عربي

الإرياني: الجنوب أصبح غنيمة حرب للنخبة الشمالية (تحليل)

12-02-2021 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| قسم الترجمات


تسارعت وتيرة التشرذم الاجتماعي في الشمال نتيجة للنخب الحوثية الجديدة..(.) وفي الجنوب، تختلف الهوية المحلية بشكلٍ كبير عن الشمال، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنّ الجنوب كان محمية بريطانية بعد الاستقلال في عام 1967. ولذك، فإنّ أجزاء من الجنوب، مثل العاصمة السياسية عدن، لا تحتوي على مكوّنات قبلية، وعلاوة على ذلك توجد قيم علمانية بين السكان.


المظالم التي يتقاسمها السكان في هذه المناطق هي إلى حد بعيد الأكثر شدة في اليمن، وهي ناتجة عن التهميش السياسي للجنوب من قبل الحكومة الشمالية بعد تأسيس اليمن الكبير في عام 1990، وما تبع ذلك من تهميش اقتصادي واجتماعي بعد عام 1994؛ كما شهدت هذه المنطقة مبادرات قوية لتعزيز الإسلام السني، بدلًا من المُثل العلمانية التي كانت منتشرة قبل الوحدة.


كان الجزء الجنوبي من اليمن دولة مستقلة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) حتى الوحدة مع الشمال في عام 1990. وبعد الوحدة، تم تقويض اتفاق تقاسم السلطة بين الدولتين من خلال عملية انتخابية غير متوازنة كانت تفضّل الشمال المكتظ بالسكان على الجنوب.

وسمح النظام لحزبين سياسيين رئيسيين، أغلبهما شماليين، هما حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح وحزب الإصلاح، بتشكيل أغلبية في البرلمان والحكومة."


التمسك بالجنوب بالقوّة


سيطر الحزبان معًا على الدولة الجديدة، مما خفض مشاركة الجنوب فعليًا في صنع القرار إلى أقل من نسبة الـ 50 في المائة المتفق عليها. وأدى ذلك إلى حرب أهلية كانت تهدف إلى إعادة الدولة الجنوبية السابقة. وفي نهاية الحرب في عام 1994، نجحت الحكومة المركزية في الشمال في الاستيلاء على الجنوب بالقوة، وتم تسليم حكم الجنوب فعليًا إلى حزب الإصلاح السني، الذي بدأ حملة واسعة النطاق لتحويل العلمانية القائمة إلى مجتمع ديني محافظ. وعلاوة على ذلك، أُقيلت القيادة الجنوبية السابقة والموظفين العموميين من مناصبهم، وأصبح الجنوب (بما في ذلك الموارد والأراضي والأصول) غنائم حرب بالنسبة للنخبة الشمالية.


وبحلول عام 2007، تم تأسيس الحراك الجنوبي في عدن. وجمعت الحركة الشاملة عدة مجموعات دعت إلى إنهاء تهميش المحافظات الجنوبية، بعضها يسعى إلى الاستقلال التام، في حين كان البعض الآخر يسعى إلى مزيد من الاستقلالية عن الحكومة المركزية. في ذلك الوقت، كان الهدف من الحراك هو إعادة الموظفين المدنيين والعسكريين الذين تم تنحيتهم جانبًا في أعقاب حرب عام 1994.


في خضم التوغل بين صالح والحوثيين في عدن في أوائل عام 2015، بدأت الحملة العسكرية للتحالف العربي. وقد حشدت هذه الحملة القوات الجوية السعودية والإماراتية، والقوات البرية من الجيش الموالي لهادي، فضلًا عن عناصر غير رسمية من الجنوب. وكان العنصر الأكثر أهمية في هذه الحملة هو الجمع بين المدنيين والقبائل الجنوبية التي جُمعت في إطار قوات عسكرية غير رسمية تمولها وتدربها الإمارات العربية المتحدة.


في هذا الوقت، تحوّل الحراك مع أطراف أخرى إلى حركة مسلحة كاملة - الحراك الجنوبي. وفي وقت لاحق، وبعد طرد قوات صالح والحوثيين من عدن، أنشأت مكوناتها التي دعت إلى الاستقلال التام للجنوب، المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أصبح الآن سلطة الأمر الواقع في عدن.


حشد الدعم الشعبي


وبالنظر إلى المصلحة الاقتصادية الإماراتية التقليدية في المدن الساحلية الجنوبية لليمن (وخاصة عدن)، من المرجّح أن تكون الإمارات قد موّلت المكونات العسكرية غير الرسمية لضمان وجود حليف مستقبلي في الجنوب، نظرًا لنظرتها المتشككة في ولاء جيش هادي وقيادته السياسية. ونجحت الحملة في استعادة المناطق الجنوبية من اليمن. ومع ذلك، استمرت المكونات العسكرية غير الرسمية لهذه الحملة في النمو بدعم إماراتي، وانحازت في نهاية المطاف إلى حكومة الأمر الواقع في عدن، المجلس الانتقالي.


وقد نجح المجلس الانتقالي في حشد الدعم الشعبي لإعادة تأسيس الدولة اليمنية الجنوبية، وقضى على وجود حكومة هادي في جميع المدن الساحلية الرئيسية في الجنوب. وعلى الرغم من أنّ هذه الجهات الفاعلة غير الرسمية الجديدة قد تعتبر الإمارات حليفًا لها، إلا أنّ اختصاصهم الأساسي هو القضية الجنوبية (..). 


وفي حين أن البعض قد يعتبر هذه السلطة وقواتها العسكرية غير شرعية، فإنّ المجلس الانتقالي الجنوبي يتمتع الآن بدعم شعبي في الجنوب ولم يعد غير رسمي، بل أصبح في الواقع مؤسسيًا معتدلًا.


وفي الشرق، تحدد حضرموت أيضًا هوية يمنية معينة، وهي المكونات القبلية، كونها أيضًا جزءًا من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بعد الاستقلال عن المملكة المتحدة في عام 1967. كانت هذه المنطقة بمثابة البقرة المُربحة لنظام صالح، وتحديدًا من خلال مواردها الطبيعية الوفيرة، لكنها شهدت القليل من التنمية مقارنةً بالعوائد الهائلة التي حققتها المحافظة.


في مؤتمر الحوار الوطني، تم التأكيد بشكل خاص على توجيه الموارد من حضرموت نحو تنميتها، واليوم يتم الاحتفاظ بنسبة 20 في المائة من عائدات النفط محليًا.


سيناريو عدن في حضرموت


خلال الحرب الأهلية، ظهر فراغ أمني في حضرموت، أدى إلى ظهور عناصر إرهابية أنشأت لفترة وجيزة حكومة محلية، ولكن تم طردها فيما بعد من قبل قوات النخبة الحضرمية غير الرسمية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة والقبائل الحضرمية المحلية. واليوم، من جهة، تسيطر حكومة هادي على المناطق الداخلية في المحافظة وتستخدم قوات عسكرية لا تحظى بشعبية واسعة لأنها تتألف في الغالب من عناصر الإصلاح.


ومن ناحية أخرى، تسيطر قوات حضرمية التي تدعمها النخبة المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، والتي يحكمها المجلس الانتقالي، على المناطق الساحلية مثل المكلا وتتمتع بشعبية أكبر على نطاق محلي، على غرار الوضع في عدن. وقد نجح محافظ حضرموت في تحقيق التوازن بين سيطرة "المجلس الانتقالي" و"هادي" الحكومية حتى الآن، لكن من المرجح أن تتبع النتيجة سيناريو عدن في المستقبل نظرًا للدعوات المحلية إلى دولة مستقلة والمسار التنازلي لشرعية حكومة هادي في جميع أنحاء البلاد.


(..)


بعد مرور ست سنوات على الحرب الأهلية اليمنية، تبدو الصورة أكثر قتامة من أي وقت مضى. لقد أصبحت حكومة هادي قضية خاسرة ولم تعد تتمتع بالشرعية أو الشعبية. وفي حين أنّ الأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي يناقشان مبادرات السلام التي لم تعكس بعد السياق التاريخي أو حتى السياق المحلي الحديث، فإنّ الحالة على أرض الواقع أكثر تجزؤًا ولا تزال مستمرة ببطء في دوامة من التدهور.


- هذه المادة جانب من تحليل مطول للباحث اليمني محمد الإرياني، نُشر بالإنجليزية على منصة (zenith)

- عالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا