31-12-2021 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | أندرو كوريبكو
على مدار سنوات، تتباين توقعات المراقبين بشأن الكيفية التي سيكون عليها سيناريو حرب إيرانية-إسرائيلية حال حدوثها. لا يمكن إنكار صعوبة التنبؤ بالكيفية التي ستؤول إليها كافة الأمور ولكن ثمة احتمال كبير مفاده قيام روسيا بالدفاع عن إسرائيل إذا شنت إيران ضربات صاروخية ضدها. إن الدور الروسي المحتمل في مثل هذا الصراع نادرا ما يكون قيد المناقشة ولكن ينبغي إجراء المزيد من البحوث بشأنه نظرا لأن الكرملين قد يمارس دور "صانع الملوك" من الناحية الأمنية في ذلك السيناريو.
ليس هذا من قبيل التنظير الجامح لكنه يستند إلى تصريحات ذات صلة صدرت من أرفع مستويات المسؤولين الروس على مدار السنين بالإضافة إلى الخطوات العسكرية الأخيرة لموسكو في هذا الاتجاه المحتمل.
ومن أجل الوضوح المطلق، ينبغي التنويه إلى أن روسيا ليس لديها أي أهداف عدائية ضد إيران أو أي طموحات لاحتوائها بشكل فعال. لا توجد أي فرصة حقيقية تجعل هاتين الدولتين تتقاتلان ضد بعضهما البعض إذ أن علاقاتهما الثنائية أفضل من أي وقت مضى على مر التاريخ بالرغم من الاختلافات الأولية المتعلقة بمستقبل ما بعد الحرب لحليفهما المشترك سوريا. لن تقوم موسكو قط بمهاجمة الجمهورية الإسلامية سواء بادرت بذلك أو من أجل حماية إسرائيل. لكن روسيا قد تعمد إلى استخدام أنظمتها الدفاعية المرتكزة في سوريا لتعترض أي صواريخ إيرانية قادمة على نحو مشابه لما قد تفعله صفقة الأنظمة الدفاعية الروسية المأمولة للسعودية.
إنَّ الرؤية الاستراتيجية الكبرى لروسيا في القرن الواحد والعشرين تستهدف أن تصبح موسكو قوة التوازن الكبرى في أوراسيا بين الثنائيات المُتناحرة من الدول من خلال طرق مختلفة من أجل تشجيعهم على اللجوء لوسائل سياسية لحلحلة نزاعاتهم. وفي بعض الأحيان، يتم الترويج لهذا النموذج من خلال ما يمكن وصفه بـ "الدبلوماسية العسكرية" التي تشير إلى التوظيف المباشر للوسائل العسكرية أو المبيعات الاستراتيجية لأطراف معينة من أجل استمرار ميزان القوة سالف الذكر. وتختلف ممارسة روسيا لهذا الأمر عن الولايات المتحدة التي تحاول أن تمنح حلفاءها تفوقا ضد مناهضيهم من أجل إثارة حروب إقليمية.
لقد أظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوضوح لا لبس فيه معارضته الملحة للتهديدات الإيرانية السابقة ضد إسرائيل. النسخة التي أوردها موقع الكرملين الرسمي حول "زيارة بوتين لقناة روسيا اليوم" في يونيو 2013 نقلت عن الرئيس الروسي قوله "التهديدات الإيرانية تجاه الدول المجاورة، وبشكل خاص التهديد بإمكانية تدمير إسرائيل ليست مقبولة على الإطلاق. وتأتي بنتائج عكسية".
وعندما تدخل المحاور قائلا له إنه يشير إلى تعليق ترجمة الإعلام العالمي بشكل غير دقيق رد عليه بوتين وأوضح له بشكل متزايد موقفه ومبدأه الذي يستند إليه "لا يهم إذا كان هذا اقتباس دقيق أم لا. أعني أنه من الأفضل تجنب الكلمات التي قد يتم اقتباسها بشكل غير دقيق أو التي قد يتم تفسيرها بشكل مختلف مما يخلق سببا وراء التركيز على إيران".
وربما يمثل ذلك صدمة بالنسبة للعديد من المراقبين الذين جرى اقتيادهم إلى اعتقاد خاطئ على مدار السنين يشير إلى أنَّ روسيا وإيران حليفتان لدرجة حرص كل منهما على التيقن من الأمن الإقليمي للأخرى، لا سيما في مواجهة الولايات المتحدة، لكن ذلك التقييم يفتقد الدقة ومستمد من الجهود المتزامنة للتيار الإعلامي الرئيسي والوسائل الإعلامية البديلة لتصوير علاقاتهما بشكل خاطئ على هذا النحو، من أجل غايات أيديولوجية مختلفة لكل منهما بالقطع.
لقد قام الكاتب بتجميع مجموعة ممتدة من تعليقات أخرى غير معروفة بشكل كبير أدلى بها بوتين بشأن إسرائيل وذلك في مقال عام 2018 بعنوان "الرئيس بوتين عن إسرائيل: اقتباسات من الموقع الرسمي للكرملين". ينبغي قراءة ذلك من هؤلاء المهتمين بمعرفة الكيفية التي توطدت بها العلاقات بينها على مدار العقدين الأخيرين من حكم الزعيم الروسي. لقد امتدح بوتين بانتظام جالية الشتات الروسي في إسرائيل جراء الدور الذي لعبته في تذليل العلاقات التجارية بين الدولتين بعد أن كانتا غريمتين في حقبة ما قبل الحرب الباردة.
بالأخذ في الاعتبار سجل بوتين في الدفاع عن مصالح شعبه في جميع أنحاء العالم لا سيما حاملي جواز السفر الروسي، ليس من المحتمل أن يسمح لإيران بتهديد هؤلاء الذين يقطنون في إسرائيل باستخدام ضربات صاروخية.
لقد برهنت روسيا بالفعل على إمكانية الذهاب إلى مدى بعيد من أجل التيقن من الأمن الإقليمي لإسرائيل. وفي أعقاب الحادث الجوي في سبتمبر 2018 الذي عزاه بوتين على نحو لا يمكن نسيانه إلى "سلسلة من الظروف المأساوية"، كشف الجيش الروسي كافة الأشياء التي فعلها من أجل حليفته إسرائيل حتى تلك اللحظة. ووفقا لـ "روسيا اليوم"، وبخلاف احترام "آليات تفادي الصراع" التي تستهدف تجنب الحوادث الجوية بينهما أثناء تنفيذ إسرائيل ضربات لا تحصى ضد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وحلفائهما، فإن هناك مجموعة واسعة النطاق من الصنائع التي فعلتها موسكو لصالح تل أبييب.
سيتم الآن الاستشهاد بالجزء المتعلق بذلك أدناه لأنه يلقي بعض الضوء المطلوب بشدة بشأن التقارب الاستراتيجي لعلاقتهما.
لقد قام الجيش الروسي بدعم العملية العسكرية السورية في مرتفعات الجولان للتيقن من عدم استهداف الأراضي الإسرائيلية بهجمات صاروخية مجددا، والسماح لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة باستئناف تسيير دوريات مراقبة على الحدود المتنازع عليها بين سوريا وإسرائيل بعد ست سنوات من الجمود.
واستطاع الروس أيضا تأمين انسحاب كافة الجماعات التي تحظى بدعم إيران من مرتفعات الجولان إلى "مسافة آمنة من إسرائيل، أكثر من 1400 كم شرق سوريا وفقا للمتحدث الرسمي الذي أضاف أن حدوث هذا الأمر جاء بناء على طلب من تل أبيب. واستطرد كوناشينكوف في تصريحات صحفية "إجمالي 1050 عسكريا و24 نظام صواريخ متعدد الانطلاق (راجمة صواريخ أم 270) و145 قطعة من الذخائر والمعدات العسكرية الأخرى تم سحبها من المنطقة".
قدمت وزارة الدفاع الروسية يد المساعدة في الحفاظ على الأماكن والمقابر اليهودية المقدسة في مدينة حلب، مما وضع حياة جنود القوات الخاصة الروسية تحت طائلة الخطر وعلاوة على ذلك، نظم الروس عملية البحث عن رفات بعض الجنود الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم أثناء صراعات سابقة في منطقة كانت القوات السورية تحارب فيها "إرهابيي" تنظيم الدولة الإسلامية (داعش سابقا).
الخلاصة أن روسيا ساعدت على إنشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا بحيث لا تستطيع إيران وحلفاؤها إطلاق صواريخ قصيرة المدى ضد إسرائيل. وعلاوة على ذلك، قامت روسيا على نحو رمزي بحماية المواقع الدينية اليهودية المقدسة في هذا البلد أيضا، وكذلك ساهمت بنشاط في البحث عن رفات عناصر بالجيش الإسرائيلي بينهم من لقوا مصرعهم في خضم المعارك بين الجيش السوري وداعش. وبعد أقل من عام من ذلك، نجحت روسيا في اكتشاف مكان جثمان زكاري بوميل وإجراء عملية الحفر ثم إعادة رفاته إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو في أبريل 2019.
بعد أقل من نصف عام على هذا التاريخ، وفي سبتمبر 2019، تحدث بوتين في المؤتمر السنوي لمؤسسة كيرين هايسود الخيرية اليهودية الدولية والذي عُقدت فعالياته في موسكو في ذلك العام عن مشاعر فخره "بالروابط الأسرية والصداقة التي تجمع الروس والإسرائيليين". وأضاف "إنها حقًا عائلة مشتركة، ولا أقول ذلك من قبيل المبالغة، حيث أن حوالي 2 مليون من المتحدثين بالروسية يعيشون في إسرائيل. نحن تعتبر إسرائيل دولة ناطقة بالروسية". ولأنَّ بوتين اعتبر إسرائيل رسمياً جزءاً من العائلة الروسية، ليس من المحتمل إذن ألا يفعل شيئا إذا هاجمتها إيران وهددت أرواح مواطنيه هناك.
ينبغي على المراقبين تذكر أنَّ روسيا الفيدرالية ليست الاتحاد السوفيتي، إذ أن سياستها الخارجية هذه الأيام تخلو بشكل صارم من الطبيعة الأيديولوجية وفقا لما أكد عليه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في أكتوبر. ولذلك، فإن معاداة الصهيونية لا ترتبط على الإطلاق بأي تأثير في تشكيل السياسة الروسية المتعلقة بإسرائيل. وفي واقع الأمر، ذكرت تقارير إعلامية روسية في نوفمبر الماضي أن موسكو قررت حظر فيلم من العهد السوفيتي معاد للصهيونية واصفة إياه بالعمل "المتطرف". وربما يعود ذلك إلى احتمال مفاده أن الحكومة الروسية بدأت في الربط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. وأعلن بوتين معارضته لكافة أشكال معاداة السامية أثناء مشاركته في حدث لإحياء ذكرى المحرقة النازية بإسرائيل في يناير 2020.
ولم يوضح الكرملين إذا ما كان يتبنى هذا الموقف رسميا، ولكن إشادة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بالرئيس الروسي بوتين في أعقاب لقائهما معا في أكتوبر الماضي تمثل تلميحا بأن موقف الرئيس الروسي في هذه القضية تتوافق تماما مع شريكه. وقال بينيت "أود أن أخبرك بالنيابة عن وطننا وكل شعبنا بأننا ننظر إليك باعتبارك صديقا حقيقيا ومقربا للغاية لدولة إسرائيل". ليس من المحتمل تماما أن يتفوه رئيس وزراء إسرائيل بتلك الكلمات لو كانت هنالك أي أسس ذات مصداقية تشير إلى أن بوتين يدعم معاداة الصهيونية، بل على العكس، ربما قام الرئيس الروسي بوضعها مع معاداة السامية في سلة واحدة.
وربما يمثل ذلك تفسيرا للمعارضة المحمومة التي أبداها بوتين للتهديدات الإيرانية ضد إسرائيل، ولو كان الزعيم الروسي قد رأى تلك التهديدات من عدسة معادية الصهيونية التي تقود السياسة الإيرانية وفق زعمها، ربما لم يكن ليصفها بـ "غير المقبولة". ومع ذلك، لو كان بوتين ينظر يعتبر هذه التهديدات معادية للسامية، فإن من المنطقي أن يتخذ منها موقف المناهض بشدة. وتعد اليهودية واحدة من الأديان التقليدية التي تعترف بها روسيا رسميًا، كما لعب اليهود أدوارا بارزة في التاريخ الروسي، وذلك يفسر أسباب عدم تسامح بوتين إزاء معاداة السامية، وحساسيته الشديدة تجاه أي شيء يحمل تشابها مع ذلك.
أيديولوجية إيران المعادية للصهيونية تعتبر إسرائيل تهديدا للسلام غير قابل للإصلاح ولذلك فإن دراسة توجيه ضربات محتملة ضدها عمل مقبول بالنسبة لطهران؛ بينما شغف بوتين بالسامية يجعله يرى أن إسرائيل تلعب الدور المضاد ويسعى للذود عنها ضد أي هجمات إيرانية محتملة. من الجدير بالاهتمام هنا الإشارة إلى اثنين من تصريحات الرئيس الروسي التي جرى الاستشهاد بها في العمل السالف ذكره. التصريح الأول مقتطع من "تعليقاته الافتتاحية في اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون عام 2003، بينما التصريح الثاني تفوه به أثناء لقائه عام 2012 مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز.
وقال بوتين في التصريح الأول "السيد رئيس الوزراء، أعتقد أنه سيكون لدينا فرصة التحدث بمزيد من التفاصيل بشأن الوضع في الشرق الأوسط. نحن نعلم أن إسرائيل كافحت من أجل السلام، وواجه الشعب اليهودي قدرا كبيرا من المعاناة على مدار العقود الأخيرة. ولذلك فإن تأمين السلام والنظام في الشرق الأوسط وشعب إسرائيل يصب في مصلحة روسيا القومية. ليس من قبيل الصدفة أن يكون الاتحاد السوفيتي من أوائل الداعمين لتأسيس دولة إسرائيل".
وفي أكتوبر الماضي، أعاد لافروف التأكيد على هذا التقييم في مقال كتبه بصحيفة يديعوت أحرونوت قال خلاله "نحن مهتمون بمواصلة التشاور مع شركائنا الإسرائيليين بشأن قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. نحن دائما نلفت الانتباه إلى حقيقة أنَّ الحلول الشاملة المتعلقة بمشكلات المنطقة ينبغي أن تضع في حسبانها بالضرورة المصالح الأمنية لإسرائيل. إنَّها مسألة مبدأ". ولذلك، لا يمكن لأحد تصور أنَّ روسيا لن تدافع عن إسرائيل التي يعتبرها بوتين رسميا جزءا من "العائلة الروسية" إذا تعرضت لهجوم صاروخي إيراني.
وبعد شرح أساس السياسة التي يتبناها بوتين في سبيل تقوية علاقات استراتيجية شاملة بين روسيا وإسرائيل على مدار العقدين الماضيين لا سيَّما على الصعيد الأمني، حان الوقت الآن للتطرق إلى السياق الجيوسياسي الحالي الذي يحدث فيه ذلك. على غرار أوباما، تتمحور إدارة بايدن بعيدا عن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة مثل إسرائيل والسعودية والإمارات وتميل نحو إعادة التفاوض بشأن الملف النووي وقضايا أخرى مع إيران، غريمهم التقليدي، مما أثار مشاعر قلق جادة في نفوس الإسرائيليين الذين لم يعودوا يولون نفس ثقتهم المعهودة في الولايات المتحدة.
وعلى نحو مفاجئ كما يبدو، بدأت روسيا في فعل أشياء لضمان احتياجات الأمن الإقليمي لإسرائيل أكثر مما فعلت الولايات المتحدة في حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يعتبر أكثر الزعماء الأمريكيين موالاة لإسرائيل عبر التاريخ. وبرهنت موسكو على ذلك من خلال مجموعة من الخدمات كشف عنها الجيش الروسي في سبتمبر 2018 في أعقاب "سلسلة تراجيدية من الظروف" شهدها هذا الشهر وفقا لتقرير روسيا اليوم السابق. وبالمقارنة، لم تفعل الولايات المتحدة شيئا يقترب من ذلك المستوى ناهيك عن تسهيل روسيا لكافة الضربات الإسرائيلية ضد إيران على مدار السنين.
وأوضح الكاتب الحسابات الاستراتيجية الكبرى وراء الاتفاق على "آلية تفادي الاشتباك" بين روسيا وإسرائيل. وفي سياق مقابلة مطولة أجراها مع صحيفة فرهيختگان اليومية الإيرانية أوائل 2021، كانت إجابة الكاتب على السؤال الثاني تمثل أكثر جهوده حسنة النية والمخلصة لتقديم تفسير نزيه حول أسباب عدم تدخل روسيا مطلقا في الضربات الإسرائيلية ضد إيران بالرغم من إدانتها العلنية لها في بعض الأحيان.
إذا وضعنا في الاعتبار الوضع المتسارع شديد التطور للأمن الإقليمي والذي أثاره تمحور إدارة بايدن صوب إيران فعليا على حساب الشركاء التقليديين، ثمة منطق معين متأصل يجعل روسيا تبذل قصارى جهدها لتحل محل الولايات المتحدة في صدارة من يضمنون الأمن الإقليمي لها. ويتسق ذلك تماما مع حملة بوتين التي تمتد لعقدين من الزمان لعقد شراكة أمر واقع استراتيجية شاملة مع إسرائيل لدوافع لا تقتصر فحسب على مصالح حكومية مشتركة ولكن أيضا بسبب الجسر القائم بينها من خلال الجالية الروسية هناك.
ومن أجل العودة إلى السيناريو من بداية هذا التحليل، لا يمكن استبعاد أن تقوم روسيا بإصدار أوامر إلى قواتها المتمركزة في سوريا باستخدام منظومة الدفاع الجوي فائقة التطور "إس-400"، وربما "إس 500" لاحقا لإسقاط الصواريخ الإيرانية التي تهدد أمن إسرائيل والعديد من المواطنين الروس الذين يعيشون هناك. ثمة اهتمام ببيع أسلحة مماثلة إلى المملكة السعودية كما جرى التلميح بذلك في أوائل ديسمبر على لسان الخبير العسكري البارز بروسيا اليوم ميخائيل خودارينوك الذي قال إن ذلك سوف يحميهم من هجمات الحوثيين. بيد أن ذلك قد يخلق، بدعم روسي، درعًا خلفيًا مضادًا للصواريخ الإيرانية لحماية إسرائيل.
وحتى إذا لم تبتاع السعودية هذه الأنظمة، فإنَّ أنظمتها أمريكية الصنع والانظمة الروسية في سوريا تستطيع أن تغطي المجال الجوي الأردني وتستكمل جهود تلك الدولة المرتبطة بذلك لإسقاط أي صواريخ إيرانية من شأنها أن تهدد إسرائيل في هذا السيناريو. ينبغي على القارئ أن يعرف أنَّ هذا التوقع يستند على أساس السياسة الروسية الموالية لأمن إسرائيل وغيرها من السياسات على مدار العقدين الفائتين والتي لعب بها بوتين بشكل شخصي دور الريادة، وأنَّ الزعيم الروسي قد يشعر بتأنيب الضمير إذا لم تفعل قواته الروسية المرتكزة في سوريا شيئاً البتة بينما تهدد إيران شعبه في إسرائيل.
مُجدداً، هناك حاجة إلى القول بأن روسيا ليس لديها أي مصلحة في الضلوع في حرب إيرانية-إسرائيلية محتملة، كما أنها لا تعتزم أبدا مهاجمة الجمهورية الإسلامية كذلك. ولكن كل ما تطمح إليه موسكو هو أن تصبح قوة التوازن العليا في أوراسيا والتي تشمل بالتأكيد غرب آسيا، من أجل الترويج لحلول سياسية بين الثنائيات المتناحرة في المنطقة بدلا من تلك الحلول العسكرية التي تثيرها الولايات المتحدة من خلال استراتيجية "فرق تسد". لقد أعلن بوتين بشكل واضح عدم قبوله المطلق للتهديدات الإيرانية ضد إسرائيل ويملك سجلًا في حماية الروس خارج البلاد.
كل هذه الرؤى تتلاقى مع توقعات السيناريو الذي وضعه الكاتب بأنَّ روسيا قد تسقط أي صواريخ قد تطلقها إيران عبر سوريا في محاولة لمهاجمة إسرائيل. وبالرغم من أن سوريا رسميا تناهض إسرائيل التي تقصفها بشكل منتظم، إلا أنَّ دمشق ليس لديها سيطرة على ما يمكن أن تفعله موسكو في القواعد المملوكة لها على أرضها. ولذلك، ورغم عدم موافقتها المحتملة على استخدام روسيا لأنظمة دفاع جوي لإسقاط أي صواريخ إيرانية قادمة تستهدف إسرائيل، إلا أنَّ سوريا من الناحية العملية لا تقوى على منعها.
لن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بطرد القوات الروسية خارج الأراضي السورية لاحتمال أن تكون الأوامر صدرت من بوتين للدفاع عن مواطنيه في إسرائيل من أي ضربات إيرانية صاروخية، كما أن الزعيم السوري لن يفكر أبدا في مهاجمة حلفائه الروس هناك لمنع ذلك من الحدوث. ليس من المعقول أيضا توقع نجاح الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وحلفائهما إذا قاموا رُغماً عن إرادة الجيش السوري بمهاجمة القواعد الروسية في هذا السيناريو أيضا، وليس من المتوقع أن يحاولوا فعل ذلك في أي حالة أخرى.
وبالنظر إلى كل شيء أورده ذلك التحليل، يبدو ممكنا أن تقوم قوات الدفاع الروسية المتمركزة في سوريا باعتراض أي صواريخ إيرانية في مدارها صوب إسرائيل قد تهدد مواطنين روس هناك. بيد أنَّ ذلك لا يعني أن ذلك الأمر سيحدث قطعًا في مثل هذا السيناريو لكنَّه أيضاً ليس مستبعد الحدوث لأسباب عديدة سردها الكاتب في هذا المقال. نأمل أن تستطيع كافة الأطراف الإقليمية تسوية اختلافاتها عبر وسائل سلمية على غرار مشابه للممارسات الروسية التي تستند إلى رؤية متوازنة، وألا يتم اختبار نظرية المؤلف أبدا.
محلل سياسي أمريكي مقيم في موسكو
الصورة: لقاء الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت في سوتشي 22 أكتوبر 2021 (رسمي)
قبل 3 أشهر