التحليلات

قرارات العليمي العسكرية: المشروعية والدوافع والتداعيات

رشاد العليمي يتوسط عيدروس الزبيدي وأمين عام مجلس التعاون في 7 أبريل 2022 (اندبندنت عربية)

14-02-2023 الساعة 10 صباحاً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | فريدة أحمد


في نهاية يناير الماضي، أصدر رئيس المجلس الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، قراراً رئاسياً بتشكيل قوة عسكرية جديدة تحمل اسم قوات "درع الوطن" وتخضع لقيادته المباشرة. ونصت المادة الثانية من القرار، على أن يحدد القائد الأعلى للقوات المسلحة عدد هذه القوات ومهامها ومسرح عملياتها، في أمر عملياتي يصدر عنه. كما قضت المادة الثالثة بأن تلزم هذه القوات بقانون الخدمة في القوات المسلحة، والقوانين ذات الصلة، وبتوجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة. وتم تعيين "بشير سيف قائد الصبيحي" قائداً للقوة الجديدة المشكلة.

بالنسبة لأعضاء المجلس الرئاسي الذي ظل مراوحاً مكانه لأكثر من ثمانية أشهر دون إحداث تقدم يُذكر، كان قراراً متوقعاً وفقاً للتباينات الحاصلة بين أعضاءه، نتيجة لتفاوت الاتجاهات السياسية واختلاف البرامج. غير أنّه من الناحية القانونية، ووفقاً لبيان إعلان نقل السلطة في 7 إبريل 2022، في الفقرة (ز)، يحق لرئيس مجلس القيادة الرئاسي حصراً أن يكون قائداً أعلى للقوات المسلحة. أما في حال اتخاذ القرارات المشتركة وفقاً للفقرة (ك) من البيان، فيتم التوافق حولها من قبل أعضاء مجلس القيادة، ويندرج تحت ذلك ما صدر من "العليمي" من قرار مؤخراً بشأن تشكيل قوات "درع الوطن". ومع الحديث من أن القرار لم  يتم التوافق بشأنه داخل المجلس، ففي نفس الوقت لا يمكن إسقاط قانونيته دون وجود اعتراض واضح من أحد أعضاء المجلس، أو تقديم شكوى تدحض قانونيته. إذ لا يوجد دليل واضح على أن بقية أعضاء الرئاسي غير موافقين، باستثناء حديث الإعلام والمناصرين.

يبدو أن العليمي أصدر القرار متكئاً على ثقة بعدم قدرة المعترضين عليه؛ الحصول على 5 أصوات داخل المجلس لإبطاله، إلا أن من يهاجمون القرار ينطلقون من قاعدة تجاوز "العليمي" للتوافق داخل المجلس ومن مبدأ ضرورة اتخاذ القرارات الرئاسية من المجلس أولاً، ومهمة الرئيس هي إصدار القرار بعد موافقة المجلس وليس قبل ذلك، أي ضرورة أن تسبق موافقة المجلس إصدار الرئيس للقرار وليس العكس.

 

دوافع التشكيل

فكرة إنشاء قوات "درع الوطن" ليست جديدة، فقد تم طرحها منذ تحرير قوات "العمالقة الجنوبية" مديريات شبوة الثلاث مطلع عام 2022، وقد حملت القوات في بداية مشروعها اسم قوات "العمالقة الجديدة" لكون معظم قادتها من ألوية العمالقة السابقة، والبعض الآخر من قوات "اليمن السعيد" التي أنشأتها السعودية بالمثل بعد معارك تحرير شبوة، وتم تغيير اسمها في سبتمبر 2022 إلى قوات "درع الوطن". وتبعاً لذلك، أثارت التسمية جدلاً واسعاً في الأوساط اليمنية؛ فيما إذا كانت القوّة الناشئة فعلياً بحجم اسمها، لا سيّما وأن القوة المكوّنة من ثمانية ألوية عسكرية ينحدر معظم منتسبوها من محافظات في جنوب اليمن، وينتشر نطاقها العملياتي في عدن وأبين وحضرموت ولحج، وتسمية من هذا النوع عادةً ما تتصل بقوات تشمل الوطن بجميع محافظاته، ولا تقتصر على مناطق بعينها.

للمفارقة، أن قوات "درع الوطن"، وهي قوات سلفية، لا تمتلك خبرة قتالية كافية نظير نشأتها الحديثة وفقاً لخبراء عسكريين، غير أنّها توازي مثيلاتها في القوام والألوية، وتتلقى دعماً فنياً ولوجستياً كبيراً من المملكة العربية السعودية، ولديها أسلحة وعربات عسكرية، ويتلقى مجندوها مرتبات منتظمة من الرياض.

في الجدول التالي أسماء قادة قوات "درع الوطن":

الاسم

الرتبة

بشير المضربي الصبيحي

قائد قوات درع الوطن، وقائد مقاومة عدن السلفية في 2015.

بسام بن محضار اليافعي، الملقّب بـ بسام المحضار.

أركان ونائب القائد، وهو قائد لواء المحضار التابع لألوية العمالقة سابقاً.

علي الشمي الصبيحي

قائد محاور ألوية درع الوطن، والقائد السابق للواء ١٤ عمالقة.

مراد جوبح الصبيحي

قائد عمليات ألوية درع الوطن، والقائد السابق للواء ٦ عمالقة.

جدول (1) - عن مصادر عسكرية لمركز سوث24

في الجدول التالي أسماء قادة ألوية "درع الوطن":

الاسم

اللواء

نطاق التمركز

مجدي مناضل الصبيحي

قائد اللواء الأول، وسابقاً قائد للواء الثاني عمالقة ب.

لحج

توفيق عبود المشولي

قائد اللواء الثاني، وسابقاً قائد في العمالقة الجنوبية.

أبين

عبدربه ناصر الرقابي

قائد اللواء الثالث، وسابقاً قائد جبهة الحازمية.

أبين، البيضاء

عبدالخالق علي الكعلولي

قائد اللواء الرابع، وسابقاً قائد محور في العمالقة.

لحج

فهد سالم عيسى بامؤمن

قائد اللواء الخامس، قائد سلفي درس في مركز دماج.

حضرموت

محمد أبوبكر الكازمي

قائد اللواء السادس، وسابقاً ركن اللواء الخامس عمالقة.

أبين، عدن

علي الشوتري

قائد اللواء السابع، درس في مركز الشيخ رشاد الضالعي.

الضالع

أسامه الردفاني

قائد اللواء الثامن، قائد سلفي درس في مركز دماج.

غير معروف

جدول (2) - عن مصادر عسكرية لمركز سوث24

من منظور عام، لا يبدو أن هذه الألوية ستكون الوحيدة، إذ من المتوقع أن يتم إنشاء ألوية وقوات أخرى تابعة لدرع الوطن، في ظل أنباء متواترة عن إحلالها كبديل عن قوات المنطقة العسكرية الأولى، الموالية لحزب الإصلاح، في منفذ الوديعة وربما في وادي وصحراء حضرموت. ومنذ سنوات تضغط القوى الحضرمية والمجلس الانتقالي الجنوبي بشأن خروج هذه القوات على أن تحل محلها قوات النخبة الحضرمية.

من بين الأسباب أيضا، أنّ هناك ثمة تخوّف لدى المملكة العربية السعودية من أن موازين القوى العسكرية على الأرض حالياً يفقدها امتياز التأثير في الشأن اليمني؛ في ظل سيطرة قوى حليفة ومقرّبة من الإمارات على مساحات واسعة في مناطق سيطرة الشرعية. وبالنسبة للرياض، ففي حين استطاعت أبوظبي منذ بدء تدخل التحالف العربي في اليمن من بناء قوات عسكرية محلية حليفة منظمة وقوية، وساهمت في تحرير مناطق واسعة من قبضة الحوثيين، فشلت السعودية في بناء علاقات ولاء مع القوات التي دعمتها لمحاربة الحوثيين في شمال اليمن لتكتشف أن القوات التي مولتها؛ جيّرت ولائها لصالح حزب الإصلاح الإسلامي "الإخوان المسلمين" وهم الأقرب إلى خصوم السعودية الإقليميين والدوليين. ليعزز الإخوان من نفوذهم العسكري إضافة إلى ما كانوا يتمتعون به منذ عقود، معوّضين ما فقدوه جراء الانقلاب الحوثي في صنعاء.

وتبعاً لذلك، فقد خلصت خارطة التأثير الإقليمي عسكرياً في اليمن بالنهاية إلى تقسيمها كالتالي:

الحوثيون كقوة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، القوات الموالية لحزب الإصلاح التي سيطرت على جيش الشرعية والدعم السعودي خلال السنوات الماضية، والقوات التي نشأت بدعم مباشر من الإمارات كقوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات العمالقة الجنوبية وحراس الجهورية في الساحل الغربي. وعلى رغم من سحب أبوظبي لقواتها العسكرية من اليمن عام 2019، فيما ذكرت أنّه كان لأسباب استراتيجية وتكتيكية، غير أنّ الدعم اللوجستي والعسكري ظل مستمراً لحلفائها على الأرض. وهي نقطة ترى السعودية أنها قد تضعف من موقفها أمام النفوذ الإماراتي، لا سيّما في ظل حرب السجالات بين الرياض وأبوظبي التي عبّر عنها مجموعة من كتاب ونشطاء البلدين على صفحات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة. بيد أن الرياض تسعى لتغطية عجزها العسكري في اليمن على الأرض، بالسحب من رصيد حليفتها الإمارات، في مواجهة تصاعد قوات معادية وأخرى مناوئة (الحوثيون والإخوان المسلمين)، كخيار أسرع وأقل كلفة من محاولتها تقليص نفوذ الأخيرين.

بطبيعة الحال، يبدو أن قرارات "العليمي" العسكرية الأخيرة، كانت بتوجيه السعودية المباشر، كما أن تباينات المجلس الرئاسي في بعض القرارات المهمة والرئيسية، دفعت إلى أن يقوم الرئيس "رشاد العليمي" بإصدار القرارات الأخيرة بعيداً عن توافق الرئاسي. وبشكلٍ مساعد، ساهمت القوى المناوئة للمجلس الانتقالي الجنوبي عبر الإعلام، بترسيخ صورة ذهنية تسيء للرجل كرئيس، وهي تحاول أن تنسف التفاهم الذي بدا بين "رشاد العليمي"، و"عيدروس الزبيدي" في البداية، من خلال إظهار الأول بشكل صوري وكأنّه موظف ينفّذ أجندات وأهداف الانتقالي الجنوبي في العاصمة عدن وشبوة وغيرها. ويبدو أن خلفيات "العليمي" الأكاديمية كونه أستاذ علم اجتماع، جعلته يفهم أبعاد الصورة الذهنية لدى المجتمع، فيما إذا استمرت الأطراف الأخرى ترسّخ عنه هذه الصورة بشكل سلبي وضعيف، الأمر الذي دفعه في نهاية المطاف لأن يتحوّل من رئيس أعزل إلى مسلح يمتلك قوّة عسكرية شأنه شأن بقية القوى في مجلس القيادة.

 

مواقف الأطراف الأخرى

قد يؤدي انفراد العليمي بإصدار قرار إنشاء قوات "درع الوطن" لإرباك أعمال اللجنة العسكرية والأمنية العليا التي أنشئت في مايو العام الماضي، وربما يخلط أوراق عملها بعد شوط طويل من النزول الميداني والاجتماعات بانتظار صدور نتائج أعمالها وتوصياتها. ووفقاً لذلك، أظهر كثير من الجنوبيين امتعاضاً صريحاً بشأن قرارات العليمي الأخيرة، وعبّر كثير منهم عن ذلك بمواقف إعلامية مؤخراً، منهم مناصرين كُثر للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي لم يعلن موقفاً رسمياً حتى الآن على القرارات، ويطالب منه أنصاره الخروج عمّا أسموها بالمنطقة الرمادية. هذه القرارات، كان قد سبقها موجة إعلامية كبيرة، وحملة بدت منظّمة من مغردين سعوديين تستنقص قدرات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات العسكرية التابعة له، وتشكك في ولاءاتهم. ذلك انطلق من الحملة الأساسية الموجهّة لأبوظبي كون الانتقالي الجنوبي أحد حلفائها المقربين.

كما أن الرفض الشعبي والسياسي الجنوبي على إنشاء قوات "درع الوطن"، جاء من قبيل عدم الحاجة لقوات جنوبية إضافية تؤدي أهدافاً ربما غير جنوبية، خاصة وأنها لا تتبع مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم أعضاءً جنوبيين، ولا تتبع وزارة الدفاع بالمثل، بل تتبع الرئيس نفسه حصراً. فضلاً عن حملها لشعارات مرتبطة بمفهوم "الجمهورية اليمنية"، وهي مفاهيم تتعارض بشكل صريح مع طموحات الجنوبيين في استعادة دولتهم. مقابل ذلك، ظهرت أصوات جنوبية أخرى، تحاول تهدئة الموجة الرافضة للتغييرات وتهيئة الجنوبيين للقبول بالقرارات، على اعتبار أنّ المجلس الانتقالي الجنوبي، الكيان السياسي والعسكري الأكبر في جنوب اليمن، لم يكن رافضاً لتأسيس هذه القوّة منذ البداية.

على المدى المنظور، وبالنسبة لكثير من الجنوبيين، قد يشكّل إنشاء قوات عسكرية جديدة إرباكاً في موازين القوى المناهضة للحوثي، أولا، إذا ما كانت هذه القوات لا ترتكز على مبادئ وطنية تمثّل الحاضنة الشعبية والمزاج العام في جنوب اليمن. وثانياً، أن السعودية هي من ستديرها عملياً، لكونها ساهمت بإنشاء هذه القوات منذ اليوم الأول، ثم دعمت قرار "العليمي" بقيادتها، فضلاً عن دفعها رواتب أفرادها. هذه الخطوات وإن بدت في ظاهرها تمنح معسكر الشرعية قوة إضافية إلى جانب القوى الأخرى، إلا أنً هناك مخاوف من ارتداداتها العكسية مستقبلاً، من حيث التمهيد لإقصاء قوى جنوبية فاعلة أمنياً وعسكرياً، وحققت نوعاً ما استقراراً في مناطق سيطرتها، خاصة إن تم توظيف القوى الناشئة في اتجاهات لا تخدم قضية الجنوب، ومساعي ممثليها الممتدة منذ ما قبل صراع 2014. فضلاً عن محاذير أخرى على مستويات عدة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، كان مركز سوث24 قد ناقشها في ورقة سابقة.

من المهم القول، أنّه بعد سكون المشهد السياسي والعسكري في النصف الثاني من العام الفائت، وبعد رفض الحوثيين تجديد الهدنة التي تم تجميدها كأمر واقع بعد أن انتهت مطلع أكتوبر من نفس العام، اتخذت الرياض مقاربات فردية لتمديد الهدنة مع الحوثيين عبر قنوات خلفية يمهّد لها وسطاء إقليميون ودوليون؛ سعت لتذليل اشتراطات الحوثيين. هذا الأمر أدى في حد ذاته لمزيد من التوتر بين السعودية وبين القوى المناهضة للحوثيين في عدن، لا سيّما وهي تقتصر على مفاوضات ثنائية منذ أشهر، وربما تمهّد لسلام متسرّع على نفس الإيقاع، لا يأخذ بعين الاعتبار مصالح القوى الرئيسية المؤثرة في المشهد، خصوصا وأنّ إجراءات بدأتها الرياض بصورة سرية وغير معلنة بإلغاء أو تقليل تفتيش السفن الداخلة لميناء الحديدة للحد الأدنى، ستكون لها تبعات ملموسة على نشاط ميناء عدن الاستراتيجي في الجنوب، خصوصا في ظل بقاء آلية التفتيش القادمة لميناء عدن قائمة في ميناء جدة، وتزامنا مع قرار رئيس الوزراء اليمني برفع سعر الدولار الجمركي في موانئ عدن والمكلا. 

هذه الإجراءات بمثابة مجازفة للرياض، لعدة أسباب، أهمها: عدم موثوقيّة الحوثيين وإيران بالالتزام بأي اتفاقات واستغلالها لتقوية مركزهم العسكري والسياسي لدوره تالية من الصراع يهدد الوضع الداخلي اليمني، ويتعداه لتهديد الوضع الخارجي ودول الإقليم.

فمثلا يرى الجنوبيون أنّ أي "مساع للاتفاق بشأن تجديد الهدنة وفقاً لشروط الحوثيين لا تراعي مطالب وتطلعات شعب الجنوب المتمثلة بحل الدولتين، لن تحقق تهدئة ولا تهيئ لسلام مستدام" مشددين على ضرورة تمثيل الجنوب بوفد مستقل في مفاوضات العملية السياسية الشاملة، وتمكين أبناء الجنوب من إدارة شؤون محافظاتهم خلال المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق سلام شامل."

وبالعودة لقرار إنشاء قوات "درع الوطن"، ظهرت أيضا أصوات من شمال اليمن تعبّر عن رفضها لذلك، لأسباب ربما تختلف عن الأسباب الجنوبية، من حيث إنّها تمهّد لإضافة منافس شمالي آخر مسلّح على الأرض. فمثلا،يتخوّف حزب الإصلاح على الأرجح، من أن تصدر  قرارات أخرى تتعلق بمحافظة تعز التي يسيطر الأخير على معظمها، في ظل صدور قرارات سابقة تتعلق بالجوف حاولت أن تخصم من رصيد الإصلاح السياسي والعسكري. وقد برز الهجوم الإعلامي العاصف على العليمي من قبل القوى الشمالية، نتيجة فهمهم أبعاد تشكيل هذه القوة على مناطق نفوذهم، أو موازين قوى التأثير الشمالي في ظل المناصفة مع الجنوب في الوقت الحالي.

كبعد عسكري، قد يُنظر للقرار بأنّه يصب في صالح القوى العسكرية المحلية على الأرض، بما فيها القوى الجنوبية، خاصة وأن معظم قادة ألوية قوات "درع الوطن" ينحدرون من مناطق في جنوب اليمن، وإن كان ينتمي لها قلة من المجنّدين الشماليين. إلا أنه في الوقت الذي كان يُنتظر من مجلس القيادة الرئاسي توحيد جهود كافة القوى العسكرية المناهضة للحوثي، يجيء تشكيل قوة عسكرية ناشئة بعد ثمان سنوات من الصراع، كإضافة عامل انقسام جديد يعوق عملية الموائمة العسكرية المفترضة. هذا الأمر سيؤدي بالمحصّلة إلى جولات جديدة من التوتر والصراع، وربما لا تقتصر جولاته حال الاتجاه للحسم العسكري على الحوثيين وحكومة الشرعية، بل ربما يمتد بين أطراف الشرعية ذاتها، وقد اختبرت القوى العسكرية المختلفة من سابق مثل هذه المشاهد في محافظات عدن وشبوة وأبين. ويرى منتقدون جنوبيون، أن إشاراته تجلّت مؤخراً في قرارات وزير الداخلية، "إبراهيم حيدان"، بتعيين أركان جديد للقوات الخاصة في محور أبين، وهو ما قابلته القوات المسلحة الجنوبية بالرفض، محذرة من " أنّها لن تتردد لحظة في الضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار المحافظة".

وفقاً لهذه الخلفية، فإن أبعاد تشكيل قوة عسكرية جديدة لن يكون رافداً للمعركة ضد الحوثي، بقدر ما سيكون عاملاً مثيراً لحفيظة القوى العسكرية المؤثرة على الأرض، بما في ذلك القوى الجنوبية، خاصة في ظل عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة من قبل المملكة العربية السعودية تجاه الجنوب. ووفقاً لذلك، يمكن أن يتعامل الجنوبيون مع المشهد من منظورين: الأول، محاولة إعادة ترتيب توازنات القوى العسكرية الجنوبية مع بعضها البعض، والتعامل معها وفقاً لما يخدم أهدافها الاستراتيجية الوطنية المشتركة، وربما الحرص على أخذ تعهدات والتزامات من القوى الجديدة بعدم خوض قتال ضدها تحت أي ظروف. والثاني: إعلان موقف أكثر حسماً من هذه القرارات وما يمكن أن يتبعها لاحقاً، لا سيّما في ظل غياب الانسجام والتوافق بين أعضاء الرئاسي. ويبدو أن تصريحات الانتقالي الجنوبي عن ضرورة استقلالية الوفد الجنوبي المفاوض؛ في أي مفاوضات سلام قادمة، كانت مقدمة لذلك.



فريدة أحمد

المدير التنفيذي لمركز سوث24 للأخبار والدراسات

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا