التقارير الخاصة

العليمي يواصل إغضاب الجنوبيين برسائله السياسية

رشاد العليمي: تصميم مركز سوث24

20-04-2024 at 10 PM Aden Time

language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


في 7 أبريل الجاري، أثار رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي موجة من الغضب في صفوف الجنوبيين بسبب لقاء تلفزيوني على قناة الحدث السعودية، قال فيه إن ما يسمى بـ "الجيش الوطني" [مصطلح يطلق على مجاميع من الجيش اليمني السابق توالي الحكومة المُعترف بها دوليًا] هو من يقاتل الحوثيين المدعومين من إيران في جبهة كرش بمحافظة لحج، إلى جانب المجلس الانتقالي. 


اعتبر كثيرون هذا التصريح بمثابة "سرقة" لجهود وتضحيات القوات الجنوبية التابعة للانتقالي التي كانت قد فقدت قرابة 11 جنديًا جراء هجوم للحوثيين في 2 أبريل في ذات الجبهة. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات وخطابات ورسائل العليمي السياسية حفيظة الجنوبيين. ففي 24 فبراير 2023، قال العليمي لصحيفة الشرق الأوسط السعودية: "نؤمن أن القضية الجنوبية قضية عادلة. والحديث عنها في هذه اللحظة أو نقاش حلها في هذا الوقت قد يكون غير مناسب".


فجَر هذا التصريح ردود فعل جنوبية واسعة توجت آنذاك ببيان للمجلس الانتقالي الجنوبي وصف فيه تصريحات العليمي بأنَها "غير دقيقة، ولا تشير إلى جدية الشراكة والتوافقات التي انبثقت عن مشاورات مجلس التعاون الخليجي". وأضاف البيان: " نقاش قضية الجنوب لا يقبل الترحيل ولا التأجيل ولن يكون كذلك أبداً، بل أنه محدد في مخرجات مشاورات الرياض بشكل واضح، حيث تم الاتفاق على إدراج قضية شعب الجنوب ضمن أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار تفاوضي لها". 


وكخطوة لتخفيف الاحتقان، مرَر العليمي بيانًا عبر وكالة سبأ نسب إلى "مصدر مسؤول" بمكتبه. قال البيان إن بعض مضامين مقابلة العليمي مع الشرق الأوسط "فسرت في سياق لا يعبر عن حقيقة موقف رئيس المجلس من القضية الجنوبية، ولا يتفق مع ما أكدته مرجعيات المرحلة الانتقالية بما فيها إعلان نقل السلطة، واتفاق ومشاورات الرياض من ضمانات بحل عادل لهذه القضية الوطنية العادلة".


ومع ذلك، وضع هذا البيان قضية  الجنوب ضمن ما أسماها "القضايا الوطنية العالقة". وربط البيان حل هذه القضايا بـ "استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية، وخطر المشروع الإيراني..". وتحدث البيان عما وصفها بـ "الأحلام والتطلعات المشروعة لشعبنا في الجنوب"، وهو ما اعتبره البعض انتقاصًا من مساعي الجنوبيين التي اقتربت أكثر من أي وقت مضى من واقع استعادة دولتهم. 


وفي 5 أبريل الجاري، نشرت قناة "صدى البلد" المصرية لقاءً مصورًا مع العليمي أشار فيه إلى أن تعز التي ينتمي لها، والتي تتوزع بين الحوثيين والحكومة اليمنية حاليًا، أول من قاومت الحوثيين في 2015 حتى قبل بدء التدخل العسكري للتحالف العربي في مارس من ذلك العام. وهو ما انتقده سياسيون جنوبيون واعتبروه تزييفًا للتاريخ. 


وفي 9 أبريل، ألقى العليمي خطابًا بمناسبة حلول عيد الفطر. حاول في الخطاب نسب برامج إعادة التدريب والتأهيل التي نفذتها القوات الجنوبية  له، كما تحدث عن خارطة الطريق التي رفض المجلس الانتقالي الجنوبي الترحيب بها في ديسمبر الماضي بلغة "تطمينية" للحوثيين بأنه لا تراجع عن مضامين هذه الخارطة. وهو موقف قالت مصادر سياسية جنوبية مسؤولة لمركز سوث24 إنه لا يمثل مجلس القيادة الرئاسي بكل أطرافه. 


كما انتقد سياسيون وصحفيون جنوبيون وضع قضية الجنوب بأبعادها الوطنية السياسية في زاوية "مظالم"، التوصيف الذي طالما يشير له العليمي في العديد من المناسبات.


نظرة تقليدية


ينتقد رئيس مؤسسة يافع نيوز للإعلام، ياسر اليافعي، نظرة رشاد العليمي لقضية الجنوب ويصفها بأنها نظرة شمالية تقليدية مثلت النظام السابق الذي حكم ما بعد حرب 1994. وقال لمركز سوث24: "مع الأسف، معظم السياسيين الشماليين في الحكومة يحملون ذات النظرة فيما يخص قضية الجنوب، على أنَّها مجرد قضية حقوقية".


وأضاف: "بينما الواقع مختلف تماماً لا سيما بعد اجتياح الحوثي للجنوب في 2015 وتفرد أبناء الجنوب بقتاله وتحرير مناطقهم، تحت راية علم الجنوب. وبناء على ذلك، فإنَّ هذه الرسائل غير مطمئنة للجنوبيين مطلقاً، بل تسبب حالة من التصدع في مجلس القيادة الرئاسي". مشيرًا إلى أنّ "الجنوب اليوم يحتضن النخبة السياسية الشمالية التي تعارض الحوثيين، ومن الضروري أن يغتنم الجنوبيون هذه الفرصة، وألا يتم إهدارها".


لكن في المقابل، يدافع الصحفي نسيم البعيثي عن العليمي وخطابته. وقال لمركز سوث24: "على مدى العامين الماضيين التزم رئيس المجلس الرئاسي العليمي بمبادئ إعلان نقل السلطة وتعهداته المعلنة في خطاب القسم بشأن خيار السلام، وهو حريص كل الحرص على تحقيق العدالة والإنصاف لكافة القضايا وأولها القضية الجنوبية".


وأضاف "يُثبت العليمي، من خلال تصريحاته ورسائله السياسية، التزامه بمعالجة القضية الجنوبية بشكلٍ عادلٍ ومنصف. وهو أكثر شخصية سياسية يمنية ركزت عن معالجة بعض آثار الماضي المتعلقة بالجنوب رغم صعوبة المرحلة والتحديات إلا أنه أصدر قرارات تاريخية وعادلة لمعالجة المشكلات في المحافظات الجنوبية، إلى جانب الدور الكبير الذي يقوم به في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية".


وتابع: "يعلم الجميع أنَّ هناك عدواً وجوديًا يهدد مستقبل وحاضر اليمن كله، فمسؤولية مجلس القيادة هو مواجهة هذا العدو وتحرير اليمن واستعادة الدولة بالسلم أو الحرب. إن الهدف الوحيد باعتقادي من هذه الرسائل هو تكريس آلية فاعلة وسلمية تسمح بإدارة التباينات، وفقًا للقواسم المشتركة لأبناء الوطن الواحد المنصوص عليها في إعلان نقل السلطة".


ووفقا له، فإن العليمي "يُدرك تماما بأن القضية الجنوبية قضية عادلة ولا يمكن حل القضية الجنوبية إلا عندما تستعاد الدولة". مضيفًا: "مرارُا وتكرارًا أكد العليمي أنَّ معالجة القضية الجنوبية يجب أن تكون في إطار حلول النظام السياسي، مضمون الدولة، وشكل النظام السياسي المستقبلي. وبالتالي الرئيس العليمي حريص كل الحرص على عدالة القضية الجنوبية ومعالجتها".


موقف المجلس الانتقالي


أكد القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح موقف المجلس "الرافض لأيّ تصريحات غير مسؤولة أو مستفزة من أيّ جهة كانت، وكذلك أيّ محاولات للانفراد بالتعيينات أو الخروج عن التوافق المنصوص عليه في بيان نقل السلطة الذي انبثق عنه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في 7 أبريل 2022".


وقال لمركز سوث24: "مثل هذه التصرفات لا تخدم حالة التوافق التي تسعى إليها جميع الأطراف، بل تُعيق جهود مواجهة مليشيات الحوثيين. شعب الجنوب شعب حيّ وواعٍ لا يقبل المساس بثوابت وانتصاراته ومطالبه". 


وأشار منصور صالح إلى أهمية استمرار التوافق بين مؤسسة الرئاسة والحكومة في إطار الأهداف المحددة في اتفاق الرياض لعام 2019 ومشاورات مجلس التعاون لعام 2022، والتي تمخّضت عنها تشكيل حكومة المناصفة ومجلس القيادة الرئاسي.


ولفت إلى أن "هذه الأهداف محصورة قي عملية التنمية وإعادة الإعمار في الجنوب والمناطق المحررة شمالاً، إضافة إلى خوض المعركة مع مليشيا الحوثي أو للوصول إلى عملية سلام عادلة معها".  وحذّر صالح من أنّ "أيّ محاولة لاستفزاز الشارع الجنوبي، ستُقابل بردود فعل قوية ونتائج سلبية على أصحابها".


ومنذ أبريل 2022 يقود العليمي مجلس القيادة الرئاسي دون لائحة القواعد المنظمة التي نص قرار نقل السلطة على كتابتها واعتمادها خلال 45 يومًا من القرار. ويتهم سياسيون جنوبيون العليمي باستغلال هذه الثغرة لتمرير كثير من المخالفات ومن بينها المواقف السياسية التي يفترض أن تتم صياغتها جماعيًا ضمن نطاق المجلس الرئاسي. 


وفي 27 ديسمبر، قال ممثل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية عمرو البيض في تصريح متلفز: " المجلس الانتقالي الجنوبي لم يستلم مضامين خارطة الطريق حتى الآن. يجب أن يتأكد المبعوث الأممي أن كل الأطراف مشاركة في خارطة السلام وليس فقط رئيس مجلس القيادة الرئاسي"، وهو ما يشير إلى محاولة العليمي الانفراد بالموقف السياسي لمجلس القيادة الرئاسي.




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات

- شارك في تحرير المادة:


Shared Post
Subscribe

Read also