أشخاص يقفون على سطح مبنى بينما تتصاعد كرة من النار والدخان فوق برج فلسطين في مدينة غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أثناء غارة جوية إسرائيلية (Credit: MAHMUD HAMS/AFP via Getty Images)
10-10-2023 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عدن
قرابة 90 ساعة منذ بدء عملية "طوفان" الأقصى العسكرية غير المسبوقة التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين، المعروفة بـ "حماس"، عبر ذراعها العسكري "كتائب عز الدين القسام" ضد المستوطنات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة.
الحرب التي حملتها طائرات القسام الشراعية المحملة بالمقاتلين في مشهد غير مسبوق، والطائرات المسيرة الانتحارية والجرافات التي استهدفت جدار إسرائيل العازل، باتت اليوم حديث الساعة وسط ردة فعل عنيفة من تل أبيب ضمن عملية "السيوف الحديدية" المضادة التي تضرب مدينة غزة حتَّى اللحظة.
لقطات نشرها الإعلام العسكري لكتائب القسام لجندي على طائرة شراعية
ورغم عمرها القصير حد الساعة، حملت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس مسنودة بالفصائل الفلسطينية الأخرى التي انضمت إليها أرقاما كبيرة في الضحايا والصواريخ والغارات، حيث بلغ عدد القتلى الإسرائيليين حتى الآن بحسب الإحصاءات الرسمية ما لا يقل عن 1000 قتيل وأكثر من 2800 جريحا، مقابل 900 قتيلًا في غزة و4250 جريحا جرَّاء الغارات الإسرائيلية.
وخلال الساعات الأولى من عملية "طوفان الأقصى"، قالت كتائب القسام إنَّها أطلقت 5 آلاف صاروخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية دفعة واحدة. تصدت القبة الحديدية، نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الشهير، لكثير من هذه الصواريخ لكن بعضها حقق إصابات مباشرة في أهداف مدنية وعسكرية إسرائيلية.
فرق الإطفاء الإسرائيلية تقوم بإخماد الحريق في ساحة انتظار السيارات خارج مبنى سكني في أعقاب هجوم صاروخي من قطاع غزة في مدينة عسقلان بجنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر، 2023 (Credit: AHMAD GHARABLI/AFP via Getty Images)
وفجرت هذه التطورات ردود فعل دولية واسعة، بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية التي أكدت موقفها التاريخي الاستراتيجي إلى جانب إسرائيل، وإرسال حاملة طائرات بالقرب من إسرائيل للتعبير عن التضامن معها. ولحقتها مواقف غربية مشابهة، مقابل مواقف عربية ركز معظمها على إدانة الخطوات الاستيطانية الإسرائيلية وتحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.
وعلى الرغم من حالة الحصار المطبق التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي شملت قطع إمدادات الكهرباء والوقود والأدوية، لازال مقاتلو الفصائل الفلسطينية ينشطون في مستوطنات اقتحموها مؤخراً، كما تتواصل الرشقات الصاروخية من غزة باتجاه المدن الإسرائيلية.
نظام القبة الحديدية يعترض صواريخ أطلقها مسلحون فلسطينيون من مدينة غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (Credit: MOHAMMED ABED/AFP via Getty Images)
وفي خضم هذا كله، تفاقمت المخاوف من توسع رقعة العنف مع دعوات مستمرة يطلقها قادة حماس لحزب الله اللبناني ومجموعات "محور المقاومة" الأخرى في المنطقة للالتحام معهم ضد إسرائيل. كما تشمل المخاوف امتداد المواجهات إلى القدس والضفة الغربية.
وواصلت دول الجوار العربية تتقدمها مصر والأردن والسعودية والإمارات حراكها الواسع باتجاه خفض التصعيد واحتواء الأزمة. وأجرى قادة هذه الدول عشرات الاتصالات مع قادة دول أوروبية وأمريكية وآسيوية لإجراء النقاشات والوقوف على التطورات.
آخر التطورات
قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الثلاثاء إن نحو 200 ألف شخص، أو قرابة عشرة بالمئة من سكان قطاع غزة، فروا من ديارهم في غزة منذ بدء الهجمات، وهم معرضون لنقص مياه الشرب والكهرباء بسبب الحصار.
وقال ينس لايركه المتحدث باسم المكتب في مؤتمر صحفي بجنيف “تصاعدت وتيرة النزوح بشكل كبير في عموم قطاع غزة، حيث تجاوز العدد 187500 شخص منذ يوم السبت. ويحتمي معظمهم في المدارس”.
في هذه الأثناء، واصل الإسرائيليون قصف قطاع غزة، خصوصا في حي الرمال ومنطقة جباليا وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع. كما حذرت إسرائيل مصر من مساعدة الفلسطينيين في غزة، مهددة بقصف الشاحنات الناقلة لأي إمدادات، وذلك نقلا عن القناة 12 العبرية.
وكانت مصادر مصرية رفيعة المستوى في تصريحات صحفية قد حذَّرت أمس الاثنين من دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية.
سكان بغزة يفرون من منازلهم للابتعاد عن الحدود مع إسرائيل بعد إطلاق وابل من الصواريخ من القطاع على إسرائيل في 7 أكتوبر، 2023 (Credit: MOHAMMED ABED/AFP via Getty Images)
ونعت حركة حماس الثلاثاء اثنين من أعضاء مكتبها السياسي قتلا جراء غارة إسرائيلية في مدينة خان يونس بقطاع غزة. وأعلنت في بيان مقتل عضوي المكتب السياسي للحركة، "زكريا أبو معمر وجواد أبو شمالة".
وأظهرت صور دمارا هائلا في المباني السكنية والمدنية في جباليا وحي الرمال في غزة جراء الغارات الإسرائيلية. وهدد المتحدث باسم كتائب القسام، "أبو عبيدة"، من إقدام الحركة على إعدام رهائن إسرائيليين تم اقتيادهم السبت من مستوطنات إسرائيلية إلى غزة إذا واصلت تل أبيب قصف المدنيين في القطاع.
قبلها، كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن اعتزامه مواصلة العملية في غزة حتى على حساب الرهائن الإسرائيليين لدى حماس وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها من الفصائل الفلسطينية. وقد قتل 4 من الرهائن بالفعل أمس الاثنين بحسب بيان نشرته كتائب القسام.
آثار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (الجزيرة)
ودعت المملكة العربية السعودية اليوم الثلاثاء ، إلى عقد اجتماع استثنائي عاجل للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى الوزراء، "لتدارس التصعيد العسكري في غزة ومحيطها وتفاقم الأوضاع بما يهدد المدنيين وأمن واستقرار المنطقة".
ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول الجامعة العربية اجتماعًا يوم غدًا لمناقشة التطورات.
وفي سياق متصل، أُطلقت دفعة جديدة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل الثلاثاء، لليوم الثالث على التوالي، تلاها قصف من الجانب الإسرائيلي، وفق ما أفاد مصدر عسكري وكالة فرانس برس. وقال المصدر العسكري إن "ثلاث رشقات من الصواريخ أُطلقت من منطقة القليلة، ردّ عليها العدو بالقصف" على بلدات حدودية.
أحد المسلحين الفلسطينيين يركض باتجاه معبر إيرز بين إسرائيل وشمال قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 (Credit: MOHAMMED ABED/AFP via Getty Images)
وفي بيان مساء اليوم، تبنت كتائب القسام التابعة لحماس قصف مناطق في الجليل الغربي شمالي إسرائيل عبر صواريخ أطلقت من جنوب لبنان، وسط تحذيرات إسرائيلية وأمريكية شديدة اللهجة من انخراط حزب الله اللبناني المدعوم من إيران في أي نشاط عسكري ضد تل أبيب.
حاملة الطائرات الأمريكية
وفي سياق الدعم الأمريكي للموقف الإسرائيلي، ووسط الأنباء عن هجوم بري وشيك قد ينفذه الجيش الإسرائيلي في غزة، وصلت اليوم الثلاثاء حاملة الطائرة الأميركية "جيرالد فورد" إلى أقصى شرق البحر المتوسط.
وكانت حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية، تبحر مع البحرية الإيطالية في وقت سابق من هذا الأسبوع، وفقًا لقناة سي إن إن، مما يجعلها قريبة من إسرائيل. وسترافق الحاملة مدمرات صواريخ موجهة وطرادات صواريخ موجهة.
حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جيرالد آر فورد" (GETTY IMAGES)
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نقلا عن مصادر في البنتاغون، أن الولايات المتحدة تدرس إمكانية إرسال حاملة طائرات ثانية إلى سواحل إسرائيل.
وحسب الصحيفة الأمريكية فإن الدفاع الأمريكية سترسل حاملة الطائرات "دوايت أيزنهاور" والسفن المرافقة لها والتي كان من المقرر وصولها إلى الشرق الأوسط قبل عدة أشهر.
وهاجم الرئيس التركي رجب أردوغان الخطوة الأمريكية. وفي حديثه في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار النمساوي كارل نيهامر يوم الثلاثاء، قال أردوغان إنَّ وجود الحاملة قد يؤدي إلى "مذابح". مضيفا "ماذا تفعل حاملة الطائرات الأمريكية في إسرائيل؟ ما هو قادم للقيام به؟" وقال: "سوف تدمر غزة من خلال ضرب المناطق المحيطة بها والبدء في ارتكاب مجازر خطيرة".
وكان أردوغان قد عبر عن "حزنه الرهيب" لسقوط قتلى إسرائيليين، و"حزنه العميق" لقرار تل أبيب تشديد فرض الحصار على قطاع غزة.
وحذر زعيم مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن، عبد الملك الحوثي، من أي تدخل عسكري أمريكي في غزة لصالح إسرائيل. وقال الحوثي، الذي يشكل الفرع اليمني لما يعرف بـ "محور الممانعة والمقاومة" الذي تترأسه إيران في المنطقة إنهم سوف يطلقون صواريخهم وطائراتهم المسيرة في حال حدث هذا الأمر.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد تحدثت في تقرير لها عن خلفية عملية حماس الأخيرة التي قالت إنه تم الترتيب لها في بيروت اللبنانية، وإطلاقها بضوء أخضر إيراني. لاحقا، قال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إنَّه "لا دليل حتى الآن" على أن إيران تقف وراء الهجوم، مع حقيقة العلاقات المتينة بين طهران وحماس.
تعليق المساعدات الفلسطينية
رفضت ألمانيا الثلاثاء إمكانية تعليق المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني الذي "يعتمد" على هذه المساعدات لتلبية احتياجاته الحيوية، حسبما أكدت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك قبل اجتماع طارئ لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
وقالت في بيان "سيكون من الخطأ تماما تعليق المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين" لأن "ملايين الأشخاص، من بينهم الكثير من الأطفال، في الأراضي الفلسطينية يعتمدون علينا في إمداداتهم من الغذاء والماء والدواء".
امرأة فلسطينية تجلس بين الأنقاض في حي الرمال المدمر بعد غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (EPA)
وحثّت بيربوك السلطة الفلسطينية على "أن تنأى بنفسها" عن "إرهاب" حماس الذي "لا يمكن تبريره".
وقبل ألمانيا، كانت إيرلندا وإسبانيا قد أعلنتا رفضهما وقف المساعدات التنموية لفلسطين. وغاب هذا الانقسام الأوروبي بشأن المساعدات المقدمة إلى فلسطين في الجانب السياسي حيث تبنت الدول الأوروبية مواقف موحدة واضحة في دعم إسرائيل ضد حماس، والدعوة لعدم استهداف المدنيين.
وأدان الأمين العام للمتحدة أنطونيو غوتيريش هجمات حماس ضد إسرائيل، معبرا في الوقت ذاته عن إدانته للهجمات الإسرائيلية ضد الأعيان المدنية. وعبر في بيان له اليوم الثلاثاء عن حزنه لقرار فرض الحصار ومنع دخول الوقود والمؤن وقطع الكهرباء عن قطاع غزة.
وحدَّ اللحظة، تتواصل الغارات الإسرائيلية بشكل عنيف على قطاع غزة، والهجمات المحدودة للفصائل الفلسطينية. وتشتد المخاوف بشأن قرابة مليوني إنسان من سكان قطاع غزة بعد تشديد الحصار الذي يعاني منه القطاع منذ عقد ونصف.
وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية بضربات للفصائل الفلسطينية سيظل صداها يدوي لأجيال قادمة، قالت حركة حماس إن باستطاعتها مواصلة عملية "طوفان الأقصى"، الهجوم العسكري الأسوأ بالنسبة لإسرائيل منذ الهجوم المصري السوري المشترك في 1973 فيما عرف بـ "حرب أكتوبر" لدى العرب، وحرب "يوم الغفران" لدى الإسرائيليين.
- مركز سوث24، سي إن إن، يورونيوز، الجزيرة، وكالات
قبل 3 أشهر