الكتلة الوزارية للانتقالي: آمال معلقة ودور ضعيف

رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مع الوفد المفاوض والكتلة الوزارية، 24 ديسمبر 2020 (رسمي)

الكتلة الوزارية للانتقالي: آمال معلقة ودور ضعيف

التقارير الخاصة

الأحد, 23-07-2023 الساعة 07:07 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | عبد الله الشادلي 

في  18 ديسمبر 2020، شُكلت حكومة المناصفة اليمنية، بقرار من الرئيس السابق عبد ربّه منصور هادي، ضمن تفاهمات اتفاق الرياض الموقع مع المجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019. ومن بين 24 حقيبة وزارية، حصل الانتقالي على خمس وزارات، هي: وزارة النقل، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزارة الأشغال العامة والطرق، وزارة الخدمة المدنية والتأمينات، ووزارة الثروة السمكية والزراعة.

وعين عبد السلام حميد وزيرًا للنقل، ومحمد الزعوري وزيرًا للشؤون الاجتماعية، وعبد الناصر الوالي وزيرًا للخدمة المدنية، وسالم السقطري وزيرًا للثروة السمكية والزراعة، وعين مانع بن يمين وزيرًا للأشغال العامة والطرق قبل أن يتولى وزارة الكهرباء في يوليو 2022، وسط أزمة كهرباء مستمرة ومتصاعدة تعيشها العاصمة عدن وبقية المحافظات.

بالإضافة لهذه الوزارات، تم تعيين الشخصية الاشتراكية القريبة من المجلس الانتقالي الجنوبي واعد باذيب وزيرًا للتخطيط والتعاون الدولي. ونظرًا للظروف التي رافقت تشكيل حكومة المناصفة، والأوضاع المأساوية التي عانى منها السكان في الجنوب على المستويات الخدمية والمعيشية والاقتصادية، وضعت كثير من الآمال على هذه الكتلة في الدفع بعمل الحكومة رغم غياب الوزارات السيادية ضمن التشكيلة.

لكنَّ الكتلة الوزارية للمجلس الانتقالي الجنوبي في الحكومة لم تكن عند مستوى التوقعات تماماً، رغم النجاحات الملحوظة التي حققها أفرادها في الوزارات التي يقودونها، حيث غابت المواقف المطلوبة من الكتلة في كثير من المنعطفات والمحطات خلال الفترة السابقة، فضلًا عن ذلك، تتشارك هذه الكتلة حالة الفشل العامة التي تغمر الحكومة ككل، تجاه الملفات الرئيسية وفي مقدمتها الخدمات والعملة والرواتب وغيرها. 

هذا الوضع السلبي للكتلة الوزارية للمجلس الانتقالي الجنوبي تسبب بتصاعد الأصوات الناقدة. كثير من هذه الأصوات هي في الأصل حليفة لهذه الكتلة أو جزء من المجلس نفسه، مثل نائب رئيس المجلس الانتقالي أحمد سعيد بن بريك الذي انتقد في لقاء تلفزيوني مؤخرًا الحكومة اليمنية، وطالب وزراء الانتقالي بالاستقالة. وقال أيضًا: "أنا أؤيد اقتلاع هذه الحكومة والمسؤولين فيها".

 مجلس الوزراء 

تمثَّل كتلة الانتقالي الوزارية نحو 20% من مجلس الوزراء اليمني، ومع ذلك، أخفقت في منع تمرير قرارات أزمَّت الوضع الاقتصادي في الجنوب، كما أخفقت في الضغط نحو إصدار قرارات قد تساعد في تحسين هذا الوضع أيضًا. ويأتي في مقدمة القرارات السلبية قرار رفع التعرفة الجمركية بنسبة 50% في يناير ماضي، الذي أصدره المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة معين عبد الملك، رئيس الحكومة نفسه، والذي اعتمده مجلس الوزراء.

اكتفت الكتلة الوزارية للانتقالي آنذاك بإصدار بيان أدّعت فيه أن القرار، وقرارات أخرى بجانبه شملت رفع أسعار الكهرباء والغاز المنزلي، "نوقشت في مجلس الوزراء دون توفر النصاب القانوني". ولم يطالب البيان بشكل صريح بإلغاء هذه القرارات، لكنَّه حث على مراجعتها والأخذ بالملاحظات حولها "في حال كانت هذه الإجراءات قد وضعت تنفيذا لشروط المانحين الدوليين والإقليميين من أجل إحداث إصلاحات جذرية في السياسة المالية للدولة".

وتسببت هذه القرارات بزيادة الأزمة التي يعيشها السكان في الجنوب، كما نتج عنها تراجع كبير في نشاط ميناء عدن الاستراتيجي وميناء المكلا في حضرموت لصالح ميناء الحديدة الخاضع لمليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، إذ تزامن رفع التعرفة الجمركية في مناطق الحكومة مع تسهيلات كبيرة قدمتها السعودية لميناء الحديدة ضمن محادثات سياسية مباشرة مع الحوثيين آنذاك. وأظهرت تقارير لمركز "سوث24" بالأرقام حجم التراجع في الموانئ الجنوبية خلال الأشهر السابقة. 


بالإضافة لذلك، أخفقت الكتلة الوزارية للانتقالي في تحريك العديد من الملفات المهمة ضمن الحكومة. وفي تصريحات لإذاعة محلية، كشف وزير الشؤون الاجتماعية محمد الزعوري عن حقائق وصفها بـ "الصادمة" بشأن الحكومة والوضع في الجنوب. وقال الوزير إنَّ جهات عطلت خطوات إنعاش مصفاة عدن، واعتماد 17 ألف وظيفة للشباب في مناطق الحكومة.

وأشار الزعوري إلى أنَّ "مليشيا الحوثيين لا تزال تسيطر على شركات النفط، والبنوك التجارية، والصناديق الوطنية، وهيئات الملاحة، ومكاتب المنظمات الأممية، والوكالات التجارية"، مضيفًا: "الحكومة اليمنية لم تتخذ أي إجراء ضد قرار الحوثيين بإيقاف تدفق البضائع من ميناء عدن إلى مناطقهم، أسواق عدن مفتوحة لهم بينما أسواقهم مغلقة". ودعا الزعوري إلى "إيقاف حركة التجارة من صنعاء ردًا على إجراءات الحوثيين".

كما أشار الزعوري إلى استفادة المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من ملايين الدولارات على شكل نفقات ورواتب من الحكومة المعترف بها دوليًا، في الوقت الذي تعاني فيه محافظات الجنوب من تدهور تام على كل الأصعدة. ومع ذلك، قال الزعوري إن وجوده هو ورفاقه من الوزراء الجنوبيين في الحكومة " فرمل الكثير من الأجندات التي كانت ستلحق الضرر بشعب الجنوب".

جزء من الفشل 

يوافق رئيس مؤسسة «يافع نيوز» للإعلام، ياسر اليافعي، على أنَّ "أداء الكتلة الوزارية للمجلس الانتقالي لم يكن عند مستوى انتصارات وطموحات شعب الجنوب". وأضاف لمركز "سوث24": "مع الأسف لم يضيف هؤلاء أي جديد لرفع المعاناة عن كاهل الشعب في محافظات الجنوب والمناطق الشمالية المحررة، بل كانوا جزءاً من الفشل الحكومي".

وأردف: "الناس بعد تشكيل حكومة المناصفة توقعوا أن الكتلة الجنوبية سيكون لها موقف حاسم تجاه بعض القضايا، وستستطيع فكفكة لوبيات الدولة العميقة التي تعبث بملف الخدمات في مناطق الحكومة، والتي يعمل بعضها لصالح الحوثي. كل ذلك لم يحدث، وتماهت هذه الكتلة مع فشل وضعف باقي الوزراء، وبالتالي أدى كل ذلك إلى مزيد من الانهيارات وتراجع الخدمات".

ويرى الصحفي والمحلل السياسي صلاح السقلدي أنَّ "المجلس الانتقالي الجنوبي بات سياسيًا وأخلاقيًا على المحك بسبب الأوضاع المريعة الراهنة". وأضاف لمركز "سوث24": "الناس أُنهِكت تماماً، وبلغت قلوبها الحناجر. نعرف أن مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي بالحكومة وحتى بالرئاسة هي رمزية، حتَّى وإن زعم الانتقالي عكس ذلك واسماها حكومة مناصفة".

ولفت السقلدي إلى أنَّ الوزارات الفعلية التي بحوزة الانتقالي لا تتعدى بضع وزارات غير سيادية ولا إيرادية"، مضيفًا: "بالتالي فدوره وتأثيره يظلان محدودين، ولكن هذا لا يعفيه من تحمل مسئولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والخدمية خصوصا في عدن وسائر محافظات الجنوب التي يوجد له حضور فيها".

ويعتقد السقلدي أنّ المجلس الانتقالي "بحاجة لمراجعة هذه الشراكة، وبحاجة لمصارحة حقيقية مع التحالف". مضيفًا: "كل الحُجج والأعذار التي ظل الانتقالي يسوقَّها باتت في نظر الناس واهية أمام جحيم خدمي ومعيشي لا يطاقان. بالمجمل صار الانتقالي أمام امتحان صعب. فإما أن يكون أو لا يكون. إما أن ينحاز إلى جانب الضحية أو إلى جانب الجلاد والفاسد. فلم تُعد هناك منطقة رمادية".

ذوبان؟ 

في 2 نوفمبر 2022، أشاد وزير الخدمة المدنية عبد الناصر الوالي، الذي هو أيضًا قيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، بوزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء تلفزيوني على "قناة عدن المستقلة". وقال الوالي إن "بن مبارك شخصية محترفة على أعلى مستوى". كما نفى وجود تضخم وظيفي في وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي زاعمًا أنَّه "لا يوجد توظيف في وزارة الخارجية بأعداد كبيرة سوى في بعض الملحقيات". 

أثارت هذه الإشادة الغريبة من الوالي التساؤلات حول احتمالية ذوبان وزراء المجلس الانتقالي الجنوبي في شبكات النفوذ والفساد التي تمتد وتتغلغل في أعماق الحكومة اليمنية، لاسيما أنَّ قضية التضخم الوظيفي في الخارجية اليمنية والسلك الدبلوماسي كانت قد تصدرت محاولات مجلس القيادة الرئاسي اليمني لتصحيح الاختلالات خلال الفترة الماضية. كما أقر بها وزير الخارجية أحمد بن مبارك بنفسه وادعَّى أنَّها تسبب بحملات ضدَّه.

ولا يستبعد ياسر اليافعي أن تكون "الدولة العميقة ولوبي الفساد قد أثرَّا على بعض الوزراء في كتلة المجلس الانتقالي الجنوبي". وأضاف: "في الحقيقة، فإنّ الدولة العميقة ولوبي الفساد المتوارث منذ 30 سنة قوي للغاية. ربما أثر ذلك على بعض الوزراء وبدلًا من أن يساهموا في محاربة الفساد وهذه اللوبيات، انخرطوا فيها، إما لعدم الرقابة المفروضة عليهم أو لإدراكهم أن هذه المرحلة مرحلة مؤقتة، ويجب أن يحققوا مكاسب".

وأردف: "يجب عليهم أن يدركوا أنّهم وصلوا إلى هذه المناصب بتضحيات جسيمة وتفويض شعبي، لذلك يجب أن ينحازوا إلى خيارات الشعب، لا إلى مصالحهم الشخصية. نتمنى أن نرى منهم موقف واضح وصريح مما يحدث في أقرب وقت".

وتجدر الإشارة إلى أنَّ حكومة المناصفة تضم العديد من الوزراء الجنوبيين الآخرين الذين وصلوا إلى مناصبهم عبر اتفاق الرياض. وعلى الرغم من أنَّهم لا ينضوون رسميًا في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي، إلا أنَّه ينظر إليهم كنتيجة من لجهود المجلس على مدى أعوام لتعزيز حضور الجنوبيين في السلطة الشرعية. 


صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


تنويه: لم يتواصل مركز "سوث24" مع وزراء المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكومة لأخذ رأيهم. 

جنوب اليمناليمنحكومة المناصفةالمجلس الانتقالي الجنوبياتفاق الرياض