التقارير الخاصة

المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت: تقييم الأداء

04-04-2022 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24| عبدالله الشادلي


حظي المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن بقبول وتأييد شعبي واسع منذ لحظة تأسيسه في الـ4 من مايو/ أيار 2017، ليتمكن في غضون خمس سنوات من خطف الأنظار، وإحراز نجاحات فارقة على الصعيدين السياسي والميداني.


لقد كان إعلان المجلس الانتقالي، بمثابة بارقة أمل أخيرة بالنسبة للسواد الأعظم من الجنوبيين؛ بعد سنوات من إخفاق مكونات الحراك الجنوبي من تشكيل اصطفاف مؤسسي يمثّل مصالح الجنوب ويدافع عنها.


وعلى الرغم من ذلك، قوبلت هذه الشعبية والنجاحات بتشكيك بعض الأطراف في الجنوب وخارجه. كما أخفق المجلس في إدارة بعض الملفات والقضايا، مثل قضية الحرب في شبوة لعام 2018. وتعرّض المجلس نفسه لحرب شديدة على المستويين السياسي والإعلامي وحتى العسكري طيلة سنوات نشأته، إلا أنه استطاع التغلّب على الكثير منها.


في محافظة حضرموت، جنوب اليمن، يحظى المجلس الانتقالي أيضا بحاضنة شعبية ملموسة، إلا أنّ البعض يعتقد أن هذه الشعبية لا تتعدى مناطق ساحل المحافظة، وفقاً لما ذكره مواطنون لـ«سوث24».


نجاحات وإخفاقات


يعتقد سياسيون تحدثوا لـ "سوث24": أنّ "المجلس الانتقالي بحضرموت حقق نجاحات كبيرة خلال فترة زمنية قياسية، تمثلت في: دعم التكتلات الشعبية والمكونات المحلية وتعزيز حضور قوات النخبة الحضرمية". لكن البعض  يرى أنّ المجلس لم ينجح في ذلك، وتعارضت مطالبه مع مطالب بعض المكونات الأخرى، منها: مؤتمر حضرموت الجامع الذي يرأسه الوكيل الأول للمحافظ، الشيخ عمرو بن حبريش.[1]


وعلى خلاف ذلك، يرى رئيس لجنة التصعيد الشعبي بحضرموت، الشيخ حسن الجابري أنّ المجلس الانتقالي كان سنداً كبيراً في إنجاح الهبّة الحضرميّة المطالبة بحقوق المحافظة. واعتبر الجابري أنّ علاقتهم مع المجلس الانتقالي جيّدة، وأنّ تأييده لمخرجات الهبّة أكسبها شعبية أكبر.[2]


وعلى الرغم من أنّ رئيس القيادة المحلية لانتقالي حضرموت السابق، الدكتور محمد جعفر بن الشيخ أبوبكر، كان قد تولّى هذه المهمة في ظلّ ظروف صعبة ومحدودة، قال صحفيون محليون لـ«سوث24» إن "رئيس القيادة المحلية الجديد، العميد سعيد المحمدي، استطاع أن يكمل المهمة بشكل مختلف".


وفي خضم هذه التطورات، يقول الناشط الإعلامي عمر باحشوان "لا شكّ أنّ العميد المحمدي، صاحب شخصية قوية، تتناسب مع طبيعة المرحلة في حضرموت".


ويتفق الصحفي فاروق العكبري، بأنّ "العميد المحمدي جدد نشاط المجلس أكثر من أي وقت مضى، وأحدث تغييراً كبيراً في الواقع". مضيفا بأنّ المرحلة الحالية تتطلب "استقطاب شخصيات كبيرة وجديدة لقوام الانتقالي لتقوية شعبيته".


ووفقا للعكبري فإنّ من "أبرز انجازات الانتقالي في حضرموت أنّه وحّد النسيج الشعبي تحت راية واحدة، ودعم الهبة الحضرمية، ووقف في صفّ المواطن، وكان له موقف واضح لاستبعاد المنطقة العسكرية الأولى من الوادي".


ويعتقد بعض الأهالي أنّ السلطة المحلية بحضرموت، تعمل على كبح جماح المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أضحت شعبيته متفوقة عليها. 


يقول صالح باريدي من أبناء مدينة المكلا أنه من الطبيعي أن يكون لما وصفها بـ"القيادة العسكرية الجديدة" لانتقالي حضرموت دوراً أكثر حزماً من نظيرتها المدنية السابقة".


على النقيض يعتقد مثلا نائف القرزي، مواطن من مديرية غيل بن يمين أنّ "المجلس الانتقالي بكلتا القيادتين لم يحقق شيئاً ملحوظاً".


وقال القرزي لـ«سوث24» "كان المجلس الانتقالي أكثر اتزاناً في السابق، أما الآن فهو يقود نفسه نحو الهاوية، ويحشر نفسه في أمور تقع على عاتق السلطة المحلية، وهي لا تتوانى عن خدمة حضرموت".


وقال ناشطون لـ "سوث24" إنّ "المرحلة الراهنة في حضرموت تتطلب حكمة بالغة، لاسيّما مع العقبات التي تواجه انتقالي المحافظة من قبل السلطة المحلية التي تواصل لعب دور المحايد مع جميع الأطراف".


اقرأ أيضا: البَحسني والسياسة الضبابية: ما هو الموقف الأخير؟ (south24.net)


أداء انتقالي حضرموت


وفي الوقت الذي يرى البعض أن أداء المجلس الانتقالي خافت في وادي حضرموت، يقول الصحفي أمجد صبيح لـ«سوث24»: "على العكس تماماً". مشيرا إلى قرار رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الشهر الماضي الذي قضى بتعيين قيادة جديدة للمجلس في الوادي. "هذه الإدارة ستستثمر الحضور الشعبي الذي يحظى به المجلس الانتقالي في مناطق الوادي".


ويشير صبيح إلى أنّ "التوجه الشعبي نحو المجلس كبير بوادي حضرموت، لكن كإدارة كانت ضعيفة"، مُرجعاً ذلك إلى ضعف أداء بعض الدوائر في المجلس.


وعلى النقيض تماماً، يقول القرزي إنّ "المجلس الانتقالي غائب تماماً عن المشهد السياسي بوادي حضرموت".


في حين أرجع باريدي "خفوت أداء المجلس الانتقالي بوادي حضرموت إلى اختلال الوضع الأمني". إلا أنه يقول "أنّ ذلك ليس خفوتاً من الزاوية التي قد تروق للبعض".


وأضاف "إذا كنا سنأخذ الأمور من هذه الزاوية الضيقة، فالسلطة المحلية المعنية قبل المجلس بشؤون المحافظة، لا تحظى بأي شعبية تُذكر في تلك المناطق".


واعتبر باريدي أنّ المجلس الانتقالي يحظى بحاضنة شعبية كبيرة في الوادي. وأشار إلى حجم الاستجاية الشعبية للفعاليات التي دعا لها المجلس رغم مضايقات المنطقة العسكريّة الأولى.


واتفق الصحفي فاروق العكبري مع ذلك وقال أنّ "حضور الانتقالي في الوادي قوي مثله مثل الساحل". 


وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد رعى أعمال الدورة الأولى للهيئة التأسيسية لكتلة حلف وجامع حضرموت من أجل حضرموت والجنوب، في مدينة سيئون، التي عقدت مطلع مارس آذار الماضي.  


علاقات المجلس


تسعى الحكومة اليمنية بدرجة أساسية إلى التأثير على ولاءات القبائل المحلية والأطراف السياسية والمجتمعية في حضرموت. لا يزال نائب الرئيس اليمني يحكم قبضته على آبار النفط في وادي حضرموت. هناك بعض رجال الأعمال الحضارم والسياسيين الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة مع علي محسن الأحمر وشخصيات وثيقة الصلة به داخل المملكة العربية السعودية، يدعمون التحركات المناهضة للمجلس في حضرموت.


طالما سعت المنظومة اليمنية على التشكيك بالعلاقات البينية للأطراف الجنوبية الأخرى مع حضرموت. تُصوّر بعض الجهات البحثية والإعلامية أنّ حضرموت يتهددها الخطر من الضالع ويافع وأبين. ويتم تصوير المجلس الانتقالي على أنه يخضع لقرار أشخاص من هذه المناطق. "هذا الأسلوب الأمثل لصرف النظر عن تعاظم النفوذ الشمالي في وادي حضرموت"، يقول أحد الأهالي لـ "سوث24". 


يقول الشيخ سالم المحمدي لـ«سوث24» إن "معظم القبائل، التي لها تاريخ نضالي وتتطلع نحو الاستقلال، تدعم جميع تحركات المجلس وتؤازره".


ويضيف: "من الطبيعي أن يكن البعض العداء للمجلس، حفاظاً على المصالح، لكن بمجرّد أن تنتهي المصالح المشتركة؛ سيعرف المخطئ وجهته الصحيحة".


ويختلف الصحفي محمد باعبّاد مع الضيف السابق ويعتبر "أنّ المجلس الانتقالي في حضرموت لا يقف مع الشعب". وتسائل عن سبب صمت الانتقالي عن معاناة المواطنين.[3]


‏واعتبر باعباد أنّ الصمت على ما يحدث من  قتل للمتظاهرين في المكلا والشحر ومدن ساحل حضرموت، يجعل من المجلس "شريك" في هذه الأعمال التي ترتكبها السلطات المحلية "وبدلاً من تلبية مطالب الشعب توجه السلطة الرصاص إلى صدورهم لتقتلهم". كما يزعم. 


وكان المجلس الانتقالي قد دعا السلطات المحلية في وقت سابق للتعامل "بحكمة" مع المتظاهرين وتجنب استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين. [4]


يقول الصحفي العكبري أنّ "للمجلس الانتقالي تأثير كبير على الواقع السياسي على الأرض". وبالنسبة له "يُعتبر الانتقالي الأقوى سياسياً أمام أي قوى أخرى في الوقت الراهن". واعتبر أنّ "علاقة المجلس الانتقالي قوية وراسخة مع المواطن الحضرمي، مهما حاولت القوى الأخرى التشكيك في ذلك".


بالمقابل انتقد أهالي محليون لـ "سوث24" غياب الاستراتيجيات الإعلامية للمجلس الانتقالي في التفاعل مع المجتمعات المحلية. "لا يملك المجلس وسائل إعلام تلفزيونية وصحافة مؤثرة في حضرموت". ويرى بعضهم أنّ المجتمعات المحلية بحاجة لخطاب أكثر انفتاحا ووضوحا حول مصير ومستقبل حضرموت في ظل أي إدارة قادمة للمجلس ولمشروعه السياسي.


وتعمل أطراف محلية حضرمية محدودة على تبني مشاريع تؤيد الوحدة اليمنية أو تدعو لاستقلالية حضرموت عن القرار الجنوبي. لا تجد مثل هذه الأصوات قبولا لدى القطاع الكبير من الشارع. لكنّ الكرة بالأخير  - كما يقول الأهالي - بـ "ملعب المجلس الانتقالي الجنوبي" نفسه. 


يُشار إلى أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، قد أشهرت في الـ24 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، القيادة المحلية لانتقالي حضرموت. وعيّن رئيس المجلس، اللواء عيدروس الزُبيدي، الدكتور محمد جعفر بن الشيخ أبوبكر رئيسا للقيادة المحلية حينها، قبل تعيين العميد سعيد المحمدي خلفا له.


عبد الله الشادلي

صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


- الصورة مقتطعة من فعالية دعا لها المجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة سيئون في شهر فبراير 2022 (سوث24)


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا