التقارير الخاصة

هجمات الحوثي الغادرة.. الاستثمار والدلالات والمتواطئون

06-01-2021 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| قسم التحليل


قبل انقلاب الجماعة الحوثية على شرعية الرئيس هادي وإسقاط صنعاء، شمالاً، في قبضتهم في سبتمبر 2014، مما اضطر هادي للهرب جنوباً، إلى عدن، واعلانها عاصمة مؤقتة للبلاد، كانت تكمن جنوباً – ولا تزال - قضية سياسية وثورة شعبية ترفع أعلام وشعارات الدولة الجنوبية، التي كانت قائمة، قبل الوحدة مع اليمن الشمالي، في مايو 1990.


لجوء الرئيس هادي ذي الأصل الجنوبي إلى الجنوب، رصف قضية شرعيته السياسية – المسلوبة منه في الشمال- على القضية الجنوبية، التي يعتبرها مراقبون نتاج الانقلاب على الوحدة بين صنعاء وعدن والتي انتهت باجتياح عسكري شمالي للجنوب في يوليو 1994.


تتشكل حالياً الأزمة اليمنية على الخارطة العسكرية والسياسية التالية: جنوب محرر بسلطة شرعية وشمال غير محرر بسلطة انقلابية. يسيرُ الجنوب في نسقٍ سياسي متعدد الأطراف والمقاصد، ويسير الشمال في نسقٍ عسكري لجماعة الحوثيين منفردة بحكم صنعاء بعد انقلاب آخر على حليفهم، حزب المؤتمر الشعبي العام، واغتيال الرئيس السابق صالح في ديسمبر 2017.


يحتكم الحوثيون اليوم لقدراتهم العسكرية التي بدت تتعاظم في الآونة الأخيرة بشكلٍ لافت، دفعت قياداتهم إلى التصريح بما يصفونه بـ «قوة الردع» وتوزان القوى في المنطقة.


لمسار الحوثيين العسكري الذي بلغ ذروته، خطاً بيانياً بدأ يتصاعد شيئاً فشيئاً يعتمد على الاصطياد في المياه العكرة لدى الحكومة الشرعية والتحالف العربي.


على الصعيد المحلي اليمني، هناك سلسلة من الهجمات العسكرية، التي قام بها الحوثيون، واعتمدوا من خلال تنفيذها اتباع سياسة فرق تسد وزرع الشك والريبة في صف الحكومة الشرعية والتحالف العربي. كذلك تتميّز المقذوفات الباليستية والطيران المسيّر عن بعد بإحداث ما يمكن تسميته بـ «الضربة العسكرية الخاطفة»، التي توفّر مساحة الوقوف عن بُعد والتفرغ لمتعة الاستثمار السياسي والإعلامي في الحدث.



هجوم صاروخي حوثي، استهدف مطار عدن الدولي في 31 ديسمبر 2020، تزامنا مع وصول حكومة المناصفة، نفى الحوثي صلته فيه. (وسائل إعلام)

على سبيل الذكر لا الحصر أبرز هذه الهجمات:


- استهداف منصة عرض عسكري ضم كبار القادة العسكريين لدى الحكومة الشرعية في قاعدة العند، بمحافظة لحج، مطلع العام 2019، راح ضحيته رئيس هيئة الأركان ورئيس الاستخبارات ومجموعة من الضباط والأفراد.


- استهداف منصة عرض عسكري آخر لكبار القادة العسكريين للقوات الجنوبية في معسكر الجلاء بعدن في الأول من أغسطس 2019، راح ضحيته القائد الجنوبي منير اليافعي أبو اليمامة ومجموعة من الضباط والجنود.


- استهداف مقر وزارة الدفاع في مأرب في أكتوبر 2019.


- استهداف كتيبة من الحرس الرئاسي في مأرب في يناير 2020، راح ضحيته ما يقارب 100 جندي معظمهم جنوبيون.


- استهداف معسكر تداوين في مأرب، تتواجد فيه القوات السعودية، في نوفمبر 2020، راح ضحيته 9 ضباط وجنود سعوديين.


- استهداف أخير لحكومة المناصفة بين الجنوب والشمال اليمني لحظة عودتها من الرياض في مطار عدن الدولي في ديسمبر 2020، نجت منه الحكومة بأعجوبة، وراح ضحيته مجموعة من المدنيين والعسكر.



على اليسار، القائد البارز في قوات الحزام الأمني، منير اليافعي (أبو اليمامة)، قبيل استشهاده، في منصة معسكر الجلاء بعدن، 1 أغسطس 2019. تبنى الحوثيون "الهجوم الإرهابي" الذي أودى بحياة اليافعي وعشرات آخرين. 

جميع هذه الهجمات اُستخدمت فيها الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر عن بُعد، ثلاثة منها أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها بينما نفوا مسؤوليتهم عن الثلاثة الأخرى لأسباب قانونية وأخلاقية وسياسية. وحتى الهجمات التي أقرّ بها الحوثيون، جاءت بيانات التبني مُدبجةً بعبارات الكشف عن متعاونين محليين، بينما التي لم يُقرّوا بمسؤوليتهم عنها ظلّت أسيرة الاتهامات البينية والتقاذف بين أطراف الحكومة الشرعية.


يمتلكُ الحوثيون قدرات عسكرية تستطيع إحداث أضرار عسكرية بالطرف الآخر وأضرار سياسية أيضا. لكنّ هذا لا ينفي وجود تعاون من قبل بعض أطراف الحكومة - خصوصاً وهناك حرب عسكرية قد اندلعت بين القوات الحكومية التي تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وبين القوات الجنوبية الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، - بقدر ما يُعزّز حظوظ التعاون مع الحوثيين أكثر مستقبلاً بفعل تأثير التهديد بكشف المزيد من الأوراق.


في يناير 2019 وتحديداً بعد استهداف كتيبة الحرس الرئاسي في مأرب، صرّح القيادي الحوثي محمد البخيتي عن وجود هدنة غير معلنة مع قيادات حزب الإصلاح (إخوان اليمن). 


اعتبر مراقبون، حينها، تصريح البخيتي، تلويحاً بكشف المزيد من الأوراق. وتحت طائلة هذا التهديد يُرجّح أنّ حزب الاصلاح أذعن، فقام بتسليم جبهاته ومعسكراته في مأرب والجوف لصالح سيطرة الحوثيين، بينما يبقى، بحسب مراقبين، التواجد المحدود لقادة الحزب في رقعة جغرافية أخيرة من مأرب مرهوناً بالرغبة والتفاهم البيني مع الحوثيين أنفسهم.


بدر قاسم محمد

زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحث في الشؤون السياسية اليمنية


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا