التحليلات

التوترات السعودية الإيرانية: هل تلعب واشنطن دورا محرّضا؟

(وسائل إعلام)

08-12-2022 at 1 PM Aden Time

language-symbol

سوث24 | نانسي زيدان


تؤكد التصريحات الأحدث للمبعوث الأمريكي لإيران، الحرص الأمريكي على سياسة الدبلوماسية التي تنتهجها واشنطن، رغم رفض طهران وتهربها من الالتزام بالاتفاق النووي الذي لعبت فيه إدارة بايدن دورًا في إتاحة خيارات لطهران لم يتم تقديمها من قبل. إلا أن واشنطن تُصر على سلوك التفاوض كأفضل السُبل للتفاهم الأكثر استدامة لمنع إيران من حيازة سلاح نووي.[1]خلال مفاوضات النووي الإيراني توقفت المحادثات بين طهران والرياض وآخر نشاط لها كان في أغسطس الماضي، تلك التفاهمات التي شكلت سبيل لتهدئة الأجواء في إقليم الشرق الأوسط، وتبع ذلك رفض الحوثيين لتمديد الهُدنة في اليمن مُنذ أن انتهت في مطلع أكتوبر الماضي، لتصل للسعودية رسالة تهديد مُبطنة في مطلع نوفمبر عبر قناة Telegram تابعة للحرس الثوري الإيراني كانت قد نشرت فيديو، يُظهر محاكاة لهجوم بطائرة بدون طيار ضد شركة النفط الوطنية السعودية، أرامكو السعودية، والمنشآت النفطية، وراوغت  إيران برد  وصف تقارير التهديدات الإيرانية للسعودية بأنها "اتهامات لا أساس لها"[2]. وكانت قد أرسلت المُخابرات السعودية للمُخابرات الأمريكية تقارير  تُفيد بتخطيط إيران لهجوم وشيك على البنية التحتية للطاقة في السعودية[3]. كل ذلك في ظل حالة الشد والجذب بين واشنطن والرياض ارتبط بسوق الطاقة ومستويات إنتاج النفط وأسعاره. وفي ضوء ذلك، يمكن التساؤل: هل تلعب واشنطن دور المُحرّض لإيران؟ وإلى أين تتجه العلاقة بين طهران والرياض على المدى القريب؟

 

إيران: اختراق إعلامي وجدال دبلوماسي


حذرت إيران في 9 نوفمبر الماضي، السعودية من عدم وجود ضمان لاستمرار طهران في إظهار "الصبر الاستراتيجي"، على خلفية تمويلها لقناة "إيران إنترناشيونال" الإخبارية، الناقلة الدؤوبة للاحتجاجات الإيرانية، وهي قناة مقرها لندن وتعمل كمنفذ للمعارضة الإيرانية. وقد كشفت صحيفة الغارديان في 2018، أن الشبكة تتلقى تمويلًا من شركة مرتبطة بولي عهد السعودية[4] ، وذلك يزعج طهران، لدرجة أن طهران صنّفت قناة "إيران إنترناشيونال" منظمة "إرهابية"، وأيضاً هددت بريطانيا التي تستضيف القناة على أرضها وقناتي "ومانوتو تي في"  و"بي بي سي الفارسية"، بأنها ستدفع ثمن أفعالها للإضرار بأمن إيران.[5]


وفي نهاية نوفمبر الماضي، تعرضت وكالة فارس الإيرانية التي يُديرها الحرس الثوري لـ "عملية قرصنة وهجوم إلكتروني معقدة"، وقد تم نشر بيان رسمي يقول إن "الهجمات الإلكترونية ضد وكالة أنباء فارس تتم بشكل شبه يومي من دول مختلفة بما في ذلك (إسرائيل)". وتعرضت وكالة فارس لانتقادات شديدة بسبب "تقاريرها المشوهة" عن الاحتجاجات الأخيرة التي اجتاحت إيران منذ منتصف سبتمبر، كما تعرضت قواعد البيانات لاختراق مجموعة المتسللين الأشهر Black Reward وحصلت على نشرات وتوجيهات سرية أرسلتها وكالة الأنباء إلى مكتب المرشد الأعلى "علي خامنئي". وفي أكتوبر، نشرت Black Reward وثائق من البرنامج النووي الإيراني ورسائل البريد الإلكتروني لمديري وموظفي الصحافة والتلفزيون التابعة للدولة بعد أن تجاهلت الحكومة مطالب القراصنة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين والمتظاهرين الذين تم اعتقالهم خلال المظاهرات الأخيرة.[6]

 

تعاون عسكري ومصالح مُتأرجحة


في 30 نوفمبر الماضي، نشر الجيش الإسرائيلي لقطات وتفاصيل عن سلسلة من التدريبات الجوية المشتركة التي أجراها مع الجيش الأمريكي مؤخراً، ونص بيان رسمي أنها محاكاة لضربات ضد "إيران ووكلائها الإرهابيين الإقليميين".[7] ردت إيران على ذلك الأمر في 4 ديسمبر بإعدام أربعة اشخاص بتهمة العمل في وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، وحُكم على ثلاثة آخرين بالسجن لمدد طويلة[8]. في نفس اليوم تواترت الأنباء عن مساعي وآمال لتجدد الوساطة العراقية بين إيران والسعودية، ذلك بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي "محمد السوداني" إلى طهران، ومن المتوقع أن تكون السعودية المحطة القادمة للسوداني لدفع الرياض لاستكمال الحوار والتفاوض مع طهران[9].


رغم التاريخ العدائي بين طهران والرياض، إلا أنّ مساحة المصالح المُشتركة من شأنها أن تتزايد، خاصة في ظل تعاون الطرفين الموسع مع روسيا مؤخراً لا سيّما بعد أن زودت طهران موسكو بمعدات عسكرية لمساعدة جهودها الحربية في أوكرانيا. ففي أغسطس الماضي، أطلقت إيران صاروخ يُساعد على دفع أقمار صناعية إلى الفضاء، بعد ثلاثة أشهر من إطلاق قمر صناعي بمساعدة روسيا. كما أطلقت روسيا قمرًا صناعيًا إيرانيًا أوآخر، يُدعى خيام، على صاروخ Soyuz-2.1b من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان. وترى أمريكا أنّ تلك الأقمار توفر "قدرات تجسس كبيرة" لروسيا وإيران.[10] خاصة إن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية تشير إلى أن إيران طلبت من روسيا مساعدتها في الحصول على مواد نووية إضافية وتصنيع الوقود النووي، رغم مُعارضة الكرملين منذ فترة طويلة في الخارج حصول إيران على سلاح نووي، لكن الاقتراح الإيراني جاء وسط خطوات مؤسسة بشراكة موسعة بين إيران وروسيا.[11]


علاوةً على ذلك، فقد كشفت طهران عن بناء محطة طاقة نووية جديدة، على بعد حوالي (70 كم) جنوب الأهواز، عاصمة مقاطعة خوزستان، تُعتبر خطط تلك المحطة " Darkhovin"، قديمة مُنذ ما قبل (ثورة 1979)، ولكنها لم تتم  بسبب الضغوط الأمريكية. وفي البيان الرسمي، تمت الإشارة إلى أن إيران نفسها ستبني المحطة بتكلفة ملياري دولار، باستخدام مفاعل الماء المضغوط (PWR، على مدى ثماني سنوات على مساحة( 59 هكتارًا )، كجزء من خطة أوسع لبناء مصانع "محلية" لتشغيل الصناعات الإيرانية، علماً بأن روسيا قد استغرقت عقودًا لإنهاء مفاعل بوشهر وكانت إيران تعتمد كليًا على موسكو حينها، لعدم ملكيتها التكنولوجيا اللازمة لإكمال مفاعل نووي بشكل مستقل[12]. 


وكلاء إيران في اليمن 


في مُنتصف نوفمبر الماضي، صرحت البحرية الأمريكية إنها عثرت على (70 طناً) من مكون وقود صاروخي مخبأة بين أكياس الأسمدة على متن سفينة متجهة إلى اليمن من إيران، بكميات كبيرة قادرة على تغذية أكثر من عشرة صواريخ باليستية متوسطة المدى[13]. وفي أوآخر نوفمبر، دعت إدارة بايدن، ميليشيات الحوثيين في البلاد إلى وقف هجماتهم على الموانئ التي تهدد بإعادة إشعال صراع كامل. حيث إنه في الأسابيع الأخيرة، نفذ الحوثيون عدة هجمات على محطات النفط والموانئ البحرية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مما أدى إلى تعطيل تدفق الصادرات الخام وزيادة الضغط على المفاوضين الساعين إلى إحياء اتفاق الهدنة بين الأطراف المتحاربة في اليمن[14].  في ظل تلك الأحداث المؤججة للعنف في اليمن، وقّع صندوق النقد العربي مؤخراً برعاية سعودية اتفاقية بقيمة مليار دولار مع الحكومة اليمنية لتنشيط اقتصادها المتعثر.[15] 


وعلى الرغم من تعدد المحاور التي تُثقل العداء السعودي الإيراني، إلا أن استمرار التقارب بين البلدين ليس مستبعدا، خصوصا وأنّ السعودية بدأت تنتهج سياسة أكثر استقلالية من السابق، تزامنا مع الشكوك حول دور واشنطن في مُمارسة سياسة "فرق، تَسُد"، لاسيّما بعد التغيرات الدولية في سوق الطاقة، ومساعي الولايات المتحدة لاستمالة مُنتجي النفط لمواجهة أزماتها الداخلية. ويؤكد ذلك أولا: فتح السعودية محادثات [16] مباشرة مع الحوثيين في صنعاء، وتقديمها، من جانب واحد، عروضا مغرية للجماعة لحثّها على تمديد الهدنة. وثانيا تستمر الرياض في تعزيز سياساتها المنفتحة على دول الشرق كروسيا والصين. والأخيرة وصل رئيسها بالفعل، أمس الأربعاء، في زيارة رسمية لافتة إلى الرياض، سيعقد خلالها ثلاثة قمم (سعودية وخليجية وعربية). 


نانسي طلال زيدان

باحثة في العلوم السياسية والتحليل الإعلامي


[1] Ravi Agrawal, Biden’s Iran Envoy: Sanctions Are ‘Not the Answer’,1/12/2022, bit.ly

[2] Alex Kimani -Alleged Iran-Linked Telegram Post Simulates Attack On Saudi Oil, Nov 03, 2022, bit.ly

[3] US and Saudi Arabia concerned that Iran may be planning attack on energy infrastructure in Middle East, November 1, 2022, cnn.it

[4] Giorgio Cafiero, Tensions between Iran and Saudi, November 21, 2022,

[5] bne IntelIiNews, Iran warns Saudi Arabia,November 10, 2022, bit.ly

[6] Iran’s Fars news hit by cyberattack, 26 November 2022, arab.news

[7] Emanuel Fabian, IDF holds joint air drills with US, simulating strikes on Iran and proxies, 30 November 2022, bit.ly

[8] Agencies and TOI staff, Iran says it has executed 4 alleged Mossad agents,4dec.2022, bit.ly

[9] Iraq to continue mediation between Iran, Saudi Arabia, December 4, 2022, bit.ly

[10] Iran has ‘tested satellite launcher successfully’ amid rising hostility with US, 05/11/2022, bit.ly

[11] Natasha Bertrand, Exclusive: Iran is seeking Russia’s help,4/11/2022, cnn.it

[12] Iran Plans To Build Nuclear Plant,4dec.2022, bit.ly

[13] JON GAMBRELL,70 tons of missile fuel from Iran to Yemen, November 16, 2022, bit.ly

[14] US urges Houthis, November 28, 2022, bit.ly

[15] Saudi Arabia sponsors $1bn economic reform in Yemen,, 28 November 2022, bit.ly

[16] The Houthis Reject a Generous Saudi Offer (south24.net)

Shared Post
Subscribe

Read also