التحليلات

هل سيتأثر تنظيم القاعدة في اليمن بمقتل أيمن الظواهري؟

أيمن الظواهري (أخبار الآن)

05-08-2022 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | إبراهيم علي*


بعد سنوات من المطاردة، تمكنت الصواريخ الأمريكية من الوصول إلى مخبأ زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري. إذ أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الثلاثاء الماضي، مقتله بضربة جوية لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" في العاصمة الأفغانية كابل.


استهداف أيمن الظواهري جاء بعد 11 عام من مقتل أسامة بن لادن، زعيم التنظيم التاريخي الأبرز، في "إبت أباد" الباكستانية. وقد شهدت السنوات بين مقتل زعيمي التنظيم أحداثا كثيرة، لعل أبرزها على الإطلاق إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا قيام خلافة إسلامية. حيث استدعى هذا الإعلان أصعب قرار في تاريخ زعامة الظواهري للقاعدة. يعتقد كثير من قادة تنظيم القاعدة أن بن لادن كان سيتخذ قرارا مغايرا "إن لم يكن مؤيدا، سيحاصر الخلاف عند مستوى معين ولن يتطور إلى صراع كما حدث في ظل قيادة الظواهري". كان لهذا الخلاف دور كبير في تراجع التنظيم، على مستوى المركز، وعلى مستوى فروعه في أكثر من بلد.


من هذه النقطة تحديدا، يبرز تساؤل عن تأثير مقتل الظواهري على فرع القاعدة في اليمن، على اعتبار أنّ هذا الفرع له ارتباط من نوع خاص بخليفة بن لادن، إضافة إلى أنّه أكثر أفرع التنظيم تضررا من الخلاف مع تنظيم الدولة، إذ وجد نفسه مضطرا للسير خلف موقف القيادة العامة رغم أنّ قواعده كانت أقرب إلى "داعش" منها إلى القاعدة، ولهذا حدث الانشقاق عقب إعلانه رفض البيعة. 


كما وجد فرع اليمن في الهجوم الحاد لمتحدث داعش على شخص أيمن الظواهري، خصوصا في كلمة "مهلا زعيم القاعدة"، مبررا لموقفه المخالف لهوى قواعده، أي رفض إعطاء البيعة لداعش. اعتقد هذا الفرع أنه وقف على أرضية صلبة هي أرضية الدفاع عن "أهل السبق في الجهاد"، لكنها لم تكن كذلك تماما. ولا يشير ذلك إلى الانشقاق فقط وإنما أيضا إلى تراجع الحماس لدى معظم أعضائه وقادته غير المنشقين. 


في هذا السياق، قالت مصادر خاصة أن ناصر الوحيشي، الزعيم الأسبق لفرع القاعدة اليمن، كان محسوبا على جناح الظواهري وليس بن لادن، كما هو شائع، وهو ما يفسّر موقفه في الخلاف مع داعش.  بشكل عام، يثير هذا الحضور الكبير للظواهري في الفرع اليمني تساؤلات عن تأثر الأخير بمقتله، سلبا أو إيجابا.


مفككة ولن تتأثر


في السياق يعتقد جهادي سابق أنّ القاعدة في اليمن لن تتأثر سلبا بمقتل أيمن الظواهري. "لأن الظواهري لم يكن مؤثرا أصلا في قيادة التنظيم عالميا، من حيث تطوير التنظيم عسكريا وإداريا". ويعتقد بأنّ مسألة واحدة شغلت الظواهري؛ هي قتال من يسميهم الخوارج (تنظيم الدولة الإسلامية)، وربما يتغير فكر التنظيم في هذه النقطة بشكل جذري ويحدث مصالحة مع داعش.


ووفقا للجهادي اليمني، الذي تحدث لـ "سوث24": "في حال وجد خليفة للظواهري يقود التنظيم بما كان عليه بن لادن، قد يتغير وضعه بشكل كبير، في اليمن وفي غير اليمن. قد يتطور على مستوى التفكير وتحسين منظومة الأمن لديه، وهذا سيحد من الاختراق،" على حد تعبيره. وبحسب الرجل، فإنّ التنظيم في اليمن يفتقد إلى العقول المدبرة وذات الخبرة بعد اغتيال أكثر من قيادي فيه، وتغلغل الخلايا التجسسية داخله حتى وصلت إلى هرمه، وهو الأمر الذي أفقده فاعليته ودفع كوادره لمغادرته.


ويضيف: "لهذا لن يكون لمقتل الظواهري تأثير كبير، لأنّ التنظيم في اليمن أصبح مفككا أصلا بسبب الاختراق، والقيادة السيئة، إضافة إلى فقدان العقول المدبرة فيه". "أما تأثره إيجابا فربما يعتمد على خليفة الظواهري وكفاءته القيادية." بغير ذلك ـ يتحدث الجهادي السابق ـ سوف يصبح التنظيم جزءا من تاريخ الحركة الإسلامية الجهادية، وتُطوى صفحته.


أشبه بديكتاتور


وحول الظواهري كزعيم للتنظيم مقارنة بسلفه بن لادن، يقول الجهادي السابق، إنّ الظواهري أسس مع بن لادن وآخرين تنظيم القاعدة، ووضع أدبياته، لكن بعد مقتل الزعيم الروحي بن لادن، أصبح التنظيم هشا ومتفرقا وضعيفا ومخترقا من قبل أجهزة استخبارات دولية و محلية، كما حدث في اليمن وغيرها.


الجهادي الذي سبق والتقى ببن لادن والظواهري، يزعم أن كلام الظواهري أكثر من أفعاله، على عكس بن لادن الذي كان كثير الفعل وقليل الكلام. ويدلل على ذلك بغياب فاعلية فرع القاعدة في شبه القارة الهندية، الذي أعلن عنه الظواهري.  ويعتقد أنّ أكبر من تسبب في أحداث الصراع على زعامة الجهادية العالمية، بين تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، في الشام واليمن و الصومال وغيرها، هو الظواهري.


"هذه التناقضات"، وفقا للجهادي السابق، دفعت الظواهري للتسلط و الزعامة، الأمر الذي جعل التنظيم أشد ضعفا، وبدا الظواهري "أشبه بالدكتاتور في قيادته."


وفي المحصلة، يمكن القول إنّ أيمن الظواهري أوصل تنظيم القاعدة بجميع أفرعه بما فيها فرع اليمن، إلى مرحلة متقدمة من الضعف والتفكك، وأنّ مقتله بغارة أمريكية لن يكون له تأثير سلبي على تنظيم بات ضعيفا ومفككا بسبب سياسات الظواهري نفسه.


*إبراهيم علي

هو اسم مستعار لباحث متخصص في شؤون الجماعات المسلّحة، طلب إخفاء هويته لأسباب شخصية

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا