عربي

هجمات الحوثيين على الإمارات: رد فعل إيران لهزائمها في اليمن

05-02-2022 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24 | ترجمات


أطلقت حركة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران صاروخين باليستيين على الإمارات العربية المتحدة في 24 يناير حيث جرى اعتراضهما وإسقاطهما بواسطة صواريخ باتريوت أمريكية الصنع. 


وكان ذلك هو الهجوم الثاني للحوثيين على الإمارات في ذات الشهر. ففي 17 يناير، قُتل ثلاثة عمال أجانب (هنديان وباكستاني) يعملون لدى شركة النفط الوطنية الإماراتية ADNOC جراء هجوم بطائرة مسيرة أطلقتها الحركة المدعومة من إيران.


وتزامن الهجوم الأول مع صاروخ حوثي استهدف جنوب المملكة السعودية وتسبب في إصابة شخصين.


وتُمثل هذه الهجمات تصعيدا ملحوظا يشتق من المواجهة المستمرة في اليمن بين قوات موالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بدعم سعودي إمارتي، والحوثيين المدعومين من إيران.


ونقلت قناة الجزيرة القطرية عن ضيف الله قاسم صالح الشامي، وزير الإعلام لدى الحوثيين، قوله إن الهدف وراء هجوم 17 يناير هو: "تلقينهم درسًا، حتى يتوقفوا عن ضلوعهم ومشاركتهم في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن".


وجاء العدوان الحوثي على الإمارات في أعقاب مكاسب مهمة في الأسابيع الأخيرة حققتها حكومة هادي لا سيما في محافظة شبوة المتنازع عليها جنوب اليمن.


وباتت كافة مديريات شبوة السبعة عشر الآن تحت سيطرة قوات حكومية مدعومة من الإمارات والسعودية. وتقع شبوة، ثالث أكبر محافظات اليمن في وسط الدولة العربية وتجاور مأرب. ومن خلالها، تسيطر القوات الحكومية على مساحة كبيرة من الساحل الجنوبي لليمن. وعلاوة على ذلك، تضم شبوة حقول نفط وغاز مهمة ولديها ميناءان متاحان للاستخدام في صادرات الطاقة أحدهما بلحاف الذي يوجد به منشأة للغاز الطبيعي المسيل.


ويبدو أن الهجوم سيتواصل الآن في مأرب الغنية بالنفط التي تمثل المنطقة الرئيسية المتنازع عليها بين الجانبين حيث أنه في غربها تقع صنعاء (المحافظة والعاصمة) التي يسيطر عليها الحوثيون.


ووفقا لتصريحات الشامي، ينبغي أن يُنظر إلى الهجمات الأخيرة باعتبارها رد حوثيإيراني على هذه المكاسب في سياق جهود تستهدف رفع المخاطر إلى نقطة تستسلم معها الإمارات وتتخلى عن دعمها الحالي المؤثر للمحور المناهض لإيران في اليمن.


إذن، ما هي طبيعة هذه الاستراتيجية الإماراتية، وما هو التفسير وراء التصعيد الإيراني الحوثي؟ وماذا ينبغي أن يكون عليه رد الفعل الغربي والإسرائيلي تجاه الهجمات الأخيرة؟


استراتيجية الإمارات الراهنة في اليمن: حرب بالوكالة


كما أوردت وسائل إعلام إقليمية ودولية على نطاق واسع، فقد سحبت الإمارات قواتها التقليدية من اليمن في منتصف 2019. وجاء هذا الانسحاب في وقت جددت فيه إيران عدوانها على سفن إماراتية في مياه الخليج، وكذلك ضد بنية النفط التحتية السعودية. 


وبالإضافة إلى ذلك، سعت الإمارات إلى إحياء الحوار مع طهران أثناء صيف 2019 ولذلك ذكرت العديد من التقارير أن الانسحاب من اليمن يعكس هذا التحول في سياسة أبوظبي.


ومع ذلك، فقد كان هذا الوصف للأحداث إلى حد ما بمثابة تبسيط للأمور.  لقد كان الانسحاب الإماراتي جزئيًا، والآن اتضح جليًا أنه كان مجرد مرحلة انتقالية للخروج من الارتباط باستراتيجية التدخل المباشر الخرقاء التي تقودها السعودية، والتحول إلى نهج أكثر تطورًا يعتمد على إبرام شراكات ودعم للقوات المحلية.


وفهم المحلل جيمس إم. دورسي بشكل دقيق طبيعة الانسحاب الإماراتي حيث وصفه في أغسطس 2019 بأنه "يمثل تعديلا دقيقًا وليس تراجعا عن الاعتزام الإماراتي لاحتواء إيران وإجهاض الإسلام السياسي". 


إذن، مع أي من القوات اليمنية تتحالف الإمارات؟


لقد ظلت الإمارات العربية المتحدة في شراكة وطيدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، المعروف اختصارا بـ STC، وهي منظمة تسعى إلى إعادة جمهورية جنوب اليمن الديمقراطية السابقة، كما أن قيادتها تنتمي للقيادات النخبوية التي كانت تمثل تلك الدولة.


وكانت جمهورية جنوب اليمن الديمقراطية بالطبع دولة مؤيدة بقوة للاتحاد السوفييتي، وعُرفت بشكل رئيسي بأنها موطن للجماعات [..] اليسارية في سبعينيات القرن المنصرم. وبقى القليل من هذا الاتجاه اليوم، ولكن المجلس الانتقالي الجنوبي هو هيكل متماسك وجيد التنظيم يستند على سكان جنوبيين أكثر حداثة.


وفي الشهور الأخيرة، كانت محافظة شبوة هي بؤرة التركيز الرئيسي للإمارات وقواتها المرتبطة بها، حيث ساهم الإماراتيون بشكل مباشر في عمليات تدريب قوة تُعرف باسم "قوات النخبة الشبوانية". ويوحي هذا الاسم بأن هذه القوات، التي يقودها محمد سالم القميشي، جرى تجنيدها من بين صفوف سكان المحافظة، وتتألف من حوالي 6000 مقاتل. وتحمل هذه الوحدة العسكرية علم جمهورية جنوب اليمن الديمقراطية، وفقا لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز عام 2017. 


علاوة على ذلك، دعمت أبو ظبي "ألوية العمالقة" القوية المؤلفة من 30 ألف جندي بقيادة العميد أبو زرعة المحرمي الذي حظيت مجموعته الأصلية بتدريب ودعم القوات المسلحة الإماراتية قبل أن تنضم لاحقا إلى "المقاومة الوطنية"(الحرس الجمهوري السابق لنظام صالح في اليمن)، بقيادة العميد طارق صالح، نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.


العديد من مقاتلي "ألوية العمالقة" سلفيون، لكن المكون الجنوبي اليمني لهذه القوات ينبغي أيضا أن يوضع قيد الملاحظة، كما يرتبط بعلاقات طيبة على مستوى القيادة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.


وقام هادي بتعيين محافظ جديدة لشبوة يرتبط بعلاقات جيدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات العربية المتحدة وهو قرار أثبت أهميته. وحل الشيخ عوض بن الوزير العولقي بدلا من محمد صالح بن عديو عضو حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين.


وانتهج بن عديو موقفا معارضا للنفوذ الإماراتي ويرتبط بمصالح المملكة السعودية، ولذلك فإن إقالته خدمت وحدة القوات المرتبطة بالإمارات العربية المتحدة.


وفي هجوم شنته أول يناير، نجحت هذه القوات في طرد الحوثيين من محافظة شبوة بدعم جوي من التحالف الذي تقوده المملكة السعودية. وأُجبرت القوات المدعومة من إيران على التخلي عن مناطق عين وعسيلان وبيحان والتقهقر إلى محافظتي البيضاء ومأرب المجاورتين. 


استعادة شبوة تخدم تغيير مسار ديناميكية الحرب في اليمن. ومن المحتمل أن تتعلق المرحلة المقبلة بجهود لتطهير غرب مأرب من الحوثيين، من منطقة تقع مباشرة شرق العاصمة صنعاء.


وتأتي مكاسب شبوة في أعقاب استيلاء الحوثيين على سفينة قبالة ميناء الحديدة بدعوى أنها كانت تحمل أسلحة.


وتمثل المكاسب التي حققتها قوات ترتبط بالإمارات في شبوة نقطة تحول مهمة في ديناميكية الحرب باليمن. ومن ثم، ليس من المفاجئ أن يسعى الإيرانيون وحلفاؤهم إلى تغيير مسار هذه العملية.


عملية شبوة التي استغرقت 10 أيام جاءت نتيجة لاستراتيجية شراكة فعالة مع القوات المحلية انتهجتها الإمارات في جنوب اليمن. ومن وجهة نظر أيديولوجية، ربما تبدو الشراكة غريبة إذ أنها تجمع بين العناصر الملكية الإماراتية، وبقايا الاشتراكيين العلمانيين لجمهورية جنوب اليمن الديمقراطية، والتي يمثلها الآن المجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى المقاتلين السلفيين لألوية العمالقة.


ورغم ذلك، وانطلاقا من وجهة النظر هذه، فإن مثل هذا التحالف ليس أكثر غرابة من شراكة الولايات المتحدة مع القوات الموالية لحزب العمال الكردستاني في الحرب ضد تنظيم داعش، وهي شراكة أثبتت نجاحها وديمومتها.


إن الارتباط الذكي بالقوات المحلية يمثل عنصرا رئيسيا لعملية مكافحة تمرد ناجحة. وتبدو الإمارات حققت تقدما ملحوظا في هذا الصدد على مدار نصف العقد الأخير. 


ما سيحدث في المرحلة القادمة سيكون أمرًا مصيريا. إنها لمصلحة ملحة بالنسبة للغرب وإسرائيل أن يظل الحوثيون وإيران خارج جنوب اليمن، والأكثر أهمية هو منعهما من السيطرة على ميناء الحديدة، أو التوغل أكثر في الجنوب نحو مضيق باب المندب الذي سوف يؤدي السيطرة عليه إلى السماح لطهران بخنق حركة الملاحة البحرية بين خليج عدن والبحر الأحمر وقناة السويس.


لقد مالت التغطية الغربية لحرب اليمن إلى التركيز على الجانب الإنساني، ورغم أهمية ذلك بلا شك، لكن ثمة تجاهل لأهمية المشكلات الإستراتيجية الملحة، ولذلك يجب العمل على عدم إلحاق الهزيمة بقضية الحكومة في اليمن.


بدافع الغضب إزاء المكاسب الحكومية الأخيرة، يسعى الإيرانيون إلى ترويع الإمارات العربية المتحدة حتى لا تعكس مسار الأمور. وفي هذه المرحلة، من الأمور الحيوية أن تقوم الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال قنوات أكثر هدوءا، بتقديم دعم غير مباشر لقضية الإمارات.


إن إعادة تصنيف الحوثيين في قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية، واستئناف الدعم الفعال لجهود التحالف في اليمن سوف يمثلان أولى الخطوات التي تساعد في هذا الصدد.


- الدكتور جوناثان سباير: باحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن ( صحيفة إسرائيل هيوم، النص الأصلي)

- ترجمة إلى العربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات


- الصورة: مروحية تحلق فوق أبوظبي ، 20 أبريل 2020 | صورة الملف: رويترز / كريستوفر بايك


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا