التقارير الخاصة

المهرة: استشعار السلطة للأوضاع الاقتصادية ينهي تعطيل وشيك للتعليم

06-12-2021 at 3 PM Aden Time

language-symbol

سوث24| عبدالله الشادلي


أثرت الأوضاع الاقتصادية على مختلف نواحي الحياة في جنوب اليمن بعد الانهيار المتسارع الذي شهده الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وانقطاع الرواتب، ما أدى إلى تعطيل بعض المرافق الحكومية، وفي مقدمتها التعليمية، في بعض المحافظات.


وبما إنَّ محافظة المهرة إلى الشرق من عدن، تُعد من المناطق النائية والصحراوية المترامية الأطراف، ساهمت هذه العوامل في ارتفاع أجور نقل المواطنين والطلاب والبضائع؛ مما جعل أسواقها وأسعار المواصلات فيها الأكثر ارتفاعاً بين المحافظات الأخرى.


ووفقاً لمسؤولين في سلطة المهرة، استشعرت السلطة تبعات إهمال التعليم، بالتزامن مع بداية مطالبات نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة حضرموت (فرع المهرة)، ووجهت بدعم منتسبي الكليات؛ لضمان استمرارية التعليم والحيلولة دون تعطله.


وأعلنت سلطة المهرة وقوفها إلى جانب نقابة كليات الجامعة، وتكفلت بتحقيق مطالب النقابة التي كان أبرزها: وضع حلول ومعالجات للمواصلات، وتوفير آلات تصوير لمقررات الطلاب، وزيادة الأجور.


وساهم تجاوب السلطات، بشكل ملحوظ، في استمرار العملية التعليمية واستقرارها في المهرة، قبل دخول منتسبي كليات الجامعة في سلسلة اضراب تنصفهم من تدني المرتبات وعدم مواكبتها لارتفاع الأسعار نتيجة للانهيار الاقتصادي في محافظات الجنوب.


وعلى الرغم من تجاوب السلطة المحلية لمطالب منتسبي الجامعة وتنفيذها؛ يشعر بعض المعلمين - لاسيَّما القادمين من مناطق مجاورة ومحافظات أخرى - بعدم الرضا بأوضاعهم.


وقالت مصادر بكلية التربية بالمهرة لـ «سوث24» إنَّ "بعض منتسبي الجامعة لا يزالون يعانون من الظلم، ولا يقتصر ذلك على المتعاقدين فقط، بل ويطال الموظفين الثابتين على حد سواء".


وزعمت ذات المصادر أنَّ "المتعاقد والموظّف القادم من خارج المهرة يُعاني من الظلم والتمييز".


لكن مصدر آخر بالجامعة، رأى أنَّ التمييز "يقتصر على فرص العمل فقط"، مُشيراً إلى أنَّ الأولوية تُعطى لأهل المنطقة في الوظائف؛ وأنَّه "لا علم له ما إذا كان هناك تفريق في الحقوق والأجور بين الموظف المهري وغيره أم لا".


وفي خضم هذه التباينات، أكد الدكتور سالم أحمد بن ناشي، مدير مركز جامعة حضرموت للتعليم المفتوح بالمهرة، لـ «سوث24» أنَّ "السلطة المحلية وجهت باعتماد زيادة في راتب التعاقد بنحو 30 في المئة وكذلك بالنسبة للموظفين الثابتين"، بعد مطالبة النقابة بذلك.


ويقول بن ناشي إنَّ السلطة المحلية رفعت حافز الهيئة التدريسية والمساعدة الثابتة بنحو 75 في المئة، إلى جانب الحافز الذي تم اعتماده بداية العام 2021. ويزعم بأنّ "جهود السلطة لا تخفى على أحد في ظل هذه الأزمة، وقد ساهمت بشكل كبير في دعم التعليم العام والعالي واستمراريته".


وبيَّن بن ناشي أنَّ نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديها تقدمت بمجموعة من المطالب من ضمنها "أنَّنا اقترحنا توفير حافلات لها نقاط انطلاق معينة وبسعر رمزي يُدفع كاشتراك شهري"، مشيرا إلى أنَّ السلطة ممثلة بالمحافظ، محمد بن ياسر، وأمين عام المجلس المحلس الأستاذ سالم بن نيمر رحبا بالفكرة ليتم تنفيذها مستقبلاً، وأنَّها تكفلت في الوقت الحالي بدعم ما نسبته 50 في المئة من كلفة المواصلات.


وذكر بن ناشي أنَّ النقابة طالبت بدعم طباعة المستلزمات التعليمية الطلابية، وقال بأنَّ "السلطة تكفَّلت بشراء آلات تصوير مستندات ومستلزماتها"، وتمَّ توزيعها على كليات الجامعة "بهدف التخفيف" على الطلاب من كلفة شراء المقررات الدراسية.


مطالبات للبحسني


وفي الوقت الذي لا يزال فيه طلاب جامعة حضرموت بالمكلا وأعضاء الهيئة التدريسية يطالبون السلطة بالاستجابة لمطالبهم، قالت مصادر في الهيئة الإدارية بالمهرة في رسالة موجهة إلى نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة حضرموت - وأطلَعت «سوث24» عليها - إنَّ "محافظ المهرة "صرف لهم حافزاً بنحو 84 ألف ريال للدكاترة الثابتين، و40 الفاً للمتعاقدين، وللمدرسين والمعيدين الجامعيين ولحملة البكلاريوس من الموظفين مبلغ 30 الف".


وطالبت المصادر محافظ حضرموت، فرج البحسني بالتدخل "لدعم المشتقات النفطية"، ودعم التعليم أسوة بالدعم المقدم لمنتسبي جامعة سيئون في الوادي ومحافظة المهرة.


من جانبه، أكَّد مصدر بهيئة التدريس بجامعة حضرموت لـ«سوث24» أنَّ آخر لقاء لهم بالمحافظ كان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.


ولم يشر المصدر إلى تفاصيل ونتائج اللقاء الذي جمعهم مع محافظ حضرموت، واكتفى بالقول "إنَّهم مستمرون في الإضراب وتنفيذ برنامجهم التصعيدي".


مستقبل التعليم في المهرة


ساهم صندوق دعم التعليم في المهرة في تأهيل أبناء المحافظة وابتعاثهم للدراسة في الداخل والخارج، وفقا لمصادر.


ويقول عضو هيئة التدريس بجامعة حضرموت فرع المهرة، الدكتور ناصر الغرابي لـ "سوث24"، "غطّى هذا الصندوق نفقات الابتعاث الداخلي والخارجي للطلاب، وشكل حافزاً مشجعاً للدفع بهم نحو مواصلة التعليم الجامعي"، مشيراً إلى أن الطلاب المهريين "يتواجدون في مختلف دول العالم العربية والأجنبية".


ويضيف الغرابي أنَّ هناك حافز شهري لقسمي الفيزياء ومعلم صف بما يعادل 50 ألف ريال لكل طالب، وإلى جانب ذلك تدعم السلطة السكنات الطلابية والمواصلات للطالبات، لافتاً إلى أن ذلك "انعكس بشكل إيجابي على العملية التعليمية ودفع بها نحو الأفضل".


وعلى الرغم من دعم سلطات المهرة للتعليم العام والعالي؛ لم تكن أعباء الحياة سبباً وحيدا، في عزوف كثير من المهريين عن مواصلة التعليم.


ويقول عضو هيئة التدريس بجامعة حضرموت فرع المهرة، الدكتور محمد باكرمان لـ «سوث24» إنَّ "كثير من أبناء المحافظة في عزوف عن التعليم" نظراً للأوضاع المعيشية الصعبة، وأنَّ "كثير من الشباب يتوقفون عن التعليم ويتوجهون إلى دول أخرى للعمل".


وزعم باكرمان أنَّ التعليم في المهرة "فيه ضعف كبير"، لكنَّه – طبقاً لـ باكرمان - مع دعم السلطة المحلية تحسن في الوقت الحالي "وأصبح جيداً إلى حد ما".


ويرى باكرمان أنَّه لو لم يُدعم التعليم "لكان الوضع أسوأ مما هو عليه الآن". ويعتقد بأنَّ هناك فرق شاسع بين التعليم في المهرة وبين التعليم في حضرموت، معتبراً أن ضعف المعلم وعدم توصيله السليم للمعلومة "له تأثيره على الطلاب".


ومع ذلك، تفاءل الغرابي بمستقبل التعليم في المهرة، وقال "هناك تطور ملحوظ وخاصة في المقارنة بين الماضي والحاضر، أما موضوع التعليم وانتشاله فهو بحاجة الى تدخلات كبيرة واستراتيجيات بعيدة المدى".


ووفقاً للغرابي، فإنَّ أبرز الاشكاليات التي يواجهها التعليم في المهرة تتمثل في نقص الكوادر وعدم التوجه نحو التعليم الخاص، فضلاً عن الازدحام داخل الصفوف الدراسية، معللاً ذلك بسبب النزوح الكبير من المحافظات الشمالية نتيجة للحرب.


ووجه الغرابي رسالة عبر «سوث24» للسلطات المحلية للاستفادة من الأكاديميين ومعرفتهم، وعدم تهميش أدوارهم ومكانتهم الاجتماعية.


وتكفلت السلطة المحلية بالمهرة في وقت سابق بتوفير سكنات مجانية للأساتذة والموظفين ومواصلات للكلية، واعتمدت توفير وجبات يومية للسكنات الطلابية.


قرار إنشاء جامعة المهرة


إلى ذلك، يضطر الطلاب المهريون للسفر إلى محافظات مجاورة، في حال أرادوا بعض التخصصات الأخرى، مثل: الطب والهندسة وتقنية المعلومات؛ بسبب تأخير إنشاء جامعة المهرة بموجب القرار الجمهوري اليمني رقم 53 لسنة 2018.


ويقول الطالب سالم المعلم، وهو طالب هندسة كيميائية من المهرة، إنَّه سافر إلى محافظة حضرموت "لدراسة هذا التخصص"، والكثيرين غيره من أبناء محافظته، مُعبراً عن استيائه من تأخير إنشاء الجامعة.


ويضيف المعلم في حديث مع «سوث24» أنَّ إنشاء الجامعة سيوفر على الطلاب المهريين الذين يذهبون للدراسة خارج المحافظة "عناء السفر والوقت والجهد والمال".


وفي أيار/ مايو من العام الماضي، اطلَّع محافظ المهرة من اللجنة المكلفة بإنشاء الجامعة على الإجراءات التنفيذية واستكمال الترتيبات لإنشائها بموجب القرار الجمهوري.


وفي تموز/ يوليو هذا العام، دعا المحافظ إلى التعجيل بإصدار قرار رئاسي لإنشاء جامعة المهرة للعلوم والتكنولوجيا. وأكَّد استعداد السلطة المحلية دعم قطاع التعليم بمختلف مراحله، والجهود الرامية لتحقيقه.


وتجدر الإشارة إلى أن كليتي التربية والعلوم التطبيقية بالمهرة، فرعين تابعين لجامعة حضرموت، وحتَّى الآن لا تمتلك محافظة المهرة جامعة حكومية خاصة بها.


وتضم كلية التربية مجموعة تخصصات، منها: تخصص اللغة العربية والإنجليزية والشرعية، فيما تضم كلية العلوم التطبيقية مجموعة تخصصات ابرزها: المحاسبة والإدارة والحاسوب.


عبد الله الشادلي   

صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات 


- الصورة: كلية التربية بمدينة الغيضة، عاصمة المهرة (صحيفة الأيام)


Shared Post
Subscribe

Read also