التقارير الخاصة

من تمثَّل «نقابة الصحفيين اليمنيين»؟

يرصد مركز سوث24 حقيقة الادعاءات حول هيمنة الصحفيين الشماليين على النقابة (الصورة: تعز، 8 أغسطس 2022، YJS)

13-09-2022 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


تصاعدت، في الآونة الأخيرة، المطالبات بتشكيل نقابة للصحفيين في جنوب اليمن في ظل اتهامات مُتعدَّدة تواجهها نقابة الصحفيين اليمنيين بالفشل في تمثيل وتبني قضايا الصحفيين، وتحولها لنقابة "شمالية" تخدم الأطراف السياسية الشمالية ضدَّ الخصوم في الداخل.


وتُتهم النقابة، التي يديرها صحفيون شماليون بالفعل، بالتحيز ضد الجنوب وتسخير إمكاناتها لصالح أحزاب شمالية؛ على رأسها حزب الإصلاح اليمني.


 وعزَّزت الأحداث المتلاحقة التي تعيشها البلاد منذ أعوام من هذه الاتهامات حيث أظهرت المواقف المعلنة لهذه النقابة بالإضافة لتركيبتها القيادية هيمنة شمالية سياسية بعيدة عن الأهداف الحقيقية لمثل هذه الكيانات النقابية في بلد حاز المرتبة الثالثة في العالم كأسوأ بلد بالنسبة للصحفيين.


في هذا التقرير يرصد مركز "سوث24" حقيقة الادعاءات حول هيمنة الصحفيين الشماليين على النقابة، ومدى تحيزها السياسي. كما تم استطلاع آراء قيادات في النقابة وصحفيين مستقلين وقيادات صحفية جنوبية منتمية للمجلس الانتقالي الجنوبي. 


سيطرة شمالية


يرأس نقابة الصحفيين اليمنيين في الدورة الحالية الصحفي الشمالي ياسين المسعودي. تضم النقابة في عضويتها 1499 صحفياً، لكنَّ مجلس النقابة - عدا صحفي واحد - يسيطر عليه صحفيون شماليون بشكل كامل. ويرتبط كثير من هؤلاء الصحفيون بأحزاب سياسية شمالية مثل الإصلاح والمؤتمر، وحتَّى الحوثيين.


وتظهر القائمة الحالية، التي رصدها مركز "سوث24"، أسماء أعضاء مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين وانتماءاتهم الحزبية أو السياسية وفقاً لمصادر خاصة مقربة من الصحفيين تحدثت لـ "سوث24".


هيئة مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين

الرقم

الاسم

الصفة

المحافظة

الحزب

1

ياسين المسعودي

النقيب

إب، شمال اليمن

المؤتمر

2

سعيد ثابت

الوكيل الأول

مواليد عدن الشيخ عثمان، أصوله من محافظة تعز

محسوب على حزب الإصلاح.

قدم استقالته من النقابة، ويقيم حالياً بدولة قطر ويعمل في قناة الجزيرة

3

محمد سعيد سالم

الوكيل الثاني

يافع، جنوب اليمن

المؤتمر سابقاً. مُناصر للمجلس الانتقالي الجنوبي حالياً

4

مروان دماج

الأمين العام

تعز، شمال اليمن

الحزب الاشتراكي اليمني

5

محمد شبيطة

الأمين المالي

إب، شمال اليمن

غير واضح. يُعتقد أَّنه موالٍ للإصلاح























أعضاء مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين


الرقم

الاسم

الصفة

المحافظة

الحزب

1

نبيل الأسيدي

لجنة التدريب

تعز، شمال اليمن، مقيم بسويسرا

الإصلاح [مصدر خاص]

2

أحمد الجبر

لجنة الخدمات

ذمار، شمال اليمن

الإصلاح [مصدر خاص]

3

جمال أنعم

لجنة الحقوق والحريات

تعز، شمال اليمن

المؤتمر

4

عباس غالب

لجنة العلاقات الخارجية

الحديدة، شمال اليمن

المؤتمر

5

فكري قاسم

لجنة الفروع

تعز، شمال اليمن

مستقل

6

عبد الله الصعفاني

لجنة الثقافة والإعلام

صنعاء، شمال اليمن

الإصلاح سابقا. جماعة الحوثي حالياً.

7

فاطمة مطهر

لجنة النشاط

تعز، شمال اليمن

ميول لجماعة الحوثي.

8

حمدي البكاري

اللجنة القانونية

تعز، شمال اليمن

ميول للإصلاح. يقيم بدولة قطر.

































وحول هذا، قال رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية، الصحفي الجنوبي بسام القاضي: "النقابة منذ تأسيسها خاضعة لسيطرة الشماليين بشكل شبه كلي".


وأضاف لـ "سوث24": " معظم هؤلاء منتمون أو موالون للإصلاح. إن وجد أعضاء مستقلون فهم بلا قرار أو سلطة؛ وبالتالي فهي نقابة صحفيي وإعلاميي حزب الإصلاح".


لكنَّ الأمين المالي بنقابة الصحفيين اليمنيين، الصحفي الشمالي محمد شبييطة، يرى أن الحديث عن سيطرة شمالية على النقابة غير صحيح وغير دقيق.


وقال شبيطة لـ "سوث24": "قيادة نقابة الصحفيين اليمنيين منتخبة من مؤتمر عام حضره 1500 عضو وليس بقرارات شخصية".


ويعتقد رئيس فرع النقابة في محافظة حضرموت، الصحفي الجنوبي سالم الشاحت، أنَّ مسألة الانتخابات داخل صفوف النقابة "تتطلب إعادة النظر بالكيفية التي تتم بها". 


وقال الشاحت لـ "سوث24": "هناك عملية انتخابية تتم كل أربع سنوات في النقابة العامة. نظرا لأن هناك أعداد كبيرة من الصحفيين من مناطق محددة فغالبا يكون المرشحون الفائزون من تلك المناطق".


وأضاف: "يجب إعادة النظر فيه الكيفية التي يتم بها الأمر. "طرحنا هذه المسألة على الاتحاد الدولي للصحفيين وتم التفاهم على أن تصبح النقابات الفرعية في المحافظات نقابات لها كامل الصلاحيات؛ عدى تمثيل البلد في الخارج".


وأشار الشاحت إلى أنَّ ذلك "تعرقل بسبب أحداث العام 2011".


واعتبر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، التابعة للمجلس الانتقالي، علي الكثيري أنَّ "نقابة الصحفيين اليمنيين فقدت صفتها منذ أمد بعيد، وظلَّت منذ ما بعد عام 1994 تُدار بالعقلية ذاتها التي سوغت لاجتياح الجنوب والتنكيل بشعبه".


وأضاف الكثيري لـ "سوث24": "بعد عام 2011، فقدت النقابة ما تبقى لها من صفة، وتحولت إلى إدارة ملحقة بأحد الأحزاب؛ بل وفقدت وجودها الملموس سواء في الجنوب أو في الشمال".


وأردف: "النقابة حالياً لا تقوى إلا على إصدار بياناتها من الدوحة أو إسطنبول متماهية مع مشروع ذلك الحزب وتسويغ معاركه في الجنوب تحديداً".


وتابع: ""بالنسبة لنا في الجنوب، فإنَّ هذه النقابة ماتت بموت الوحدة عام 1994، عندما فقدت صفتها التمثيلية والنقابية، وتحولت إلى أداة لإخضاع الجنوب واجتثاث مؤسساته الصحفية والإعلامية". 


معايير مزدوجة


على الرغم من تصنيف جماعة الحوثي، التي تسيطر على معظم شمال اليمن، كأكثر الجهات المحلية التي تمارس القمع والانتهاكات ضد الصحفيين، بحسب تقارير حقوقية ومنظمات [1]، تركز بيانات نقابة الصحفيين اليمنيين على مناطق المجلس الانتقالي الجنوبي وجنوب اليمن بشكل كبير.


كما تتسم بيانات النقابة بخصوص الصحفيين في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية لحزب الإصلاح بلغة خجولة هادئة لا تستعدي الجهات الرسمية والأمنية في هذه المناطق بعكس البيانات الخاصة بمناطق الجنوب مثل عدن والمكلا. 


وأصدرت نقابة الصحفيين اليمنيين، (14) بياناً يخص مناطق الجنوب منذ مطلع العام الجاري 2022 حتَّى لحظة نشر هذا التقرير. وتوزعت هذه البيانات بشكل أساسي على محافظات عدن، حضرموت، شبوة ولحج. في المقابل، أصدرت النقابة (7) بيانات فقط تخص مناطق الشمال مثل مأرب، تعز، صنعاء.


واشتملت البيانات التي تخص مناطق الشمال أو صحفيين من تلك المناطق على بيان تضامن مع الصحفي محمد عبد الملك [2]، رئيس تحرير موقع تعز تايم، الذي زعم أنَّه تلقى تهديدا [3] من الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي السابق، على خلفية نشر موقع "تعز تايم" فيديو [4] لمشادة كلامية بين رجل الأمن الإماراتي ويمني في برلين. 


والتزمت النقابة موقفا مشككاً واتهامياً وسياسياً إلى حد كبير فيما يخص قضايا الصحفيين في مناطق جنوب اليمن، لا سيَّما تلك الخاضعة بشكل مباشر لسلطات المجلس الانتقالي الجنوبي مثل العاصمة عدن.


وتعد قضية الناشط أحمد ماهر أحد أبرز الأمثلة على ذلك، فبالرغم من إصدار الأجهزة الأمنية الرسمية في العاصمة عدن بياناً رسمياً أوضحت فيه أسباب اعتقال "النقيب أحمد ماهر" في 6 سبتمبر الجاري، على خلفية قضايا مخلة بالأمن وذات صلة بـ "الإرهاب"، أدانت النقابة [5] اعتقال ماهر من قبل "مجاميع مسلحة" دون الإشارة لأي مما ورد في البيان الأمني.


ولم يتوقف الأمر عند بيان النقابة، فقد كرر رئيس لجنة التدريب والتأهيل نبيل الأسيدي ذات الاتهامات للأجهزة الأمنية بعدن على شاشة قناة "الحدث" السعودية [6]. ولم يعلق القيادي النقابي على التهم الجسيمة المنسوبة لماهر، معتبراً أن "تهمته الوحيدة هي ما يقوم بكتابته باب حرية التعبير وانتقاده عمل المجلس الانتقالي". 


وحظيت قضية الناشط أحمد ماهر، الذي يحمل رتبة عسكرية وفقاً للأمن بعدن، باهتمام متزايد من النقابة وقيادتها في الوقت الذي يواجه فيه أربعة صحفيون [عبد الخالق عمران، أكرم الوليدي، صالح حميد، توفيق المنصوري]، قابعون في سجون الحوثيين بصنعاء منذ قرابة 8 سنوات أقسى أنواع التعذيب وأحكاماً بالإعدام. 


وحول هذا، قال الصحفي الجنوبي محمد اليزيدي لـ "سوث24": "مواقف النقابة تشير إلى أنّها تخدم الأحزاب التي تسيطر عليها، وفي مقدمتها الإصلاح. ذلك الأمر يحدث ولو بشكل غير مباشر. إنَّه يتجلى في اختلاف الخطاب الذي تصدَّره النقابة بخصوص مناطق الجنوب عن مناطق الشمال".


لكنَّ الأمين المالي محمد شبيطة ينتقد كل الادعاءات حول تمايز خطاب نقابة الصحفيين اليمنيين أو اختلافه فيما يخص الشمال أو الجنوب. وقال المسؤول النقابي: "النقابة تقوم بعملها بشكل مهني. جميع حالات الانتهاكات مرصودة، وقد صدرت فيها مواقف ادانة في جميع المحافظات".


ويرى الصحفي الشمالي ياسين الزكري أنَّ "الظروف الحالية المنفلتة تؤثر على عمل النقابة".


وقال الزكري لـ "سوث24": "يفترض أن تكون نقابة الصحفيين مستقلة، لكن بسبب الظروف الحالية يُعتبر كاتب النقابة أحياناً في حكم الأسير. النقابة تحاول أن تكون حيادية بقدر المساحة المتاحة وهي ضيقة".


من تخدم النقابة؟


في 4 سبتمبر الجاري، طالب الصحفي الشمالي حمود هزاع نقابة الصحفيين اليمنيين بإدانة ما يتعرض له من "مضايقات" من قبل أحد الضباط الأمنيين في مدينة مأرب [7]


لم يلق نداء هزاع استجابة حتَّى الآن، وهو ما عرض النقابة للانتقادات الواسعة لمسارعتها في إدانة أبسط الحوادث والقضايا في عدن والجنوب.


وذكر هزاع في منشور على "فيسبوك" أنَّ الضابط الذي يعمل في أمن مأرب قام بعدد من الممارسات التعسفية ضدَّه، منها: "هدم سور مسكنه واقتحام حرمه، وإشهار السلاح في وجهه أكثر من مرة".


واعتبرت وسائل إعلام محلية قضية هزاع مؤشراً على سياسة النقابة الصحفيين اليمنيين مزدوجة المعايير تجاه القضايا المختلفة، ومؤشراً على توظيف هذه النقابة سياسيا من قبل أطراف سياسية داخلية ضد أخرى [8]


ومن المهم الإشارة إلى أنَّ نقابة الصحفيين اليمنيين كانت قد أصدرت في 4 سبتمبر الجاري بياناً [9] كذَّبت فيه رسمياً محتوى فيديو سربَّته أطراف أمنية في عدن يظهر اعتراف الناشط أحمد ماهر بارتباطه بالقيادي العسكري أمجد خالد، أبرز مطلوب أمني في عدن والمتهم بالوقوف وراء عمليات اغتيال وتفجيرات. 


وقالت النقابة في بيانها إنَّ اعترافات ماهر: "قسرية وبتهم كاذبة مشينة لا يقبلها عاقل". واستهجنت ما وصفته بـ "اعتماد السلطات في عدن أسلوب الأجهزة القمعية الشمولية في فترات سابقة، بإهانة الضحايا وإكراههم في ظروف قمعية على الإدلاء باعترافات غير صحيحة وغير حقيقية لتبرير الانتهاكات". 


لكنَّ ذات النقابة اكتفت بإدانة ما تعرض له الصحفي عبد الحكيم الحدي، مخرج قناة تلفزيونية محلية، من اعتداء في 5 إبريل 2022، بأعقاب الكلاشنكوف، من جنود يتبعون قوات النجدة بمدينة التربة بمحافظة تعز، شمال اليمن، أثناء تواجده لتصوير مسلسل تلفزيوني.


وبعكس ما تضمنته بيانات النقابة من لهجة حادة اتهامية للأجهزة العسكرية والأمنية بعدن، طالبت النقابة السلطات الأمنية بمدينة التربة بتعز، الخاضعة لسيطرة محور تعز الموالي لحزب الإصلاح، بـ "سرعة التحقيق في الواقعة وكشف ملابساتها ومحاسبة المتورطين فيها". [10]


واتهمت مصادر في نقابة الصحفيين اليمنيين، تحدثت لـ "سوث24"، قادة النقابة المنتمين لحزب الإصلاح بتوفير فرص كبيرة لأعضاء الحزب أو المحسوبين عليه للانضمام إلى النقابة والحصول على العضوية.


وقالت المصادر أنَّ العدد الأكبر من الصحافيين المستقلين أو أولئك المقربين من أحزاب وأطراف سياسية أخرى لم يستطيعوا الحصول على عضوية النقابة أو الانضمام إليها. كما لفتت المصادر إلى أن العاملين بوسائل الإعلام الحكومية التي يهمين عليها الإصلاح لم يجدوا أي صعوبة في استخراج العضوية. 


نقابة الصحفيين الجنوبيين


نظرا لواقع نقابة الصحفيين اليمنيين التي يعتبرها الجنوبيون أداة سياسية انتزعت منها القيم والمهنية والصحفية المفترضة كنقابة تحمي الصحفيين في جنوب اليمن وشمال اليمن دون استثناء، برزت المطالبات بتشكيل نقابة مستقلة للصحفيين الجنوبيين.


وحول ما إذا كانت هناك خطط نحو تحقيق ذلك، قال رئيس الهيئة الوطنية الجنوبية علي الكثيري: "لدينا في الهيئة تحرك باتجاه عقد مؤتمر للصحفيين والإعلاميين الجنوبيين قريباً، سيناقش المؤتمر أوضاعهم، والاتفاق على تشكيل كيان نقابي صحفي وإعلامي جنوبي جامع".


وأضاف: "نحن حاليا نواصل التشاور مع الصحفيين والاعلاميين الجنوبيين لتشكيل لجنة تحضيرية خلال الأيام القليلة القادمة [تم تشكيلها في 11 سبتمبر]، ستتولى الإعداد للمؤتمر وتحديد نسب تمثيل محافظات الجنوب فيه وتحديد موعده على أن يتم خلال شهر أكتوبر القادم".


ويرى الصحفي بسام القاضي أنَّ تشكيل نقابة للصحفيين الجنوبيين "أمر مهم جداً". وأضاف: "كنا قد بدأنا في جمع قاعدة بيانات قبل أكثر من عام. تأسيس نقابة كهذه يحتاج إلى جهود مخلصة بحيث تكون نقابة مستقلة، هدفها الدفاع عن الصحفيين بكل حيادية ومهنية واستقلالية".




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا