14-07-2021 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | قسم الترجمات
في أول رحلة خارجية له منذ تنصيبه العام الماضي، هبط سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد في مدينة نيوم - شمال غرب المملكة العربية السعودية - يوم الأحد. وتعدّ هذه الزيارة الأولى لحاكم عماني إلى المملكة العربية السعودية منذ سنوات عديدة.
وركّزت جميع التصريحات الرسمية عن الزيارة التي استمرت يومين على تعزيز التعاون بين الجارتين الخليجيتين خاصة على الصعيد الاقتصادي. ومع ذلك، فإنّ أهمية الزيارة والمحادثات تتعلق بقضايا إقليمية ساخنة، وتتصدر اليمن القائمة.
تشترك كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في الحدود مع اليمن، وقد انضمت عمان مؤخرًا بنشاط إلى الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة لتسوية الصراع اليمني وإنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات. تمنح العلاقات الودية بين عمان وإيران السلطنة بعض الميزة لتزعم أنها على مسافة متساوية من جميع الأطراف.
ويرى المراقبون الغربيون المتابعون للتطورات الخليجية أنّ الزيارة تمثّل خطوة رمزية لاستئناف سلطنة عمان أنشطتها بصفة أساسية كوسيط إقليمي محايد يبتعد عن الصراعات. لكنه يشير أيضًا إلى النهج الجديد الذي تتبعه عمان لمواجهة مصاعبها الاقتصادية الداخلية. وشهدت السلطنة مؤخرا مظاهرات احتجاجا على ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العماني. أدت جائحة فيروس كورونا إلى تفاقم مشاكل الديون وعجز الميزانية. ويمكن لاتفاقيات التجارة والاستثمار مع أكبر اقتصاد في المنطقة، كما أُعلن خلال زيارة السلطان، والمحادثات مع الملك سلمان وولي عهده، أن تخفف بعض هذه الأعباء.
منذ انهيار أسعار النفط في عام 2014، قفزت نسبة الدين العماني إلى الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 15 في المائة في عام 2015 إلى 80 في المائة العام الماضي، في حين حققت خطط عمان لتنويع الإيرادات بعيدا عن النفط وخفض الإنفاق على قطاعها العام المتضخم تقدما بطيئا، وفقا لتقرير بلومبرج.
لكن القضية الإقليمية الملحة لحرب اليمن تشكل مصدر قلق كبير لكل من الرياض ومسقط. تواصل "مليشيات" الحوثي مهاجمة مدن وبلدات جنوب السعودية باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية. كل يوم تقريبًا، تعترض الدفاعات السعودية وتدمر قذيفة من الجنوب. وداخل اليمن، يودي القتال بحياة المزيد من الأرواح ويزيد من فقر السكان المنكوبين بالفعل.
في اليوم الذي بدأ فيه السلطان هيثم زيارته للسعودية، نفذت مليشيات الحوثي ضربة صاروخية نادرة على منطقة جنوبية شهدت تجدد القتال بين القوات المتحالفة مع التحالف العسكري بقيادة السعودية. وقع الهجوم على قاعدة عسكرية في أبين في الوقت الذي تحشد فيه حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي مقاتلين في المنطقة وتتحرك الرياض لتخفيف التوترات.
هذا بالإضافة إلى هجوم الحوثيين المستمر على مأرب الغنية بالغاز، المنطقة الشمالية غير الخاضعة لسيطرتهم. ليس من الواضح ما إذا كان هجوم أبين يهدف إلى زيادة تعقيد الجهود السعودية للجمع بين حلفائها أو مجرد سحب قوات الحكومة الشرعية بعيدًا عن مأرب. لكنه يزيد من تعقيد المساعي الدولية لوقف الحرب في اليمن.
المجلس الانتقالي الجنوبي قلق من حكومة هادي لأنها تضم حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين. إنّ التطلع النهائي للمجلس الانتقالي الجنوبي هو السيطرة على جنوب اليمن بأي شكل يتم الاتفاق عليه في تسوية نهائية للأزمة. عمل الجنوبيون بشكل جيد مع القوات الإماراتية داخل التحالف الذي تقوده السعودية حتى سحبت الإمارات قواتها من اليمن في عام 2019.
عسكريا، السعوديون بحاجة إلى الإمارات لدفع الحوثيين إلى شمال اليمن. سياسيًا، هم بحاجة إلى العمانيين لعلاقاتهم الودية مع إيران واهتمامهم بإنهاء الحرب على حدودهم، كما قال أحد المعلقين البريطانيين المخضرمين القريبين من المنطقة لصحيفة الأهرام ويكلي.
وأضاف أنّ السعوديين يفترقون الآن مع الإمارات في قضايا معينة، وقد تكون عُمان مستعدة لملء هذا الفراغ.
من التطورات الإقليمية اللافتة للنظر في الخليج في الأسابيع الأخيرة الموقف الإماراتي داخل أوبك، والذي يتعارض مع الموقف السعودي، الذي يرى البعض أنه يتجاوز الاختلافات الاقتصادية. لم تنضم السعودية إلى اتفاقات إبراهيم، لتطبيع العلاقات مع إسرائيل كما فعلت الإمارات والبحرين العام الماضي. يُعتقد أن عُمان هي الدولة الخليجية التالية التي ستفعل ذلك، لكن وزير خارجيتها بدر بن حمد البوسعيدي قال لصحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تتخذ من لندن مقرًا لها، إنّ بلاده لن تكون الدولة الخليجية الثالثة التي تطبع العلاقات مع إسرائيل رغم أنها تدعم اتفاقيات إبراهيم.
طرحت وسائل الإعلام الإسرائيلية الإيحاء بأنّ مسقط ربما تستضيف محادثات إيرانية سعودية، وليس فقط للتوسط في الأزمة اليمنية. وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل الإسرائيلية اليومية مخاوف من أنّ أي تقارب برعاية عمانية بين الرياض وطهران قد لا يكون في مصلحة إسرائيل. وأشارت إلى اجتماع سابق في بغداد كان يركّز بشكل أساسي على اليمن، لكن المحادثات في عمان ستكون حول قضايا أوسع.
لكن قلة من المراقبين متفائلون بشأن الدور العماني في إنهاء الحرب في اليمن. وقال المعلق السعودي عبد العزيز الخميس لصحيفة ويكلي إنه لا يتوقع الكثير من الوساطة العمانية. وأضاف الخميس أنّ مشكلة مليشيا الحوثي هي الدعم الإيراني الذي يهيئ الظروف قبل أي محادثات سلام محتملة. "لن تتمكن عمان ولا أي دولة أخرى من تحقيق انفراجة في تسوية الصراع اليمني سلميا طالما أنّ الحوثيين لا يرون أي حاجة لتقديم تنازلات. يعتقدون أنهم في وضع أفضل ولا يقبلون المفاوضات".
بينما لا تزال المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا جارية وتخطط واشنطن لإعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي، قد تبحث دول الخليج العربي عن طريقها الخاص إلى فصل جديد في العلاقات مع إيران. ستكون هذه هي الخطوة الأولى في حل أزمة اليمن وقضايا مماثلة في المنطقة التي تشارك فيها إيران ووكلائها.
وكما قال المعلق البريطاني، "قد يكون الرئيس الإيراني الذي يميل إلى اليمين هو الشخص الذي يصنع السلام مع الجيران الخليجيين. انظر إلى إسرائيل على سبيل المثال: الحكومات اليسارية دائمًا "تحدثت" عن السلام مع الدول العربية، لكن حكومات الليكود هي التي "صنعته"دائمًا".
- المصدر الأصلي: مجلة الأهرام ويكلي المصرية الصادرة باللغة الإنجليزية (أحمد مصطفى)
- نقحّه وعالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: وسائل إعلام سعودية
قبل 3 أشهر