التحليلات

مؤسسة الملاحم: كيف يتواصل تنظيم القاعدة داخل اليمن؟ (ورقة تحليلية)

الصورة: South24 Center

26-03-2023 at 1 PM Aden Time

language-symbol

سوث24 | إبراهيم علي


في الآونة الأخيرة ظهر عدد من قادة تنظيم القاعدة البارزين بخطابات حول التطورات التي شهدتها اليمن، وبالذات في محافظات الجنوب. صدرت الخطابات الثلاثة عن مؤسسة الملاحم،[1] الذراع الإعلامي للتنظيم في جزيرة العرب. الخطاب الأول كان تسجيلا صوتيا[2] في أغسطس 2022، للقيادي أبو علي الحضرمي، وجاء متفاعلا مع الأحداث التي شهدتها مدينة عتق في محافظة شبوة، حيث أدان التنظيم من خلاله، وبشكل واضح، طرد القوات المحسوبة على حزب الإصلاح من المدينة، كما توعّد القوات الجنوبية، ودولة الإمارات الداعمة لها، بحرب مفتوحة.


أما الخطاب الثاني، فكان تسجيل مصوّر[3] في يناير 2023، لزعيم التنظيم الحالي خالد باطرفي، وهو امتداد للخطاب الأول في فكرته ومضمونه، باستثناء جانب الاعتراف بتراجع التنظيم وشحة إمكاناته، مع دعوة القبائل إلى تقديم الدعم والمساندة، واستنكار موقف بعض زعمائها منه. وعقب قرابة شهر من خطاب باطرفي ظهر القيادي البارز سعد عاطف العولقي[4]، والذي لم يسبق له أن ظهر على هذا النحو، حيث تحدث عن جماعة الحوثي بشكل مقتضب، كما دعا القبائل إلى مساندة التنظيم في حرب القوات الجنوبية التي قال إنها تتلقى الدعم من الإمارات، وأكد على الهوية السنية لقبائل شبوة وأبين، مشيرا إلى أنه ينتمي إليها، في محاولة لاستعطافها وحشدها لقتال تلك القوات.[5]


تزامنت الخطابات الثلاثة مع عمليات أمنية وعسكرية للقوات الجنوبية على معاقل التنظيم[6] ، ومع دفع المملكة العربية السعودية بتشكيلات جديدة، إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، مع معارضة السعودية لتقدم قوات المجلس باتجاه وادي حضرموت.


كيف تعمل الملاحم؟


وبعيدا عن الانسجام في الموقف من القوات الجنوبية، بين السعودية والإصلاح وتنظيم القاعدة، برز سؤال عن أماكن تواجد قادة التنظيم الذين ظهروا في خطابات جديدة وخلال مدد زمنية متقاربة، وما هي آلية تواصلهم بمؤسسة الملاحم الإعلامية في ظل وضعهم الأمني وتوزعهم في مناطق متباعدة، وصعوبة اللقاء بهم لتسجيل وتصوير المواد الإعلامية.


قبل مناقشة سؤال الورقة، من المهم الإشارة إلى أنّ التنظيم يعيش وضعا أمنيا أكثر صعوبة وتعقيدا، بعدما ضيّقت القوات الجنوبية الخناق عليه في محافظتي شبوة وأبين، وقبل ذلك في عدن ولحج. ومن المفترض أن تكون تحركاته أكثر صعوبة. 


وعلى الرغم من ذلك، تؤكد مصادر مقربة من القاعدة بأنّ التواصل ليس معقدا كما كان في السابق، وبالإمكان التعامل مع شبكة الإنترنت لإنجاز هذه المهمة، بحرص شديد ووفق تعليمات وضوابط، على حد وصفها.  وتشير المصادر إلى أنّ من يعملون في مؤسسة الملاحم غير مشمولين بقرارات منع التعامل مع الشبكة العنكبوتية التي أصدرها التنظيم في العام 2018، لحاجتهم لتتبع الأخبار، وأيضا لإنتاج المواد وإرسالها أو نشرها. وبحسب المصادر، فإن طاقم المؤسسة يأخذ دورات قوية فيما يسمى "الأمن الجهادي" للتعامل مع شبكة النت بشكل آمن. مضيفة أن قيادات كبيرة يمكن أن تستخدم الانترنت بطريقتها الخاصة.


فعلى سبيل المثال، تشير المصادر إلى مقتل النائب السابق لزعيم فرع تنظيم القاعدة في اليمن، السعودي سعيد الشهري، بعد تعقبه من خلال تصفح الانترنت، وبنفس الطريقة قُتل آخرون. ووفق المصادر التي تحدثت إلى "سوث24"، فإن الكادر الإعلامي لمؤسسة الملاحم لا يستخدم الإنترنت إلا بتنسيق مع اللجنة الأمنية، والأمر ذاته يتعلق بتحركات هذا الكادر، على حد قولها.


وتلفت المصادر إلى أن المؤسسة قد تكون أحيانا جهاز كمبيوتر محمول أو هاتف جوال مع شخص يجيد التعامل معه، مشيرة إلى أنّ هناك حرصا مبالغا فيه على إعلاميي الملاحم، لأن تعويضهم صعب. وتوضّح المصادر أن التصريح لمؤسسة إعلامية داخل التنظيم من قبل أي قيادي يختلف عن التصريح لمؤسسة خارجية. في إشارة إلى أن الأمر سهل في ظل وجود الانترنت ووسائل التواصل المختلفة.


وعلى الرغم من أن تنظيم القاعدة في اليمن تراجع بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وباتت حركته أكثر تقييدا وصعوبة، إلا أنّ التنسيق الداخلي موجود، وجوهره مازال يعمل كما كان يعمل في السابق. 


ولذلك فإنّ إصدار كلمات خلال مدد متقاربة لعدد من القادة، لا يعني بالضرورة أنهم في مكان واحد، لأنّ التصريح يمكن أن يأخذ بأية وسيلة تواصل وتحت أي اسم مستعار، مع استخدام سريع ومحدود للإنترنت، وربما يتطلب أخذ مادة كاملة أياما. لافتة إلى أن ما يتعلق بهذا الجانب أكثر تعقيدا مما يُتوقع.


وادي حضرموت


على رغم حديث المصادر أعلاه حول طريقة عمل وتواصل مؤسسة الملاحم، إلا أن وجود قيادات التنظيم في مكان واحد أمر غير مستبعد، خصوصا في ظل تضييق الخناق عليه في عدد من محافظات الجنوب الشرقية.


فعلى سبيل المثال، حين تم طرد التنظيم من ساحل حضرموت ومحافظتي أبين وشبوة بين العامين 2016 و 2017، تواجد العديد من قادته في محافظة البيضاء التي كانت من المعاقل الآمنة بالنسبة له حينها.


لاحظنا أيضا أن الاستخبارات الأمريكية كثفت من تركيزها على البيضاء خلال تلك الفترة، ونجحت في قتل قادة بارزين، بينهم القيادي الشرعي صالح عبد المغني، ومحمد الحرازي. إضافة إلى عملية الإنزال الشهيرة التي كانت تستهدف إلقاء القبض على زعيم التنظيم حينها، قاسم الريمي، وآخرين، لكنه تمكن من الفرار.[8]


حاليا، يمكن القول إن محافظة مأرب، ووادي عبيدة فيها تحديدا، إضافة إلى وادي حضرموت، من المعاقل الآمنة بالنسبة إلى تنظيم القاعدة، وقد يتواجد فيهما عدد من قادته الكبار. قبل أيام نجحت الطائرات الأمريكية من دون طيار في الوصول إلى قيادي كبير بالتنظيم يحمل الجنسية السعودية ويدعى "حمد بن حمود التميمي". وعلى ما يبدو، فإن التميمي الذي لقي حتفه بقصف جوي في صحراء مأرب، كان من القيادات الكبار، ولهذا أصدر فرع القاعدة في المغرب الإسلامي، وحركة الشباب في الصومال، وأفرع أخرى، بيانات تعزية بمقتله[9].  كما أصدر الفرع اليمني نفسه، وعبر مؤسسة الملاحم، بيانا نعى فيه القيادي القتيل. بحسب المعلومات، يشغل التميمي منصب رئيس مجلس شورى التنظيم، وأحد قضاته الكبار، لكنه مغمور إعلاميا. 


كادر واحد ولاب توب


يشير قيادي سابق في التنظيم إلى أن الكادر الإعلامي يحظى بحماية أمنية خاصة، لصعوبة تعويض الخسائر في هذا الجانب. من هنا ـ بحسب حديثه ـ لا يُسمح للإعلاميين بالتجمع في مكان واحد. وفي حال كانت هنالك إمكانية لقيام شخص بأكثر من عمل، يكون ذلك أفضل.


يوضح القيادي، في حديث إلى "سوث24"، أن المؤسسة كلها قد تقتصر في كثير من الأحيان على شخص واحد وجهاز لاب توب. علي سبيل المثال، كان أحد القادة من الجنسية السعودية، ويدعى "أبو محمد النجدي" يقوم بالجزء الأكبر من الأمور الفنية الخاصة بالإصدارات، لكنه قتل بغارة أمريكية. بحسب القيادي، كان أبو محمد خبيرا في المونتاج وغيره، وكانت أدواته جهاز لاب توب، وكاميرا. 


العولقي وخان و "انسباير"


يمكن القول إن صيت الملاحم ذاع بعد التحاق الداعية الأمريكي من أصول يمنية، أنور العولقي بالتنظيم. كانت كلمات العولقي المرئية تستهدف المواطن الأمريكي بشكل مباشر، ولهذا حظيت باهتمام رسمي أمريكي خاص، خصوصا في جانب تعقب مصادر نشرها أو انتشارها.


إلى جانب الكلمات المرئية، أصدرت الملاحم مجلة باللغة الانجليزية، تحت مسمى "انسباير". هذا المسمى يعني "الإلهام" وينسجم مع هدف المجلة المتمثل في التأثير عن بعد، داخل المجتمع الأمريكي والغربي عموما. كان للمجلة دور في بعض العمليات التي نفذت داخل الولايات المتحدة الأمريكية. على سبيل المثال، عملية جوهر تسارناييف وشقيقه تيمورلنك في بوسطن الأمريكية والتي استهدفت ماراثون بوسطن في 15 نيسان/أبريل 2013، والتي أوقعت ثلاثة قتلى من بينهم طفل و264 جريحا.


حينها، قال الادعاء الأمريكي إن الشقيقين عملا بمفردهما وتعلما صنع القنابل على الإنترنت من خلال مجلة يصدرها تنظيم "القاعدة".[10] ويقصد هنا مجلة "انسباير" التي يصدرها فرع القاعدة اليمني. كانت تتضمن عناوين من قبيل: "كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك"؟ من جهتها، أقرت القاعدة بمسئوليتها عن العملية التي نفذها الشقيقان تسارناييف تيمورلنك، في العدد الحادي عشر من مجلة انسباير.


لقد تحوّلت "انسباير" الصادرة عن الملاحم إلى مصدر رعب بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية، وحظيت باهتمام على مستوى عال، وبسببها سلطت الأجهزة الأمنية ودوائر الاستخبارات الضوء على ما عرف باسم "المجاهد المفرد" أو "الذئب المنفرد" وهو إنسان غير معروف بالنسبة لـ "سي آي إيه" و"إف بي آي" على حد سواء، وقد ينفذ عملية في أماكن غير متوقعة، متأثرا بالخطاب الإعلامي لفرع القاعدة اليمني. والمجاهد المنفرد هو الذي ينفذ عملية بشكل فردي ودون تنسيق مع التنظيم. ومن أجل أن يكون عمله مؤثرا، ومنضبطا، نشرت المجلة في عددها الـ(11) كتيبا صغيرا بعنوان "إرشادات المجاهد المنفرد". تضمن الكُتيب تعليمات مدعومة بصور وخرائط لتنفيذ عمليات مرعبة ومكلفة للولايات المتحدة الأمريكية.


وفي هذا السياق، تشير نتائج مكتب التحقيقيات الفدرالية حول عملية بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى مدى تأثير "الجهاد الإلكتروني" على جيل الشباب في أمريكا والعالم. وبحسب التحقيقات فإن المتورط في تفجيرات بوسطن كان قد خضع إلى تأثير المشاهد الجهادية للقاعدة عبر شبكة الانترنت، وتعلم منها صنع القنابل[11].


يمكن القول إن القاعدة، وبالذات فرعها في اليمن، "قد تمكنت من استخدام الانترنت بشكل مكثف لخدمة أهدافها غير المحددة في مكان أو رقعة جغرافية مع انخفاض الكلفة".


كما يمكن القول أيضا إنه وخلال فترة أنور العولقي، والباكستاني سمير خان، وصلت مؤسسة الملاحم إلى أوج خطورتها من خلال الإصدارات باللغة الانجليزية، لكنَّ هذا الجانب من الملاحم تراجع بشكل كبير بعد مقتل العولقي وخان في صحراء الجوف عام 2011، بقصف أمريكي نفذته طائرات من دون طيار.


استمرار النزيف


لم تتوقف الضربات التي تلقاها تنظيم القاعدة وأثرت على جانبها الإعلامي ومؤسسة الملاحم، عند العولقي وخان، ولا عند أبو محمد النجدي، بل تواصلت ووصلت إلى القيادي البارز في التنظيم عبدالله المالكي.


في هذا الصدد، أشارت مديرة مركز "سيت" الأمريكي "ريتا كاتس" إلى أن توزيع محاضرات تنظيم القاعدة في رمضان توقفت، بعد مقتل القيادي في تنظيم القاعدة عبد الله المالكي، المرتبط بالتواصل مع الشمراني، منفذ عملية القاعدة الجوية الأمريكية في فلوريدا، بضربة أمريكية في محافظة مأرب شمال شرق اليمن، مطلع مايو 2020. ولفتت إلى أن ذلك يشير إلى "أي مدى امتدت أدوار المالكي بين الدور الإعلامي وتنسيق الهجوم"[12]. 


عجز عن التعويض


في مقابل خسارة تنظيم القاعدة لقيادات مهمة في الجانب الإعلامي، يبدو تعويض تلك القيادات صعبا للغاية، وهو ما يؤثر على نشاط مؤسسة الملاحم كمًا وكيفًا. لاحظنا مثلا أن التأثير على المستوى الخارجي تراجع أو توقف تماما منذ مقتل أنور العولقي وسمير خان. صدرت مجلة "انسباير" مرة أو مرتين بمواد أقل جودة، ثم توقفت.


تأثر الملاحم لم يقتصر على خسارة قيادات إعلامية، فالقيادات الشرعية والدعوية التي لقت حتفها بقصف جوي أمريكي، كان لها بصمات مهمة في نشاط المؤسسة. يمكن الإشارة مثلا إلى المسئول الدعوي السعودي إبراهيم الربيش، والمسئول الشرعي عادل العباب، وخليفته حارث النظاري، والمسئول العسكري الثاني نصر الآنسي. تضمن العدد (11) من مجلة انسباير كلمات لقاسم الريمي وإبراهيم الربيش وآخرين. بحسب مصادر خاصة، كان لهؤلاء القادة دور في إعداد الكثير من مواد المجلة أو الإشراف عليها[13].


إلى جانب ذلك، تأثرت المؤسسة بالتراجع العام للتنظيم خلال الأعوام الماضية بعد مقتل معظم قادته الكبار. 


خسارة أدوات التأثير


من الإصدارات الهامة التي كانت تنتجها مؤسسة "الملاحم"، الأناشيد التحريضية. كان لها دور كبير في شحن مسلحي التنظيم بطاقة القتال. لكنَّ هذا النوع من الإصدارات توقف منذ مدة، بعد مقتل منشدي التنظيم خولان الصنعاني (شوقي البعداني) وأبو هاجر الحضرمي، الأول في البيضاء عام 2014، والثاني بحضرموت في نفس العام. بمعنى أن المؤسسة الإعلامية فقدت جل أدوات التأثير[14].


منذ مقتل المنشدين المؤثرين، لم يصدر عن مؤسسة الملاحم ما يمكن أن يثير الاهتمام في هذا الجانب. 


وكالة مدد (بديل مؤقت للملاحم)


حين سيطر تنظيم القاعدة على محافظة أبين وأجزاء من محافظة شبوة، جنوب اليمن، بين العامين 2011 و 2012، حرص على إخفاء هويته تحت مسمى "أنصار الشريعة"، وهنا كان لا بد من إخفاء هوية أدواته أيضا. لم يصدر حينها شيء باسم القاعدة ولا عن مؤسسة الملاحم، باستثناء بيان النعي لابن لادن وبيان مبايعة الظواهري، وهما حدثان منفصلان عما كان يجري في أبين.


أصدر التنظيم حينها، نشرة شهرية باسم "مدد"، لتغطية أخبار المعارك، ونشاط التنظيم في مناطق سيطرته، وأيضا لنقل تفاعل المجتمع مع إدارته لتلك المناطق.  كان طاقم الملاحم نفسه هو الذي يعد النشرة وباقي الإصدارات التي تنوعت بين المقروء والمرئي.


كما حاول التنظيم جمع أكبر عدد من أرقام هواتف الصحافيين والإعلاميين، بالذات مراسلي وسائل الإعلام الخارجية، لتزويدهم بالأخبار من خلال رسائل نصية (اس ام إس) باسم "وكالة مدد".


تشير المواد التي نشرها التنظيم حينها، إلى أن لدى الطاقم خبرة كبيرة، في جوانب الإعداد والإخراج الفني وغيره. مع ذلك، لم يكن لدى الملاحم ما تقدمه على المستوى الخارجي، بعد مقتل العولقي وخان. 


الاتصالات ومسئولية الحوثيين


بلا شك، يستخدم فريق الملاحم الإعلامي أدوات عصرية في تواصل أفراده فيما بينهم أو مع قادة القاعدة، لكن بحذر شديد وضمن برنامج يديره ويشرف عليه الجهاز الأمني.


على سبيل المثال، لا يستخدم أعضاء وقادة التنظيم الهواتف النقالة التي تعمل بـ "اللمس" إلا في نطاق ضيق ومحدود، كاستخدام الانترنت، ضمن برنامج "تشفير" خاص يتم من خلاله التصفح وإرسال واستقبال الرسائل. أما المكالمات الصوتية فتتم بهواتف قديمة يجري تغيير شرائحها من حين لآخر. لا يُعرف بالضبط كيف يحصل التنظيم على شرائح خاصة بشركات الاتصالات المحلية اليمنية. لكنّ معظم الشركات المشغلة للاتصالات لا تفرض قيود هوية أو تحقق على المستخدمين.


كما أنّ المشكلة الكبيرة هنا، هي أن معظم أو جل هذه الشركات، إضافة إلى "يمن نت" المزود الوحيد لخدمة الانترنت في اليمن، تخضع لسيطرة جماعة الحوثيين اليمنية، ما يعني أنه لا يمكن لأية جهة أخرى تعقب التنظيم من خلال نشاطه الإلكتروني.


ولأن تنظيم القاعدة لم يعد ينشط في مناطق سيطرة الجماعة، ولأنّ الجماعة لا تولي حرب الإرهاب اهتماما، فإن استخدامه لوسائل الاتصال سيكون أسهل بكثير وأوسع وأقل تحفظا وحذرا، مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق. أما في حال كان هناك تنسيق بين الطرفين، كما تؤكد ذلك كثير من المعلومات والقرائن، فسيصبح استخدام التنظيم لوسائل الاتصال وشبكة الانترنت طبيعيا، مثل استخدام أية جهة أخرى.


من المهم الإشارة هنا إلى أنّ استمرار سيطرة الحوثيين على شركات الاتصالات والانترنت، يعقّد من مهمة الحرب على الإرهاب في اليمن، خصوصا وأن هذه الحرب تمثّل حرب معلومة في المقام الأول. 


خلاصة


يعتمد طاقم الملاحم بشكل رئيسي على الانترنت للتواصل الداخلي، أو للتصفح وتتبع الأخبار، ويتم ذلك بالتنسيق مع الجهاز الأمني في التنظيم، خصوصا حين يتعلق الأمر بمراسلة قيادات كبيرة.


كما يستخدم طاقم المؤسسة الهواتف النقالة القديمة للتواصل بحذر شديد، لكن هذا الحذر تراجع في الآونة الأخيرة، بسبب سيطرة جماعة الحوثي على شركات الاتصالات العامة والخاصة في اليمن. ذلك أدى إلى غياب التنسيق مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، واستفادت القاعدة في اليمن من هذه النقطة بشكل كبير، وبات استخدامها لوسائل الاتصالات أوسع وأقل حذرا.




إبراهيم علي*
هو اسم مستعار لباحث من اليمن، متخصص في شؤون الجماعات المسلّحة، طلب إخفاء هويته لأسباب شخصية

- يمكن تحميل الورقة إلكترونيا بصيغة "بي دي إف" (من هنا)

المراجع: 


[1] مؤسسة الملاحم مرتبطة بشكل رئيسي بمؤسسة الفجر التابعة للقيادة المركزية للتنظيم، إلا أنّ لديها صلاحيات لنشر مواد أو بيانات دون اعتمادها من المؤسسة الأم، أو دون الرجوع إليها.

[2] القاعدة يحذّر من تقسيم جنوب اليمن:  AQAP Warns of the «Secession» of South Yemen (south24.net)

[5] بيانات متكررة نشرها تنظيم القاعدة بين شهري سبتمبر 2022 و فبراير 2023.

[7]  مصادر خاصة تمكن المؤلف من الوصول إليها، بينها قيادي سابق في التنظيم.

[8]  بحسب مصادر خاصة، كان عبد المغني من القادة الكبار، وينتمي إلى مديرية الرضمة في محافظة إب.

[11]  كتاب "داعش والجهاديون الجدد" للباحث العراقي جاسم محمد.

Shared Post
Subscribe

Read also