التقارير الخاصة

تصاعد بؤر التوتر العسكري يعقّد الأزمة في اليمن

05-03-2021 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| قسم التحليل


مطلع فبراير الماضي، بدعوة من الخارجية الروسية زارت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي روسيا وجرت مجموعة من المباحثات السياسية بين الجانبين، كللتها قناة روسيا اليوم الناطقة باللغة العربية بمقابلة تليفزيونية مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي على الهواء مباشرة،  حملت العديد من الرسائل السياسية لجميع الأطراف المعنية بحل الأزمة في اليمن. 


يتضّح أنّ هناك في الرؤية الروسية لحل الأزمة اليمنية مقابل رؤية المشروع الوطني للانتقالي الجنوبي، ثمة نقطة خلافية تتمحور حول هوية الدولة الجنوبية في حال طُرح مشروع حل الدولتين كحل سياسي للأزمة اليمنية. كشف ذلك ترحيب الدبلوماسية الروسية بزيارة المجلس، من خلال إلحاق الصفة اليمنية إلى الصفة الجنوبية، وتأكيد قيادة الانتقالي في مستهل المباحثات مع الجانب الروسي على جزئية استعادة الهوية الجنوبية.


دبلوماسية ومفخخات


في 26 فبراير / شباط الماضي، بالتزامن مع إعلان الخارجية الأمريكية رسمياً تراجعها عن قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، حسب وكالة رويترز رعت الدبلوماسية الأمريكية في لقاءً ثنائي رفيع مفاوضات بين السعودية والجماعة الحوثية في سلطنة عُمان. وبحسب رويترز تمحورت أجندات اللقاء حول مخاوف السعودية الأمنية من الجماعة الحوثية.


أواخر فبراير ومطلع مارس / آذار الحالي شهدت العمليات الهجومية من قبل الحوثيين على الأراضي السعودية تصاعداً مضطردا بالتزامن مع تحريك الدوائر الأمنية والاستخبارية والقضائية الأمريكية ملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.


في ذات الوقت من الشهر الماضي، بدأ الحوثيون بشنّ حربا عنيفة لإسقاط ما تبقى من محافظة مأرب، آخر معقل للحكومة المعترف بها دوليا، ولتنظيم الإخوان المسلمين في اليمن.


وفي تعز، غرب اليمن، تجددت المعارك بعد هدوء نسبي استمر طويلا، بين الجماعتين الإسلاميتين، جماعة الإخوان (حزب الإصلاح) والجماعة الحوثية. قالت وسائل إعلام مقربة من الإسلاميين المشاركين في الحكومة أن قواتها حققت انتصارات جديدة ونوعية.


لكنّ هذا التصعيد المفاجئ في تعز يشير عقب الهدوء الطويل، إلى أنّ هذه المعارك ليست هي العاصفة التي يسبقها الهدوء. قلّل مراقبون من جدية تلك القوات في فتح جبهة جديدة مع الميليشيات المدعومة من إيران.


بدر قاسم محمد
باحث وزميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، متخصص في الشؤون السياسية اليمنية


تحدّي ودماء


وإلى الشرق من عدن، عاصمة جنوب اليمن، رعت السلطة المحلية الموالية للإسلاميين، بمحافظة شبوة الغنية بالنفط، حفلَ تخرج دفعة من المجندين الجدد لما تسمى بـ "وحدات قوات الأمن الخاصة" بحضور مندوب للقوات السعودية المتمركزة في مطار عتق. ذلك رآه مسؤولون في المجلس الانتقالي الجنوبي، تعديا صارخا لبنود اتفاق الرياض، التي تنص على عودة قوات النخبة الشبوانية إلى المحافظة، وخروج القوات التي قدمت من مأرب.


وفي محافظة حضرموت أطلقت قيادة السلطة المحلية والقيادة الأمنية والعسكرية عملية عسكرية وأمنية واسعة "سور المشقاص" تمتد إلى المنافذ الحدودية للمحافظة، ووجه قائد المنطقة العسكرية الثانية وحاكم حضرموت، اللواء فرج البحسني، كافة الواحدة الأمنية والعسكرية لرفع درجة الجاهزية القتالية.


وتزامناً مع ذلك، أعلنت أجهزة الأمن في المحافظة عن إلقاءها القبض على زعيم تنظيم القاعدة في وادي وصحراء حضرموت "قابوس بن طالب"، في عملية نوعية بدعم من التحالف. وقابوس بن طالب متهمٌ بتنفيذ العديد من عمليات الاغتيال لضباط وقيادات عسكرية ومدنية في حضرموت ومنها عملية اغتيال الضابط السعودي أبو نواف العتيبي. ورجّحت مصادر مطلّعة لـ "سوث24" نقل الرجل إلى العاصمة السعودية لرياض على متن طائرة خاصة وسط حراسة مشددة.


ويوم أمس الخميس، تعرّض موكب لقيادات أمنية رفيعة بقوات الدعم والإسناد، لكمين بعبوات ناسفة في مدينة الشعب بعدن، أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى بينهم مدني، وإصابة 13 جنديا آخرين. دان الانتقالي الهجوم وتوعّد بمعاقبة المسؤولين عن العملية التي وصفها بـ "الإرهابية".


إقرأ أيضا: هجوم إرهابي يُشعل غضباً واسعاً في جنوب اليمن


تعقيد الأزمة


تشي كل هذه التطورات العسكرية على امتداد الأزمة اليمنية بتصاعد العديد من بؤر التوتر العسكري والأمني مما يزيد الأزمة اليمنية السياسية والإنسانية تعقيدا. 


في الوقت الذي تسعى فيه الدبلوماسية الأممية والأمريكية إلى إنهاء الأزمة في اليمن والدفع بما يسمى بـ "الحل السياسي الشامل"، ستنظر، على الأرجح، إلى فتح بعض الأطراف لمزيد من بؤر التوتر، على أنه ذات نوايا سيئة تستحق العقوبة القانونية، بما في ذلك عمليات تمويل إيران لوكلائها الحوثيين بالأسحلة الحديثة عبر أراضي عمان. لكن الدبلوماسية ستفشل من دون المزيد من النفوذ، وفقا لمجلة السياسة الأمريكية "فورين بوليسي".


إقرأ أيضا: فورين بوليسي: الدبلوماسية ستفشل في اليمن من دون المزيد من النفوذ


لا يزال تنفيذ اتفاق الرياض، الموقّع بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي، لم يُستكمل منه الشق الأمني والعسكري وانسحاب الوحدات الحكومية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين من كل شبوة وحضرموت. على العكس من ذلك، قالت وسائل إعلام محلية أنّ تعزيزات وصلت مؤخرا من مأرب إلى أبين، تزامنا مع تزايد من المخاوف من سقوط آخر معاقل الشرعية في شمال اليمن. 


سيواجه اتفاق الرياض مصيرا محتوما بالبقاء أو الموت، مع تطوّر المشهد العسكري في مأرب بشمال اليمن. بدى مؤخرا وكأنّ الخطاب السياسي للطرف الحكومي الموقّع على الاتفاق الذي رعته السعودية، يبتعد عن التمسك فيه، في حين لا يزال الخطاب الدبلوماسي لدول التحالف الذي تقوده الرياض، يقتصر على الالتزام بحل الأزمة اليمنية وفقاً للمرجعيات الثلاث، على الرغم من أنّ الواقع السياسي والعسكري تجاوز جميع المراجع والاتفاقيات. 


- بدر قاسم محمد

- مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا