التقارير الخاصة

مشاريع تخرج كلية الإعلام بجامعة عدن 2025: تنوع إعلامي ورسائل إنسانية

الخريجون من كلية الإعلام بجامعة عدن، 25 يونيو 2025 (صفحة الكلية)

Last updated on: 08-08-2025 at 8 AM Aden Time

"بالرغم من تميز مشاريع التخرج التي عكست وعي الطلاب، وحرصهم على تقديم محتوى مهني يخدم قضايا المجتمع ويعزز دور الإعلام كأداة للتغيير، إلا أنهم واجهوا صعوبات وتحديات.."

=مركز سوث24 | ريم الفضلي


ناقشت كلية الإعلام بجامعة عدن، خلال يوليو الماضي، مشاريع تخرج دفعة مكوّنة من 87 طالبًا وطالبة، في ثلاثة أقسام رئيسية: الصحافة، الإذاعة والتلفزيون، والعلاقات العامة. وشكّلت هذه المشاريع مرآة حقيقية لتطلعات هذا الجيل، الذي أظهر وعيًا متزايدًا بقدرة الإعلام على خدمة قضايا المجتمع، وكشف الواقع، والتأثير في الرأي العام.


وتعد هذه الدفعة الأولى منذ استقلال الكلية عن كلية الآداب عام 2019. لكن مع تحديات كبيرة مستمرة في البنية التحتية والبشرية.


اقرأ المزيد: كلية الإعلام بجامعة عدن، طموح في مواجهة التحديات وبنية تحتية متدهورة


تميّزت المشاريع المعروضة بتنوع أشكالها الإعلامية بين أفلام وثائقية، وبودكاست، وبرامج توعوية، وصحف، ومنصات رقمية، حملت مضامين إنسانية، ثقافية، وبيئية، وأبرزت حضورًا واضحًا لقضايا الفئات المهمشة، كذوي الإعاقة والنساء والشباب، في معالجة إعلامية تحاكي الواقع المحلي بعمق وواقعية.




تنوع الموضوعات والمشاريع


قدّم طلاب الدفعة، باقة متنوعة من مشاريع التخرج التي عكست وعيًا مهنيًا بقضايا المجتمع وتطور الوسائط الإعلامية. تنوعت الأعمال بين أفلام وثائقية، وبودكاست، وبرامج توعوية، وحملات إعلانية، لتجسد مزيجًا من الحس الإبداعي والاهتمام بالهمّ الإنساني والثقافي.


في المجال الصوتي، ناقش بودكاست "مش عيب" المفاهيم المغلوطة حول الطب النفسي، مسلطًا الضوء على أهمية الوعي المجتمعي بالصحة النفسية. أما بودكاست "قصة نجاح" فوثّق حوارات مع شخصيات ملهمة تجاوزت التحديات بالإصرار والعزيمة.




في المقابل، قدّم مشروع "صوتي اللي ما انقال" تجربة فيلم صامت تعالج الرهاب الاجتماعي من خلال لحظة تحوّل محورية في حياة الشخصية. بينما تناول مشروع "أسير الذكاء الاصطناعي" العلاقة المتشابكة بين الإنسان والتكنولوجيا، في فلاش توعوي أثار تساؤلات حول هيمنة الذكاء الاصطناعي على تفاصيل الحياة.


وجسد مشروع "من الفكرة إلى التتويج"، فلوج وثائقي، رحلة مجاهد عاسل، طالب الإعلام بجامعة عدن، من شغف بالكاميرا إلى إنتاج أول فيلم وثائقي حائز على جوائز دولية، في قصة ملهمة لكل من يؤمن بحلمه ويبدأ بخطوة.


وفي الشأن الرياضي، وثّق الفيلم الوثائقي "المسار إلى القمة" واقع تراجع كرة القدم في اليمن، مقدمًا رؤية للنهوض بها واستعادة مجدها محليًا. كما عالج مشروع "قضايا بيئية" أدوار الإعلام في التوعية بالكارثة البيئية والاستجابة لها ضمن مسار التنمية المستدامة.


أما مشروع "نحن نرى بطريقة مختلفة"، فسلّط الضوء على المكفوفين، مصححًا الصور النمطية عنهم، ومبرزًا قدراتهم بأسلوب توعوي متعدد الوسائط. وفي ذات الإطار التوعوي، جاءت حملة "سُم في جيبك" محذرة من شمة الحوت، من خلال رسائل تثقيفية استهدفت الشباب عبر الإعلام التقليدي والرقمي.


وتناول مشروع "الحوادث المرورية في عدن"، الذي تضمن فيديو توعوي، الواقع المتزايد للحوادث، كاشفًا عن أسبابها وتداعياتها الإنسانية والمجتمعية، في معالجة إعلامية دقيقة وموثّقة.


وقدم مشروع "صوت الغد" حملة إعلانية شاملة لتعزيز الصورة الذهنية لكلية الإعلام، والتعريف بأقسامها وبرامجها الأكاديمية وإنجازاتها. ومن جهة أخرى، سعى مشروع  "وقفها عندك" التوعوي إلى غرس ثقافة المسؤولية المجتمعية، وتأثيرها على الرأي العام. وقام مشروع "الابتزاز الإلكتروني" بتقديم حملة توعوية تسعى لنشر الوعي بمخاطر الابتزاز الإلكتروني، خصوصًا بين الشباب والمراهقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.


أما في الجانب التجاري، أطلقت إحدى الطالبة حملة دعائية لمنتج "بهارات الكشي" أبرزت من خلالها النكهة المحلية وجودة المنتج بأساليب تسويق مبتكرة. كما قدّمت حملة ترويجية لمشروب "تويست" برؤية شبابية تركز على الطابع المنعش للمنتج وحضوره في السوق.  وسوقت حملة إلكترونية بعنوان "مع متجر ديتكس كل شي بين يديك" لتعزيز حضور المتجر بعدن عبر الترويج الرقمي والتعاون مع المؤثرين.




وفي بُعد ثقافي ودعائي، قدّم مشروع "الأزياء والموروث الشعبي التهامي" توثيقًا بصريًا وإبداعيًا للأزياء التهامية التقليدية، مع الترويج لمؤسسة تجارية تبيعها، مؤكدًا على قيمتها ضمن الهوية الثقافية اليمنية.


وفي إطار الإعلام الرقمي الحديث، أطلقت الطالبتين منال شايان وعهد باسم مشروع "منصة المرأة الجنوبية" الرقمية، التي تهدف إلى توثيق حضور المرأة الجنوبية في المجتمع والإعلام من خلال محتوى واقعي وهادف، يعكس دورها وتأثيرها الاجتماعي.


وفي قسم الصحافة بكلية الإعلام، قدم الطلاب مجلات وصحفًا إلكترونية ومطبوعة ركزت بشكل واضح على هموم المجتمع المحلي وقضاياه المتنوعة. من بين هذه الأعمال، جاءت صحيفة "عين الحقيقة" لتسلط الضوء على قصص الشباب المتعلمين الذين انخرطوا في الجبهات أو اضطروا للغربة رغم امتلاكهم شهادات جامعية، ما يعكس واقعًا معقدًا يعيشه جيل كامل.


كما أصدرت مجموعة أخرى صحيفة "ميديا بلس" الجامعية التي تناولت واقع طلاب الإعلام والتحديات التي تواجههم، مع تركيز خاص على دور الفتيات في الحقل الإعلامي الجامعي، مسلطة الضوء على أهمية تعزيز حضور المرأة الإعلامية داخل البيئة الأكاديمية.




كما تميزت "منصة محور بلس"، المنصة والصحيفة الرقمية الشاملة، بتقديم محتوى إعلامي موثوق ومتجدد يواكب أحدث تطورات الإعلام الحديث، مقدمًا رؤية احترافية تواكب متطلبات الجمهور المعاصر.


د. وهيب مهدي، عميد الكلية، قال لمركز سوث24 إن ما ميّز مشاريع هذا العام هو خروجها عن الإطار النمطي المعتاد. مضيفًا: "مشاريع تخرج طلاب الكلية لهذا العام تميزت بالتنوع والجودة، وشملت مجالات إعلامية متعددة، أبرزها الإعلام الرقمي، الصحافة الإلكترونية، والإنتاج المرئي، في توجه واضح نحو تجاوز الأطر التقليدية المعتادة."


وأردف: "هذا التطور لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج جهد أكاديمي مستمر، حيث حرصت الكلية على تأهيل طلابها عبر سلسلة من الورش والدورات التدريبية بالشراكة مع عدد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية، أبرزها مركز التدريب الإعلامي، شبكة أريج للصحافة الاستقصائية، ومؤسسة مظلة."


كما عبّرت د. ابتسام الحيدري، المحاضرة بكلية الإعلام والمشرفة على عدد من المشاريع، عن فخرها بالمستوى الذي وصلت إليه مخرجات الطلاب. وقالت لمركز سوث24: "مشاريع تخرج هذا العام مثلت محطة مفصلية في المسار الأكاديمي للدفعة الأولى من طلبة الكلية. إنها بذور لمستقبل إعلامي مهني واعد، أظهرت خلالها الفرق الطلابية التزامًا كبيرًا، رغم التحديات والإمكانيات المحدودة."


وتابعت، "بحكم إشرافي الأكاديمي المباشر على عدد من المشاريع، لمست حماسًا ملحوظًا من الطلبة في تحويل أفكارهم إلى نماذج إعلامية مبتكرة، عكست وعيهم بأهمية التخصصات التي يدرسونها، وقدرتهم على التعامل مع أدوات الإعلام الحديث."


قضايا ذوي الإعاقة


في مشهد ملهم من مشاهد التحدي والإصرار، تقف نوال عقلان، خريجة قسم العلاقات العامة والإعلان، لتروي قصة امتدت لأربع سنوات، لم تكن خلالها الجامعة مجرد مؤسسة تعليمية، بل كانت حلبة اختبار كل ما تحمله من عزيمة، طموح، وقدرة على تجاوز الصعاب. وجاء مشروع التخرج ليحمل جزءًا من معاناة نوال، لكنه في المقابل قدم رسالة إنسانية بامتياز، حد وصفها.


وقالت لمركز سوث24: "منذ البداية كنت أعلم أن طريقي لن يكون سهلًا، ليس فقط لأني كفيفة، بل لأن البيئة التعليمية لم تكن مهيأة بعد لطلاب مثلي". مضيفة: "كنا فريقًا صغيرًا في مشروع (نحن نرى بطريقة مختلفة) لكن قلوبنا كبيرة، وكل ما قدمناه كان نابضًا بالشغف وبرغم أن المشروع لم يُحتضن رسميًا في بدايته، إلا أنه حظي بتفاعل واسع من أساتذة، زملاء، وقنوات إعلامية".




إصرار رغم الصعوبات 


بالرغم من تميز مشاريع التخرج التي عكست وعي الطلاب، وحرصهم على تقديم محتوى مهني يخدم قضايا المجتمع ويعزز دور الإعلام كأداة للتغيير، إلا أنهم واجهوا صعوبات وتحديات أبرزها ضيق الوقت وقلة الموارد المتاحة.


ماهر البرشاء، خريج من قسم الصحافة والنشر، أكد لمركز سوث24 أن ضيق الوقت والظروف حالت دون تنفيذه فكرته مما اضطره هو وزملائه لعمل فكرة صحيفة "عين الحقيقة". يقول البرشاء: "رغم عدم التمكن من طباعة النسخة الورقية لأسباب مادية، إلا أن النسخة الإلكترونية كانت جاهزة وحازت على تقدير عالٍ، بلغ 98 درجة".


ومن جهتها، قالت الطالبة أمة الله البكري لمركز سوث24 إن مشروعها هي وزملائها (بودكاست مش عيب) نُفذ خلال أسبوعين، مصحوبا بتحديات التصوير والصوت وضيق الوقت. مؤكدة أن المشروع هدف إلى رفع الوعي وتقديم رسالة إعلامية مسؤولة بأسلوب احترافي، مضيفة أن الدعم الذي قدّمه المشرفون الأكاديميون كان أساس نجاح العمل.


وقال الطالب أحمد داود، أحد أعضاء فريق مشروع صوت الغد، إن المشروع جاء كتعبير عن الوفاء للمؤسسة التي احتضنتهم أكاديميًا، وهدف إلى ترسيخ صورتها الذهنية لدى المجتمع المحلي من خلال كتيب تعريفي، فيلم دعائي، ومواد بصرية متعددة، نُفذت وفق خطة نشر منظمة على المنصات الإعلامية. وأعرب داود عن أمله أن يكون المشروع نواة لحملات إعلامية مستقبلية تعزز هوية الكلية.


في السياق نفسه، برز مشروع الطالبتين منال شايان وعهد باسم (منصة المرأة الجنوبية)، وهي منصة إعلامية رقمية تُعنى بالمرأة الجنوبية، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الكلية. وقالت الطالبة منال شايان، مندوبة الدفعة، إن المشروع وُلد من رغبة في تقديم مبادرة مستدامة تتجاوز إطار المناقشة الأكاديمية، وتُسلط الضوء على تجارب النساء الجنوبيات وقضاياهن التي لا تحظى بتغطية كافية في الإعلام. 


وأضافت لمركز سوث24: "رغم ضيق الوقت، استطاع الفريق تنفيذ الفكرة بجهد مكثف وإيمان بقيمة الرسالة". وتطمح صاحبات المشروع إلى أن تظل المنصة قائمة بعد التخرج كأداة تمكين وتوثيق للمرأة في الجنوب.




آلية اختيار المشاريع وتقييمها


وحول آلية اختيار المشاريع، أوضح د. وهيب مهدي أن الكلية تمنح الطلاب حرية كاملة في تحديد موضوعاتهم، شريطة الالتزام بالضوابط الأكاديمية والبحثية. وأضاف: "نحن نؤمن بأن الإبداع ينطلق من الحرية، لذا اقتصر دور المشرفين على التوجيه والدعم الفني والمنهجي دون فرض أي أفكار أو توجهات على الطلاب."


أما بالنسبة للتقييم، فقد اعتمدت الكلية معايير أكاديمية دقيقة تراعي مدى الإبداع، الالتزام بالمنهج العلمي، عمق التحليل، والتطبيق العملي. وأشار د. وهيب إلى أن معظم المشاريع نالت تقييمات مرتفعة نتيجة للجهود المضاعفة التي بذلها الطلاب، سواء على المستوى الفني أو في تحمل أعباء مادية مرتبطة بالتصوير في مواقع خارجية وتنفيذ محتوى واقعي.


وفيما يتعلق بتوزيع المشرفين، أوضح أن الكلية اعتمدت نظامًا منصفًا لتوزيع الإشراف، يضمن عدم إرهاق أي عضو هيئة تدريس بعدد كبير من المشاريع، كما أُتيحت هذا العام فرصة الإشراف لبعض المدرسين الأكفاء، مما أسهم في رفع مستوى التفاعل الأكاديمي داخل الأقسام.




وفي ختام حديثه، كشف د. وهيب عن وجود خطة لتطوير مشاريع التخرج خلال الأعوام القادمة، من خلال توسيع الشراكات مع جهات إعلامية وإنسانية داخل اليمن وخارجها، مشيرًا إلى توقيع اتفاقيات تعاون مع مؤسسات محلية، إلى جانب الشراكة الفاعلة مع شبكة "أريج"، التي نظّمت أكثر من عشر ورش تدريبية داخل الكلية، وتركّت أثرًا ملموسًا في تنمية مهارات الطلاب، لا سيما في مجالات الصحافة الاستقصائية وتدقيق المعلومات.


ريم الفضلي
صحفية بمركز سوث24 للأخبار والدراسات


Shared Post
Subscribe

Read also