04-07-2021 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليلات
كشفت مصادر مُطلعة في نيويورك لوسائل إعلام غربية وعربية، السبت، إنَّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عيّن الدبلوماسي السويدي هانز غروندبيرج مبعوثاً أممياً إلى اليمن خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث.
وذكرت المصادر أنَّ غوتيريش "سيبلغ أطراف الأزمة اليمنية بقراره قريباً. حتى الآن، لم يصدر قرار رسمي من الأمم المتحدة بتعيين الدبلوماسي السويدي مبعوثا لليمن، ولكنَّه - وفقاً لرويترز - أبرز المرشحين لخلافة غريفيث إلى جانب الدبلوماسي البريطاني، نيكولاس كاي.
هانز غراندبيرج
دبلوماسي سويدي يصفه المراقبون بـ "المحترف في شؤون الشرق الأوسط وحل النزاعات"، سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ العام 2019، وعمل سابقاً رئيساً لبعثات السويد والاتحاد الأوروبي إلى القاهرة والقدس وتل أبيب. كما رأس قسم الخليج في وزارة الخارجية السويدية في ستوكهولم.
خلال عمله كسفير للاتحاد الأوروبي باليمن، كان غروندبيرج أحد أبرز الدبلوماسيين الذين سعوا للتوفيق بين أطراف الأزمة اليمنية، وتقريب وجهات النظر من أجل الشروع في مفاوضات شاملة وحل سياسي للأزمة، بالتوازي مع جهود أخرى أكبر للمبعوثين الأممي والأمريكي.
التقى غروندبيرج مسؤولين وممثلين من كافة الأطراف الرئيسية في اليمن، من الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وكذلك بقيادات من الحوثيين.
كان آخر هذه اللقاءات مع رئيس الوفد التفاوضي بالمجلس الانتقالي الجنوبي، ناصر الخبجي، ونائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، في العاصمة السعودية الرياض، قبل أسبوع.
مبعوث أممي
اعتبر مراقبون قرار تعيين غروندبيرج مبعوثا أممياً لليمن، بمثابة إعلان ضمني من لندن، التي ينتمي لها المبعوث الأممي السابق، وواشنطن، التي تصدّر مبعوثها الجهود الدبلوماسية الدولية لحل الأزمة اليمنية مع غريفيث في الأشهر الأخيرة، فشلا لجهود الدولتين بإحلال السلام.
يتفق مع هذه الرؤية الكاتب والصحافي اليمني في "العرب اللندنية"، صالح البيضاني، الذي عدَّ تعيين غرانبيرج "استمرار النهج الرومانسي المثالي في التعامل مع الأزمة اليمنية".
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن والدبلوماسي البريطاني، مارتن غريفيث، قد قدَّم إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن منتصف يونيو/حزيران الماضي، أعلن فيها فشل جهوده للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار على الصعيد الوطني، ودفع أطراف الأزمة اليمنية إلى الانخراط بمفاوضات جادة لإحلال السلام.
سياسيون أشاروا إلى أنَّ تعيين غروندبيرج خلفاً لجريفيث يعني تسليم ملف الأزمة اليمنية للاتحاد الأوروبي، مع تراجع للدور البريطاني وربما الأميركي إلى حد ما، خصوصاً بعد فشل مبعوثيهما في اقناع الحوثيين بوقف الحرب على مأرب، معقل الحكومة اليمنية الأخير في شمال اليمن، والتوصل لوقف إطلاق نار.
تتميز سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه أزمات الشرق الأوسط بالمرونة والانفتاح على أطراف النزاع كافة، مع وضع أولوية للجانب الإنساني بشكل أساسي، وفقاً لخبراء.
نهج مختلف
في تقرير تحليلي بمجموعة الأزمات الدولية، اعتبر المحلل الأول لشؤون اليمن في المجموعة، بيتر ساليسبوري، أنَّ "المتطلبات العملية التي سيحظى بها المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن أهم من سؤال: من سيكون".
ساليسبوري قال إنَّ تعيين مبعوث أممي جديد لليمن يشكل "فرصة لنهج مختلف"، مشيراً إلى أنَّ "الظروف في اليمن تغيرت بشكل هائل منذ انطلاقة الحرب".
ولفت ساليسبوري إلى إنَّ نهج من سبقوا المبعوث الجديد والمتمثل في "تحديد حكومة عبد ربه منصور هادي وجماعة الحوثيين كطرفي الأزمة الرئيسين نظراً للفهم السائد للقرار الأممي 2216، لم ينجح في إحراز أي تقدم في حل الأزمة، وحان وقت تغييره".
الخبير بمجموعة الأزمات الدولية يرى، أيضا، بضرورة إشراك "الأطراف الفاعلة الأخرى" في مفاوضات حل الأزمة والحل السياسي وإحلال السلام، باعتبار هذا النهج مختلف قد يحقّق للمبعوث الجديد تقدماً، على عكس السابق.
أزمة مُعقّدة
سيواجه المبعوث الأممي الجديد المتوقّع، جراندبيرج، مهمة عصيبة في الأزمة اليمنية التي استعصت على ثلاثة مبعوثين سابقين، منذ اندلاعها عام 2015.
اقرأ المزيد: مبعوثو الأمم المتحدة إلى اليمن: مسلسل من ثلاثة مواسم، هل الرابع هو الأخير؟
تختلف الأزمة اليمنية عن بقية أزمات الشرق الأوسط والعالم في كونها نتاج لأزمات سابقة ظلت مشتعلة لعقود منذ توقيع اتفاقية الوحدة السياسية بين دولتي جنوب وشمال اليمن، وتحمل في داخلها أزمات محورية تمتد إلى ما قبل 2015 بكثير، وليست وليدة أحداث ما يعرف بـ "الربيع العربي".
القضية الجنوبية تقف على رأس هذه القضايا والأزمات التي نشأت لعوامل وأسباب مختلفة للغاية عن أسباب أزمة 2015 المستمرة حتى الآن، ولو أنَّها أتاحت الفرصة للقوى الجنوبية التي تتبنّى قضية الجنوب لتعزيز حضورها وموقفها.
يعتمد نجاح المبعوث الأممي الجديد بشكل أساسي على مدى فهم واستيعاب حقيقة الأزمة في اليمن، وتشعباتها الداخلية العميقة، والواقع على الأرض، وإخراج هذه الأزمة من صندوق "حكومة هادي والحوثيين" ومسألة "الانقلاب".
طوال الأعوام السابقة ومنذ تعيينه عام 2018، ظل مارتن غريفيث يدور بالأزمة اليمنية في حلقة مكررة من قطبي "حكومة هادي والحوثي"، مع إهمال حقيقي لدور الأطراف الفاعلة الأخرى وفي صدارتها المجلس الانتقالي الجنوبي، القوة الرئيسية الأبرز في جنوب اليمن.
اقرأ المزيد: مارتين غريفيث يودّع مهمته الأممية الشاقة في اليمن بدون سلام
سَعي غريفيث لما عرف حينها بـ "الاتفاق المشترك" بين أطراف الأزمة اليمنية انصدم بجدار صلب من التعنت الحوثي الذي يعززه ضعف وهشاشة خصمه (حكومة هادي)، كما أنَّ غياب الانتقالي الجنوبي حكم على هذا السعي بالإجهاض المبكر، نظراً لتأكيد المجلس على كونه "في حل من أي التزامات باتفاقات لم يشارك فيها ممثلاً عن الجنوبيين".
أرسل غروندبيرج إشارات مبكرة لاستيعابه حقيقة الأزمة اليمنية وأطرافها، والتقى أكثر من مرة بمسؤولين وقادة سياسيين بارزين في المجلس الانتقالي الجنوبي؛ وهي لقاءات أكّد فيها المجلس على ضرورة إشراكه كطرف أساسي في حل الأزمة.
رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، وهانز غروندبيرج ، الرياض- أكتوبر 2020 (رسمي)
وتجدر الإشارة إلى مشاورات حالية تتم في الرياض بين ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي لـ "استكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض"، ومن ضمن هذه البنود تشكيل وفد تفاوضي مشترك بين طرفي الاتفاق، قبل أن يتم تعليقها مؤخرا بعد تصاعد الأزمة بين المجلس وحكومة هادي.
موقف حوثي أولي
جماعة الحوثي المسيطرة على شمال اليمن، وعلى لسان رئيس "اللجنة الثورية العليا" التابعة للجماعة، محمد علي الحوثي، أعلنت عن ما يشبه "الموقف السريع" من المبعوث الأممي الجديد. قال الحوثي في تغريدة على منصة تويتر أنّه "لن يأتِ مبعوث جديد بجديد يمكنه كسر الجليد ما دام وسياسية دعم العدوان واستمرار الحصار هي منهج الأمم المتحدة".
لطالما تمسك الحوثيون بمطلبي فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة ووقف الضربات الجوية كشرطين أساسيين قبل أي اتفاق لوقف إطلاق النار، والدخول في مفاوضات حل الأزمة.
حاولت الجماعة "أنسنة" هذه المطالب، وعزلها عن الواقع العسكري والسياسي، وهو ما شكل السبب الرئيسي لفشل جهود غريفيث، وليندركينغ، طيلة الأشهر السابقة في سلطنة عمان.
المفاوضات المباشرة مع الحوثيين في مسقط لم تحقّق أي تقدم في حل الأزمة، كم أنّ الوفد السلطاني العماني الذي زار صنعاء والتقى بزعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، لم ييلغ بأي مستجد وفقا لوزير الخارجية اليمنية أحمد بن مبارك.
وفقاً للمحللة في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، إيلينا ديلوجر، فإنَّ "الارتفاع الأخير في الإرادة السياسية الدولية لإنهاء الحرب، المصمم لدفع الأطراف أقرب إلى السلام، قد ساهم بدلاً من ذلك في ازدياد الحوثيين جرأة حول موقفهم التفاوضي".
على الأرجح، ستنصدم جهود ومساع المبعوث الأممي الجديد المتوقع بذات السلوك الحوثي، وهو ما يتطلب تغييراً في استراتيجية غريفيث في استجداء السلام من الجماعة، والضغط نحو مفاوضات حل سياسي بمشاركة الأطراف القوية في الميدان، كالمجلس الانتقالي الجنوبي.
صحفي ومعد تقارير لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة الرئيسية: مارتن غريفيث ووزيرة خارجية السويد وهانز غرانديبرج (تويتر، ان ليندي)
قبل 3 أشهر