التحليلات

بين الرياض وطهران: هل تختلف مواقف حزب الإصلاح السياسية عن حماس؟

لقاء ولي العهد السعودي بقادة حزب الإصلاح اليمني بالرياض، نوفمبر 2017 (واس)

23-07-2022 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | إبراهيم علي*


لم تكن تهنئة حركة حماس لجماعة الحوثي بحلول عيد الأضحى المبارك أمرا مُستغرباً من الحركة التي تعمقت علاقتها بإيران وأذرعها في المنطقة منذ وقت مبكر، بذريعة الحرص على استمرار تدفق الدعم والاستفادة من الخبرات العسكرية الإيرانية، وفق تبرير كثير من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وإن كانت حماس لم تشر إلى هذه النقطة من قريب أو بعيد، بل إنَّ ما تقوم به وتمارسه يؤكد أنَّ العلاقة بينهما أبعد ما تكون عن فكرة "رد الجميل" أو العمل لحساب المصلحة تحت ضغط الحاجة في ظل ظروف استثنائية.


في إطار الحديث عن علاقة حركة حماس بإيران، يبرز تساؤل مهم عن الموقف الحقيقي للتيارات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين من جمهورية إيران، وخصوصا حزب التجمع اليمني للإصلاح في اليمن الذي يتواجد أبرز قادته في المملكة العربية السعودية منذ انقلاب جماعة الحوثي على السلطة في اليمن أواخر العام 2014.


بغض النظر عما يبديه حزب الإصلاح من مواقف رسمية وغير رسمية، تجاه إيران بشكل عام وتجاه سياسة حماس بشكل خاص، هناك موقف آخر نقيض يمكن ملاحظته بوضوح في نهج وطريقة تعاطي الحزب مع الأزمة اليمنية وأطرافها المناهضة للمشروع الإيراني منذ إعلان دول الخليج عن عملية عسكرية ضد الحوثيين.


قبل الحديث عن هذه النقطة بالتفصيل، لا بد من العودة إلى ما قبل الأزمة اليمنية التي تلت الانقلاب الحوثي، لمعرفة المواقف السابقة ووضع كل شيء في سياقه الطبيعي.


حروب صعدة


مع أن حرب الرئيس اليمني الأسبق، علي عبد الله صالح، في صعدة كانت ضد متمردين على نظامه، إلا أنَّ حزب الإصلاح اختار الوقوف إلى جانب الحوثيين. لم يكن للأمر علاقة بوجود الحزب ضمن أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، ولا بوضعه كحزب معارض. على أن وضعه في الحالتين لا يجيز له أن يتخذ مواقف تهدد النظام الجمهوري. ظلت صحف الحزب، طوال حروب صعدة، تتحدث عن المآسي الإنسانية، وتصور الحرب كما لو أنها تخاض ضد أبناء صعدة، إلى أن سقطت معظم مناطق المحافظة في يد الحوثيين. 


أبعد من ذلك، "شاركت وسائل إعلام حزب الإصلاح، في دعم حقوق الحوثيين الفكرية، وتشنيع وانتقاد سلوك نظام صالح"، وفق تقرير لموقع "الجزيرة نت" عام 2014. [1]


الاحتجاجات الشعبية


خلال الاحتجاجات الشعبية على نظام صالح في العاصمة صنعاء وفي عدد من المدن اليمنية بين العامين 20112012، رحب الإصلاح، الذي كان شبه مسيطر على ساحة التغيير بصنعاء، بمشاركة الحوثيين في "الانتفاضة" تحت مسمى "شباب الصمود"، بل إنَّ النائب حميد الأحمر اعتبر سيطرة الحوثيين على مركز محافظة صعدة، في مارس 2011م، انتصارا للثورة الشبابية، وفق حديثه خلال لقاء مع قناة "السعيدة" المحلية. [2]


لقاء الإصلاح والحوثيين في خندق "الاحتجاجات" ضد نظام صالح لم يحل دون ظهور خلافات بين الطرفين داخل ساحة التغيير، لكنها بقيت خلافات طبيعية ولا تعكس وجود تناقضات كبيرة في واقع الأمر، كما يذهب إلى ذلك البعض انطلاقا من اعتبارات طائفية سُنية وشيعية.


من المهم الإشارة إلى أن الترحيب بمشاركة جماعة الحوثي في الاحتجاجات على نظام صالح جاء بالتزامن مع توسع الجماعة عسكرياً في عدد من المحافظات خارج صعدة، كالجوف وحجة وعمران. وضع الإصلاح هذا التوسع في سياق الثورة لإسقاط نظام صالح الجمهوري، كما أكد ذلك النائب الأحمر في لقائه من "السعيدة".


في مقابل هذا الاحتفاء بذراع المشروع الإيراني في اليمن، كانت هناك مواقف إصلاحية عدائية للسعودية، من كثير من شباب الإصلاح الذين برزوا إلى الواجهة في ساعات الاحتجاج، كخالد الآنسي وتوكل كرمان وغيرهما. كانت تصريحات هؤلاء تعكس الموقف الحقيقي لحزب الإصلاح من المملكة وإن أظهر خلافها. رغم ذلك، انتهت الأزمة اليمنية بحل سعودي خالص "المبادرة الخليجية".


الانقلاب وزيارة الحوثي


بعد شهر من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعلى عدد من المحافظات اليمنية، زار أمين عام حزب الإصلاح "عبد الوهاب الآنسي" محافظة صعدة، والتقى خلال زيارته بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. كان الاعتقاد السائد لدى الحزب يومها أن الأمور ستستقر لجماعة الحوثي، وأن عليه أن يرتب وضعه على ضوء هذا المستجد. حينها قالت صحيفة الصحوة، الناطقة باسم الإصلاح، [3] إن الهدف من لقاء الآنسي بـ "السيد" عبد الملك الحوثي، هو العمل على طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة.


وقبل أن يبدأ الحزب بتسخير كل إمكاناته لتثبيت الكيان الحوثي، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية، يوم 26 مارس 2015، عن عملية عسكرية ضد "الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن". لم يكن التحرك الخليجي متوقعا بالنسبة لحزب الإصلاح الذي دفعته تقديراته العسكرية لمصير المعركة إلى تأييد عملية "عاصفة الحزم".


تأييد من داخل السعودية وهجوم من خارجها


في مقابل استمرار تأكيد قادة حزب الإصلاح من داخل المملكة على وقوفهم مع العملية العسكرية ضد "ذراع مشروع إيران" في اليمن، اتخذت أصوات إصلاحية كثيرة ومؤثرة مواقف نقيضة. في بداية الأمر، كان حزب الإصلاح قد سعى إلى شق الصف الخليجي الموحد حول الأزمة اليمنية، من خلال مقال [4] هاجم فيه دولة الإمارات العربية المتحدة اتهمها بالعمل ضد أهداف السعودية داخل اليمن، قبل أن يدَّعي أن موقعه الرسمي "الصحوة نت" تعرض للاختراق، وينفي صلته بالمقال. [5]


غير أن ما تضمنه المقال المذكور ـ وهذا دليل على عدم صحة مزاعم الاختراق ـ ظل يردد بعد ذلك في مختلف وسائل الإعلام الإصلاحية التي يزعم الحزب أنها تعمل خارج سيطرته وتوجهه، كقنوات بلقيس، والمهرية، ويمن شباب، إضافة إلى عدد من المواقع والصحف الإلكترونية. أبعد من ذلك، اعتبرت أصوات إصلاحية بارزة، دول الخليج العدو الأول لليمن، داعية، في الوقت ذاته، إلى تقارب بين حزبها وبين جماعة الحوثي. [6]


كانت الناشطة الإصلاحية توكل كرمان أبرز أصوات حزب الإصلاح الداعية إلى هذا التقارب. لقد سخرت قناتها "بلقيس" لمهاجمة دول الخليج والتشكيك بأهدافها في اليمن. السياسة ذاتها انتهجها قناة "المهرية" التي تبث من تركيا أيضا، ويديرها القيادي في الإصلاح مختار الرحبي. أما نشاط إعلاميي وصحافيي وناشطي حزب الإصلاح الموجودين في عدد من البلدان العربية والغربية فلقد اتسق بشكل كبير مع سياسة القناتين وليس مع الموقف الرسمي المعلن للحزب.


في ذروة الخلاف الخليجي ـ القطري، قال الكاتب المستقيل عن حزب الإصلاح، مروان الغفوري، إن الإصلاح حزب هام وتنظر إليه إيران على أنه حزب كبير ومنظَّم.. مشيرا إلى أن "الإصلاح سيكون بمقدوره إقامة علاقة جيدة، تتمتع بالاستقرار والاتزان مع إيران"، وفق مقال له تحت عنوان "عك أزلي" هاجم فيه بشدة السعودية والإمارات. [7]


موقفان متناقضان؟


لا يشير ما ورد أعلاه إلى وجود موقفين متناقضين لحزب الإصلاح من السعودية وإيران بقدر ما يشير إلى وجود موقف حقيقي وآخر غير ذلك. تؤكد هذه النتيجة أيضا تصريحات لقيادات بارزة في الحزب، أمثال توكل كرمان التي اعتبرت مواقف القادة الإصلاحيين من السعودية والإمارات متناقضة مع المزاج العام للحزب. وفي إشارة إلى أنها غير حقيقية، أكدت كرمان عبر منشورات على حسابيها في "تويتر" و "فيس بوك" عام 2018، أنَّ تلك المواقف للحزب لا تُتخذ في ظروف طبيعية. [8]


الملاحظ هو أن معظم النشاط الإعلامي الإصلاحي الهادف إلى إفشال الدور السعودي في اليمن لصالح نفوذ إيران كان ولازال ينطلق من تركيا التي احتضنت عام 2014 لقاء جمع "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني بعدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أكده إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، في تصريح إلى صحيفة "عربي21". [9]


بناء على ما تقدم، يمكن القول إن موقف حركة حماس المعلن من إيران هو الموقف الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين وفروعها حول العالم بما في ذلك حزب الإصلاح اليمني الذي يمكن ملاحظة موقفه بوضوح من خلال الدور الذي لعبه ويلعبه خلال الأزمة اليمنية الأخيرة. ولو لم يكن إخوان اليمن مقيدين بظروف خاصة، لكانت علاقتهم مع جمهورية إيران بوضوح علاقة حماس والحزب الإسلامي العراقي.




*إبراهيم علي
هو اسم مستعار لباحث متخصص في شؤون الجماعات المسلّحة، طلب إخفاء هويته لأسباب شخصية


المراجع:

[1] الجزيرة نت، اليمن.. مسارات الحرب السابعة - عبد الحكيم هلال

[2] قناة السعيدة: اللقاء مع حميد الأحمر

[3]  شريط الأخبار العاجلة في موقع الصحوة نت آنذاك تابعه كاتب التحليل

[4]حذف موقع "الصحوة نت" المقال الذي أطلع عليه كاتب التحليل 

[5] شريط الأخبار العاجلة في موقع الصحوة نت آنذاك تابعه كاتب التحليل

[6] توكل كرمان: التحالف السعودي الاماراتي العدو الأول لليمن

[8] قناة العالم: ماذا قالت توكل كرمان عن قادة "الإصلاح" اليمني؟

[9] الجزيرة نت: جماعة الإخوان تعترف بلقائها مسؤولين إيرانيين 

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا