التقارير الخاصة

ماذا بعد إعلان الحوثيين توسيع الهجمات البحرية نحو المتوسط؟

SETAV

07-05-2024 at 4 PM Aden Time

language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


في 3 مايو الجاري، أعلنت مليشيا الحوثيين اليمنية المدعومة من إيران توسيع نطاق هجماتها العسكرية البحرية لتشمل البحر الأبيض المتوسط، الذي يبعد حوالي 1900 كيلومترًا عن اليمن، ضمن ما أسمته "المرحلة الرابعة" من عملياتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل أو الذاهبة إلى موانئ إسرائيلية، على خلفية الحرب في قطاع غزة الفلسطيني. 


جاء ذلك بعد يوم واحد من خطاب لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، أعلن فيه أن جماعته استهدفت 107 سفن تجارية وعسكرية مرتبطة بإسرائيل وأمريكا وبريطانيا في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ أكتوبر الماضي. وتوعد الحوثي خلال الخطاب بمواصلة العمليات البحرية وتصعيدها خلال الفترة القادمة. 


فهل يستطيع الحوثيون ضرب أهداف في البحر المتوسط؟ وإذا حدث ذلك، ما هي التداعيات؟


قدرات الحوثيين


نظريًا، من الممكن للحوثيين ضرب أهداف في البحر المتوسط عبر أقرب نقطة من اليمن، حيث تشمل ترسانتهم صواريخ باليستية يتراوح مداها بين 1600 و1900 كيلومتر، وطائرات بدون طيار إيرانية من طراز شاهد-136، يمكنها التحليق لمسافة تصل إلى 2000 كيلومتر.


ومع ذلك، فإن ضرب أهداف في المتوسط عمليًا يبدو كمهمة غاية في الصعوبة أمام الحوثيين لاعتبارات عسكرية من بينها القوات الأمريكية المتفوقة في البحر الأحمر والمنطقة التي من المرجح أن تتصدى لأي أجسام طائرة حوثية تمامًا كما فعلت مع هجمات الحوثيين ضد إيلات الإسرائيلية. والهجوم الإيراني الأخير المباشر ضد إسرائيل.


كما أنه من المستبعد أن تسمح السعودية ومصر والأردن بعبور صواريخ ومسيرات الحوثيين فوق أراضيها. وفي كل الأحوال، يعتقد الخبير الأمريكي والعضو السابق في فريق الخبراء المعني باليمن في مجلس الأمن الدولي، فرناندو كارفاخال أنَّ الحديث في هذا الجانب معقد ويتعلق بقدرات المنظومات التي يوفرها الدعم الإيراني للحوثيين.

 

وأضاف لمركز سوث24: "على سبيل المثال، في العام 2017، قدمت إيران صواريخ يصل مداها إلى 1100 كيلومتر، وهو ما مكن الحوثيين من استهداف الرياض وجدة. وبالمثل، حصل الحوثيون على طائرات مسيرة، إلا أنها ليست بعيدة المدى كما يزعمون. لقد تجلَّى ذلك من خلال استهداف منشأة أرامكو قرب الرياض الذي ادعى الحوثيون تنفيذه، لكن التنفيذ تم من قبل مليشيات عراقية".


وبشأن مدى إمكانية أن يضرب الحوثيون أهدافًا في المتوسط، قال الخبير الأمريكي: "هذا الأمر موضع شك لأسباب رئيسية. أولا: لن تسمح السعودية أو الولايات المتحدة بعبور صواريخ ومسيرات الحوثيين فوق أراضي المملكة. ثانياً، سيصعب على السعودية تحديد مسار الصاروخ أو الطائرة المسيرة إذا تحركت على ارتفاع عالٍ، مما سيستدعي إسقاطها على الفور".


وأردف: "الاحتمال الوحيد لحدوث ضربات في البحر الأبيض المتوسط يرتبط بتواجد سفينة إيرانية قرب سيناء أو قناة السويس تقوم بإطلاق وتوجيه الصواريخ والطائرات المسيرة. أيضاً، لن يُسمح للحوثيين بإطلاق قوارب من الحديدة نحو السويس دون اعتراضها من قبل القوات السعودية، أو قوات التحالف الدولي في البحر الأحمر".

 

ولفت إلى أنّه "بناء على ذلك يمكن القول بأن تحركات الحوثيين تمثل استمراراً للحرب بالوكالة التي تشنها إيران ضد إسرائيل مستخدمةً غزة كأداة دعائية".


الدور الإيراني


يؤكد الخبير العسكري اليمني وضاح العوبلي أن هناك "دور إيراني مباشر في عمليات الحوثيين العسكرية البحرية". مضيفًا لمركز سوث24: "لا يتوقف عند الدعم المعلوماتي والاستخباراتي الذي تمثله غرفة عمليات سفينة بهشاد الاستخباراتية، بل يتجاوزه الى إدارة وتشغيل هذه العمليات بكل جوانبها".


وأردف: "من يعرف مكونات وتعقيدات الصواريخ الباليستية منها والمجنحة، وكذلك تعقيدات ومكونات منصات إطلاقها وما تتطلبه عمليات الإطلاق من تأهيل علمي وتدريب عملي، سيعرف جيداً أنَّ جماعة الحوثيين لا تشترك سوى في حراسة منصات الإطلاق والتصوير وتأمين تحركات طواقم العمل الأجنبية في مسارح الإطلاق".


وفي 18 أبريل، كانت وكالة بلومبرغ قد نشرت تقريرًا يفيد بأن سفينة الشحن الإيرانية MV Behshad التي يعتقد أنها تزود الحوثيين بمعلومات استخباراتية لاستهداف الشحن غادرت جنوب البحر الأحمر باتجاه ميناء بندر عباس الإيراني وسط مخاوف طهران من تعرضها لاستهداف إسرائيلي كرد فعل انتقامي على الهجوم الإيراني في 13 أبريل. 


تقييم المراحل السابقة


تطورت حملة الحوثيين العسكرية من استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن إلى استهداف جميع السفن الذاهبة إلى موانئ إسرائيلية في المرحلة الثانية من الحملة، ثم توسيع العمليات نحو المحيط الهندي لمنع العبور عبر رأس الرجاء الصالح في المرحلة الثالثة.


ومع ذلك، يرى الخبير كارفاخال أن الحوثيين لم يستطيعوا تحقيق شيء يذكر عسكريا عدا ممارسة القرصنة وتعطيل حركة الملاحة الدولية. وقال: "حملة الحوثيين هي في الأساس حملة معطلة للملاحة البحرية. لقد ألقت بظلالها على التجارة البحرية وأغراض التأمين، وجعلتها شديدة الاضطراب، وبالتالي باهظة التكلفة".


وأضاف: "ورغم نشر الحوثيين لأرقام حول عمليات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، التي هي مجرد دعاية، إلا أن حصيلة أعمالهم منذ اختطاف سفينة (جالاكسي ليدر) اقتصرت على غرق سفينة قديمة وإصابة عدد قلل من السفن بأضرار".


 وأردف: "من الناحية العسكرية، هذه الحملة تعتبر فاشلة. أما دعائياً، فقد حققت الحملة نوعاً من النجاح من خلال تعطيل الملاحة ورفع التكاليف وفرض حالة من التهديد على القوات البحرية العاملة في البحر الأحمر".


فضلاً عن ذلك، يرى الخبير الأمريكي كارفاخال، أنَّ أعمال الحوثيين أضرت باليمنيين قبل غيرهم. لافتًا إلى الخطر الاستثنائي على اقتصاد الجنوب.


مضيفًا: "لا يمكن للسفن الذهاب إلى ميناء المكلا وميناء عدن بسبب تهديدات الحوثيين. الخطورة تكمن في عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الحوثيين، كما رأينا في استهدافهم الخاطئ لسفن روسية وصينية. لذلك، لا يمكن للأمم المتحدة والشركات الأخرى، وحتى المستوردين اليمنيين المجازفة".


التداعيات الاقتصادية العالمية


وفقا لـ  "الاتحاد من أجل المتوسط"، وهو منظمة حكومية دولية تضم 42 بلداً من أوروبا وحوض البحر المتوسط، تمثل تدفقات التجارة البحرية بين بلدان البحر الأبيض المتوسط ما يقرب من 25% من حجم الحركة العالمية. ولهذه الأهمية الاقتصادية العالمية، قد يتسبب أي اضطراب في حركة الملاحة بالمتوسط، بسبب الحوثيين أو غيرهم، بأزمة اقتصادية عالمية جديدة.


وخلال الأشهر الماضية، تسببت هجمات الحوثيين بشلل في حركة الملاحة الدولية عبر باب المندب نتيجة عزوف شركات الشحن العملاقة عن إرسال سفنها عبر هذا المضيق الملتهب الخطر. كما أن ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين خلق تداعيات على الاقتصاد العالمي بكله. 


وفي يناير الماضي، قال مسؤول في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إن تأثير الحرب في أوكرانيا وتراجع حركة النقل عبر قناة بنما بسبب انخفاض منسوب المياه العذبة، إلى جانب الوضع الذي تشهده منطقة البحر الأحمر، يؤديان إلى تأخير في الشحن البحري وارتفاع التكاليف وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة.


وقال المسؤول الأممي إن عواقب أزمة البحر الأحمر على تكاليف الشحن "كانت دراماتيكية"، كما كان لها تأثير كبير على استخدام قناة السويس - التي تتعامل مع ما يقرب من 12 إلى 15 بالمائة من التجارة العالمية. وأشار إلى أنه منذ نوفمبر، امتنعت شركات شحن عالمية ضخمة عن العبور مؤقتا عبر قناة السويس وفضلت الانتقال حول جنوب أفريقيا (رأس الرجاء الصالح)، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات لمصر وزيادة الضغط على الموانئ التي تستقبل السفن المحولة. 


وبالفعل، كان الحوثيون قد هددوا باستهداف السفن التي تحاول المرور عبر رأس الرجاء الصالح، قبل التهديد الأخير بتوسيع الهجمات نحو المتوسط. وإذا ما نجحوا، أو نجحت إيران، بتعطيل حركة الملاحة الدولية عبر هذه الممرات بأي نسبة كانت، يبدو أن الاقتصاد العالمي سيكون أمام أزمة خانقة غير مسبوقة.




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات

- شارك في تحرير المادة:



Shared Post
Subscribe

Read also