06-07-2020 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| بدر محمد
منذ إعلان عدن عاصمة مؤقتة لليمن مطلع العام 2015، والحكومة الشرعية في حكم الإستضافة لدى المقاومة الجنوبية التي تمكنت من دحر ميليشيا الجماعة الحوثية الإنقلابية من عدن في يوليو 2015 بدعم وإسناد من عمليات التحالف العربي العسكرية.
بادئ ذي بدئ التزمت الحكومة الشرعية أدب الضيف وهي تحتفي بانتصارات المقاومة الجنوبية المتوالية تحت ظلال العلم الجنوبي وزحفها المتواصل إلى مشارف محافظة الحديدة الشمالية وميناءها البحري بتشكيلاتها العسكرية المختلفة المشكّلة بقرارات رئاسية من الرئيس هادي نفسه. بالمقابل التزمت التشكيلات العسكرية الجنوبية بأدبيات المضيف برفعها شعار دعم شرعية الرئيس هادي والعمل على إعادتها إلى العاصمة صنعاء ودحر جماعة الحوثيين الإنقلابية.
هذه المعادلة السياسية، المتمثلة في أدب الضيف وأدب المضيف، أرست قواعدها طبيعةُ الموقف الإستثنائي لحكومة شرعية معلّقة ومطرودة من عاصمة حكمها "صنعاء" ولمقاومة جنوبية تسعى لتحرير أرضها من أي تواجد عسكري غير جنوبي على أراضيها.
باتساع رقعة سيطرة الحكومة الشرعية والقوات الجنوبية معاً على كامل جغرافيا الجنوب إضافة إلى محافظتي مأرب والجوف الشماليتين وأجزاء أخرى من محافظة تعز، بدأت بوادر الصراع بين طرفي تحالف دعم الحكومة الشرعية المحليين للظهور، وأخذَ الخطابُ الحكومي ينحرف باتجاه عدن وتبدلت أولوياته من استعادة العاصمة صنعاء ودحر الحوثيين إلى إسقاط عدن ودحر التشكيلات العسكرية الجنوبية.
اقرأ أيضا:
تحديات المجلس الانتقالي في حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب
خرقت الحكومة أولويات تحالفها ليس مع الجنوبيين فقط بل مع التحالف العربي والتوجهات الأممية الداعمة للشرعية الحكومية وخرجت عن أدبيات الضيف، الأمر الذي استدعى طردها مرتين على التوالي من العاصمة المؤقتة عدن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي - المتشكل في مايو 2017، في عدن ردا على تشكيل الحوثيين للمجلس الرئاسي في صنعاء حينها -، الأولى في أغسطس العام 2019 على خلفية فوضى أمنية لحدثين إرهابيين وقعا في نفس الشهر في عدن، بينما كانت حادثة الطرد الثانية ما زالت هي هذه الأخيرة التي وقعت في أبريل 2020، على خلفية تلكؤ الحكومة اليمنية العائدة من الرياض بعد اتفاقها السياسي مع الانتقالي الجنوبي إلى عدن، في تنفيذ بنود اتفاق الرياض وافتعالها الأزمات وتعطيل المؤسسات الخدمية، السبب الذي استدعى طردها وإعلان الانتقالي الجنوبي عن الإدارة الذاتية للجنوب.
اللافت أنّ هذة الأخيرة، حادثة طرد الحكومة، جاءت أيضا بعد استسلام القوات الحكومية في الشمال بعديدها وعتادها لصالح الحوثيين وتسليمها لكامل الأراضي التي تحت سيطرتها هناك، حيث لم يتبقَ لديها حالياً إلا عاصمة محافظة مأرب، وهو التطور العسكري الذي جاء عقب توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة والانتقالي الجنوبي.
من المرجّح أن قراراً عسكرياً كهذا الأخير، القاضي بانحسار وانسحاب القوات الحكومية لصالح الحوثيين شمالاً، جاء بما يعزز فرضية تبدّل أولويات الحكومة من الاتجاه شمالاً إلى الاتجاه جنوباً وبما يعزز أنه قراراً طوعياً ومحاولة للرد العسكري العملي في التنصل عن أولوية اتفاق الرياض السياسي التي تهدف إلى الاتجاه شمالاً لمحاربة الحوثيين، الأمر الذي بدا وكأنه تحدياً للتحالف العربي والاتفاق الأممي قبل أن يبدو تحدياً للانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية.
حالياً تبدو محاولة دفع التحالف العربي ومن خلفه المجتمع الدولي لطرفي اتفاق الرياض لتنفيذ الشق السياسي من الاتفاق، والقفز من فوق الشق العسكري، وكأنّها محاولة للرد السياسي على الرد العسكري السابق للحكومة المتمثل في التنصل من تنفيذ اتفاق الرياض بواسطة انحسارها العسكري لصالح الحوثيين.
مرة أخرى تحت سيطرة عسكرية جنوبية على العاصمة المؤقتة عدن، ستعود حكومة المناصفة السياسية بين الشمال والجنوب مجدداً إلى عدن في حكم الإستضافة من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، بأجندة سياسية جديدة تهدف لتوحيد جبهة القتال ضد الحوثيين شمالاً وجعل هذا الهدف أولوية مرحلية مقدمة على ما سواها من أهداف أخرى يؤجل النظر فيها إلى أن تحين لحظة انخراط جميع الأطراف في طاولة الحل السياسي الشامل.
حالياً لا يوجد منفذ لتعطيل القرار السياسي والعسكري الذي يحاول الاتجاه شمالاً لدعم معركة استعادة الحكومة الشرعية من الحوثيين. بحيث لا يبدو الخلاف على تسمية عناصر الحكومة الجديدة خلافاً على المبدأ بقدر ما هو خلافا على التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان، وهنا بالضبط يتراءى الإجماع المحلي والإقليمي والدولي المستقر على الرأي القائل بأنّ الشيطان هو شيطان جماعة الإخوان المسلمين التي ظلّت مسيطرة على القرار الحكومي طوال تلك المدة المتعثرة عسكريا.
-بدر قاسم محمد: زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات وباحث في الشؤون اليمنية
قبل 3 أشهر