منوعات

خطة بايدن لمعالجة التغير المناخي هل تشكل بداية إنهاء حقبة الوقود الأحفوري؟

01-02-2021 at 10 PM Aden Time

language-symbol

سوث24| واشنطن


لطالما كان الوقود الأحفوري حجر الأساس لازدهار الولايات المتحدة لأكثر من قرن.


فاقتصاد البلاد وأمنها ومجتمعها يعتمدون عليه.


لكن على مدى الأيام القليلة الماضية منذ تنصيبه، شن الرئيس الأمريكي الجديد حرباً على الفحم والنفط والغاز الطبيعي بحسم فاجأ الجميع.


وتحدثت إلى الرجل الذي كلفه جو بايدن بمهمة رسم خططه لمكافحة التغير المناخي، ألا وهو جون كيري.


وأكد لي كيري "أنها واحدة من أهم أولوياته بلا شك على الإطلاق. وأنه سيحقق تقدماً في هذه القضية أكثر من أي رئيس سابق".


وتنعكس هذه الجدية في اختياره جون كيري مبعوثه الخاص بشأن التغير المناخي.


كان كيري وزيراً لخارجية الرئيس الأسبق باراك أوباما ومهندساً رئيسياً لقمة باريس للمناخ عام 2015.


أو بعبارة أخرى، هو شخص لديه فهم عميق لآليات مواجهة ظاهرة التغير المناخي، يعي الدبلوماسية الحالية للتغير المناخي ويعرف شخصياً العديد من الأشخاص الرئيسيين الذين يتعين على الولايات المتحدة العمل معهم.



جون كيري المبعوث الخاص لبايدن بشأن التغير المناخي (REUTERS)


بداية طموحة


وقد فاق الرئيس التوقعات بالفعل، في غضون الأيام القليلة التي مضت على توليه المنصب.


- كنا نعلم أنه يخطط لإعادة الانضمام لاتفاقية باريس للمناخ. ولم نعلم أنه بعد بضعة أيام سيأمر جينا مكارثي المسؤولة الرئيسية عن ملف التغير المناخي داخلياً بوضع خطط لإلزام الولايات المتحدة بتنفيذ "أكبر خفض ممكن" لانبعاثات الكربون.


- توقعنا أن يحاول وقف خط أنابيب النفط العملاق كيستون أكس إل، لا أن يسحب ترخيصه في اليوم الأول من ولايته، ليتوقف على الفور مشروع خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 2000 كليومتر.


- كنا نعلم أنه يخطط ليجعل التغير المناخي أولوية في صناعة القرار، لكننا لم نتوقع أن يأمر وزارة الدفاع "البنتاغون" بجعله قضية تخص الأمن القومي.


- ويندرج التغير المناخي ضمن ما يعرف بنهج "الحكومة بأكملها" في التعامل مع القضية.


"إنه يحشد كل وزارات ووكالات حكومة الولايات المتحدة من أجل التركيز على المناخ، وهو عازم على محاولة استعادة مصداقية وسمعة أمريكا"، كما أوضح كيري.


يقول الناشط البيئي بيل ماكيبين "هذا السيل من التصرفات المتلاحقة يترك شعورا بتبنيه تكتيك الصدمة والترويع (المستخدم في المعارك الحربية)".


ويعتقد أن الهدف من سيل الأوامر التنفيذية يتمثل في إثبات موقف معين.


يقول ماكيبين إن الرئيس يريد أن يبعث "إشارة قاطعة بشأن نهاية عهد وبداية آخر".


ويضيف أن هذه الإشارة موجهة للمستثمرين، إذ "يوضح بايدن أن الوقود الأحفوري ليس رهاناً آمناً، أو حتى رهاناً جيداً من أجل تحقيق مكسب حقيقي".


انعكاسات على صناعة النفط


تعرضت صناعة النفط لهزة، إذ تراجعت أسعار الأسهم وحذرت مؤسسة غولدمان ساكس من انخفاض إمدادات الخام الأمريكية.


وقال الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الخدمات النفطية لوكالة بلومبرغ "الصناعة مذعورة من هذه التغيرات. إنها أكثر مباشرة ًوشراسةً وسرعةً مما كانوا يتوقعون".


وقد عمل بايدن وفريقه بدقة على تقديم هذه الأجندة باعتبارها وسيلة لخلق فرص للعمل وللتحفيز الاقتصادي في أعقاب أزمة كوفيد 19.


ويردد كيري الشعار الذي صار الآن مألوفا، وهو "build back better"( إعادة البناء بشكل أفضل).


ويقول "إذا كنا سنستثمر أموالاً جديدة، فلنستثمر في الطاقة النظيفة، لنستثمر في الوظائف النظيفة، لنستثمر في التكنولوجيا والأمور الأخرى التي تبني المستقبل بدلاً من أن نظل سجناء للماضي".


وفي غضون ذلك، يجري اتخاذ عدد من الخطوات لصالح العاملين في صناعة الوقود الأحفوري.


فالتكسير الهيدروليكي (لاستخراج النفط والغاز الطبيعي) على سبيل المثال لن يتوقف، لكن مع العمل على تطبيق قواعد أكثر صرامة. وكذلك وعدت إدارة بايدن بإعادة توظيف عمال الوقود الأحفوري في وظائف أخرى من أجل إغلاق نحو مليون من آبار النفط والغاز التي تشكل خطراً على الصحة والسلامة.


كما أن خطة بناء 1.5 مليون منزل موفر للطاقة وتصنيع وتركيب نصف مليون محطة جديدة لشحن السيارات الكهربائية ستوفر ملايين الوظائف "ذات الأجور الدائمة".


ذلك بالإضافة إلى تعهد بإحلال السيارات الكهربائية محل أسطول السيارات الحكومية البالغ عددها 650 ألفا.


غير أن بايدن في الوقت ذاته كرر رغبته في إنهاء دعم الوقود الأحفوري، وأمر بحظر منح عقود إيجار جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في الأراضي الفيدرالية وقال إنه يجب الحفاظ على ثلث جميع الأراضي الفيدرالية على الأقل كمحميات.


كما أمر الوكالات المختصة بتسريع وتيرة منح التراخيص لمشروعات الطاقة المتجددة، في إطار جهوده لمضاعفة إنتاج طاقة الرياح بحلول عام 2030 وجعل قطاع الكهرباء خالٍ من الكربون بحلول 2035.


"دعم" القطاع الخاص


ويشدد كيري على أن هذه المبادرات لا تعتمد على الأغلبية الضئيلة للديمقراطيين في مجلس الشيوخ. فهي تتعلق بمجالات يتمتع فيها الرئيس بالسلطة بالفعل.


ويضيف كيري "هذا لا يعني أن الرئيس لن يحاول أن يجعل الكونغرس جزءاً مما يحدث، فهو بالتأكيد يريد أعضاءه أن يكونوا مشاركين في هذه العملية. لكن الأمر لن يعتمد فقط على مصدر واحد".


فبايدن على سبيل المثال يخطط لإعادة فرض وتعزيز الضوابط التي فُرضت في عهد أوباما وألغاها ترامب بشأن أكبر ثلاثة مصادر للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهي السيارات ومحطات الطاقة وغاز الميثان المنبعث من آبار النفط والغاز.


ويقول كيري إن الحل يكمن في "التحول الهائل" في توجهات القطاع الخاص.


ويضيف أن الشركات باتت تتعامل مع التغير المناخي بصورة "صريحة ومباشرة".


إذ يتجه مصنعو السيارات على سبيل المثال إلى تقبل ضرورة رفع معايير اقتصاد الوقود.


وخلال هذا الأسبوع أعلنت شركة جنرال موتورز عن خططها للتخلي التدريجي عن السيارات والشاحنات التي تعمل بالبترول والديزل بالكامل وعدم بيعها سوى المركبات الخالية من الانبعاثات بحلول عام 2035.


كما أقرت بعض شركات النفط والغاز الكبرى بضرورة إعادة فرض بعض القيود الخاصة بالانبعاثات، والتي رفعها الرئيس السابق ترامب.



مصفاة لوس أنجلوس أكبر منتج لوقود السيارات في ولاية كاليفورنيا الأمريكية (GETTY IMAGES)


غير أن كيري يعلم أنه ستكون هناك معارضة من جانب آخرين في صناعة الوقود الأحفوري والمشرعين الذين يدعمونها.


فالسيناتور الديمقراطي بولاية ويست فرجينيا جو مانشين من المرجح أن يكون شوكة في خاصرة إدارة بايدن. ومن المقرر أن يتزعم لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ، كما أنه انتخب باعتباره مدافعاً عن صناعة الفحم في ولايته.


وكانت حملته الانتخابية قد اشتهرت بتضمنها إعلاناً تلفزيونياً يصوره وهو يصوب ببندقية صيد على نسخة من القوانين المتعلقة بالتغير المناخي التي أقرها أوباما.


وتجدر الإشارة هنا إلى أن مجلس الشيوخ منقسم بالتساوي بين الديمقراطيين والجمهوريين، بينما تتمتع نائبة الرئيس كمالا هاريس بسلطة الفصل في حال تعادل الأصوات بين الجانبين.


الولايات المتحدة تعود للساحة الدولية "بتواضع"


سيكون هناك قدر أكبر من حرية العمل على الساحة الدولية.


وفي الواقع، ربما يكون هذا هو المجال الذي سيظهر فيه مدي التغيير الذي يمكن أن يحدثه جو بايدن وجون كيري.


ويصف كيري قمة غلاسكو للمناخ في نوفمبر/ تشرين الثاني هذا العام بأنها "أفضل فرصة أخيرة للعالم كي يتحد لتفادي أسوأ عواقب أزمة التغير المناخي".


فهي فرصة مناسبة للمناقشة.


فقد انخفضت تكلفة مصادر الطاقة المتجددة بشكل حاد منذ أن قاد الوفد الأمريكي في محادثات باريس.


وتفكر العديد من الدول في الاستثمارات الخضراء (التي تتبنى تكنولوجيا صديقة للبيئة) كوسيلة لتحفيز اقتصاداتها بعد كوفيد.


ويتماشى ذلك مع التعهدات التي قطعتها أكثر من 100 دولة -بما فيها الصين ودول الاتحاد الأوروبي- بخفض الانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر بحلول منتصف القرن.


ويدرك كيري أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تتحرك بحذر، قائلا "اعتقد أن حقيقة أن الولايات المتحدة كانت غائبة لأربع سنوات تفرض علينا أن نتحرك بقدر من الحساسية والتواضع".


ويشير كيري إلى أن الأمل يكمن في أن يمنح التحرك الحاسم على الجبهة الداخلية المصداقية للجهود الأمريكية في تشجيع الدول الأخرى على رفع طموحاتها المناخية.


ويقول إنه وباقي الإدارة الأمريكية سيعملون بشكل جاد مع حكومة المملكة المتحدة لضمان نجاح قمة غلاسكو.


ويضيف "لن أتوقع شيئاً آخر، لأن هذا سيكون إخفاقاً كبيراً للبشرية".لطالما كان الوقود الأحفوري حجر الأساس لازدهار الولايات المتحدة لأكثر من قرن.


- بي بي سي


Shared Post
Subscribe

Read also