دولي

لماذا رفضت السودان والبحرين التطبيع مع إسرائيل؟

29-08-2020 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| ترجمات خاصة


لقد كانت رحلة وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الأخيرة لا مثيل لها، حيث، كان هذا الأسبوع، في مهمة لتأمين التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وهو إنجاز اُعتبر منذ فترة طويلة مستحيلًا بسبب المأزق السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ولكن حتى قبل أسابيع قليلة فقط، أصبح المستحيل حقيقةً واقعة، كما يقول الموقع الألماني "دوتشة فيللة": وافقت الإمارات العربية المتحدة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب "اتفاق أبراهام" الذي توسطت فيه الولايات المتحدة. علّق الاتفاق ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وفتح الباب لعلاقات واسعة بين البلدين، بما في ذلك - في يوم من الأيام - علاقات دبلوماسية كاملة.

في قائمة الدول التي زارها بومبيو، لم يكن هناك ما هو أكثر أهمية من البحرين. عملت (البحرين) منذ فترة طويلة مع إسرائيل في المجالات ذات الاهتمام المشترك وكانت واحدة من أولى الدول في المنطقة التي رحّبت بالاتفاق. بالنسبة للعديد من الخبراء، كانت هي المرشح التالي الذي يتماشى مع تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ومع ذلك، تبددت تلك الآمال عندما أبلغَ ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، بومبيو أنّ بلاده لن تمضي قدمًا في الاقتراح الأمريكي. وبدلاً من ذلك، قال الملك إنّ البحرين لا تزال ملتزمة بمبادرة السلام العربية بقيادة السعودية، والتي تدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة داخل الحدود التاريخية مقابل تطبيع العلاقات مع الدول العربية.

" تبددت تلك الآمال عندما أبلغَ ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، بومبيو أنّ بلاده لن تمضي قدمًا في الاقتراح الأمريكي"


قال جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة استشارات المخاطر الجيوسياسية (تحليلات دول الخليج)، "في نهاية المطاف، قرّرت المنامة الوقوف إلى جانب مبادرة السلام العربية لعام 2002، مما يؤكّد ميل البحرين إلى التوافق الوثيق للغاية مع المملكة العربية السعودية بشأن القضايا الإقليمية الأكثر حساسية".



مايك بومبيو (إلى اليسار) مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة (فرنس برس)

الخشية من الانتقادات


بالنسبة للبحرين، هناك الكثير على المحك لتطبيع علاقتها مع إسرائيل دون اتفاق إقليمي أوسع، لا سيما من حليفتها الوثيقة، المملكة العربية السعودية.


تقول سينزيا بيانكو، الزميلة البحثية في شؤون الخليج في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR): "قد يكون هذا التردد مدفوع بعدد من العوامل، على سبيل المثال، مخاوف السعودية من أن يتم تحديدها على أنها متواطئة إذا قامت المنامة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل".


"رفض البحرين تعززه مخاوف السعودية من أن يتم تحديدها على أنها متواطئة إذا قامت المنامة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل".


وقالت بيانكو إنّ المملكة العربية السعودية، باعتبارها قوة إقليمية ذات وزن ثقيل وزعيمة دينية، "لا تتمتع بنفس المرونة التي تتمتع بها الدول الصغيرة الأخرى". لذا، حتى الارتباط عن طريق القرب من البحرين يُمكن أن يُثير "انتقادات شديدة من الأوساط الدينية السنية المقربة من الإسلاميين، بقيادة تُركيا وقطر سياسياً"، وهما الخصمان الإقليميان للسعودية.


البحرين أيضا تقودها سلالة مسلمة سنية تحكم السكان ذات الأغلبية الشيعية. تحت السطح المصقول للحداثة البحرينية، تكمن الاحتكاكات الطائفية التي تُغذّيها انتهاكات حقوق الإنسان.. (.)


ومع ذلك، تتجاوز القضية الفلسطينية الانقسام الطائفي، مما يوفّر قوة دافعة محتملة للاضطرابات على جانبي السكان.


وقال كافييرو "هناك تعاطف مع النضال الفلسطيني من جانب المواطنين البحرينيين على جانبي الانقسام الطائفي". وأضاف "كان على المسؤولين البحرينيين التعامل مع المخاطر السياسية التي كان من الممكن أن تنجم عن إضفاء المنامة الطابع الرسمي على العلاقات مع تل أبيب من حيث الهدوء والغضب الداخليين".


من هو التالي؟


مع استمرار القضية الفلسطينية في تشكيل جزء مركزي من المشاعر القومية العربية، يعتقد الخبراء أنّ قلة من الآخرين يخططون لمتابعة مسار الإمارات العربية المتحدة.


تقول بيانكوا "لا أعتقد أن الصفقة الإماراتية الإسرائيلية تمهّد الطريق لإقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والسعودية أو عمان أو قطر أو الكويت".


يقول موقع "شتاندارد" الألماني أنّ الطريقة التي تتصرف بها السعودية، والتي لم يزرها بومبيو هذه المرة، تلعب دورًا أيضًا. على الرغم من أنّ صهر ترامب جاريد كوشنر، أشار إلى أنّ الاتفاق الإسرائيلي السعودي "حتمي".


وينقل الموقع الألماني عن "ميدل ايست آي" – موقع إخباري بريطاني- أنّ لقاءاً بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان مقررًا أن ينعقد في واشنطن مطلع الأسبوع المقبل، لكنه لم يتم.


ويقول الموقع أنّ محمد بن سلمان لم يكن عليه إعلان التطبيع، لكن يُزعم أنه يتخذ خطوات في هذا الاتجاه.


حاول بومبيو إقناع عُمان بزيادة الجهود لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. التقى القادة العمانيون بمسؤولين إسرائيليين، بما في ذلك زيارة قام بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى البلاد عام 2018. لكن ليس هناك ما يشير إلى أنّ عُمان مستعدة للمضي قدمًا إلى أبعد مما لديها بالفعل في تطبيع العلاقات مع إسرائيل في الوقت الحالي، على الرغم من بعض الآمال التي أُثيرت في كل من القدس وواشنطن.



وزير الخارجية مايكل آر بومبيو يصل الخرطوم، السودان، في 25 أغسطس، 2020. [الولايات المتحدة سفارة الخرطوم]

كذلك، حاول بومبيو إقناع السودانيين بفتح علاقات طبيعية مع إسرائيل، وهو الأمر الذي تم طرحه في فبراير الماضي، عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الحاكم، وأعلن على عجل أن السودان وإسرائيل سيتحركان لإقامة علاقات طبيعية.


رد الفعل الغاضب من الشعب السوداني جعل البرهان يتراجع بسرعة. كان رد فعل وزير الإعلام السوداني فيصل صالح مشابهًا هذا الأسبوع على بومبيو، حيث قال إنّ "الحكومة الانتقالية ليس لديها التفويض ... لاتخاذ قرار بشأن التطبيع مع إسرائيل. سيتم البت في هذا الأمر بعد استكمال السلطة الانتقالية ". بعبارة أخرى، عد إلينا عندما يكون لدينا حكومة دائمة، لا يمكننا التعامل مع الاضطراب الآن.


تضيف الباحثة في الشؤون الخليجية بيناكو "في كل هذه الدول، وعلى الرغم من بعض الهدوء تجاه القضية الفلسطينية في أوساط الشباب العربي، وخاصة في السعودية، إلا أنّ المعارضة الشعبية للتطبيع ما زالت مرتفعة".


هذا لا يعني أنّ بعض الدول العربية ستعلّق علاقاتها بالقنوات الخلفية مع إسرائيل. وعوضاً عن ذلك، فهذا يعني أنّ الكشف عن سرٍ مكشوف من شأنه أن يضّر أكثر مما ينفع في منطقة حددها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ فترة طويلة. نتيجة لذلك، لا يزال نجاح مهمة بومبيو بعيد المنال - على الأقل في المستقبل المنظور.


- المصادر: DW، RESPONSIBLE STATECRAFT، DER STANDARD

- ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدرسات



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا