التقارير الخاصة

«مُسوّدة الهتار»: لماذا يرفضها الجنوبيون؟

رشاد العليمي يتسلم مسودة القواعد المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي (سبأ)

12-06-2022 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


في 31 مايو الماضي، سلَّم الفريق القانوني الذي شُكل إلى جانب المجلس الرئاسي في اليمن مسودة القواعد المنظمة لأعمال المجلس وهيئة التشاور والفريقين القانوني والاقتصادي، إلى رشاد العليمي، رئيس المجلس الرئاسي.


قوبلت مسودة الفريق، الذي يرأسه القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، حمود الهتار، برفض وتشكيك واسعين من قبل قيادات سياسية وصحفيين جنوبيين محسوبين أو مقربين من المجلس الانتقالي الجنوبي. كما انتقدها أيضاً سياسيون ونشطاء شماليون كثر. 


وتعرضت المسودة لاتهامات بمحاولة الانقلاب على مخرجات مشاورات الرياض ومجلس القيادة الرئاسي، ومحاولة منح رشاد العليمي صلاحيات تتجاوز دوره المفترض. 



صلاحيات رشاد العليمي في المسودة (نسخة تحصل عليها سوث24)


ومن المواد المثيرة للجدل هي محاولة تحريم الوثيقة على أعضاء المجلس لشغل أي عمل عسكري تنفيذي. ومن المعروف أن القيادات الجنوبية في المجلس، الزبيدي والمحرمي والبحسني هم من يشغلون هذه الوظائف.


وتقول المادة 16 من الوثيقة "لا يجوز لرئيس وأعضاء المجلس الجمع بين العمل في المجلس وبين أي عمل تنفيذي مدني أو عسكري.."


وتنص المادة (3) من الإعلان الرئاسي في 7 أبريل الماضي للرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي على تشكيل فريق قانوني لصياغة مسودة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة والفريقين القانوني، والاقتصادي. 


لم يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي حتى الآن رفضه لهذه المسودة بشكل رسمي، إلا أنَّ اللجنة الاقتصادية العليا التابعة له قالت، الاثنين، إنَّ المسودة "غيّبت قضية شعب الجنوب ولا تعبر عن مخرجات مشاورات الرياض". [1] 


وقال عضو وفد المجلس المفاوض في اتفاق الرياض، المحامي يحيى غالب الشعيبي، في تغريدة له على تويتر، إن المسودة "تفوح منها رائحة تفجير صراع وأزمة". وأضاف: "تذكرت اللجنة القانونية التي لم تندمج وفجرت بسببها حرب 1994 ومحاولة اغتيال وزير العدل الجنوبي في صنعاء". [2]


وفي حديث لـ "سوث24"، قال المحامي الشعيبي: "الظروف التي تشكّل فيها الفريق القانوني كانت ظروف مستعجلة. هذه الظروف قيّدت حتى المجلس الرئاسي ذاته من أي صلاحية لإبداء الرأي بالتشاور حول تشكيل الفريق القانوني، بينما الفريق القانوني هو فريق مساعد للمجلس الرئاسي".


وأضاف: "الرئيس السابق هادي كان يُفترض به أن يقوم بنقل السلطة التي كان يمارسها والتي استلمها من سلفه صالح فقط. هادي أضاف تشكيل هيئات تمثل بمثابة سلطات دولة تشريعية مثل الفريق القانوني وتنفيذية مثل هيئة التشاور والهيئة الاقتصادية والهيئة العسكرية لقراره".


وتابع: "الهيئات المذكورة أعلاه لم يمارس هادي صلاحياته عليها، ولم تكن ضمن سلطته الدستورية، بل قام بإنشائها وفرضها بقرار نقل السلطة عشيّة تسليمها. لذلك هادي لم ينقل سلطته بل تجاوز بما لا يملك من صلاحيات لإنشاء هيئات جديدة وخارج سلطته، وتم تقييدها بمواد قانونية بقرار نقل السلطة وهي التي خلقت هذا الإرباك القائم".


ولفت الشعيبي إلى أنَّه "طالما هذه الهيئات مساعدة للمجلس الرئاسي، فالمجلس الرئاسي هو المعني بإعادة النظر فيها لما تقتضيه مصلحة المرحلة ومهام المجلس الرئاسي".


لكنَّ عضو الفريق القانوني، المحامي أحمد عرمان، قال لـ "سوث24" إنّ "المُسوّدة الأوليّة التي قدّمها الفريق القانوني، ليست بشكلها النهائي". 


وأضاف: "من الطبيعي أن تخضع لنقاش يعكس مدى حرص وإدراك الأطراف المعنية أو القانونيين المهتمين وغيرهم بأهمية وخطورة المرحلة".


واعتبر عرمان أنّه "ليس عيباً أو نقصاً في حقّ الفريق أن توجه له انتقادات في المُسوّدة، ومن الجيد وخصوصا خلال هذه الفترة، أن تكون المسودة محلّ نقاش على كافة المستويات العامة والخاصة". 


وأضاف: "هذا بالتأكيد سيكون من شأنه الخروج بوثيقة قانونية ترتّب لخارطة طريق للوضع في اليمن خلال المرحلة القادمة، وهذا ما هو مطلوب منها. بغض النظر عن مستوى الانتقادات أو الإشادة بما ورد في المُسوّدة، من المهم أنّ تأخذ حقها من النقاشات والتعديلات والملاحظات".


واعتبر عرمان أنَّه "من المهم أيضاً أن تخرج هذه المسودة بما يتطلّع إليه الجميع، من ضمانات أو بناء ثقة ونصوص وأحكام من شانها أن تُرتّب لمرحلة قادمة قائمة على الشراكة والشفافية والنزاهة".



تواقيع أعضاء الفريق القانوني على المسودة (نسخة تحصل عليها سوث24)


أجندة الفريق القانوني


بالنسبة للمحلل السياسي سعيد بكران، فإنَّ المشكلة الحقيقية ليست أنَّ رئيس ومعظم أعضاء الفريق القانوني من شمال اليمن، بل خلفيات هؤلاء الأيدولوجية وأجندتهم. 


وقال بكران لـ "سوث24": "لا توجد مشكلة في أن تكون اللجنة القانونية من الشمال أو من الجنوب. المشكلة الحقيقية تكمن في أنّ عدد أعضاء اللجنة ثمانية، خمسة منهم ليسوا إخوان مسلمين فقط، بل قيادات للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين والحركة السرورية في اليمن".


وأضاف: "هؤلاء قيادات ذات ارتباطات دولية، وليس لديهم مشروع وطني، كما أنّهم ليسوا مختصين في وضع الدساتير".


وتابع: "هذه اللعبة مرفوضة وفيها تحايل. إنها تتضمن تنويع فصائل الإخوان وتسميتهم بمسميات على أنهم قوى وأحزاب سياسية مختلفة، بينما هم جميعا عبارة عن تيار واحد وجماعة واحدة".


وعن المسودة، قال بكران: "هذه الوثيقة تُعبّر عن تطلعات الإصلاح في الاستيلاء على الواقع، وتحويل المجلس لأداة تنفذ أجندات التنظيم. عدم الاعتراف بالواقع هو الذي سبب المشاكل في المناطق المحررة والاشتباكات".


وأضاف: "جاءت هذه اللجنة لتؤكد أن هناك إصراراً على تجاوز القوى السياسية والعسكرية والواقع الذي خُلِق بالدماء والتضحيات. المسودة تتجاوز كل حقائق ما بعد العام 2015. الأطراف التي وضعت هذه الوثيقة لا تستوعب أن الواقع السياسي والعسكري على الأرض قد تغير".


وحول إمكانية أن تسبب هذه المسودة بانشقاق أو خلاف داخل المجلس الرئاسي، قال بكران: "يفترض ألا يحصل هذا؛ فهذه المسودة جاءت لتنظيم عمل المجلس. المسودة لا تُهدد الجنوبيين فقط؛ لكنها تعمل لمصلحة أجندات حزب الإصلاح في الشمال والجنوب وتتجاوز جميع الأطراف".


معالجة الاختلالات


ومع استمرار الرفض الجنوبي لمُسوّدة القواعد المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي، رأى المحامي الشعيبي والسياسي بكران أنَّه من الضروري تحديد الاختلالات ومعالجتها.


وقال المحامي يحيى غالب لـ«سوث24»: "لا يوجد مانع قانوني من أن يتم التشاور من المجلس الرئاسي لإعادة ترتيب الفريق القانوني، أو أي هيئة؛ كون المجلس الرئاسي هو المعني وصاحب الصلاحيّة دون غيره بإعادة النظر في الهيئات المساعدة له".


وتطرّق غالب إلى اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة بتوافق المجلس الرئاسي، وقال: "تم تشكيلها دون أي اعتراضات او خلافات، ولو جاءت اللجنة العسكرية والأمنية المشتركية ضمن قرار نقل السلطة فسيحصل حتما إرباك وتعقيدات وأزمة سياسية كما هو متوقع أن يحدث بسبب الفريق القانوني".


وقال سعيد بكران: "يفترض أولاً أن يتمّ التوافق على تغيير اللجنة بشكل جذري، التوافق على وضع آلية لعمل اللجنة الجديدة، التوافق على معايير ضمّ الأعضاء للجنة وأن يكون هناك دستوريين. ومن ثم، يقدّم كل طرف مرشحيه بمعايير معينة، ويمكن أيضاً الاستعانة بمستشارين من دول التحالف".


وأضاف: "يجب أن يكون لدول التحالف دور استشاري على الأقل، ويحب أن يكون المرشحين مستوعبين أن الواقع السياسي معقّد ومختلف. يجب أن يكون هذا حاضر في أذهان من يعد الوثيقة، وأي وثيقة لا تعترف بالواقع ستصطدم معه".




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا