التقارير الخاصة

أبرز التحديات أمام نقابة الصحفيين الوليدة في جنوب اليمن

اجتماع لقيادة نقابة الصحفيين الجنوبيين، 22 يناير 2023 (رسمي)

28-01-2023 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


في 18 يناير الجاري، شُكلت نقابة الصحفيين الجنوبيين في مؤتمر هو الأول من نوعه جمع أكثر من 800 صحفياً وإعلامياً جنوبياً من مختلف المحافظات، يمثَّلون التوزيع الجغرافي ومعظم وسائل الإعلام على امتداد الجنوب.


ولاقت النقابة الوليدة مباركة واسعة في الأوساط الصحفية والإعلامية الجنوبية. ورغم بعض الإشكالات التي رافقتها، نُظر إلى هذه النقابة كإنجاز هو الأكبر في العمل الصحافي والإعلامي الجنوبي نظراً لغياب كيان مماثل منذ عقود.


وبيد أنَّها حظيت بدعم مهم من المجلس الانتقالي الجنوبي، أكدَّت النقابة على استقلاليتها التامة، كما لايزال أمامها الكثير من التحديات والعقبات الماثلة وفي مقدمتها الاعتراف العربي والعالمي وحل الإشكالات الداخلية المتنوعة.


في هذا التقرير، يرصد مركز سوث24 أهم التحديات أمام النقابة الوليدة، ويستضيف رئيس النقابة الصحفي البارز عيدروس باحشوان للحديث عن خطط تجاوز هذه التحديات، بالإضافة لصحفيين جنوبيين آخرين.


التشكيل


طوال الأعوام الماضية، برزت الأصوات المطالبة بتشكيل نقابة خاصة بالصحفيين الجنوبيين، خصوصاُ مع تكشف واقع "نقابة الصحفيين اليمنيين" التي يسيطر عليها صحفيون شماليون موالون لأطراف سياسية من شمال اليمن.


الصحفي الجنوبي خالد زيدان أكَّد على حالة الابتهاج التي تسود بعد تشكيل النقابة.


وقال لـ "سوث24": "تشكيل هذه النقابة خطوة مهمة تشير إلى أن الجنوبيين بدأوا أخيراً بالالتفات نحو واقعهم". وأضاف: "نحن من نصنع الواقع والمعجزات، ولو أنَّها لم تكن معجزة لما أصبح لنا اليوم نقابة مستقلة في الجنوب". 


لكنَّ صحفيين جنوبيين آخرين ليسوا متحمسين بالقدر ذاته لتشكيل هذه النقابة. ويعتقد الصحفي مطيع بامزاحم أنَّ "خطوة تشكيل النقابة لم تكن مبنية على أسس سليمة." 


وأضاف لـ "سوث24": "جُلّ الأعضاء، لاسيّما الصحفيين القدامى، لديهم ازدواجية في الانتساب إلى العمل النقابي. إنَّهم ما يزالون أعضاء في نقابة الصحفيين اليمنيين ولم يعلنوا تقديم استقالاتهم."


التحدي الأول: الازدواجية 


رغم أنَّ نقابة الصحفيين اليمنيين لم تعلق حتى الآن على تشكيل النقابة الجنوبية، أيَّد مسؤول الحقوق والحريات في فرع النقابة بمحافظة حضرموت، عوض كشميم، تشكيل النقابة الجديدة.


وقال لـ «سوث24»: "أنا مع أي عمل مدني وفيه حرية للصحفيين".


ومع ذلك، يتفق كشميم مع الصحفي بامزاحم في أنَّ الإشكالية "تكمن في الازدواجية بين النقابتين". وأضاف: "إنَّه لمن الخطأ أن يكون العضو في نقابتين".


وأردف: "حتَّى الاعتراف الإقليمي والدولي سيكون من الصعب لهذا الكيان. لقد أصبحنا أمام تعدد للكيانات النقابية للصحفيين."


ورداً على هذه الاستفسارات، أكد رئيس نقابة الصحفيين الجنوبيين عيدروس باحشوان رفض ازدواجية العضوية.


وقال لـ "سوث24": "الازدواجيّة في العضوية أمر مرفوض تماماً في نقابتنا. نقابة الصحفيين اليمنيين منتهية الولاية، وغير شرعية. من يدَّعي تمثيل النقابة اليمنية في الخارج أو في عدن انتهت ولايته منذ أكثر من عقد من الزمن."


وحذّر باحشوان من التعامل مع نقابة الصحفيين اليمنيين. وقال: إنّ "التعامل معها محظور وفق قرار الحكومة، الذي قضى بعدم التعامل مع المنظمات والنقابات في مناطق سيطرة الحوثيين."


وربط كشميم سعيه بالحصول على عضوية النقابة الجديدة بالاعتراف العربي والدولي. ولم يجب بشكل صريح على سؤال لـ "سوث24" عمَّا سيكون موقفه إذا تمَّ اشتراط تخليه عن عضويته الحالية نقابة الصحفيين اليمنيين.


مُتعلق: من تمثَّل «نقابة الصحفيين اليمنيين»؟


التحدي الثاني: الاعتراف


يبرز الحصول على الاعتراف بالنقابة الوليدة من قبل اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين كأحد التحديات المهمة.


ويعتقد الصحفي مطيع بامزاحم أنَّ الحصول على هذا الاعتراف "سيشكل معضلة حقيقية."


وأضاف: "لقد لاحظنا غياب أي حضور شرفي في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الصحفيين الجنوبيين من دول الخليج؛ رغم حضور شخصيات صحفية أخرى من عدة دول عربية وأجنبية."


لكنّ الصحفي خالد زيدان لا يرى أن مسألة الاعتراف "معقّدة للغاية". وقال: إنّها فقط "بحاجة إلى إجراءات ومتابعة مُكثّفة لتتحصل عليه".


وأضاف: "في السودان مثلاً، تمّ تشكيل نقابة مستقلة بعد إسقاط نظام البشير، وحظيت النقابة الجديدة بترحيب من عدد من المنظمات ذات الصلة، منها منظمة مراسلون بلا حدود، وتمّ اعتمادها."


نقيب الصحفيين الجنوبيين قال إنَّه "تمَّ تكليف رئيس دائرة العلاقات الخارجية، لوضع تصوّر وآلية، للبدء في التواصل مع اتحاد الصحفيين العرب والدوليين والنقابات العربية في المنطقة."


وأضاف: "قيام كيان للصحفيين الجنوبيين حظي بترحيب من شخصيات صحفية ونقابية عربية. نحن ماضون بوتيرة عالية في هذا الاتجاه، وسنتجاوز كل المعوقات بعزيمتنا."


التحدي الثالث: الاستقلالية


تشكلت نقابة الصحفيين الجنوبيين بدعم معلن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، ولعبت الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي دوراً مالياً وتنظيمياً وفنياً في خروج هذه النقابة إلى النور، وهو ما فتح باب التساؤلات عن مدى استقلاليتها.


وفي لقاء متلفز بعد أيام من تشكيلها، قال رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، علي الكثيري، إنَّ النقابة الوليدة "لا تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي."


وأضاف: "النقابة تفتح أبوابها لجميع الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين حتى المختلفين مع المجلس". ورفض الكثيري "مزاعم فرض وصاية على النقابة"، ولفت إلى أنّ "مسؤولية النقابة تحديد أولويات البيت الصحفي الجنوبي". 


وفي هذا الصدد، قال باحشوان: "نقابة الصحفيين والاعلاميين الجنوبيين مستقلّة، وقيادتها ومكتبها التنفيذي والمجلس العام ثلاثة أرباعه مستقلون". وأضاف: "لا وصاية علينا. نحن استعدنا واحدة من المؤسسات المهنية في سياق فك الارتباط بالمركز."


وأردف: "منذ انطلاق التحضيرات للمؤتمر رحبنا بالجميع ودعوناهم وعقدنا اللقاءات التشاورية من سقطرى إلى عدن، وحضرها من كل الأطياف، وعقدنا لقاءات جانبية مع رؤساء تحرير المواقع والصحف."


واعتبر نقيب الصحفيين الجنوبيين أنَّ ذلك "بدَّد كل المخاوف من أي انطباع شمولي للنقابة"؛ مضيفا: "مددنا أيدينا لكل جنوبي سقفه الجنوب دون سواه".


وانتقد الصحفي بامزاحم بعض التحضيرات التي رافقت تشكيل النقابة. وقال: " الحالة التي جرى خلالها التحضير للكيان النقابي الجديد، والانتقائية التي رافقت اختيار المشاركين فيه تخدش استقلالية النقابة الوليدة."


ودعا بامزاحم قيادة النقابة إلى البحث عن مصادر مستقلّة لتمويل برامجها وأنشطتها وخططها. وأضاف: "حتى لو كلّف ذلك فرض اشتراكات شهرية تُدفع من قِبل الأعضاء."


وفي الوقت الذي لا يخفي فيه الصحفي عوض كشميم مخاوفه من ارتباط النقابة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، يرى الصحفي خالد زيدان أنَّه "لا ضير من دعم المجلس للنقابة."


وقال: "نحن في حالة استثنائية. لقد تخلت عنّا الحكومة، لاسيّما في الجنوب. المجلس هو الحكومة بالنسبة للجنوبيين، والحكومة هي التي تدعم المؤسسات وتشرف عليها."


وأضاف: "إنَّه لمن غير المنطقي أن نلقي باللوم على المجلس الانتقالي لأنّه من دعم تشكيل النقابة التي ستحمينا كصحفيين جنوبيين من الحزبية التي باتت علنية في نقابة الصحفيين اليمنيين."


التحدي الرابع: ميثاق الشرف


رغم التأكيد على استقلالية نقابة الصحفيين الجنوبيين، إلا أنَّ هنالك هوية وطنية جنوبية أكَّد عليها مشروع ميثاق الشرف الذي اطلع مركز سوث24 على نسخة منه.


وفي الوقت الراهن، تتدارس قيادة النقابة هذا المشروع والملاحظات المقدمة بشأنه في مؤتمر الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين. ومن المرجح أن يشكل تطبيق هذا الميثاق تحديا بارزا.


بالإضافة لذلك، يتضمن الميثاق العديد من البنود التي قد تمثل مشكلة حقيقية لدى العديد من الصحفيين الجنوبيين الموالين سياسياً لأطراف مناهضة لقضية الجنوب ومشروع استعادة الدولة.


ورداً على تساؤل وجهه سوث24 حول ما إذا كان سيتم قبول هؤلاء الصحفيين ضمن النقابة الوليدة، قال رئيس النقابة عيدروس باحشوان: "هؤلاء ليس لهم مكان في النقابة فحسب، بل حتى في أرض الجنوب".


وأضاف: "قيادة النقابة في حالة انعقاد دائم لترتيب البيت الصحفي والإعلامي الجنوبي، وإعداد الخطط المتعلقة بالدوائر للمكتب التنفيذي، إضافة الى الوقوف أمام مداخلات مندوبي المؤتمر وملاحظاتهم التي وردت على الوثائق."


التحدي الخامس: الواقع الصحفي


ومن أهم التحديات التي تواجه النقابة، هي ضبط العمل الصحفي والإعلامي في جنوب اليمن، وفق معايير ومبادئ وقيم الصحافة العالمية، وخلق بيئة عمل إعلامية محترفة ومنافسة. ولأنَّ اليمن ضمن أكثر البلدان خطورة على الصحفيين، وفقا لمراسلون بلا حدود، فإنَّ العمل على خلق بيئة آمنة للصحفيين وحمايتهم، وتبني قضاياهم تجاه المؤسسات الأخرى، يتطلب جهدًا مضاعفًا ويشكل أحد أبرز الاستحقاقات التي يعول على النقابة إنجازها. 


وكانت عدن قد شهدت سابقا حوادث اغتيال طالت صحفيين، بينهم المصور العالمي نبيل القعيطي، والصحفية رشا الحرازي والصحفي صابر الحيدري. ووجهت أصابع الاتهام بذلك لمليشيا الحوثيين وحزب الإصلاح. كما تعرض صحفيون في حضرموت للاعتقال في العام 2021. بينما لم تُسجل الجهات الحقوقية أي أعمال انتهاك بحق الصحفيين في جنوب اليمن خلال العام 2022.




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا