التقارير الخاصة

هل يقضي النُفوذ على النشاط التجاري «الجديد» في ميناء المكلا؟

26-02-2022 at 12 PM Aden Time

language-symbol

سوث24| عبد الله الشادلي


تلعبُ الوساطة والمحسوبية في ساحل محافظة حضرموت، جنوب اليمن، دوراً في القضاء على تجّار الاستيراد المستجدين؛ للتفرّد بالمكاسب والتحكّم بفرض الأسعار. في الوقت نفسه نفى مسؤولون في الميناء لـ "سوث24" هذه الاتهامات.


يتجلّى دور النُفوذ الذي يُهيمن إلى حدّ كبير على النشاط التجاري والملاحي في ميناء المكلا، عبر أذرع بعض تجار الاستيراد الذين يستغلّون عضويّتهم في غرفة تجارة وصناعة حضرموت؛ للتسهيلات الشخصيّة ومحاربة التجار الصغار.


لقد تسبب احتكار المتنفذين للتجارة في القضاء على التنافس التجاري، الذي كان بمثابة أمل للمواطن الحضرمي في الخروج من أزمة ارتفاع الأسعار، التي لم تتأثر بالمتغيرات الإيجابية التي طرأت على العملة اليمنية، منذ بداية العام الجديد 2022.


وفي ظلّ غياب دور الرقابة والمحاسبة، يواصل التجار التكسب من احتكار السوق في حضرموت دون منافسات تجاريّة جديدة.


صناعة العراقيل


ومع صناعة العراقيل أمام التجّار الصغار في حضرموت، فإنّ ميناء المكلا معرّض للعزوف الكُلي وتغيير الوجهة إلى ميناء عدن، جنوب اليمن، بحسب إفادة بعض التجار الذين توقف نشاطهم لـ«سوث24».


ومن أبرز العراقيل التي تواجه تجار الاستيراد في حضرموت، ارتفاع أسعار الجمارك والضرائب ووصولها إلى أرقام قياسية، فضلاً عن استغلال بعض الموظفين في الميناء لمواقعهم للتكسب منها، وفقاً لمصادر بميناء المكلا لـ«سوث24».


لكنّ مدير مصلحة الجمارك بميناء المكلا، حبشي نصيب، قال  لـ«سوث24» أنّ "لكل سلعة رسومها وفقاً للتعرفة التي تُحدد على ضوء نوعها وكميّتها وبلد المنشأ"، لافتاً إلى أنّه "يتمّ احتساب جميع الرسوم بالعملة المحليّة".


وطبقاً لمدير جمارك ميناء المكلا "تتفاوت رسوم جمارك السلع وتصل إلى 5 مليون ريال يمني كحدّ أقصى - لحاويات الدجاج على سبيل المثال - وتقلّ إلى نحو 200 ألف ريال كحدّ أدنى، وبعضها معفيّة تماماً مثل حاويات الأرز".


ورأت مصادر تجاريّة أن رسوم الجمارك في ميناء المكلا لا تزال مرتفعة، وفي هذا السياق يقول نصيب "هذا صحيح؛ لكنّ وزارة الجمارك هي التي تفرضها، ونحن جهة منفذة"، مبيّناً أنّ التسعيرة موحّدة في جميع الموانئ.


ويضيف نصيب "من غير المنطق تحميل جميع تكاليف السلع للجمارك، وبعض هذه التكاليف تذهب إلى جهات أخرى"، معتبراً أنّ نفس البند الجمركي الذي يتم تطبيقه في ميناء عدن يتم تطبيقه في ميناء المكلا.


وعن اختلاف أسعار الشحن بين ميناء المكلا وعدن، قال نصيب "صحيح أنّ هُناك بعض الفروقات، لكنّ لا علاقة لجمارك ميناء المكلا بذلك"، مشيراً إلى أنّ فوارق الاختلافات تحددها الشركات التي يُتعامل معها.


المهندس سالم باسمير مدير ميناء المكلا، خلال لقاءه بموفد مركز سوث24 في المكلا (سوث24)

من جانبه، أوضح المهندس سالم باسمير، رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر العربي لـ«سوث24» أنّ "فارق الشحن بين المكلا وعدن من الصين يصل إلى 400 دولار".


وعن أسباب ذلك، يقول باسمير إن "شركات الشحن تعتبر ميناء عدن ميناء حاويات، بينما تعتبر ميناء المكلا ميناءً عامّاً. ومع ذلك رسوم بعض الحاويات في ميناء المكلا أقلّ من عدن، ونحن نعمل على تغطية بعض الجوانب وفق إمكانيّاتنا لتشجيع وجذب التجّار".


تستّر الجمارك


وعلى الرغم من بعض التسهيلات التي يقدّمها ميناء المكلا للتجّار، والتي تتمثل في التسعيرات الرمزية للحاويات المتأخرة من قبل مالكيها، وفقاً للمهندس سالم باسمير. يرى البعض أن التجّار يتحججون بتكلفة الجمارك وفارق سعر صرف العملة؛ لرفع أسعار بضائعهم"، متهمين جمارك ميناء المكلا بالاشتراك مع التجّار في صفقات الفساد وتقاسم الأرباح بطرق المراوغة والتحايل على النظام.


ويضيفون أنّ "التحايل يمارس في جمارك ميناء المكلا للتهرّب من دفع الرسوم"، مستدلين بفواتير جرى فيها تزوير نوع البضائع وكميّتها، لافتين إلى أنّ هذه الصفقات تتم بين التاجر ومسؤولي وموظفي الجمارك.


وأوضحت المصادر أنّ العمليّة التي تتطلب منح نسختين من مستند أمر الافراج الجمركي، يذهب المستند الأول فيها إلى إدارة الجمارك وتتضمن الرقم المزور بعدد وكميّات البضاعة؛ لتجنب دفع الجمارك المستحقة كاملة. في حين أنّ المستند الثّاني يُعطى للتاجر بالكمية الحقيقية التي قام بشرائها واستيرادها من الخارج.


وردّاً على ذلك، قال مدير مصلحة الجمارك بميناء المكلا لـ«سوث24» "من غير الممكن حدوث أيّ تلاعب أو تجاوزات في العمل لاسيّما في الوقت الراهن"، زاعماً أنّ جميع المنافذ اليمنيّة مربوطة بنظام آلي.


وتتجه اتهامات العبث بالنشاط التجاري في ميناء المكلا نحو الغرفة التجارية، التي يسيطر عليها مجموعة تجّار يستغلون نفوذهم وعضويّتهم لفرض السياسات غير القانونيّة التي تخدم أنشطتهم.



مقر غرفة تجارة وصناعة حضرموت بالمكلا. (الصورة: سوث24)

الغرفة "المظلمة"


وأرجع (م.ع) وهو موظّف بميناء المكلا - طلب عدم الافصاح عن هويّته - دور النُفوذ والسيطرة على النشاط التجاري إلى جانب التدخّل في شؤون جمارك الميناء لبعض أعضاء الغرفة التجاريّة بحضرموت.


واتّهم (م.ع) في حديث مع «سوث24» الغرفة التجارية بالضلوع في هذه الصفقات المشبوهة، زاعماً أنّها تقف في صف التجار النافذين والمقربين من السلطة في حضرموت.


وأضاف أنّ "بعض الموظفين تُدفع لهم رشاوٍ ضخمة من قبل بعض التجار النّافذين في الغرفة التجارية لتخليص تفريغ بضائعهم، وتأخير تفريغ بضائع بعض التجار للقضاء عليهم".


وزعم أنّ غرفة تجارة وصناعة حضرموت، متورّطة في التستر على أعمال مشبوهة يمارسها بعض التجّار.


وحاول «سوث24» التواصل مع نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة حضرموت، فارس بن هلابي، للردّ على هذه الاتهامات، ووجّه بالتواصل مع القائم بأعمال المدير العام، منيف لحمدي، لكنّ الأخير تجاهل الإدلاء بأي تصريحات حول ذلك.


لكنّ جلال غيث، عضو مجلس الإدارة بميناء المكلا قال لـ«سوث24» "هذه اللعبة ربّما تكون موجودة، لكن لا يمكن حدوثها إلا في حال حصل اتفاق بين أحد التجار وشركة معينة".


واستبعد غيث حدوث أي تلاعبات من قبل القائمين على تفريغ البضائع والتجّار بشكل عام، مشيراً إلى أنّ البواخر لا يتمّ تفريغها إلا "بأمر تسليم" وأن جميع هذه المعاملات تمرّ عبر جهاز الرقابة والمحاسبة والرقابة الداخلية، وفي حال حدوث أي خطأ أو تجاوزات يتم التوقيف والتحقيق بشكل مباشر.


وبالنسبة لتخليص القائم على تفريغ البضائع «الونّاش» لتاجر دون آخر سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة، يقول غيث "هذا غير صحيح"، زاعماً أنّ "الونّاش ليس في استطاعته ذلك، وهناك طواقم أخرى متواجدة ومندوب من التاجر والجمارك، والتفريغ يتم وفقاً لخريطة شحن الباخرة".


وحول الإجراءات التي يمر عبرها تفريغ البضائع، يقول غيث "يتم ذلك مباشرة عبر خطوتين: تحضير البوليصة الأصليّة أو عبر إرسال ملكيّة البضاعة".


ويضيف غيث "بعض أصحاب الحاويات يتسلّم جزءاً من المبلغ بعد شحن البضاعة ووصولها، لكن دون إعطاء التاجر بوليصة أو إثبات ملكيّة، وبالتالي يصبح التاجر معلقاً".


وفي هذا الصدد، قال (م.ع) أنّ "لكل تاجر رجاله في جمارك وميناء المكلا، لتخليص بضائعه بكل سهولة ويسر"، زاعماً أنّ التّاجر الجديد أو الذي يرغب بمنافسة التجّار الكبار يخسر الرهان إن لم يكن له أتباع في الميناء.


وقال (م.ع) إنّ هناك خلافات بين التجّار في غرفة تجارة وصناعة حضرموت، مرجعاً ذلك إلى الجشع والرغبة في التفرد بالمكاسب. لكنّ رئيس مجلس إدارة مؤسسة موان البحر العربي أكد لـ «سوث24» أنّ "الخلاف يظل أمراً طبيعياً بين التجّار".


وفي مايو/ أيار 2016 عقب تحرير ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة، كشفت مصادر أنّ رصيد ميناء المكلا بلغ صفر ريال يمني، وأنّ الميناء استند على تاجر النفط الذي يمتلك شركة البسيري للصرافة لتغطية رواتب الموظفين.


عبد الله الشادلي
صحفي ومحرر في مركز سوث24 للأخبار والدراسات

- الصورة: رصيف ميناء المكلا بساحل محافظة حضرموت، 24 فبراير 2022 (سوث24)


Shared Post
Subscribe

Read also