دولي

«لحظة اليمن الحرجة» الانتقالي يسيطر على الجزء الأكبر من الجنوب

22-04-2021 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| قسم الترجمات


حضر تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، مؤخرا اجتماعا في ألمانيا مع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وإلى جانب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، ذكر ليندركينغ أنّ الغرض من الاجتماع هو أن يعبّر لأعضاء مجلس الأمن الدولي عن أنّ المفاوضات من أجل السلام في اليمن كانت في مرحلة حرجة تتطلب مساعدة القوى الكبرى في العالم.


تُقدّم المبادرة الدبلوماسية الجديدة التي أطلقتها إدارة بايدن خلال الأسبوع الأول من توليها السلطة فرصة فريدة لإنهاء الحرب في اليمن. بيد أنّ الحالة على أرض الواقع، فضلا عن توازن القوى الإقليمي، في حالة تغير مستمر، وهي تنطوي على مخاطر تصعيد خطيرة. ومن الأهمية بمكان في هذه المرحلة أن يضمن مبعوثو الولايات المتحدة والأمم المتحدة التعاون الكامل من جميع أعضاء مجلس الأمن في جهودهم لإنهاء الحرب في اليمن وإصدار قرار جديد وملزم بهذا المعنى. ومن الأهمية بمكان بنفس القدر أن يعلن المبعوثان خطة عمل توضّح للأطراف المتحاربة الخطوات التي ينبغي أن تتبع شاملا لإطلاق النار.


أين تقف الأمور


مع الاجتماع الذي عقد في ألمانيا، التقى "ليندركينغ" الآن بجميع الأطراف الرئيسية في النزاع اليمني: حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة (وإن لم يكن مباشرة مع القوات التي ترعاها في اليمن، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي)، والحوثيين.

وقد عُقدت الاجتماعات تحت رعاية عُمان التي أشرفت تماما على المحادثات. وقد أُجريت اتصالات مع إيران من خلال زيارة مبعوث الأمم المتحدة إلى طهران، وتواصل تبادل الرسائل عبر العمانيين وغيرهم. وأكد مبعوث الأمم المتحدة جريفيث مجدداً النقاط الأربع في الإعلان المشترك لدفع البلاد نحو سلام دائم. واشتكى خلال إحاطته الإعلامية الأخيرة أمام مجلس الأمن من أنّ أطراف النزاع لم تتفق بعد على تنفيذ الأفكار المقترحة. ولم يحدد أين كانت الفجوة في الطريقة التي تنظر بها الجهات الفاعلة الرئيسية إلى النقاط الأربع، التي تشمل "وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، والتدابير الإنسانية والاقتصادية واستئناف عملية سياسية شاملة".


"يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على جزء كبير من الجنوب، لكنه يتقاسم السلطة مع العديد من القادة الآخرين"


والآن يتعيّن على دخول الولايات المتحدة في عملية الوساطة هذه أن يحدث فرقاً على وجه التحديد بشأن سد هذه الفجوة؛ ولكن من المؤكّد أنّ هذا يعني أنّ الولايات المتحدة سوف تكون أكثر دقة. وإلا فإنّها ستُخاطر بالانزلاق في حلقة المفاوضات غير المثمرة التي أجراها مبعوث الأمم المتحدة على مدى السنوات الثلاث الماضية. هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جريئة.


سد الفجوة


لوصف نهاية حرب اليمن، من الجيد أن نتذكّر القول المأثور القديم: إذا وجدت نفسك في حفرة عميقة، توقف عن الحفر! من المفهوم أن تركّز الوساطة الدولية على تبادل الأسرى والمساعدات الإنسانية لملايين اليمنيين المحاصرين والجياع بسبب هذه الحرب. ومع ذلك، لن ينقذ أي قدر من المساعدات الأجنبية المدنيين في اليمن طالما استمرت الحرب. وينبغي عندئذ أن تكون الأولوية بالفعل، هي التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار لتمكين إيصال المساعدة الإنسانية الحيوية والنهوض بالمحادثات السلمية في بيئة أكثر ملاءمة. ولكن نظرا لأهمية المعركة من أجل مأرب لكلا الجانبين، من الضروري أن يحدد الوسطاء الخطوات التالية نحو الهدف النهائي حتى تشعر الأطراف المتحاربة بالأمان في وقف الأعمال العدائية وقبول وقف شامل لإطلاق النار.


وقد أبدى السعوديون دعمهم الكامل لجهود الوساطة الأمريكية وقدّموا مبادرتهم: اقتراح بوقف إطلاق النار بالكامل، شريطة التزام الحوثيين به، وإعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة جزئيا - وتحديدا السماح لعشرات السفن المحملة بالوقود أو نحو ذلك في ذلك الميناء بتفريغ حمولتها إلى شمال البلاد المتعطش للوقود.


وفي مناقشات مع وزارة الخارجية العمانية، أعرب الحوثيون عن تقديرهم لوساطة مسقط وقدّموا مقترحاتهم الخاصة بهم، على الرغم من أنهم غامضون عمدا في العلن حول التفاصيل. ولا يزالون يؤكدون أنّ الاقتراح السعودي لم يقدّم أي شيء جديد ويطالبون بإنهاء الحصار بالكامل ودون قيد أو شرط. يعتبر الحوثيون اقتراح السعوديين الأخير محدودا للغاية. ويبدو أنّ التفاصيل التي نوقشت مع الحوثيين تضمنت آلية للحد من الرحلات الجوية من صنعاء والخروج منها والسيطرة على ما يأتي إلى ميناء الحديدة. ومن وجهة نظر الحوثيين، يبدو أن الخطة مصممة لتتماشى مع الهدف المعلن أصلا للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، أي دحر استيلاء الحوثيين على صنعاء وإعادة حكومة الرئيس هادي إلى عاصمة البلاد.


الأمن المتبادل


يجب أن تستند الوساطة الأمريكية إلى خطة شاملة ورؤية واضحة، حتى لو كانت افتراضية في هذه المرحلة، للإشارة إلى مسار من الوضع الحالي إلى إنهاء الحرب. وقبل أن يتخذ أي من الطرفين خطوة أولى جريئة، يجب أن يطمئن إلى الخطوات التالية وكذلك إلى الهدف النهائي.


.. تحتاج المملكة العربية السعودية إلى ضمانة بأن الصواريخ لن تطلق بعد الآن عبر حدودها من اليمن، وأنّ الأصول العسكرية الإيرانية لن يتم نشرها على تلك الحدود من قبل الحوثيين أو أي حكومة يمنية مستقبلية. يحتاج الحوثيون إلى معرفة أنّ الرفع الجزئي للحصار ستتم إدارته من قبل قوة محايدة وليس من قبل عدوهم الحالي، حكومة الرئيس هادي. ومن وجهة نظرهم، لن تمثّل حكومة هادي سوى جانب واحد في المفاوضات الشاملة المستقبلية، وأنّ هادي غير مقبول، قبل ذلك، كرئيس لليمن.


ويجب أن تحدد الخطة كذلك أنّ خطوات المتابعة ستشمل الرفع الكامل للحصار وأنّ القوى الإقليمية والدولية ستضغط من أجل حكومة شاملة للجميع تمثّل مصالح المنطقتين الشمالية والجنوبية من البلاد. وبناء على ذلك، سيتم تحديد رئيس وحكومة بعد الانتخابات، التي تنظمها وتشرف عليها الأمم المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، وحتى في هذه المرحلة المبكرة من المفاوضات، يجب التفكير في الشكل الذي قد تتخذه الحكومة اليمنية المستقبلية. وبعد موافقة أولية من جميع الأطراف على الأحكام الدستورية لمؤتمر الحوار الوطني في عام 2014، لم تحصل مسألة الهيكل الاتحادي في البلد على اتفاق رسمي. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن القرارات التي اتخذها الرئيس هادي في ذلك الوقت مقبولة سواء لحركة الحراك الجنوبي أو الحوثيين، وهي حجر عثرة من المهم تجنبها هذه المرة.


التدخل الدولي


وقد أبدت إيران والأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن استعدادهم للمساعدة، ولكن لم يأت أي منهم بأي اقتراحات أو تدخلات ملموسة. لقد حان الوقت للمبعوث الأمريكي، بالاشتراك مع نظيره في الأمم المتحدة، لتقديم خطة لسد الفجوات بين المواقف المتعارضة ووضع كامل ثقل الولايات المتحدة والأمم المتحدة وراءها.


"لا يشكل هادي وقواته سوى طرف واحد من الأطراف المتحاربة، ويُمسكون حاليا بالقليل جداً من الأرض داخل اليمن"


قرار مجلس الأمن 2216 هو الآن عفا عليها الزمن ويحتاج إلى نظرة جديدة. صدر في أعقاب دخول التحالف العربي مباشرة في الحرب ضد الحوثيين، وبعد سبعة أشهر كاملة من استيلاء الأخير على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، فإنّ أحكامه غير كافية في التعامل مع كل ما حدث في أكثر من ست سنوات منذ ذلك الحين.


وأدان القرار الانقلاب ودعا إلى إعادة شرعية الرئيس هادي (ومن المدهش أنه أخطأ في كتابة اسمه باسم "عبدو ربه") بينما تجاهل حقيقة أن ولايته قد انتهت في ذلك الوقت.


مما لا شك فيه أنّ هادي يتمتع بمطالبة مشروعة بالرئاسة بفضل الاعتراف الدولي، ولكن شعبه لم تسنح له الفرصة لتجديد ثقته به بسبب الحرب الدائرة. وعلى الأرض، طُردت قواته من الشمال وتم إيوائها في الجنوب من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي وغيره. وآخر الرافضين لها هو مأرب، التي يتنافس عليها الحوثيون حاليا وكذلك القوات القبلية التي تقاتل لصالح الحوثيين وضدهم. في الواقع، لا يشكل هادي وقواته سوى طرف واحد من الأطراف المتحاربة، ويتمسكون حاليا بالقليل جداً من الأرض داخل اليمن. استحوذ الحوثيون على صنعاء ومؤسساتها الحكومية بالقوة ولم يتم اختيارهم في أي انتخابات شرعية. ومع ذلك، يسيطرون على ما لا يقل عن ربع البلاد ويحكمون ما يقرب من 80 في المائة من سكانها. يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على جزء كبير من الجنوب، لكنه يتقاسم السلطة مع العديد من القادة الآخرين في منطقة تهامة وحضرموت والمهرة.


وهناك حاجة إلى قرار جديد من مجلس الأمن لأنه يجب الشعور بالإلحاح في عملية السلام لحمل جميع القوى الكبرى على العمل؛ في الواقع، لا يمكن لليمن الانتظار أكثر من ذلك لأن حياة الملايين من شعبه على المحك. وكما أضفت الشرعية على الحرب في عام 2015 من خلال قرار الفصل السابع (القائم على ميثاق الأمم المتحدة)، فإنّ جهود السلام الحالية تستحق نفس القدر على الأقل. ويجب حث الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي على التوقف عن تأجيج الحرب بمبيعات الأسلحة والانضمام الى جهودهم الدبلوماسية لجهود مبعوثي الأمم المتحدة والولايات المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ المطلوب في هذه المرحلة هو وقف فوري وشامل لإطلاق النار، يليه مؤتمر للأطراف الرئيسية في النزاع لبناء مستقبل اليمن - اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً. ولا يمكن تمكين مبعوثي الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلا بدعم إجماع من مجلس الأمن.


من الواضح أنّ الرؤى الحوثية والسعودية للسلام ليست متناغمة ويجب التوفيق بينها لإنهاء الحرب. وعلى السطح، يقول الطرفان إنهما يسعيان إلى إنهاء العنف والمصالحة الوطنية بين اليمنيين، مما يؤدي إلى حكومة تمثيلية حقيقية. يُذكر أنه في وقت مبكر من عام 2016، صرّح وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير أنه بالإضافة إلى استعادة الحكومة الشرعية في اليمن ومنع حركة الحوثيين من الاستيلاء على البلاد، تشمل الأهداف السعودية النص على تمثيل الحوثيين في حكومة يمنية مستقبلية.


واردات الأسلحة


لطالما احتفظ اليمنيون بالأسلحة في منازلهم، التي تم الحصول عليها من خلال سوق سوداء كانت تعمل تاريخياً، ومن المرجّح أن تستمر في القيام بذلك بعد انتهاء الحرب. ولكن ما يؤجج الحرب - وما يقلق جميع الأطراف بشكل مشروع - هو الأسلحة الثقيلة بما في ذلك الصواريخ والدبابات والعربات المدرعة. على الرغم من الحصار القوي حول اليمن، تمكنت إيران من الاستمرار في تسليح وتدريب المقاتلين الحوثيين. كما استمرت إعادة تصدير الأسلحة- التي زودها الغرب إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ثم الجيوش والميليشيات التي أنشأتها وزودتها ودربتها داخل اليمن - على الرغم من اعتراضات الكونغرس ووقف مبيعات الأسلحة الهجومية إلى المملكة العربية السعودية من قبل إدارة بايدن.


برر أعضاء التحالف أفعالهم بأنها تتفق مع العمل بموجب مشروعية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. ومن غير المؤكد ما إذا كانوا يمتثلون لتراخيص إعادة التصدير، على النحو الذي رسمه القانون الأمريكي. كما أنه من المشكوك فيه في جميع حالات استخدام القوة من قبل جميع الأطراف في اليمن إذا تم الالتزام بقواعد الحرب، وعلى وجه التحديد حماية أرواح المدنيين.


الوعد العاجل للدبلوماسية


الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ على الإطلاق، ويمكن القول إنها تمثل الكارثة الإنسانية الأكثر تدميرا التي عرفها العالم في المائة عام الماضية. ومع معاناة أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة من الفقر والمرض والتجويع، فإنّ اليمنيين ببساطة غير آمنين في أي مكان في بلدهم. تضفي معركة مأرب سيولة جديدة لتوازن القوى على أرض الواقع. وبعد سنوات قليلة من الجمود، تثير المعارك الأخيرة إمكانية تغيير الجوانب على الأرض، مما يغذي الآمال بين قادة الفصائل في الصراع بأنّ النصر العسكري ممكن مرة أخرى. ولا يمكن لهذه الآمال إلا أن تؤدي إلى سنوات إضافية من البؤس للسكان. وفي الوقت نفسه، توفّر الفوضى المستمرة مساحة لمزيد من الإرهاب وأعمال العنف العشوائية، مع تجدد الأدلة على عودة تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» إلى الظهور.


"الآمال بنصر عسكري لا يمكن إلا أن تؤدي إلى سنوات إضافية من البؤس للسكان"


عُمان، الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي لم تشارك في حرب التحالف العربي في اليمن، هي حاليا في قلب جهود السلام، وقد عرضت مرة أخرى مساعيها الحميدة على الدبلوماسيين المحليين والإقليميين والدوليين لتحقيق هذه الغاية. إنّ مشاركة عمان هي علامة على التفاؤل. وقال مسؤول في وزارة الخارجية العمانية للمؤلف، خلال زيارة قام بها قبل الجائحة إلى مسقط، إنّ بلاده لا تأخذ عادة زمام المبادرة في صنع السلام ولا تقدّم خطط سلام جاهزة. بل إن ّالموقف الذي يفضله العمانيون هو الاستجابة لطلبات الوساطة عندما يبدو أنّ هناك فرصة حقيقية للسلام. وفي الواقع، كانت المرة الأخيرة التي كانت فيها عُمان في قلب المفاوضات في عام 2015 عندما قام وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري بمحاولة تحقيق السلام في اليمن لمدة 11 ساعة.


ومرة أخرى ترى مسقط فرصة في الجهود الدبلوماسية التي تجددت مؤخرا وهي مستعدة للمشاركة. وفي الوقت نفسه، تثير التقارير عن محادثات سعودية إيرانية جديدة في بغداد في 9 نيسان/أبريل، على خلفية المفاوضات الأمريكية الإيرانية في فيينا، احتمال حدوث انفراج إقليمي، لن يؤدي تحقيقه إلاّ في تعزيز آمال السلام في اليمن.


نبيل خوري

زميل أقدم غير مقيم في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، ومسؤول سابق في الخارجية الأمريكية


- المصدر الأصلي بالإنجليزية: المركز العربي واشنطن دي سي

- عالجه ونقّحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا