومع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة، يبدو أن مكاسب الحوثيين في اليمن سوف تستمر على كل المستويات. على الأرجح، يزن الحوثيون هذه المكاسب فيجدونها أثمن مقارنة بالمخاطر المتوقعة لنهجهم الراهن مثل احتمالية شن ضربات أمريكية ضدهم، أو حتى إعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة. علاوة على التداعيات الاقتصادية التي ستضرب اليمن بأسرها نتيجة لارتفاع تكاليف الشحن في الموانئ.